مسعود ثوابتي رئيس جمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية لـ''المساء'':
قضيت 62 سنة في الكشافة وأعدها بالمزيد
هو موسوعة فكرية.. تاريخية.. وتربوية.. عايش وقت ما قبل الثورة، حيث كان كشافا صبيا، وشارك في الدفاع عن الوطن كشاب غيور ومحب للعلم... اليوم يناضل لتنوير طريق الشباب الجزائري من خلال ترأسه لجمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية، وعن هذه الشخصية وعلاقتها بالكشافة الإسلامية التي أمضى فيها 62 سنة من العطاء، حاورت لكم ''المساء'' مسعود ثوابتي في هذه الأسطر.
''المساء'': بداية حدثنا عن واقع الكشافة بين الأمس واليوم؟
مسعود ثوابتي: في الواقع هناك فرق بين كشاف اليوم والأمس، و شتان بين الاثنين... أقول هذا لأني نشأت وتربيت وترعرعت في أحضان الكشافة، واليوم أقف لأراقب تطورها كرئيس جمعية لما يزيد عن 12 سنة، غير أنني لست راضيا عنها، فسابقا كان الكشاف صاحب هبة، ويحظى بالكثير من الاحترام والتقدير الاجتماعيين خاصة من خلال بدلته الرسمية التي تلوح منها روح الوطنية، حيث كان يبدو كشاب عسكري، ناهيك عن الأنشودة الوطنية التي لا تفارق شفتيه، وكانت الكشافة مقصد العائلات الجزائرية بحثا عن تأمين تربية دينية وأخلاقية للأطفال، لاسيما وأن من كان يشرف على العملية التربوية والتوجيهية هم قادة أكفاء، وما الثورة التحريرية إلا دليل على ذلك كون جماعة الاثنين وعشرين الذين اجتمعوا بمقر فوج كشفي بالرايس حميدوا، كان بها إحدى عشرة إطارا كشفيا على غرار بالمهيدي، الباجي مختار، وديدوش مراد.. أما اليوم، فنلمس نوعا من التراجع في نظرة المجتمع للكشاف من خلال قلة الإقبال على تسجيل الأطفال بها كمنظمة تربوية وتوجيهية.
- كيف دخل مصطفى ثوابتي للكشافة الإسلامية الجزائرية؟
* حكاية انضمامي للكشافة الإسلامية الجزائرية طريفة، إذ أني كنت في صغري طفلا شقيا ''طفل قبيح كما يقال''، وهو الأمر الذي دفع بوالدتي إلى الطلب من جارنا، مؤسس فوج الكشافة لبولوغين التي كان مقرها بمدرسة يشرف على التدريس بها الشيخ سحنون رحمه الله، أن يأخذني معه لأتعلم بعض الأمور، ومن ثم بدأت حكاية عشقي للكشافة، إذ مارست الكشافة مع فوج الوداد ، لأنتقل بعدها إلى فوج الكشافة الكائن بباب الوادي، أين تعلمت وتكونت وتشبعت بمبادئ الدين الإسلامي والروح الوطنية وعرفت قيمة الحرية.
- بحكم أنك عايشت وقت الثورة، هل لك أن تحدثنا عن دور الكشافة الإسلامية وقتها؟
* كان للكشافة الإسلامية الجزائرية إبان الثورة المظفرة دور عظيم، إذ أنها ساهمت في إعداد وتكوين رجال أكفاء عملوا على تنوير الرأي العام بأهمية الحرية، وأذكر أن فكرة تأسيس الكشافة الإسلامية جاءت بعد الخطأ الذي ارتكبته فرنسا، عندما طلبت استقبال بعض الأفواج الكشفية الأوروبية للاحتفال بذكرى مرور 100سنة على احتلال الجزائر، وهو ما دفع بمحمد بوراس إلى التفكير سريعا في خلق أفواج كشفية من بين أهدافها تحرير الجزائر، الأمر الذي دفع بالمحتل الفرنسي إلى متابعته وحكمت عليه بالإعدام، ومُنع العمل الكشفي بعد مجازر الثامن ماي ,45 غير أن الكشافة الإسلامية كانت قد تكونت وظهرت وبدأت بالعمل من خلال إحياء التكشيف وتعميمه في ربوع الوطن، ومن جهة أخرى، أعتقد أن الكشافة الجزائرية ساهمت في إمداد الثورة برجال أكفاء آمنوا بالحرية وضحوا في سبيل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.
- 62 سنة كاملة بالكشافة، كم يحب ثوابتي هذه المنظمة التربوية الدينية؟
* منذ 1948 وأنا أنشط بالكشافة، واليوم لا أقول إنني أعشق الكشافة كمنظمة تربوية دينية وتوجيهية، بل أكثر من ذلك، أعتقد أن ما يسري في عروقي هي رموز وألوان ومبادئ الكشاف عوض الدم، كيف لا وهي التي علمتني كيف أحب الجزائر وكيف أدافع عن مقوماتها الوطنية، ولا أزال أجتهد من أجل تشجيع الشباب والأطفال على الانضمام والتعلم، فمثلا من خلال ورشتنا التكوينية الأخيرة حول الإسعافات الأولية، رغبنا في دمج الكشاف في الحياة الاجتماعية للمجتمع الجزائري، من خلال إنشاء نوادي إسعاف تتوغل إلى الأحياء الكشفية لتقديم بعض المعلومات حول الإسعافات حتى لا يظل الكشاف محصورا في النشاطات الكشفية، على غرار التخييم أي أردنا أن نعطي النشاطات الكشفية ديناميكة أكبر.
- كلمة أخيرة؟
* أتمني أن يطيل الله في عمري حتى أراقب الأفواج الكشفية، وهي تتطور وتزدهر وتساهم في بناء الوطن، كما أتمنى أن ينظم إلينا الكثير من الشباب، لنعلمهم معنى الوطنية ويحسنوا الحفاظ على الجزائر.
أجرت الحوار: رشيدة/ب