منتدى فوج الرجاء الكشفي (العناصر - برج بوعريريج)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى فوج الرجاء الكشفي (العناصر - برج بوعريريج)

بكل جهد ، مستعدًا ، للعمل
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
::منتدى فوج الرجاء يرحب بضيوفه الكرام::

 

 مشاهير علماء نجد وغيرهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 14:27

عنوان الكتاب:
مشاهير علماء نجد وغيرهم
تأليف:
عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ
الناشر:
دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر
الطبعة الأولى: 1392هـ - 1972م

تقديم الكتاب
لحضرة صاحب المعالي الأستاذ الجليل الشيخ
حسن بن عبد الله آل الشيخ، وزير المعارف

تربطني بأخي مؤلف هذه التراجم وجامعها فضيلة الشيخ عبد الرحمن ابن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ رابطة قوية، فهو فضلاً عن الصلة العائلية التي تجمعنا فنحن نلتقي دائماً نتدارس كثيراً من الأمور العلمية، وعرفت فيه خلال سنوات كثيرة إلمامه الكبير بشتى العلوم، وبخاصة اللغة العربية والتاريخ، وتاريخ الجزيرة العربية بوجه خاص والتوحيد، وله ولع كبير بمطالعة الكتب العلمية وقدرة لا حد لها على سرعة مطالعة الكتب التاريخية، والعثور على ما قد تحتويه من أخطاء.
وبدافع من حبه لهذه الجزيرة وعلمائها فقد عكف منذ أكثر من عامين علل جميع هذه التراجم"للعلماء" في محاولة للإبقاء على ذكراهم، وتسجيل جهودهم وآثارهم العلمية وكفاحهم في الدعوة إلى الله، وإبلاغ شرعه للناس ولاقى في سبيل الحصول على المعلومات التي تحتويها هذه التراجم الكثي الكثير من الصعوبة والمشقة، لكنه كان يتقبل ذلك في سبيل تحقيق هدفه
الذي آلى على نفسه بلوغه ..


ص -7-

وإني إذ أقدم هذه المجموعة من تراجم علمائنا -عليهم رحمة الله- فإني أسجل بالشكر والعرفان الجهد الكبير الذي بذله فضيلة المؤلف، وأسأل الله أن يجعل في مؤلفه الفائدة التي نتوخاها جميعا وأن
يهيأ- في كل زمان ومكان- "لورثة الأنبياء" من ،يعتني بجهودهم ويبرز كفاحهم .. والله الموفق . وعليه الاتكال ..
حسن بن عبد الله آل الشيخ


ص -8-

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله احمده أستعينه واصلي واسلم على نبيه محمد وآله وصحبه وبعد، لما رأيت حركة النشر والتأليف وبعث التراث العلمي الإملائي في هذا العهد الزاهر قائمة على قدم وساق، ورأيت هذه النهضة العلمية التي يتعهدها بعونه ويرعاها بتقديره إمام المسلمين الذي آزر العلم وناصر الإسلام جلالة الملك
فيصل بن عبد العزيز آل سعود، أحببت المساهمة ولو بجهد المقل، فجمعت هذه الرسالة في تراجم مشاهير علماء نجد المتوفين1 ابتداء من الشيخ محمد ابن عبد ا لوهاب إلى هذا اليوم، ووضعت في أولها علماء آل الشيخ مرتبين على أقدمية الوفاة، ويليهم من عداهم من علماء نجد مرتبين أيضا على أقدمية الوفاة، ووضعت في آخرها تراجم بعض رجال النهضة من علماء الأمصار الذين تأثروا بدعوة الإسلام السلفية التي قام بتجديدها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فأعلنوها حرباً شعواء على البدع والخرافات وهم صديق بن حسن خان وبشير السهسواني السيد محمود شكري الالوسي والسيد محمد رشيد رضا.
والله أسأله الإعانة والتوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل
المؤلف
عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن
عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لا أدعي في هذه الرسالة المقتضبة أني استوعبت جميع مشاهير علماء نجد، بل أنا متيقن أنه فاتني أكثرهم لأن الإحاطة بجميع مشاهير علماء نجد تستلزم الوقوف على تاريخ حياتهم العلمية وهذا عمل شاق على مثلي حيث يحتاج إلى دأب متواصل وقيام برحلات عديدة إلى أغلب بلدان نجد إن لم يكن جميعها لسؤال ذوي المعرفة من أهل كل بلد عن سير علمائهم وما تركوه من الآثار العلمية وما إلى ذلك مما يتعلق بحياة كل عالم يراد الكتابة عنه و هذا أمر صعب يتعذر علي وليس في استطاعتي ولكن ما لا يدرك كله لا يترك أهمه. نسأل الله حسن الختام والمغفرة انه سميع مجيب.
ص -9-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 14:37

الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ
أحببت في هذه المناسبة أن أتحف القراء بوضع ترجمة في أول هذا الكتاب
للعلامة الكبير سماحة الشيخ عمر بن الشيخ حسن آل الشيخ، فسجلت هذه
الترجمة التالية وذلك بعد إذن من سماحته مد الله في عمره"1
سماحة الشيخ عمر بن الشيخ حسن آل الشيخ:
هو العلامة المحقق الجليل المتقن شيخنا الشيخ عمر ابن الشيخ حسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رئيس هيئات الأمر بالمعروف في نجد والمنطقة الشرقية وخط (التابلاين ) .
مولده:
ولد سماحة هذا العالم الشهير بمدينة الرياض عام ألف وثلاثمائة وتسعة عشر من الهجرة ونشأ في كنف والده الشيخ حسن نشأة دينية علمية ولما بلغ السابعة من عمره أدخله والده مدرسة تحفيظ القران عند مقرىء يدعى إبراهيم بن عيسى بن رضيان من مشاهير حملة القرآن في زمنه، أتقن القرآن حفظاً وتجويداً حيث قرأه على الشيخ البطيحي المشهور في وقته بالحفظ ومعرفة قواعد التجويد لقراءته على الشيخ ابن سهل الذي تلقى علم القراءات والتجويد على العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب- فقرأ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بعد إلحاحي على سماحته المرة بعد المرة أذن لي مد الله في حياته بكتابة هذه الترجمة المتضمنة تاريخ حياته الحافل بجلائل الأعمال النافعة أطال الله عمر سماحته ذخراً للعلم وأهله.


ص -11-

سماحته القرآن على هذا المقرىء المذكور ثم قرأه عن ظهر قلب وهو في الثامنة من عمره على والده الشيخ حسن رحمه الله.
ابتداء طلبه العلم ومشائخه:
شرع سماحته في طلب العلم وهو في السنة التاسعة من عمره فقرأ على والده العلامة كتاب التوحيد عن ظهر قلب وكشف الشبهات وكتاب آداب المشي إلى الصلاة وقرأ عليه متن الاجرومية في النحو وأرجوزة الرحيبة في الفرائض وابتدأ بعد ذلك في القراءة على الشيخ العلامة عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف فقرأ عليه مجموعه ة التوحيد غيباً من أولها إلى رسالة بيان النجاة والفكاك حيث وقف على هذه الرسالة بأمر شيخه ثم أعاد قراءة المجموعة على شيخه المذكور ثلاث مرات وعاود القراءة على والده الشيخ حسن فقرأ عليه قطر الندى وشرحه وقرأ عليه ألفية ابن مالك وشرح الرحبية في الفرائض وقرأ على الشيخ حمد بن فارس ملحة الإعراب للحريري وشرحها لبحرق وقرأ عليه ألفية ابن مالك في النحو وقرأ عليه مختصر المقنع وشرحه ثم قرأ على والده الشيخ حسن أصول الفقه ومختصر المقنع وشرحه من أوله إلى آخره- ثلاث مرات- وقرأ عليه رد الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن علي داود بن جرجيس- ثم عاود القراءة على سماحة العلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف فقرأ عليه صحيح الإمام البخاري وجامح الترمذي وتهذيب السنن للإمام ابن القيم وقرأ عليه متن الطحاوية وشرحها وقرأ على الشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق تفسير العماد إسماعيل ابن كثير من أوله إلى آخره ومسند الإمام احمد بن حنبل وقرأ عليه رد الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبي بطين على داود بن جرجيس وقرأ عليه فتاوى1 شيخ الإسلام ابن تيمية وقرأ عليه مختصر المقنع وشرحه من أوله إلى الوقف وصحب سماحة أخيه الشيخ عبد الله إلى هجرة الارطاوية لإرشاد البوادي المقيمين بها وتعليمهم واجبات الإسلام والدين فقرأ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هي المعروفة بالفتاوى المصرية التي طبعت على نفقة مقبل بن عبد الرحمن الذكير رحمه الله.


ص -12-

عليه ألفية ابن مالك وصحيح الإمام مسلم وسنن أبي داود وقرأ عليه الروض المربع شرح زاد المستنقع من أوله إلى آخره وبعد هذه القراءات الكثيرة قرأ على والده الشيخ حسن بمزاملة أخيه الشيخ عبد الله متن المنتهى وشرحه وذلك عام 1339 وكان يتولى القراءة أخوه سماحة الشيخ عبد الله وسماحة المترجم
معه نسخة خطية يتاح فيها قراءة أخيه وهذه القراءة المذكورة هي آخر قراءة له على شيوخه.
اجازاته العلمية:
تحصل على إجازة من الشيخ احمد الكتاني أثناء وجوده بمكة المكرمة بجميع مروياته وأسانيده المتصلة إلى مؤلفي الأمهات الست وتحصل على إجازة من الشيخ تقي الدين الهلالي بجميع مروياته .
أعمال سماحته:
تقلد وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معاوناً لابن عمه الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ عبد اللطيف بتكليف من الإمام عبد الرحمن بن فيصل رحمه الله عام 1336ه وعمر سماحته ذلك اليوم لا يتجاوز السابعة عشرة سنة وفي عام 1345- ولاه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود رئاسة هيئات الأمر بالمعروف بنجد، فقام بواجب ما وكل إليه خير قيام، حيث كان غيوراً على محارم الله، قوياً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله جل وعلا لومة لائم يتتبع أهل الجرائم وينفذ فيهم بدون رأفة ولا هوادة حكم الشرع الشريف فهابه أهل الفسوق من العصاة وانزجروا وفي عام 1372ه ضمت إلى سماحته المنطقة الشرفية وخط التابلاين وجميع بلدان نجد وقريات الملح إلى وادي الدواسر فصارت جميع هيئات هذه المناطق والبلدان تابعة لسماحته من ذلك التاريخ إلى هذا اليوم متع الله بحياته وأمده بمزيد من الإعانة والتوفيق.


ص -13-

مؤلفاته:
له مجموع رسائل أجوبة علمية وجهت إليه من بلدان نجد وغيرها قارب ثلاثة مجلدات ونية سماحته متجهة إلى ترتيبها وطبعها إن شاء الله ولسماحته معرفة بالعروض ويقرض الشعر على طريقة العلماء- له عدة قصائد منها قصيدة رثاء في العلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف تبلغ مائة بيت ومطلعها :

على الحبر بحر العلم شمس المعالم
بكا بدموع وكفها مترادف

وبدر الدجا فلبيك كل العوالم
بعد هنون المدجنات السواجم


وقصيدة رثاء في والده العلامة الشيخ حسن تبلغ سبعين بيت ومطلعها:

على الحبر بحر العلم شيخي ووالدي
وقطب رحا ذا الدين جم المحامد


قصيدة تهنئة للملك المرحوم عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود بمناسبة دخول جلالته الحرمين عام 1343هـ تبلغ أبياتها مئة واثني عشر بيتاً ومطلعها:

أنجم بدا في الأفق أم ذلك البدر
أم الشمس أضحت ليس من دون افقها

بلى قد تبدى طالع السعد والمنى
أم البارق العالي أضاءت له المدر

سحاب ولا غيم هناك ولا قتر
فضاء ضياء الدين وانفلق الفجر


وسماحته مشهور بالتقوى، يحيي غالب الليل قراءة وتهجداً، و يتابع بين الحج والعمرة كل عام، ويلتقي بكبار علماء الأمصار الوافدين للحج، ويقيم لهم المآدب ويكرمهم، ويناقشهم في مهام الشرع وأصول الدين وفروعه ويقنعهم عند النزاع بدلائل الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة، لأن الله وهبه الإحاطة والشمول وجمع له بين الحفظ والفهم وسعة الإطلاع وقوة الذاكرة، وسرعة البديهة في استحضار نصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم من المفسرين والفقهاء وغيرهم الشيء الذي لا يعرفه ويتصوره إلا من قدر له ارتياد


ص -14-

مجالس سماحته والاستماع إلى ما يمليه من النصوص والأحاديث ومسائل أصول الدين والفقه وغير ذلك من إشعار العرب وشواهد اللغة وأقوال المفسرين وغيرهم من أهل العلم هذا إلى جانب ما يتصف به سماحته من كرم الأخلاق والتواضع الجم فهو على هدي علماء السلف الصالح وسمتهم لا يعرف الكبر إلى قلبه العامر بالإيمان سبيلا.
أبناؤه:
أنعم الله على سماحته بنين وحفدة حيث أنجب ستة أبناء هم: الشيخ حسن. والشيخ حسين وعبد الله وعبد العزيز ومحمد وعبد المجيد- ولكل واحد من الشيخ حسن والشيخ حسين عدة أبناء.
مد الله في عمر سماحة المترجم الشيخ عمر وجعلهم قرة عين له ومتع المسلمين ببقائه- وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -15-

الشيخ محمد بن عبد الوهاب
هو الإمام العلامة الشهير والداعية الإسلامي الكبير، ظهر في أثناء القرن الثاني عشر بنجد فدعا إلى توحيد الله بالعمل والعبادة، وإفراده بالقصد والإرادة فجدد ما اندرس من أصول الملة وقواعد الدين ودعا إلى مذهب السلف الصالح والأئمة السابقين وما كانوا عليه في باب معرفة الله وصفاته من الإثبات ونفي التشبيه وعدم التكييف والتعطيل المصلح الديني الذي طال ما كتب عن المؤرخون وأشاد بفضله ودعوته المنصفون شيخ الإسلام وعلم الهداة الأعلام صاحب النهضة الدينية والدعوة السلفية موقظ الجزيرة العربية من سبات الأوهام ومحررها -رحمه الله- من عقل البدع وعبادة الأصنام الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن احمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أد بن طابحة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
مولده ونشأته:
ولد-رحمه الله- في بلد العيينة1 من بلدان العارض بنجد سنة خمس عشرة ومائة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بلدة العيينة تقع غرباً شمالا عن مدينة الرياض وتبعد عنها مسافة خمسة وأربعين كيلو متر وقد أصاب العيينة غور مياه حيث غارت قلبانها نحو ثمانين سنة حتى خربت وخلت من السكان ومن مدة عشرين سنة فاضت آبارها فجأة بالماء العذب الزلال وعمرت واكتظت بالسكان المزارعين وصارت تمد أسواق الرياض بـ 50 % من الحضر يومياً.


ص -16-

وألف من الهجرة، فنشأ بها وقرآ القرآن حتى حفظه وأتقنه قبل بلوغه العشر، ثم اشتغل بطلب العلم فقرأ مبادىء العلوم والفقه الحنبلي على والده الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ سليمان بن علي وكان رحمه الله_حاد الفهم سريع الإدراك والحفظ. قال عنه أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب: لكان أبوه يتعجب من فهمه ويعترف بالاستفادة منه مع صغر سنه، ووالده الشيخ عبد الوهاب هو مفتي تلك البلاد وقاضيها، وجده الشيخ سليمان بن علي هو مفتي جميع الديار النجدية، آثاره وتصانيفه وفتاواه تدل على غزارة علمه وفقهه، فهو مرجع أهل نجد في زمنه في الفتاوى، وكان معاصراً للشيخ منصور بن يونس البهوتي الحنبلي اجتمع به في مكة المشرفة. فهو من بيت علم وفضل.
ولما بلغ سن الرشد قدمه والده الشيخ عبد الوهاب في إمامة الصلاة فأخذ -رحمه الله_ يؤم الناس ويصلي بهم ثم طلب من والده الحج فأجابه إلى ذلك فأدى فريضة الحج واعتمر عمرة الإسلام وبعد فراغه من الحج والاعتمار قصد المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وأقام بها قريباً من شهر... ثم رجع إلى وطنه العيينة وتزوج بها وشرع في القراءة على والده في الفقه على مذهب الإمام احمد بن حنبل الشيباني ثم بعد ذلك سافر إلى الحجاز في طلب العلم وأخذ يتردد على علماء مكة المشرفة والمدينة المنورة وأقام بها مدة يقرأ فيها على الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ثم المدني وعلى العالم الشهير محمد حياة السندي المدني صاحب الحاشية المشهورة على صحيح الإمام البخاري ثم رجع إلى وطنه ومكث فيه سنة ثم رحل إلى البصرة وقرأ بها كثيراً من الحديث والفقه والنحو وكتب بها من الحديث والفقه واللغة ما شاء الله أن يكتب في ذلك الوقت ولازم في البصرة عالماً من علمائها الأجلاء وهو الشيخ محمد المجموعي البصري وأخذ الشيخ مدة إقامته في البصرة يدعو إلى توحيد الله جل وعلا ونبذ الإشراك وهجر البدع وأخذ يصرح بذلك ويظهره لكثير من جلسائه بالبصرة قائلا لهم: إن العبادة كلها لله ولا يجوز صرف شيء منها لسواه وقد استحسن شيخه المجموعي ذلك فأحذ الشيخ محمد يقرر له توحيد العبادة ويوضح له


ص -17-

معنى لا اله إلا الله فقبل منه شيخه وانتفع به غير أن أعداء التوحيد وأنصار البدع والتقليد من علماء السوء وأحبار الضلال سعوا فيه عند ملإ البصرة وأعيانها فأخرجوه منها وقت الهاجرة في يوم صائف شديد الحر فخرج _رحمه الله- ماشياً على قدميه فلما توسط الدرب بين البصرة والزبير أدركه العطش وأشرف من شدة الظمأ ولهيب الحر على الهلاك والموت فوافاه رجل يقال له أبا حميدان من أهل بلدة الزبير وكان معه حمار فرأى على الشيخ الهيبة والوقار ورآه مشرفاً على الهلاك فسقاه ماء وحمله على حماره حتى أوصله بلدة الزبير فمكث الشيخ فيها أياماً وأراد السفر منها إلى الشام فقصرت به النفقة فانثنى عزمه عن المسير إلى الشام فرجع إلى نجد ومر في طريقه إليها ببلدة الاحساء وحل ضيفاً على الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشامي الاحسائى، ثم رجع إلى وطنه حاملاً زاداً كثيراً من العلم وسلاحاً قوياً من المعرفة وقصد بلدة حريملاء لعلمه أن والده الشيخ عبد الوهاب انتقل إليها وذلك بعد مات عبد الله بن معمر أمير العيينة سنة 1139هـ. وتولى بعده حفيده محمد بن حمد بن عبد الله بن معمر الملقب خرفاش فوقع بينه وبين الشيخ عبد الوهاب نزاع فعزله عن القضاء وولى مكانه أحمد بن عبد الله ابن عبد الوهاب بن عبد الله عالماً من علماء الوهبة فلما وصل الشيخ محمد إلى بلدة حريملاء جلس عند والده وأخذ يقرأ عليه وبعد فراغه من القراءة على والده يخلو بنفسه ويعكف على دراسة الكتاب والسنة وتفاسير علماء السلف الإجلاء وشروحهم للحديث والسنة وذلك بتدبر وإمعان، فبلغ -رحمه الله- الغاية القصوى والطريقة المثلى في معرفة معاني الكتاب والسنة واستنباط ما فيهما من الأسرار الشرعية والأحكام الدينية وأكب معهما على مطالعة مؤلفات شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ومؤلفات تلميذه محمد بن قيم الجوزية، فازداد بهما علماً وتحقيقاً وعرفاناً وقد كتب بخط يده -رحمه الله- كثيراً من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية لا يزال بعضها موجوداً بالمتحف البريطاني بلندن وكثر منه وهو مقيم في حريملاء الإنكار


ص -18-

للبدع والشركيات الموجودة في حريملاء والمنتشرة في ذلك الزمن بنجد حتى وقع بينه وبين والده كلام ووقع بينه وبين أهل بلدة حريملاء جدال وخصام ولكنه لم يصدح بالدعوة ويصرح بإنكار الشرك إلا بعد وفاة والده الشيخ عبد الوهاب سنة ألف ومائة وثلاث وخمسين من الهجرة فاشتد إنكاره على الشرك والبدع وأخذ يعلن دعوته دعوة التوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وأخذ ينشر شرائع الاسلام ويكاتب أهل بلدان نجد يأمرهم بعبادة الله وينهاهم عن التعلق على غير الله من الأولياء والصالحين والأشجار والأصنام وأخذ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعاقب عليه وذلك بعد ما تبعه على الحق أناس من أهل حريملاء شدوا أزره وقاموا بامتثال أمره ونصرته فذاع خبره في بلدان نجد فتوافد عليه أناس كثيرون من أهل العارض وغيرهم من قرى نجد فأخذوا يقرأون عليه كتب الحديث والسيرة والتفسير والفقه1 وصنف كتاب التوحيد فقرئ عليه في حريملاء ودرس فيه وانتشرت نسخه في نجد غير أنه حدث له -رحمه الله تعالى- ما أوجب انتقاله من بلدة حريملاء وذلك أنه خشي وخاف على نفسه الاغتيال بها لأن رؤساء هذه البلدة قبيلتان ترجعان إلى أصل واحد من وائل وكل واحدة من هاتين القبيلتين تدعي لنفسها القوة والغلبة والكلمة النافذة ولم يكن لهم رئيس واحد يزع الجميع ويحترمون أمره ويخشونه وكان في البلدة موال لإحدى القبيلتين يسمون آل حمين كثر تعديهم وفسقهم فأراد الشيخ -رحمه الله- أن يمنعوا عن الفساد وينفذ فيهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلما علم هؤلاء الموالي المفسدون بذلك هموا أن يفتكوا بالشيخ ويقتلوه سراً بالليل فجاءوا إليه وتسوروا عليه الجدار فعلم الناس بهم فصاحوا فيهم فهربوا فلم يطمئن الشيخ بعد هذه الحادثة إلى الإقامة في بلدة حريملاء فانتقل منها إلى بلدة العيينة فتلقاه أميرها عثمان بن حمد بن معمر بالقبول والمناصرة وأكرمه غاية الإكرام والزم الخاصة والعامة أن يمتثلوا أمره ويقبلوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن جده الشيخ محمداً صنف كتابه التوحيد في البصرة.


ص -19-

قوله وتزوج الشيخ عند عثمان بالجوهرة1 بنت عبد الله بن معمر وكان في العيينة وما حولها كثير من القباب والأوثان والمشاهد المشادة على قبور الصحابة والأولياء وبها كثير من الأشجار والأحجار التي يعظمونها ويذبحون لها كقبة زيد2 بن الخطاب في الجبيلة وشجرة قريوه وشجرة أبي دجانة والذيبي، فأخذ الشيخ -رحمه الله- يقرر للأمير عثمان توحيد العبادة ويفسر له معنى لا اله إلا الله وما اشتملت عليه وتضمنته من نفي واثبات ومضى يبين له الاسلام الصحيح قبل ظهور الشرك وتسرب البدع ويطلب منه محو الأوثان وقطع الأشجار وهدم القباب وإزالة المشاهد فأجابه الأمير عثمان الى ذلك فخرج الشيخ - رحمه الله تعالى- وخرج معه الأمير عثمان -عفا الله عنه- وخرج معهما رجال كثيرون من جند عثمان فأتوا الى تلك الأماكن المذكورة فقطعوا الأشجار وهدموا المشاهد والقباب وكان الشيخ- رحمه الله- هو الذي تولى هدم قبة زيد ابن الخطاب بيده فلم يبق بعد ذلك وثن في هذه البلاد التي تحت ولاية عثمان ابن معمر.
وبعد هذا أتت امرأة إلى الشيخ واعترفت عنده بما يوجب الرجم وتكرر منها الاعتراف والإقرار، فسأل عنها فوجدها صحيحة القوى كاملة العقل فلقنها الشيخ الإكراه فأقرت واعترفت فأمر عليها فرجمت، فلما حصل ذلك وشاع وتناقلته الأخبار انزعج ولاة السوء من المترفين وعلماء الضلال وهالهم محو ما ألفوه من المعابد والأوثان وإقامة ما عطلوه من الحدود الشرعية فشنعوا على الشيخ ورموه بالزور والبهتان ففند أقوالهم وأدحض حججهم بأدلة قاطعة من السنة والقران، فلما أعيتهم الحجة وأعجزهم البرهان عمدوا إلى المكر والحيلة فأرادوا أن يدركوا بالسيف والسنان ما عجزوا عن إدراكه من قبل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هي الجوهرة بنت عبد الله بن معمر التي نزل محمد بن سعود بن محمد بن مقرن في أمانها هو ومن معه بعد ما طلب ذلك، كما ذكر ذلك المؤرخ ابن بشر في سابقة 1139 من تاريخه وهي عمة الأمير عثمان بن حمد عفا الله عنه ،
2 هو زيد بن الخطاب اخو عمر بن الخطاب رضي الله عنهما


ص -20-

بالزور والبهتان فشكوه إلى شيخهم وزعيمهم سليمان بن محمد بن عريعر الحميدي حاكم الاحساء والقطيف في ذلك الزمان فأغروه به وصاحوا عنده وقالوا إن هذا يريد أن يخرجكم من ملككم ويسعى في قطع ما أنتم عليه من الأمور ويبطل المكوس والعشور فخشي ابن عريعر الحميدي أن يستفحل أمر
هذه الدعوة السلفية فتلوي بحكمه وتطيح بسلطانه فكتب إلى عثمان بن معمر كتاباً يأمره فيه بإخراج الشيخ من بلدته ويهدده فيه إذا هو لم يخرجه بغزوه وقطع مرتبه وكان ابن عريعر قد أجرى لابن معمر مخصصاً شهريًا فانصاع ابن معمر لأمره وأمر على الشيخ بمغادرة بلدته.
خروج الشيخ من العيينة:
فخرج الشيخ منها وولى وجهه شطر الدرعية فوصلها وحل ضيفاً بها على أحد تلامذته وهو الشيخ أحمد بن سويلم العريني وذلك سنة 1158ه، فلما علم بمقدمه أمير الدرعية محمد بن سعود بن محمد بن مقرن أسرع بالمسير إليه ودخل عليه في دار الشيخ أحمد بن سويلم وقابله بالبشر والحفاوة العظيمة والإكرام وقال له بعد السلام أبشر أيها الشيخ بالنصر والمنعة فقال الشيخ وأنا أبشرك -إنشاء الله- بالأجر والعز والتمكين والغلبة وهذه كلمة لا اله إلا الله من تمسك بها ونصرها غنم في الدنيا وربح في الآخرة وهي كلمة التوحيد الذي دعت إليه الرسل وأنزلت به الكتب ثم أخذ الشيخ يخبر الأمير محمد بن سعود بحقيقة الاسلام قبل حدوث الشرك وتسرب البدع ويبين له ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من توحيد الله وافراده جل وعلا بالعبادة دون ما سواه، ويخبره بما نهى عنه الرسول من عبادة المخلوقين من البشر وغيرهم من الأشجار والأصنام والأحجار ويذكر له أن ما عليه اليوم أهل نجد من البدع والإشراك ودعاء الأموات هو عين ما كان عليه أهل الجاهلية الأولى قبل بعثة سيد المرسلين من التعلق على غير الله من الأولياء والصالحين وغيرهم من الأصنام والأحجار والأشجار وقد كان أهل نجد في زمن الشيخ خلعوا ربقة الاسلام والدين وعادوا إلى
ص -21-

ما كان عليه مشركو العرب الأولين من التعلق على غير الله من الأولياء والصالحين وغيرهم من الأوثان والأصنام والأحجار ينتابون قبر زيد بن الخطاب يسألونه قضاء الحاجات وتفريج الكربات وقبرا يزعمونه قبر ضرار1 ابن الأزور وشجرة تسمى الطرفية يعتقدون فيها كما اعتقد قبلهم في ذات أنواط مشركو الجاهلية ومغارة يسمونها مغارة بنت الأمير لها قصة على زعمهم تاريخية وطاغوتاً عندهم يسمى تاجا وثانياً يسمى يوسف وثالثا يسمى شمسانا2 يعبدونهم زاعمين أن لهم تصرفا ونفعا وفحال نخل يختلف إليه نساؤهم إذا لم يلدن أولم يتزوجن يقلن له يا فحل الفحول نريد ولدا أو زوجا قبل الحول بل كانوا شرا مما ذكرنا وأسوأ حالا مما إليه أشرنا كانوا في جاهلية جهلاء وضلالة نكراء فيهم من كفر الاتحادية3 والحلولية وملاحدة الصوفية ما يرون انه من الشعب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو ضرار بن الأزور الأسدي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو الذي قتل فيما بعد مالك بن نويرة بأمر خالد بن الوليد. استشهد ضرار بن الأزور يوم اليمامة وقيل مكث في اليمامة مجروحاً ثم مات قبل أن يرتحل خالد بن الوليد عن اليمامة بيوم وكان ضرار قاتل يوم اليمامة قتالا شديداً حتى قطعت ساقاه جميعا فجعل يحبو على ركبتيه ويقاتل وتطؤه الخيل حتى غلبه الموت وقيل إنه قتل يوم أجنادين وقيل انه لم يقتل بل توفي في الكوفة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن الأرجح والأصح أنه قتل باليمامة. راجع لذلك طبقات ابن سعد ج 6/ ص 39 والإصابة ج 5 / ص 1269 واسه الغابة ج 3 / ص 39 والاستيعاب لابن عبد البر ج 2 / ص 502 والكامل لابن الأثير ج 2 / ص 136.
2 وفي بلدة الرياض آنذاك طاغوت يسمى طالب الحمضي وسيرد له ذكر ني رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي كتبها إلى سليمان بن سحيم وذكر الرواة عن طالب الحمضي فضائح لا يليق ذكرها هنا.
3 والدليل على ذلك ما ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته التي كتبها إلى أهل الرياض وأهل منفوحة حيث يقول بالحرف الواحد ما نصه: "وكذلك أيضاً من أعظم الناس ضلال متصوفة في معكال وغيره مثل ولد موسى بن جوعان وسلامة بن مانع وغيرهما يتبعون مذهب ابن عربي وابن الفارض وقد ذكر أهل العلم أن ابن عربي من أئمة أهل مذهب الاتحادية وهم أغلظ كفرا من اليهود والنصارى فكل من لم يدخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم ويتبرأ من دين الاتحادية فهو كافر بريء من الإسلام ولا تصح الصلاة خلفه ولا تقبل شهادته" انتهى ما ذكره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب نقلا من تاريخ ابن غنام طبعة المدني ص344.


ص -22-

لإيمانية والطريقة المحمدية وفيهم من إضاعة الصلوات وشرب المسكرات ما هو معروف مشهور، فلهذا لما أن بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب للأمير محمد بن سعود حقيقة الاسلام والإيمان وأخبره ببطلان ما عليه أهل نجد من عبادة الأوثان والأصنام و الأشجار قال له: يا شيخ لا شك عندي أن ما دعوت إليه انه دين الله الذي أرسل به رسله وانزل به كتبه وأن ما عليه اليوم أهل نجد من هذه العبادات الباطلة هو كما ذكرت نفس ماكان عليه المشركون الأولون من الكفر بالله والإشراك فابشر بنصرتك وحمايتك والقيام بدعوتك، ولكن أريد أن أشترط عليك شرطين نحن إذا قمنا بنصرتك وجاهدنا معك ودان أهل نجد بالإسلام وقبلوا دعوة التوحيد أخاف أن ترتحل عنا وتستبدل بنا غيرنا والثاني أن لي على أهل الدرعية قانوتاً آخذه منهم وقت حصاد الثمار وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئاً. فقال الشيخ أما الشرط الأول فابسط يدك أعاهدك الدم بالدم والهدم بالهدم، وأما الثاني فلعل الله أن يفتح عليك الفتوحات فيعوضك من الغنائم والزكوات ما هو خير منه، فتم التعاهد والاتفاق بينهما -رحمهما الله تعالى- في ذلك المجلس على إظهار دين الله والجهاد في سبيله وطمس مظاهر الإشراك ومحو آثاره واقتلاع جذوره وتصحيح العقائد وتطهير الاسلام وتخليصه مما علق به من الإشراك وألصق به من الخرافات وتعاهدا مع هذا على جمع كلمة أهل نجد وإصلاح فسادهم ولم شعثهم لأن نجدا لم تكن في زمنهما خاضعة لإمارة واحدة يحترمها الجميع وينضوون تحت لوائها بل كانت مفككة الأجزاء كل واحد أمير بلدته وكل واحد يرى الزعيم من في بردته وقد أدى هذا التفرق بأهل نجد الى الفوضى واضطراب الأمن وسفك الدماء فعمل هذان الإمامان على جمع كلمة أهل نجد وتوحيد صفهم كما عملا على هدايتهم.
فلما تم التعاهد والاتفاق بين الشيخ محمد والأمير محمد بن سعود، قام الشيخ1 ودخل مع ابن سعود البلد واستقر عنده محترما معززا، فلما استقر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن دار مضيفه احمد بن سويلم خارج بلدة الدرعية


ص -23-

في الدرعية توافد عليه أنصاره الذين كانوا في العيينة ومعهم أناس من رؤساء المعامرة معاكسين لعثمان بن معمر وهاجر الى الدرعية أناس غيرهم من بلدان نجد وقراها وذلك لما علموا أن الشيخ أقام بالدرعية وعلموا مع هذا أنه منع ونصر، ولما استوطن الشيخ الدرعية ومكث بها وجد أهلها مثل عامة قرى نجد وبلدانها قد وقعوا في الشرك والبدع والتهاون بالصلاة والزكاة وسائر شعائر الإسلام وأركانه فتصدى لهم الشيخ- رحمه الله- بالمناصحة والتذكير وأخذ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وأمرهم بتعلم معنى لا اله إلا الله وأخبرهم أنها ننفي جميع ما يعبد من دون الله وتثبت العبادة لله وحده دون ما سواه، ثم أمرهم بتعلم ثلاثة أصول ومعرفة معنى الاسلام وأركانه الخمسة التي بني عليها ومعرفة النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- ومعرفة اسمه ونسبه ومبعثه وهجرته ومعرفة ما دعا إليه من الإسلام الصحيح والتوحيد، فلما ذاقوا طعم الإسلام واستقر في قلوبهم معرفة التوحيد بعد جهلهم به وبعدهم عن معرفته أشرب في قلوبهم محبة الشيخ ومحبة من هاجر إليه في الدرعية فأخذ الشيخ -رحمه الله- يكاتب الناس وهو مقيم في الدرعية وعلى الأخص الرؤساء والعلماء يوضح لهم معنى الإسلام وحقيقة التوحيد ويحضهم على إتباع شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويأمرهم بنبذ البدع والإشراك والإقلاع عن أخذ الرشا وأكل السحت وأخذ يزيل ما وقع في نفوسهم وقام بها من الشبهات وذلك عن طريق المراسلات والمكاتبات، فمنهم من قبل من الشيخ ودان له بدعوة الإسلام الصحيح والدين فثاب الى الرشد وهجر البدع وتخلى عن عبادة الأوثان والأصنام ومنهم من استكبر وأبى وألب وعادى وأفتى بحل دم الشيخ ودم إخوانه الموحدين وأنصاره ووجوب غزوهم في أرضهم وعقر دارهم.

الجهاد:
فعند ذلك أمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالجهاد دفاعاً عن النفس والأهل والمال ورداً لعادية الشرك وطغيان الضلال فحينئذ شمر الإمام محمد بن سعود


ص -24-

ابن محمد بن مقرن عن ساعد الجد ولبى نداء الواجب واستجاب لداعي الجهاد فحمل علم الإسلام ورفع راية التوحيد فأخذ يغزو أنصار الشرك ويجاهد أحزاب الضلال إحدى وعشرين سنة فما ضعف ولا استكان فأعز الله به الدين وأظهر به دعوة الإسلام والتوحيد فأبصر أهل نجد طريق الخير والرشد ورجعوا عن الغي ودخلوا في دين الله أفواجا فأصبحوا بفضل الله ثم بفضل هذه الدعوة والجهاد المقدس بعد أن كانوا أحزابا متفرقين وأعداء متقاطعين إخوانا متآلفين تجمعهم كلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله تحت راية الإسلام الصحيح ولواء التوحيد المطهر فصاروا بعد ذلك مضرب المثل والوفاء والاستقامة والدين وبعد ذلك استأثر الله بالإمام المجاهد العظيم محمد بن سعود بن محمد بن مقرن فتوفاه سنة ألف ومائة وتسع وسبعين من الهجرة فقام بعده في الإمامة وخلفه في مؤازرة الشيخ محمد ومناصرته ابنه الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود فسار سير والده في الدفاع عن الاسلام وحماية الدعوة ومتابعة الجهاد والغزو، ففتح الله عليه الرياض وخرج منه ابن دواس هاربا خائفا لا يلوي على أحد فدخله الإمام عبد العزيز واستولى عليه رحمه الله وملكه وذلك سنة ألف ومائة وسبع وثمانين من الهجرة، وبعد هذا الفتح دانت له نجد كلها واتسع ملكه إلى ما ورائها فملك الاحساء والقطيف والزبارة1 وملك تهامة وما يليها من اليمن والحجاز ما عدا الحرمين الشريفين، فأقام العدل رحمه الله تعالى في ربوع هذه الولايات كلها وأقر الأمن فيها ورجع بأهلها إلى الاسلام الصحيح الذي يأمر بعبودية الله وحده وينهي نهياً باتاً عن اتخاذ الوسائط والشفعاء وبعد مضي سبع وعشرين سنة من ولاية الإمام عبد العزيز ابن الإمام محمد بن سعود توفى الله المصلح الإسلامي العظيم الشيخ محمد بن عبد الوهاب وذلك سنة ألف ومائتين وست من الهجرة عن واحد وتسعين عاماً قضاها في تحصيل العلم ونشره والقيام بدعوة الاسلام الصحيح والتوحيد، فقد أخذ عنه -رحمه الله -

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الزبارة تقع بين قطر والبحرين وكانت مقر حكام البحرين من آل خليفة في ذلك الوقت.


ص -25-

العلم عدد كثير نذكر في هذه الترجمة المختصرة بعض أعيانهم وهم أبناؤه الأربعة الشيخ عبد الله والشيخ حسين والشيخ علي والشيخ إبراهيم وحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن والشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر والشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين والشيخ عبد الرحمن بن نامي والشيخ عبد الرحمن بن خميس الفرضي والشيخ عبد العزيز " أبا" حسين الوهبي التميمي والشيخ حسن بن عيدان والشيخ عبد العزيز بن سويلم والشيخ حمد بن راشد العريني والشيخ محمد بن سلطان العوسجي، وأخذ عنه غير هؤلاء خلق كثير تولوا مناصب القضاء والإفتاء والتدريس وقاموا بواجب العلم ونشر دعوة الإسلام والتوحيد في زمنهم- رحمهم الله-.
وقد ألف الشيخ محمد -رحمه الله تعالى- مؤلفات كثيرة مفيدة منها: كتاب التوحيد وكتاب كشف الشبهات ومفيد المستفيد في حكم تارك التوحيد وكتاب الكبائر وكتاب أصول الإيمان وفضائل الاسلام وكتاب أحاديث الفتن ومختصر السيرة النبوية ومختصر زاد المعاد ومختصر الإنصاف والشرح الكبير ومسائل الجاهلية1 ومجموع الحديث رتبه رحمه الله على أبواب الفقه وكتاب آداب المشي إلى الصلاة واستنباط القرآن وكتاب نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين وكتب -رحمه الله- رسائل كثيرة في تقرير التوحيد وتوضيحه تبلغ مجلدا كبيرا أورد البعض منها الشيخ حسين بن غنام في تأريخه هذا وقد رثاه الشيخ حسين بن غنام بقصيدة مؤئرة تبلغ أبياتها زهاء تسعة وثلاثين بيتا ومطلعها:

إلى الله في كشف الشدائد نفزع
وليس إلى غير المهيمن مفزع


وكذلك الإمام محمد بن علي الشوكاني لما بلغه نعي الشيخ رثاه بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها زهاء مائة بيت ومطلعها:

مصاب دهى قلبي فأذكى غلائلي
وأصمى بسهم الافتجاع مقاتلي


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية.


ص -26-

وكان الشيخ- رحمه الله- متعبدا يحيي غالب الليل صلاة وقراءة وتهجدا وكان -رحمه الله- مع هذا متعففا متورعا لا يأكل من بيت المال إلا بالمعروف، وبيت المال في يده ورهن تصرفه، وكان سخيا جوادا توفي -رحمه الله- ولم يخلف شيئا من المال ولا العقار غير داره التي كان يسكنها في حياته رحمه الله بل كان عليه دين كثير اقترضه في إنفاقه على الغرباء والمعوزين من أهل العلم وغيرهم وقد أوفى الله عنه هذا الدين. وقد أنجب الشيخ رحمه الله تعالى ستة أبناء علماء فضلاء هم المشايخ علي وحسين وعبد الله وحسن وإبراهيم وعبد العزيز رحم الله الشيخ ورضي عنه وأرضاه وجعل جنة الخلد منزله ومأواه.
وقد بارك الله في ذريته فبلغوا عددا كثيرا وهذه الذرية الكثيرة المباركة جميعهم من أبناء الشيخ الأربعة وهم الشيخ علي والشيخ حسين والشيخ عبد الله والشيخ حسن، وأما الشيخ إبراهيم والشيخ عبد العزيز ابنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب فليس لهما ذرية ولا عقب، فآل الشيخ الموجودون اليوم منحدرون عن أبناء1 الشيخ محمد الأربعة الذين ذكرناهم آنفا. رحم الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبارك في ذريته وأحفاده وجعلهم قادة خير وهدى وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1وضعنا بآخر الكتاب بيان يتضمن بيان ذرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب المنحدرين عن أبنائه الأربعة المذكورين أعلاه رحم الله الجميع إنه سميع مجيب.


ص -27-

الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
هو الشيخ العالم الجليل حسين ابن شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب ولد بمدينة الدرعية ونشأ بها وقرأ العلم على والده الشيخ محمد بن عبد الوهاب. تولى القضاء في بلدة الدرعية زمن الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، وكان يصلي بالناس الجمعة في مسجد جامح الدرعية الكبير الواقع في محلة الطريف تحت منازل آل سعود في الجهة الغربية، ويصلي بالناس الفروض الخمسة في مسجد البجيري، وكان جهوري الصوت كفيف البصر. "وقد ورد له ذكر في كتاب لمع الشهاب".
أخذ عنه العلم جماعة منهم ابناه الشيخ علي بن حسين والشيخ عبد الرحمن بن حسين والشيخ أحمد الوهبي والشيخ سعيد بن حجي توفي -رحمه الله- في شهر ربيع الآخر سنة 1224هـ في وباء أصاب الدرعية. وخلف خمسة أبناء هم: الشيخ علي بن الشيخ حسين، والشيخ عبد الرحمن بن الشيخ حسين: والشيخ حمد بن الشيخ حسين، والشيخ عبد الملك بن الشيخ حسين، وحسن بن الشيخ حسين، وأحفاده يعرفون اليوم على انفراد هم بآل حسين نسبة إلى جدهم المترجم الشيخ حسين بن شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمهم الله وغفر لهم وبارك في أحفادهم وذريتهم أنه سميع مجيب.


ص -28-

الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله
هو العالم النحرير، والعلامة الذكي الشهير، الفقيه المحدث الأصولي الشيخ سليمان العلامة عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
ولد هذا العالم المتبحر الفقيه سنة ألف ومائتين من الهجرة في بلدة الدرعية، وكانت الدرعية ذلك اليوم في أيام سعدها، وأوج عزها زاخرة بالعلماء الكبار، والجهابذة الحفاظ، من تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من الوافدين على الدرعية والمقيمين بها من العلماء الأعلام، فنشأ هذا العالم في هذا الوسط العلمي فقرأ القرآن حتى حفظه، ثم أقبل برغبته الشديدة على العلم والطلب، فقرأ على أبيه الشيخ عبد الله، وعلى الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان ابن معمر، وعلى الشيخ عبد الله بن فاضل من علماء الدرعية، وعلى الشيخ محمد بن علي بن غريب. وأخذ علم الفرائض عن الشيخ عبد الرحمن بن خميس.
وكان -رحمه الله- نادرة في العلم والحفظ والذكاء، له المعرفة المتناهية بالحديث، ورجاله وحسنه وضعيفه، يسامي في ذلك أكابر المتقدمين من الحفاظ والمحدثين، عالماً بالتفسير والفقه والأصول والنحو، حسن الخط، ليس في زمنه من يخط بالقلم مثله بنجد، وقد تصدى للتدريس1 بالدرعية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جلس لطلبة العلم في فنون العلم وكان يجلس بعد صلاة المغرب في قصر الإمام سعود ويدرس درساً عاماً في صحيح الإمام البخاري يحضره الإمام سعود ومعه إخوانه وبنو عمه وبنوه وخلق لا يحصون قال الشيخ عثمان بن بشر وهو يتحدث عن سيرة الإمام سعود فإذا كان بعد صلاة المغرب اجتمع الناس للدرس عنده داخل القصر في سطح مسجد الظهر المذكور وجاء إخوانه وبنو عمه وبنوه وخواصه على عادتهم ثم يأتي سعود على عادته فاذا جلس شرع القارئ في صحيح البخاري وكان العالم الجالس للتدريس سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب فياله من عالم نحرير وحافظ متقن خبير إذا جلس يتكلم عن الأحاديث وطرقها ورواياتها فكأنه لم يعرف غيرها من إتقانه وحفظه.


ص -29-

مع وجود والده وأعمامه. فأخذ عنه العلم خلق كثير من أهل نجد وغيرهم من الوافدين على الدرعية، في ذلك الحين، ولكن مع الأسف لم يقدر لي الإطلاع على أسمائهم وقد ذكر المؤرخ الشهير عثمان بن عبد الله بن بشر في صحيفة(183من الجزء الأول من تاريخه) عنوان المجد . ان الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد ابن سعود، أرسل المترجم له الشيخ سليمان قاضياً لمكة بالمشاركة مع قضاتها السابقين، الذين أقرهم الإمام سعود بن عبد العزيز على قضاء مكة بعد ما استولى عليها وذكر ابن بشر: أن الشيخ سليمان أقام مدة يقضي بمكة ثم رجع الى الدرعية.
وقد ألف- رحمه الله تعالى _ مؤلفات نافعة جليلة تدل على تضلعه ورسوخ قدمه في العلوم، منها: "تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد" لجده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وهذا الشرح من الله بطبعه ونشره بعد ما كان مخطوطاً لا يرى إلا نادرا، وألف الشيخ الدلائل في عدم موالاة أهل الإشراك ورسالة في بيان عدد الجمعة، وحيدة في بابها، لم ينسج أحد على منوالها. وحاشية على المقنع في الفقه، لموفق الدين محمد بن عبد الله بن قدامة المقدسي تقع في ثلاث مجلدات ضخام، وقد طبعت هذه الحاشية على نفقة صاحب السمو الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر سابقا. وألف كتابا سماه "التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق"1 رد به على عبد الله أفندي الراوي خطيب مسجد سليمان باشا، وله غير ذلك رسائل كثيرة طبعت مفرقة في مجاميع الرسائل والمسائل النجدية التي طبعت بمطبعة المنار بمصر أولا، وثانياً بمطبعة أم القرى.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبع كتاب التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق بالمطبعة العامرة الشرقية بمصر عام 1319ه.


ص -30-

وكان -رحمه الله- مع ما ذكرنا عنه من الفضل والعلم، شديد الغيرة على حرمات الاسم والدين، أماراً بالمعروف نهاءاً عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد أكرمه الله تعالى بالشهادة سنة ألف ومائتين وثلاث وثلاثين من الهجرة، وذلك عندما وشى به بعض المنافقين، إلى إبراهيم بن محمد علي باشا، عندما استولى على مدينة الدرعية سنة ألف ومائتين وثلاث وثلاثين، فاحضره إبراهيم باشا، وتكلم عليه وأنبه تأنيباً ًشديدا، واحضر آلات اللهو والمنكر1 بين يديه إغاظة له، ثم أخرجه إلى المقبرة وأمر الجند أن يطلقوا عليه رصاص بنادقهم دفعة واحدة، فأطلقوه عليه فمزق جسمه وفاضت2 روحه إلى ربه تشكو الظلم، فنعوذ بالله من هذه الوحشية، والقسوة المجردة عن الإنسانية والرحمة.
ونسأل الله أن يتغمد ذلك الشيخ الصابر المجاهد بالرحمة والغفران، وأن يجعله مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذكر غير واحد من مؤرخي الحروب والوقائع النجدية المصرية، ان إبراهيم باشا بن محمد علي باشا أخذ معه في غزوة للحجاز ونجد المغنيات وأخذ معه جميع آلات اللهو من المعازف والمنكرات واستصحب معه بعض الضباط الفرنسيين الماجنين، الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.
وذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه الذي سماه "المقامات" بالحرف الواحد ما نصه\ فانتهى الأمر إلى الصلح وأعطاهم العهد والميثاق –يعني بذلك إبراهيم باشا- على ما في البلد من الرجال والمال، حتى الثمرة التي على النخل. لكن لم يف لهم بما صالحهم عليه لكن الله وقى شره عن أناس في قلبه عليهم حنانه –أي حنق- بلغة أهل نجد الدارجة بسبب أناس من أهل نجد. يكتبون فيهم عنده فكف الله يده ويد العسكر وغدروا بسليمان بن عبد الله –هو الشيخ المترجم له- وابن كثير عبد الله وآل سويلم بسبب البغدادي الخبيث. حداه عليهم فاختار الله لهم \انتهى كلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن. ونحن لا ندري من هو هذا البغدادي الذي اثر على إبراهيم هذا التأثير. وأملى عليه هذه الشدة والقسوة المجردة عن الإنسانية والرحمة. وليت ان الشيخ عبد الرحمن ذكر اسم البغدادي. ولقبه وعرفه لنا.
2 وليس له رحمه الله اليوم عقب.


ص -31-

الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
هو الإمام العلامة الأوحد، الثقة الثبت، التقي الورع المجاهد المحتسب، ذو الهمة العالية والشجاعة المتناهية، الذي خلف والده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في مؤازرة الإمام1عبد العزيز بن محمد بن سعود، وخلفه في بث العلم والقيام بدعوة التوحيد ونشرها، والدفاع عنها بالقلم واللسان، والحجة والبيان، عالم نجد بعد أبيه ومفتيها، من له الفتاوى السديدة والأجوبة العديدة، والردود العظيمة، من ضربت إليه أكباد الإبل من سائر بلدان نجد وتوالت عليه الأسئلة من جميع قرى نجد ومدنها الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
ولد هذا العالم الكبير في الدرعية سنة 1165هـ، ونشأ بها في كنف والده نشأة دينية صالحة، وقرأ القرآن حتى حفظه، ثم شرع في القراءة على والده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فتفقه في المذاهب الإسلامية، ومهر في علمي الفروع والأصول، وكان مع هذا بارزا في علم التفسير والعقائد وأصول الدين، عارفاً بالحديث ومعانيه، وبالفقه وأصوله وعلم النحو واللغة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بعد مضي سبع وعشرين سنة من ولاية الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود توفي المصلح المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1206ه فخلفه في مؤازرة الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، وفي القيام بدعوة التوحيد ونشرها المترجم له ابنه الشيخ محمد بن عبد الوهاب.


ص -32-

وله اليد الطولى في جميع العلوم والفنون، كرس جهده وأوقف حياته على تحصيل العلم ونشره تدريساً وتأليفا، فأخذ عنه العلم خلق كثير من فطاحلة علماء نجد وجهابذتهم، نذكر منهم في هذه الترجمة الموجزة أبناءه الثلاثة: الشيخ الإمام سليمان والشيخ عبد الرحمن والشيخ علي، وابن أخيه الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والشيخ علي ابن أخيه الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ محمد بن سلطان والشيخ عثمان بن عبد الجبار بن شبانة، والقاضي عبد العزيز بن حمد بن إبراهيم الوهيبي التميمي، والشيخ أحمد الوهيبي نزيل الإحساء، والشيخ عبد العزيز بن حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر صاحب منحة القرب المجيب في الرد على عباد الصليب،والشيخ سعيد بن حجي، والشيخ جمعان بن ناصر، ومسفر بن عبد الرحمن بن جعيلان نزيل قرية العرين من عسير بوادي أبها1 والشيخ إبراهيم بن سيف ومحمد ابن الشيخ عبد الله بن احمد بن عبد القادر الأحسائي.
وكان إلى جانب قيامه بتعليم العلم وبثه ونشر مذهب السلف ودعوة التوحيد والإسلام، مرجع قضاة المملكة السعودية في عهد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، وابنه الإمام سعود وابنه الإمام عبد الله، فكان في ذلك الوقت بمثابة رئيس قضاة ومفت وقد ألف مؤلفات كثيرة، منها جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية، رد به –رحمه الله- على بعض علماء الزيدية فيما اعترض على دعوة التوحيد السلفية، وألف مختصر السيرة النبوية في مجلد ضخم، والكلمات النافعة في المكفرات الواقعة، طبعت مرارا، وآخرها بالمطبعة السلفية بمصر، وألف منسكا صغيراً للحج، وكتب رسائل وفتاوى كثيرة، لو أفردت على حدة وجمعت لبلغت مجلداً ضخماً كبيراً، ولكنها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أصله من وادي الدواسر ونزح منها إلى عسير ونزل قرية "العرين" بفتح العين وكسر الراء. توفي بها.


ص -33-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 14:45

طبعت مفرقة في مجاميع الرسائل والمسائل النجدية التي طبعت سابقا بمصر وأخيراً بمطبعة أم القرى وكلا الطبعتين المذكورتين على نفقة الملك المغفور له عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود –رحمه الله- تعالى.
وكان له دروس خاصة يحضرها الإمام سعود بن عبد العزيز وابنه الإمام عبد الله بن سعود في الدرعية، وقد صحب الأمير1 سعود بن الإمام عبد العزيز، ابن الإمام محمد بن سعود، ابن محمد بن مقرن في دخوله مكة المكرمة في حياة والده الإمام عبد العزيز –رحمه الله- وذلك في يوم السبت ثامن شهر محرم الحرام 1218سنة ألف ومائتين وثماني عشرة من الهجرة.
وكتب حال دخوله مكة المكرمة مع الأمير سعود رسالة وإجابة منه لمن سأله عما يعتقدونه ويدينون الله به، ونحن نوردها بكاملها في هذا الموضع من الترجمة لعظيم فائدتها ولاشتمالها على معاني دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودحضها كذب أعداء الإسلام ودعاة الأباطيل من أنصار الشرك وأعداء التوحيد،
قال –رحمه الله- ما نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد2 لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لقد تخلى عن مكة بعدما دخلها بشهر ولم يدخلها بعد ذلك إلا سنة 1220ه وذلك بعد وفاة والده واستقرت ولايته عليها وعلى جميع الحجاز إلى سنة 1228ه عندما ظهر عليه طوسون بن محمد علي باشا وحصل ما حصل من الوقائع والحروب المذكورة في محلها من التواريخ.
2 قال محمد كرد علي في كتابه القديم والحديث الطبعة الأولى سنة 1343ه ص166 سطر 6 عن هذه الرسالة ما نصه "ورسالة عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب التي كتبها حين فتح الحرمين الشريفين شاهدة عدل على انه بريء من تلك الافتراءات التي افتروها على عقائده وعقائد أبيه وبنو عليها تلك الزلازل والقلاقل وان مذهبه عين مذهب الأئمة المحدثين والسلف الصالحين وتلك الرسالة منقولة في إتحاف النبلاء من شاء الاطلاع عليها فليرجع إليها" انتهى.


ص -34-

أما بعد، فإنا معاشر غزو الموحدين لما من الله علينا -وله الحمد- بدخول مكة المشرفة، نصف النهار يوم السبت ثامن شهر محرم الحرام سنة 1318ه بعد أن طالب أشراف مكة وعلماؤها وكافة العامة من أمير الغزو سعود –حماه الله- الأمان. وقد كانوا تواطؤوا مع أمراء الحجيج وأمير مكة على قتاله والإقامة في الحرم، ليصدوه عن البيت، فلما زحفت أجناد الموحدين ألقى الله الرعب في قلوبهم فتفرقوا شذر مذر، كل واحد يعد الإياب غنيمة له، وبذل حينئذ الأمير الأمان لمن بالحرم الشريف، ودخلنا شعارنا التلبية آمنين محلقين رؤوسنا ومقصرين غير خائفين من أحد من المخلوقين، بل من مالك يوم الدين، ومن حين دخل الجند الحرم، وهم على كثرتهم مضبوطون متأدبون، لم يعضدوا شجرا ولم ينفروا صيدا ولم يريقوا دماً إلا دم الهدي، أو ما أحل الله من بهيمة الأنعام، على الوجه المشروع، ولما تمت عمرتنا جمعنا الناس ضحوة الأحد وعرض الأمير –عافاه الله- على العلماء ما نطلب من الناس وندعوهم إليه، وهو إخلاص التوحيد لله تعالى وحده، وعرفهم أنه لم يكن بيننا وبينهم خلاف له وقع إلا في أمرين:
أحدهما: إخلاص التوحيد لله تعالى ومعرفة أنواع العبادة وأن الدعاء من جملتها وتحقيق معنى الشرك، الذي قاتل الناس عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واستمر دعاؤه برهة من الزمن بعد النبوة إلى ذلك التوحيد، وترك الإشراك، قبل أن تفرض عليه أركان الإسلام الأربعة.
والثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي لم يبق عندهم إلا اسمه، وانمحى أثره ورسمه، فوافقونا على استحسان ما نحن عليه جملة وتفصيلا، وبايعوا الأمير على الكتاب والسنة، وقبل منهم وعفا عنهم كافة، فلم يحصل على أحد منهم أدنى مشقة، ولم يزل يرفق بهم غاية الرفق لاسيما العلماء ويقرر لهم حال اجتماعهم -وحال انفرادهم- لدينا ما نحن عليه، ويطلب منهم المناصحة والمذاكرة وبيان الحق، وعرفناهم بأن صرح لهم الأمير حال


ص -35-

اجتماعهم، بأن قابلون ما أوضحوا برهانه من كتاب أو سنة أو أثر عن السلف الصالح كالخلفاء الراشدين المأمورين بإتباعهم، لقوله صلى الله عليه وسلم، "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" وعن الأئمة الأربعة المجتهدين، ومن تلقى العلم عنهم، إلى آخر القرن الثالث، لقوله صلى الله عليه وسلم "خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" . وعرفناهم أنا دائرون مع الحق أينما دار، وتابعون للدليل الجلي الواضح، ولا نبالي حينئذ بمخالفة ما سلف عليه من قبلنا فلم ينقموا علينا أمرا.
فألحينا عليهم في مسألة طلب الحاجات من الأموات إن بقي لديهم شبهة فذكر بعضهم شبهة أو شبهتين، فرددناها بالدلائل القاطعة من الكتاب والسنة، حتى أذعنوا، ولم يبق عند أحد منهم شك ولا ارتياب، فيما قاتلنا الناس عليه أنه الحق الجلي الذي لا غبار عليه وحلفوا لنا الأيمان المعقدة من دون استحلاف لهم على انشراح صدورهم وحزم ضمائرهم، أنه لم يبق لديهم شك فيمن قال: يا رسول الله. أو قال: يا ابن عباس. أو يا عبد القادر أو غيرهم من المخلوقين طالباً بذلك دفع شر أو جلب خير من كل ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، من شفاء المريض والنصر على العدو، والحفظ من المكروه ونحو ذلك، انه مشرك الشرك الأكبر الذي يهدر دمه ويبيح ماله، وإن كان يعتقد أن الفاعل المؤثر في تصريف الكون هو الله وحده، لكنه قصد المخلوقين بالدعاء، متشفعا بهم ومتقربا لهم بقضاء حاجته من الله، بسرهم وبشفاعتهم له فيها أيام البرزخ، وان ما وضع من البناء على قبور الصالحين صار في هذه الأزمان أصناماً تقصد لطلب الحاجات ويتضرع عندها ويهتف بأهلها في الشدائد كما كانت تفعله الجاهلية الأولى.
وكان من جملتهم مفتي الحنفية الشيخ عبد الملك القلعي وحسين المغربي وعقيل بن يحيى العلوي، فبعد ذلك أزلنا جميع ما كان يعبد بالتعظيم والاعتقاد فيه، ورجاء النفع ودفع الضر بسببه من جميع البناء على القبور وغيرها حتى لم يبق


ص -36-

في البقعة المطهرة طاغوت يعبد، فالحمد لله على ذلك، ثم رفعت المكوس1 وكسرت آلات التنباك ونودي بتحريمه، وأحرقت أماكن الحشاشين والمشهورين بالفجور ونودي بالمواظبة على الصلاة في الجماعة، وعدم التفريق في ذلك بأن يجتمعوا في كل صلاة على إمام واحد، يكون ذلك الإمام من أحد المقلدين للأربعة رضوان الله عليهم.
واجتمعت الكلمة حينئذ وعبد الله وحده وحصلت الألفة وسقطت الكلفة وأمر2عليهم، واستتب الأمر من دون سفك دم، ولا هتك عرض، ولا مشقة على أحد، والحمد لله رب العالمين.
ثم دفعت لهم الرسائل المؤلفة للشيخ محمد رحمه الله في التوحيد المتضمنة للبراهين، وتقرير الأدلة على ذلك بالآيات المحكمات، والأحاديث المتواترة مما يثلج الصدور، واقتصر من ذلك على رسالة مختصرة للعوام تنشر في مجالسهم وتدرس في محافلهم، ويبين لهم العلماء معانيها ليعرفوا التوحيد فيتمسكوا بعروته الوثيقة ويتضح لهم الشرك، فينفروا عنه وهم على بصيرة آمنين.
وكان فيمن حضر مع علماء مكة وشاهد غالب ما صار، حسين بن محمد بن الحسين الابريقي الحضرمي، ثم الحياني، ولم يزل يتردد علينا ويجتمع بسعود وخاصته من أهل المعرفة، ويسأل عن مسألة الشفاعة التي جرد السيف بسببها من دون حياء ولا خجل، لعدم سابقة جرم له فأخبرناه بأن مذهبنا في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة، وطريقنا طريقة السلف التي هي الطريق الأسلم والأعلم والأحكم، خلافاً لمن قال طريقة الخلف أعلم، وهي انا نقر آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها، ونكل علمها إلى الله مع اعتقاد حقائقها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي "الضرائب" والرسوم ومعنى رفعت أزيلت وألغيت.
2 أمر عليهم عبد المعين بن مساعد.
ص -37-

فان مالكا وهو من أجل علماء السلف لما سئل عن الاستواء في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. ونعتقد أن الخير والشر كله بمشيئة الله تعالى، ولا يكون في ملكه إلا ما أراد. فإن العبد لا يقدر على خلق أفعاله بل له كسب، رتب عليه الثواب فضلا، والعقاب عدلا لا يجب على الله لعبده شيء، وانه يراه المؤمنون في الآخرة بلا كيف ولا إحاطة.
ونحن أيضاً في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولا ننكر على من قلد أحد الأئمة الأربعة1 دون غيرهم، لعدم ضبط مذاهب الغير، كالرافضة، والزيدية، والإمامية ونحوهم. لا نقرهم ظاهراً على شيء من مذاهبهم الفاسدة بل نجبرهم على تقليد أحد الأئمة الأربعة، ولا نستحق مرتبة الاجتهاد المطلق، ولا أحد منا يدعيها، إلا انا في بعض المسائل، إذا صح لنا نص جلي، من كتاب أو سنة غير منسوخ، ولا مخصص ولا معارض بأقوى منه،وقال به أحد الأئمة الأربعة أخذنا به وتركنا المذهب كامام الصلاة، فنأمر الحنفي والمالكي مثلا بالمحافظة على نحو الطمأنينة في الاعتدال والجلوس بين السجدتين لوضوح ذلك، بخلاف جهر الإمام الشافعي بالبسملة فلا نأمره بالإسرار، وشتان ما بين المسألتين فاذا قوي الدليل أرشدناهم بالنص وان خالف المذهب، وذلك يكون نادرا جداً ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض ولا مناقضة لعدم الاجتهاد.
وقد سبق جمع من أتباع أئمة المذاهب الأربعة باختبارات لهم في بعض المسائل، مخالفة للمذهب الملتزمين تقليد صاحبه،ثم انا نستعين على فهم كتاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال بعض العلماء انه لا يمكن الوثوق بأقوال غير الأئمة الأربعة لأن لا توجد كتب مدونة لنقل مذهبهم وان وجدت فلا يمكن الوثوق بها لأنها لم تنقل الينا بطريق موثوق به ولم يتلقها الناس عن الشيوخ فهي كتب منقطعة الإسناد وأيضاً فان لا بد من معرفة شروط الاحكام وقيودها ومعرفة ان قائليها لم يرجعوا عنها. وهذا غير ميسور في أقوال غير الأئمة الأربعة.


ص -38-

الله بالتفاسير المتداولة، ومن أجلها لدينا تفسير ابن جرير ومختصره لابن كثير الشافعي، وكذلك البغوي، والبيضاوي، والخازن، والحداد، والجلالين وغيرهم، وعلى فهم الحديث بشروح الأئمة المبرزين كالعسقلاني، والقسطلاني على البخاري، والنووي على مسلم، والمناوي على الجامع الصغير، ونحرص على كتب الحديث خصوصاً الأمهات الست وشروحها. ونعتني بسائر الكتب في سائر الفنون أصولا وفروعا، وقواعد وسير ونحو وصرف، وجميع علوم الأمة. ولا نأمر بإتلاف شيء من المؤلفات أصلا إلا ما اشتمل على ما يوقع الناس في الشرك كروض الرياحين1 وما يحصل بسببه خلل في العقائد كعلم المنطق، فإنه قد حرمه جمع من العلماء، على انا لا نفحص عن مثل ذلك وكالدلائل2 إلا إن تظاهر به صاحبه معاندا اتلف عليه، وما اتفق لبعض البدو من إتلاف كتب بعض أهل الطائف، إنما صدر عن بعض الجهلة، وقد زجروا وغيرهم عن مثل ذلك، ومما نحن عليه، انا لا نرى سبي العرب ولم نفعله ولم نقاتل غيرهم، ولا نرى قتل النساء والصبيان وغير المقاتلة.
وأما ما يكذب علينا ستراً للحق وتلبيسا على الخلق بأنا نفسر القرآن برأينا ونأخذ من الحديث ما وافق افهامنا من دون مراجعة شرح ولا معول على شيخ وأنا نضع من رتبة نبينا صلى الله عليه وسلم بقولنا: النبي رمة في قبره. وعصا أحدنا أنفع له منه، وليس له شفاعة وزيارته غير مندوبة وأنه كان لا يعرف معنى لا إله إلا الله حتى نزل عليه {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} مع كون الآية مدنية.
وإنا لا نعتمد على أقوال العلماء فنتلف مؤلفات أهل المذاهب، لكون فيها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 روض الرياحين ألفه أحد الغلاة عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن فلاح اليافعي نزيل مكة توفي سنة 898ه.
2 هي دلائل الخيرات معلومة بالغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ومؤلفها رجل يقال له محمد بن سليمان بن عبد الرحمن الجزولي المغربي نسبة إلى جزولة أو كسولة من بطون البربر الشاذلي طريقة.


ص -39-

الحق والباطل، وانا مجسمة وانا نكفر الناس على الإطلاق أهل زماننا، ومن بعد الستمائة إلا من هو على ما نحن عليه، انه كان مشركا وان أبويه ماتا على الشرك بالله، وانا ننهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونحرم زيارة القبور المشروعة مطلقاً، وانا من دان بما نحن عليه سقطت عنه جميع التبعات، حتى الديون، وانا لا نرى حق أهل البيت رضوان الله عليهم، وانا نجبرهم على تزويج غير الكفء لهم، وانا نجبر بعض الشيوخ على فراق زوجته الشابة، لتنكح شابا اذا ترافعوا الينا فلا وجه لذلك.
فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر1 أولا: كان جوابنا في كل مسألة من ذلك: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} فمن روى عنا شيئاً من ذلك أو نسبه الينا، فقد كذب علينا وافترى، ومن شاهد حالنا وحضر مجالسنا وتحقق ما عندنا علم قطعا ان جميع ذلك وضعه علينا وافتراه أعداء الدين، وإخوان الشياطين، تنفيراً للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله بالعبادة وترك أنواع الشرك الذي نص عليه بأن الله لا يغفره ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
فانا نعتقد أن من فعل أنواعا من الكبائر، كقتل المسلم بغير حق والزنا وشرب الخمر، وتكرر منه ذلك أنه لا يخرج بفعله ذلك عن دائرة الإسلام، ولا يخلد به في دار الانتقام اذا مات موحدا بجميع أنواع العبادة، والذي نعتقده أن رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق وأنه حي في قبره حياة برزخية أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل، اذ هو أفضل منهم بلا ريب وأنه يسمع سلام المسلم عليه وتسن زيارته صلى الله عليه وسلم إلا أنه لا يشد الرحل إلا لزيارة المسجد2 والصلاة فيه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من ذكر أولا يريد به حسين بن محمد بن الحسين الابريقي الحضرمي ثم اللحياني.
2 لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد "الحديث


ص -40-

واذا قصد مع ذلك الزيارة فلا بأس.
ومن أنفق نفيس أوقاته بالصلاة عليه، عليه الصلاة والسلام الواردة عنه فاز بسعادة الدارين، وكفى همه وغمه، كما جاء في الحديث عنه، ولا ننكر كرامات الأولياء، ونعترف لهم بالحق، و انهم على هدى من ربهم مهما ساروا على الطريقة الشرعية، إلا انهم لا يستحقون شيئا من أنواع العبادات لا حال الحياة ولا بعد الممات، بل يطلب من يطلب من أحدهم الدعاء في حال حياته، بل ومن كل مسلم، فقد جاء في الحديث: "دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه" الحديث. وأمر صلى الله عليه وسلم عمر وعلياً بسؤال الاستغفار والدعاء له ففعلا.
وتثبت الشفاعة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة حسب ما ورد وكذا نثبتها لسائر الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال حسب ما ورد أيضاً، ونسألها من المالك لها، والآذن فيها لمن يشاء من الموحدين الذين هم أسعد الناس بها، كما ورد بأن يقول أحدنا متضرعاً إلى الله تعالى: "اللهم شفع نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قينا يوم القيامة" أو " اللهم شفع فينا عبادك الصالحين أو ملائكتك" أو نحو ذلك مما يطلب من الله لأمتهم، فلا يقال: يا رسول الله، أو يا ولي الله أسألك الشفاعة أو غيرها. كأدركني، أو أغثني، أو اشفني، أو انصرني على عدوي، أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فاذا طلبت ذلك مما ذكر في أيام البرزخ كان من أقسام الشرك، إذ لم يرد بذلك نص من كتاب أو سنة ولا أثر من السلف الصالح على ذلك، بل ورد الكتاب والسنة وإجماع السلف، ان ذلك شرك اكبر، قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فان قلت: ما تقول في الحلف بغير الله والتوسل به؟
قلت: ننظر إلى حال المقسم ان قصد به التعظيم، كتعظيم الله أو اشد، كما يقع لبعض غلاة المشركين من أهل زماننا، اذا استحلف بشيخه أي


ص -41-

معبوده الذي يعتمد في جميع أموره عليه، لا يرضى ان يحلف اذا كان كاذباً أو شاكا، واذا استحلف بالله فقط رضي فهو كافر من أقبح المشركين وأجهلهم إجماعا، وان لم يقصد الحالف التعظيم بل سبق لسانه إليه، فهذا ليس بشرك اكبر فينهى عنه ويؤمر صاحبه بالاستغفار من تلك الهفوة.
أما التوسل وهو أن يقول القائل: اللهم إني أتوسل إليك بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، أو بحق نبيك، أو بجاه عبادك الصالحين، أو بحق عبدك فلان، فهذا من أقسام البدعة المذمومة ولم يرد بذلك نص، كرفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند الأذان.
وأما أهل البيت فقد ورد سؤال على الدرعية في مثل ذلك ما نصه: أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم لا شك في طلب حبهم ومودتهم، لما ورد فيه من كتاب وسنة، فيجب محبتهم ومودتهم، إلا أن الإسلام ساوى بين الخلق فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، ولهم مع ذلك التوقير والتكريم والإجلال، ولسائر العلماء مثل ذلك، كالجلوس في صدر المجالس والبداية بهم في التكريم، والتقديم في الطريق إلى موضع التكريم ونحو ذلك اذا تقارب أحدهم مع غيره في السن، أو العلم وما اعتيد في بعض البلاد من تقديم صغيرهم وجاهلهم، على من هو أمثل منه، حتى انه لم يقبل يده كل ما صافحه عاتبه وصارمه، أو ضاربه أو خاصمه، فهذا مما لم يرد فيه نص ولا دل عليه دليل، بل منكر يجب إزالته، ولو قبل يد أحدهم لقدوم من سفر أو لمشيخة علم، أو في بعض أوقات أو لطول غيبة، فلا بأس به إلا انه لما ألف من الجاهلية الأخرى: ان التقبيل صار علماً لمن يعتقد فيه أو في أسلافه أو عادة المتكبرين من غيرهم نهينا عنه مطلقاً، لا سيما لمن ذكر حسما لذرائع الشرك ما أمكن، وإنما هدمنا بيت السيدة خديجة وقبة المولد وبعض الزوايا المنسوبة لبعض الأولياء حسما لتلك المادة، وتنفيرا عن الإشراك بالله ما أمكن، لقبح شأنه، وأنه لا يغفر، وهو


ص -42-

أقبح من نسبة الولد لله تعالى، اذ الولد كمال في حق المخلوق واما الشرك فنقص حتى في حق المخلوق لقوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} الآية.
وأما نكاح الفاطمية بغير الفاطمي فجائز إجماعا بل ولا كراهة في ذلك، وقد زوج علي عمر بن الخطاب وكفى بهما قدوة، وتزوجت سكينة بنت الحسين بن علي بأربعة ليس فيهم فاطمي بل ولا هاشمي، ولم يزل عمل السلف على ذلك من دون إنكار إلا انا لا نجبر أحداً على تزويج موليته ما لم تطلب هي أو تمتنع من غير الكفء، والعرب أكفاء بعضهم لبعض.
فما اعتيد في بعض البلاد من المنع دليل التكبر وطلب التعظيم، وقد يحصل بسبب ذلك فساد كبير كما ورد، بل يجوز الانكاح لغير الكفء، وقد تزوج زيد –وهو من الموالي- زينب أم المؤمنين وهي قرشية، والمسألة معروفة النقول عند أهل المذهب. انتهى.
فان قال قائل منفر عن قبول الحق والإذعان له: يلزم من تقريركم وقطعكم في ان من قال : يا رسول الله، أسألك الشفاعة، انه مشرك مهدر الدم، أن يقال بكفر غالب الأمة، ولا سيما المتأخرين ولتصريح علمائهم المعتبرين، ان ذلك مندوب وشنوا الغارة على من خالف في ذلك.
قلت: لا يلزم ذلك لان لازم المذهب ليس بمذهب كما هو مقرر، ومثل ذلك لا يلزم ان نكون مجسمة وان قلنا بجهة العلو كما ورد الحديث بذلك، ونحن نقول فيمن مات: تلك أمة قد خلت، ولا نكفر إلا من بلغته دعوتنا للحق ووضحت له المحجة وقامت عليه الحجة، وأصر مستكبرا معاندا كأغلب من نجاهدهم اليوم يصرون على ذلك الإشراك ويمتنعون من فعل الواجبات ويتظاهرون بأفعال الكبائر المحرمات.
وغير الغالب إنما نجاهده لنصرته لمن هذه حاله ورضاه به ولتكثيره سواد من ذكر، والتغليب معه فاه حينئذ حكمه في حل جهاده.


ص -43-

ونعتذر عمن مضى بأنهم مخطئون معذورون لعدم عصمتهم من الخطأ والإجماع في ذلك ممنوع قطعا ومن شن الغارة فقد غلط، ولا بدع أن يغلط، فقد غلط من هو خير منه كمثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما نبهته المرأة رجع في مسألة المهر وفي غير ذلك في سيرته بل غلط الصحابة وهم جمع ونبينا صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، سار فيهم نوره فقالوا: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.
فان قات: هذا فيمن ذهل، فلما نبه انتبه، فما القول فيمن حرر الأدلة واطلع على كلام الأئمة القدوة، واستمر مصرا على ذلك حتى مات.
قلت: ولا مانع ان نعتذر لمن ذكر ولا نقول انه كافر ولا كما تقدم أنه مخطئ وان استمر على خطئه لعدم من يناضل في هذه المسألة في وقته بلسانه وسيفه وسنانه فلم تقم عليه الحجة ولا وضحت له المحجة، بل الغالب على زمان المؤلفين المذكورين، التواطؤ على هجر كلام أئمة السنة في ذلك رأسا، ومن اطلع عليه اعرض عنه قبل أن يتمكن في قلبه، لم يزل أكابرهم تنهى اصاغرهم عن مطلق النظر في ذلك إلا من شاء الله منهم.
هذا وقد رأى معاوية وأصحابه رضي الله عنهم، منابذة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل وقتاله ومناجزته الحرب، وهم في ذلك مخطئون بالإجماع، واستمروا في ذلك الخطأ حتى ماتوا، ولم يشتهر عن أحد من السلف تكفير أحد منهم إجماعا، بل ولا تفسيقه، بل أثبتوا لهم اجر الاجتهاد، وان كانوا مخطئين، كما ذلك مشهور عند أهل السنة.
ونحن كذلك لا نقول بكفر من صحت ديانته وشهر صلاحه وعلم ورعه وزهده، وحسنت سيرته وبلغ من نصحه للأمة، ببذل نفسه لتدريس العلوم النافعة والتأليف فيها، وان كان مخطئاً في هذه المسألة أو غيرها، كابن حجر الهيتمي، فانا نعرف كلامه في "الدر المنظم" ولا ننكر سعة علمه، ولهذا


ص -44-

نعتني بكتبه "كشرح الأربعين" و "الزواجر" وغيرهما، ونعتمد على نقله اذا نقل لأنه من جملة علماء المسلمين.
هذا ما نحن عليه، مخاطبين به من له عقل أو علم، وهو متصف بالإنصاف، خال من الميل إلى التعصب والاعتساف، ينظر إلى ما يقال لا إلى من قال، وأما من شأنه لزوم مألوفه وعادته، سواء كان حقا أو غير حق، فقد قال الله تعالى فيهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} عادته وجبلته أن يعرف الحق بالرجال، لا الرجال بالحق، لا نخاطبه وأمثاله إلا بالسيف حتى يستقيم اوده ويصح معوجه، وجنود التوحيد بحمد الله منصورة وراياتهم بالسعد والإقبال مشهورة، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} وقال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
هذا ومما نحن عليه أن البدعة -وهي ما حدثت بعد القرون الثلاثة- مذمومة مطلقا، خلافا لمن قال حسنة وقبيحة، ولمن قسمها خمسة أقسام، إلا ان أمكن الجمع بأن يقال: الحسنة ما عليه السلف الصالح، شاملة للواجبة والمندوبة والمباحة، ويكون تسميتها بدعة مجازا، والقبيحة: ما عدا ذلك شاملة للمحرمة، والمكروهة، فلا بأس بهذا الجمع، فمن البدع المذمومة التي ننهي عنها رفع الصوت في موضع الأذان بغير الأذان سواء كانت آية أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو ذكراً أو غير ذلك بعد أذان أو في ليلة جمعة أو رمضان أو العيدين، فكل ذلك بدعة مذمومة.
وقد أبطلنا ما كان مألوفاً بمكة من التذكير والترحيم ونحوه، واعترف علماء المذاهب أنه بدعة.
ومنها: قراءة الحديث عن أبي هريرة بين يدي خطبة الجمعة، فقد صرح شارح الجامع الصغير انه بدعة.


ص -45-

ومنها: الاجتماع في وقت مخصوص على من يقرأ سيرة المولد الشريف اعتقادا أنه قربة مطلوبة، دون علم السير، فان ذلك لم يرد.
ومنها: اتخاذ المسابح، فانا ننهى عن التظاهر باتخاذها.
ومنها: الاجتماع على راتب المشايخ ورفع الصوت وقراءة الفواتح والتوسل بهم في المهمات، كراتب السمان وراتب الحداد ونحوهما، بل قد يشتمل ما ذكر على أنه شرك أكبر، فيقاتلون على ذلك، فان سلموا من أرشدوا إلى أنه على هذه الصورة المألوفة غير سنة بل بدعة، فان أبوا عزرهم الحاكم بما يراه رادعاً، و أما أحزاب العلماء المنتخبة من الكتاب والسنة، فلا مانع من قراءتها والمواظبة عليها، فان الأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار وتلاوة القرآن ونحو ذلك مطلوب شرعا، والمعتني بها مأجور فكلما أكثر منه العبد كان أوفر ثوابا لكن على الوجه المشروع من دون تقطيع ولا تغيير ولا تحريف، وقد قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} وقد ذكره النووي في جمعه كتاب الأذكار، فعلى الحريص على ذلك به ففيه الكفاية للموفق.
ومنها: ما اعتيد في بعض البلاد من قراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم بقصائد بألحان، وتخلط بالصلاة عليه، وبالأذكار والقراءة ويكون بعد صلاة التراويح، ويعتقدونه على هذه الهيئة من القرب، بل تتوهم العامة لأن ذلك من السنن المأثورة، فينهى عن ذلك وأما صلاة التراويح فسنة لابأس بالجماعة فيها والمواظبة عليها.
ومنها: ما اعتيد في بعض البلاد من صلاة الخمسة الفروض بعد آخر جمعة من رمضان، وهذه من البدع المنكرة إجماعا، فيزجرون من ذلك اشد الزجر.
ومنها: رفع الصوت بالذكر عند حمل الميت وعند رش القبر بالماء وغير ذلك، مما لم يرد عمن سلف، وقد ألف الشيخ الطرطوشي المغربي كتاباً
ص -46-

نفيساً سماه "الباحث على إنكار البدع والحوادث" واختصره أبو شامة المغربي، فعلى المعتني بدينه بتحصيله، وإنما ننهى عن البدع المتخذة دينا وقربة، وأما ما لا يتخذ دينا ولا قربة، كالقهوة وإنشاد قصائد الغزل ومدح الملوك، فلا ننهى عنه ما لم يختلط بغيره، أما ذكر أو اعتكاف في مسجد ويعتقد انه قربة، لأن حسان رد على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقال: قد أنشدته بين يدي من هو خير منك، فقبل عمر، ويحل كل لعب مباح لأن النبي صلى الله عليه وسلم اقر الحبشة على اللعب في يوم العيد، في مسجده صلى الله عليه وسلم، ويحل الرجز والحداء في نحو العمارة، والتدريب على الحرب بأنواعه، وما يورث الحماسة فيه، كطبل الحرب دون آلات الملاهي، فإنها محرمة، والفرق ظاهر ولا بأس بدف العرس وقد قال صلى الله عليه وسلم "بعثت بالحنفية السمحة، لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة".
هذا، وعندنا ان الإمام ابن القيم وشيخه إماما حق من أهل السنة وكتبهم عندنا من أعز الكتب، إلا انا غير مقلدين لهم في كل مسألة، فان كل أحد يؤخذ من قوله ويترك، إلا نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، ومعلوم مخالفتنا لابن القيم وشيخه في عدة مسائل. منها: طلاق الثلاث بلفظ واحد في مجلس، فانا نقول به تبعاً للأئمة الأربعة، ونرى الوقف صحيحاً والنذر جائزاً ويجب الوفاء به في غير المعصية ومن البدع المنهي عنها قراءة الفواتح للمشايخ بعد الصلوات الخمس، والإطراء في مدحهم والتوسل بهم، على الوجه المعتاد في كثير من البلاد، وبعد مجامع العبادات معتقدين ان ذلك من أكمل القرب، وهو ربما جر إلى الشرك من حيث لا يشعر الإنسان، فان الإنسان يحصل منه الشرك من دون شعور به لخفائه، ولولا ذلك لما استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه بقوله: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وانا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم انك أنت علام الغيوب" وينبغي المحافظة على هذه الكلمات والتحرز من الشرك ما أمكن فان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إنما تنقض عرى الإسلام


ص -47-

عروة عروة، اذا دخل في الإسلام من يعرف الجاهلية أو كما قال، وذلك انه يفعل الشرك ويعتقد انه قربة، نعوذ بالله من الخذلان وزوال الإيمان.
هذا ما حضر في حال المراجعة مع المذكور مدة تردده وهو يطالبني كل حين بنقل ذلك وتحريره، فلما ألح نقلت له هذا من دون مراجعة كتاب، وأنا في غاية الاشتغال بما هو أهم من الغزو، فمن أراد تحقيق ما نحن عليه فليقدم الدرعية فسيرى ما يسر خاطره ويقر ناظره من الدروس في فنون العلم وخصوصاً التفسير والحديث ويرى ما يسر بحمد الله وعونه من إقامة شعائر الدين والرفق بالضعفاء والوفود والمساكين، ولا ننكر الطريقة الصوفيع وتنزيه الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح، مهما استقام صاحبها على القانون الشرعي والمنهج القويم المرعي، إلا انا لا نتكلف له تأويلا في كلامه ولا في أفعاله ولا نعول ونستعين ونستنصر ونتوكل في جمية أمورنا، إلا على الله تعالى، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال ذلك عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب عفا الله عنه والمسلمين.
انتهت هذه الرسالة الجليلة المتضمنة لبيان دعوة الإصلاح وشرحها وقد رأيت له -رحمه الله تعالى- تصديقاً على وقف كائن بمكة المكرمة للشيخ عبد الكبير زيني متوكل، قال في تصديقه عليه ما نصه:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه أجمعين. أما بعد فقد نظرت في هذا الوقف فرأيته وقفاً صحيحاً لازماً لا يجوز تغييره ولا تبديله لاشتماله على شروط الوقف الصحيحة قاله عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. "الختم"


ص -48-

ثم ختمه بختمه غير انه مع الأسف لم يؤرخه اكتفاء بتاريخ ورقة الوقف المصدق عليها، وقد أخذت لهذا التصديق صورة فوتوغرافية وأثبتها هنا.
وكان رحمه الله مع هذا شجاعاً مقداماً، وقف في باب البجيري المعروف بالدرعية، وشهر سيفه وقاتل قتال الأبطال قائلا كلمته الخالدة: بطن الأرض على عز، خير من ظهرها على ذل، حتى نحى العساكر وزحزحهم عن مواقفهم، وذلك في آخر حرب الباشا للدرعية، وقد سلم الله الشيخ ونقله إبراهيم بن محمد علي باشا إلى مصر بعد ما استولى على الدرعية وذلك سنة 1233ه ونقل معه ابنه عبد الرحمن وبقي بمصر محدود الإقامة حتى توفي1 بمصر سنة 1242ه.
وقد أنجب ثلاثة أبناء2 علماء هم: الشيخ سليمان الذي قتله إبراهيم باشا في الدرعية شهيدا، وعلي قتل فيما بعد على يد بعض عساكر الترك بنجد، وعبد الرحمن ونقل معه إلى مصر صغيرا وتعلم بها ودرس برواق الحنابلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لقد سها مؤلف تاريخ آل سعود حينما ذكر في ترجمته للشيخ عبد الله المذكور من تاريخه صحيفة194، وذلك عندما ذكر بطولته وشجاعته التي ذكرناها فذكر بقوله: "وأخيرا استشهد بالقرب من الدرعية سنة 1244ه" وهذا خطأ، والصحيح هو ما ذكرناه ان الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد نقل إلى مصر وبقي بها حتى توفي بمصر سنة 1242ه.
2 اشتبه على مؤلف تاريخ آل سعود حيث ظن ان الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الذي درس الحنابلة هو الشيخ عبد الرحمن بن حسن فقال في تاريخه المذكور صحيفة 199 بعدما ساق ترجمة مقتضية للشيخ عبد الرحمن بن حسن ويقول عثمان بن سند الوائلي في تاريخه: مطالع السعود عنه ما نصه: وأما الشيخ عبد الرحمن فقد أدركته في الجامع الأزهر يدرس مذهب الحنابلة وكان شيخ رواق الحنابلة وكان عالماً فقيهاً ذا سمت حسن يظهر عليه التقوى والصلاح ثم يقطع المؤلف كلام ابن سند وفيه ذكر الوفاة ويدرج فيه كلاماً من عنده قائلا: قدم سنة 1241ه على الإمام تركي ولو استكمل المؤلف كلام ابن سند لظهر له جليا ان هذا الشيخ الذي ذكره ابن سند لم يخرج إلى نجد وانه توفي بمصر، فقد صدق عثمان بن سند وأخطأ المؤلف، فان عثمان بن سند أراد الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولم يرد الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب واليك ما ذكر عثمان بن سند قال في صحيفة 106 من تاريخه المذكور المطبوع بالمطبعة السلفية تحقيق=


ص -49-

وتوفي بها سنة 1273هـ رحم الله الشيخ عبد الله وجزاه عن الإسلام خير الجزاء وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=محب الدين: واعلم انه بقي للوهابية بقية بمصر ظلوا فيها برغبتهم لأنه صار لهم فيها أولاد وأملاك بمصر مثل الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب النجدي وله أولاد منهم: احمد الازجي وعبد الله كاتب في قلعة الوجه زمن الذين بقوا في مصر احمد ابن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، وأما الشيخ عبد الرحمن المذكور فقد أدركته في الجامع الأزهر يدرس مذهب الحنابلة سنة 1273ه برواق الحنابلة وتوفي سنة1274ه وكان عالماً فقيهاً ذا سمت حسن يظهر عليه التقى والصلاح آه. فهذا الشيخ الذي ذكره مختصر كتاب ابن سند وذكر أنه درس برواق الحنابلة بمصر هو الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب فانه الذي درس برواق الحنابلة ومات بمصر وله بها ذرية معروفة إلى اليوم وقد ذكر المؤرخ الشهير عثمان بن عبد الله بن بشر في الجزء الأول من تاريخه ص 103 عندما ذكر أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعدد فضائل كل واحد منهم حتى أتى على ذكر الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد فقال ما نصه: وكان آية في العلم ومعرفة فنونه، ثم قال ابن بشر بعدما ذكر الشيخ عبد الله وأثنى عليه بأنه آية في العلم وفنونه ما نصه: وكان لعبد الله ابن اسمه عبد الرحمن جلى معه إلى مصر وهو صغير ويذكر لي أنه اليوم في رواق الحنابلة في الجامع الازهر وعنده طلبة علم وله معرفة تامة. أقول : وقد ترجم للشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الله المذكور الشيخ عبد الرزاق البيطار. في كتابه حلية البشر ج 2 ص 839.
إذا تقرر هذا عرف أن الذي درس برواق الحنابلة بالجامع الأزهر هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب فلم يدرس برواق الحنابلة، بل أقام بمصر ثمان سنوات وظهر إلى نجد في زمن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بسنة 1241ه وجدد دعوة التوحيد وتوفي بالرياض سنة 1285ه كما سيأتي بيان ذلك في ذكر ترجمته في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.


ص -50-

الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
هو الشيخ الجليل علي1 ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. ولد بمدينة الدرعية ونشأ بها. أخذ العلم عن والده الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولم يتول القضاء. قال الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر في كتابه عنوان المجد بعد ما ذكر أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثنى على كل واحد منهم:
" وأما علي ابن الشيخ فكان عالماً جليلاً ورعا كثير الخوف من الله وكان يضرب به المثل في الدرعية بالورع والديانة وله معرفة بالفقه والتفسير وغير ذلك وراودوه على القضاء فأبى عنه، وأبناؤه صغار ماتوا قبل التحصيل إلا محمدا فانه طالب علم وله معرفة".
انتهى كلام ابن بشر، قلت ولما استولى إبراهيم بن محمد علي باشا على مدينة الدرعية نقل المترجم الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى مصر مع من نقل من آل الشيخ وبقي بمصر إلى أن توفي بها، وأما ابنه محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب فلم ينقل مع والده المذكور بل عاش في نجد واستوطن مدينة الرياض زمن الإمام تركي بن عبد الله وقرأ على ابن عمه الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأنجب ابنين هما الشيخ عبد العزيز بن محمد وعبد الرحمن بن محمد وكل من الأخوين المذكورين الشيخ عبد العزيز بن محمد وأخيه عبد الرحمن بن محمد له اليوم ذرية يعرفون على انفرادهم بآل محمد نسبة إلى جدهم محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع وغفر لهم وجمع بيننا وبينهم في دار كرامته وجناته حيث لا خصومة ولا نزاع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الغالب على الظن أن الشيخ علي ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب توفي ستة 1245هـ بمصر.


ص -51-

الشيخ إبراهيم ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
هو الشيخ إبراهيم بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. ولد بمدينة الدرعية ونشأ بها وقرأ على والده الشيخ محمد بن عبد الوهاب. قال الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر بعد ما ذكر أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثنى على كل واحد منهم.
"وأما إبراهيم ابن الشيخ فرأيت عنده حلقة في التدريس وله معرفة في العلم ولكنه لم يتول القضاء، قرأت عليه في صغري كتاب التوحيد سنة أربع وعشرين ومائتين وألف".
انتهى ما ذكره ابن بشر وقال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم في الجزء الثاني عشر من الدرر السنية في الأجوبة النجدية ص 46 طبعة دار الإفتاء ما نصه:
"الشيخ إبراهيم ابن الشيخ محمد -رحمه الله- هو الثقة العابد الورع، إلى أن قال: ولم أقف له على وفاة ولكنه موجود سنة 1251هـ في مصر وتوفي بها رحمه الله" انتهى كلام الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم.
قلت وليس للشيخ المترجم إبراهيم بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب بنجد ذرية -رحمه الله ورحم- آل الشيخ وجميع المسلمين انه سميع مجيب وصلى الله على محمد.


ص -52-

الشيخ علي ابن الشيخ حسين
هو الشيخ العالم علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ولد بمدينة الدرعية ولا أدري في أي سنة وقرأ على أشاخ وقته من علماء الدرعية وتولى القضاء بمدينة الدرعية من جملة قضاتها زمن الإمام سعود ابن الإمام عبد العزيز وزمن لبنه الإمام عبد الله بن سعود ولما استولى إبراهيم بن محمد باشا على الدرعية ونقل كبار آل الشيخ إلى مصر هرب المترجم له إلى عمان وقطر وأقام بها حتى تولى الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود ملك نجد فرجع إلى نجد وأقام بمدينة الرياض فعينه الإمام تركي بن عبد الله قاضياً في حوطة بني تميم ثم نقله إلى قضاء مدينة الرياض وبقي بها. وليس لي معرفة بتلامذته ولا بمؤلفاته غير أني رأيت له بعض رسائل في مجموع الرسائل والمسائل النجدية وورد له ذكر في مواضع متفرقة من تاريخ الشيخ عثمان بن عبد الله ابن بشر وسمعت ان له قصيدة في رثاء الدرعية مطلعها:

خليلي عوجا عن طريق العواذل
بمهجر ليلى وابكيا في المنازل


توفي فيما يغلب على الظن آخر سنة ألف ومائتين وسبع وخمسين من الهجرة لأن المؤرخ ابن بشر لم يورد له ذكراً في تأريخه بعد آخر هذه السنة وخلف ابناً هو الشيخ حسين ابن الشيخ علي وهو1 الجد الأدنى لكل من أصحاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الضمير يعود إلى الشيخ حسين ابن الشيخ علي: وأحفاد الشيخ حسين ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب يعرفون اليوم على انفرادهم بآل حسن نسبة إلى والدهم الشيخ حسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.


ص -53-

السماحة والفضيلة الشيخ عبد الله ابن الشيخ حسن ابن الشيخ حسين رئيس القضاة في حياته وأخيه الشيخ عمر ابن الشيخ حسن ابن الشيخ حسين رئيس هيئات الأمر بالمعروف بنجد والمنطقة الشرقية والشيخ حسين ابن الشيخ حسن ابن الشيخ حسين المتوفي قديماً في بلدة عمان عام 1329هـ والشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسن ابن الشيخ حسين إمام قصر الحكم بمدينة الرياض رحم الله المترجم له الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وغفر له وعفا عنه إنه سميع مجيب.. وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -54-

الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله
هو الشيخ العالم الورع الجليل عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.ولد بمدينة الدرعية سنة ألف ومائتين وتسعة عشرة "1219ه" وقرأ القرآن ومبادئ العلوم بها ثم نقل مع والده الشيخ عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب إلى مصر بعد سقوط الدرعية آخر سنة ألف ومائتين وثلاث وثلاثين "1233ه" ودرس بالجامع الأزهر ولما تخرج تولى مشيخة رواق الحنابلة في الأزهر ودرس عليه أناس كثيرون: قال عنه الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر الحنبلي في كتاب عنوان المجد مصورة لندن بالحرف الواحد ما نصه: "وأما عبد الرحمن فانه جلي مع أبيه إلى مصر في أول طلبه العلم وهو قريب البلوغ قبل أن يتم له الطلب وذكر لنا أنه اليوم في رواق الحنابلة يدرس في الجامع الأزهر وان له معرفة ودراية عظيمة وذكره الشيخ عبد الرزاق البيطار1 فقال عنه ما نصه: "الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهاب النجدي العالم المشهور والهمام الذي فضله مأثور ولد في بلاد نجد. ثم إن محمد علي باشا وزير مصر لما أمره المرحوم السلطان محمود بمقاتلة الوهابيين أرسل ولده إبراهيم باشا ومعه عسكر عظيم من الأكراد والأرناؤوط وعرب مصر الهوارة لمحاربة عبد الله بن سعود أمير نجد فقاتلهم وقتل ونهب وحرق وخرب وأسر عبد الله بن سعود وأرسله إلى مصر فبعثه والي مصر إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 حلية الشعر في رجال القرن الثالث عشر ج 2 ص 839 طبعة دمشق.


ص -55-

السلطان محمود وأما... وباقي بيت الشيخ محمد بن عبد الوهاب المعبر عنهم ببيت الشيخ فانه نقلهم جميعاً إلى مصر وأسكنهم هناك ورتب لهم معاشات تكفيهم وكان من جملتهم المترجم المرحوم فالتفت إلى الطلب والتعلم والتعليم والاستفادة والإفادة إلى أن صار في الأزهر شيخ رواق الحنابلة وكان ظاهر التقوى والصلاح والزهادة والعبادة ولم يزل على حالته المرضية وطاعته وعبادته وإفادته السنية إلى أن اخترمته المنية سنة أربع وسبعين ومائتين وألف –رحمه الله تعالى- "انتهى كلام الشيخ عبد الرزاق البيطار-رحمه الله- "وذكره عثمان بن سند البصري النجدي بقوله في كتابه مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود "واعلم أنه بقي للوهابية بقية بمصر ظلوا فيها برغبتهم لأنه صار لهم فيها أولاد وأملاك بمصر مثل الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهاب النجدي وله أولاد منهم أحمد الأزجي وعبد الله كاتب في قلعة الوجه. ومن الذين بقوا بمصر "أحمد بن الشيخ عبد اللطيف" وأما الشيخ عبد الرحم المذكور فقد أدركته في الجامع الأزهر يدرس مذهب الحنابلة سنة 1273هـ برواق الحنابلة وتوفي سنة 1274هـ وكان عالماً فقيها ذا سمت حسن يظهر عليه التقى والصلاح. انتهى ما ذكره الشيخ أمين بن حسن الحلواني المدني مختصر كتاب ابن سند. اذا عرف هذا فالمترجم الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب توفي بمصر سنة 1274ه وخلف أبناء ثلاثة هم أحمد الأزجي أي الصيدلي وعبد الله ومحمد فأما أحمد الأزجي الصيدلي فأنجب ابنا اسمه عبد الرحمن حقي وابنة اسمها لطيفة وعبد الرحمن حقي بن أحمد الأزجي الصيدلي أنجب ابنا أسمه محمد رئيس إسعاف العياط بمصر زمن فؤاد وفاروق والجمهورية توفي بمصر عام 1378هـ ورثته جريدة الأهرام المصرية في عددها 26171 تاريخ 23-1 1378هـ وله ابن اسمه أحمد مهندس: وأما عبد الله بن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أخو أحمد الأزجي الصيدلي الآنف الذكر فله ألناء وذرية ضاعوا بمصر حيث لا نعرفهم: وأما محمد أخو أحمد الأزجي


ص -56-

وأخو عبد الله فخرج من مصر عام 1288هـ إلى نجد واستقر بمدينة الرياض وتزوج بها وأنجب ابنين هما عبد الحميد وعبد اللطيف. فأما عبد الحميد1 فقد توفي قديماً عام 1337هـ وأما عبد اللطيف لا يزال موجودا يصلي بالناس الفروض الخمسة في مسجد جامع الرياض الكبير نيابة عن الشيخ عبد العزيز بن باز: رحم الله المترجم الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغفر له وعفا عنه وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عبد الحميد أنجب ابناً اسمه صالح موجود وله أبناء.


ص -57-

الشيخ عبد الرحمن بن حسن
هو العلامة المشهور، صاحب التاريخ الحافل بالجهاد والكفاح، والمشرق بالدعوة والإصلاح، الذي كرس جهده، وأوقف حياته في بث العلم ونشره وجرد قلمه في الذب عن دعوة الإسلام، وعقيدة التوحيد، الإمام الأوحد الرباني والمجدد الثاني الشيخ عبد الرحمن بن حسن حفيد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
ولد هذا العالم الكبير سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف من الهجرة في بلدة الدرعية، موطن الدعوة ومهد علمائها، وعاصمة ولاتها في ذلك الحين، فنشأ بها وقرأ القرآن حتى حفظه وهو في التاسعة من عمره، ثم لازم دروس العلم وحلق الذكر فقرأ على جده1 شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب كتاب التوحيد من أوله إلى أبواب السحر، وجملة من كتاب آداب المشي إلى الصلاة، وحضر عليه قراءات كثيرة في كتب التفسير والحديث والأحكام.
ثم توفي جده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وهو لا يزال في الثالثة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قتل والده حسن في وقعة من الوقائع بمكان يسمى غرابة بنجد وتربى في أحضان جده الشيخ محمد رحمه الله.
فائدة من فوائد المترجم له قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: الذي استقرت عليه فتوى شيخنا شيخ الإسلام إمام هذه الدعوة الإسلامية أن العقار ونحوه اذا كان في يد إنسان يتصرف فيه تصرف المالك من نحو ثلاث سنين فأكثر لبس فيه منازع في تلك المدة إن القول قوله ،ه يملكه إلا أن تقوم بينة عادلة تشهد بسبب وضع اليد أنه مستعير أو مستأجر.
ص -58-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 14:51

عشرة من عمره، فلازم علماء الدرعية وجهابذتها الأعلام، فقرأ على الشيخ حمد بن ناصر بن معمر كتاب المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، وقرأ على الشيخ عبد الله بن فاضل من علماء الدرعية، وقرأ على عمه علامة نجد في زمنه وخليفة والده بعد وفاة الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وقرأ الفرائض على عبد الرحمن بن خميس من علماء الدرعية، وقرأ في النحو على العلامة الشيخ حسين بن غنام صاحب التاريخ المشهور.
وبعد هذه القراءات جلس لطلاب العلم يدرسهم علم التوحيد والفقه، ثم ولي قضاء الدرعية زمن الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود وزمن ابنه الإمام عبد الله بن سعود، وكان في الدرعية ذلك الحين قضاة كثيرون مرجعهم علامة نجد في زمنه الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، واستمر الشيخ عبد الرحمن في وظيفتي القضاء والتدريس حتى خرج طوسون بن محمد علي باشا لقتال أهل هذه الدعوة السلفية.
فعند ذلك جند الشيخ عبد الرحمن نفسه للدفاع عن الدين والأوطان، فصحب الإمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود في مسيره لقتال طوسون فحضر معه وقعة وادي1 الصفراء الوقعة المشهورة بالقرب من المدينة التي حصلت بين طوسون وبين الإمام عبد الله وهزم فيها طوسون هزيمة منكرة.
وبعد هذه الوقعة استمر الشيخ في الدفاع وحضور الوقائع والحروب التي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال الشيخ عثمان بن عبد الله ابن بشر في حوادث السنة المذكورة وفيها أقبل من مصر العالم النحرير البحر الزاخر الغزير مفيد الطالبين المحفوظ بعناية رب العالمين جامع أنواع العلوم الشرعية ومحقق العلوم الدينية والأحاديث النبوية والآثار السلفية العلم كابراً عن كابر الذي صارت الأصاغر بإفادته شيوخاً أكابر قاضي قضاة الإسلام والمسلمين مفتي فرق الأنام الموحدين ناصر سنة سيد المرسلين الموفق للصواب في الجواب الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب متع الله المسلمين بحياته وأفاض عليهم من علومه وبركاته قدم على الإمام تركي بن عبد الله دس الله روحه ففرح به وأكرمه غاية الإكرام الخ.... وأفاض في الثناء عليه والتبسيط في ترجمته رحم الله الجميع وغفر لهم.


ص -59-

حصلت بين الدعوة السلفية والدولة العثمانية حتى قدر الله سقوط الدرعية واستيلاء إبراهيم بن محمد علي باشا عليها، وعلى جميع الجزيرة العربية فنقله إبراهيم باشا إلى مصر، ومعه حرمه وعائلته وابنه الشيخ عبد اللطيف وذلك في سنة 1233ه. وبقي ثمان سنوات بمصر، قرأ فيها على عدة علماء منهم الشيخ حسن القويسني ذكر: انه حضر عليه شرح جمع الجوامع للمحلي، ومختصر السعد في المعاني والبيان، وأجازه بجميع مروياته، ولقي بمصر مفتي الجزائر محمد بن محمود الجزائري الحنفي فقرأ عليه في الأحكام الكبرى للحافظ عبد الحق الاشبيلي، وأجازه بجميع مروياته عن شيخه الشيخ محمود الجزائري، والشيخ علي بن الأمير، ووجد بمصر الشيخ إبراهيم العبيدي المقري، شيخ مصر في زمنه في القراءات، فقرأ عليه القرآن ولقي الشيخ أحمد بن سلمونة فقرأ عليه الشاطبية وشرح الجزرية، وقرأ على الشيخ يوسف الصاوي شرح الخلاصة لابن عقيل وقرأ على الشيخ الباجوري شرح الخلاصة للأشموني.
وحضر على محمد الدمنهوري في الاستعارات والكافي في علمي العروض والقوافي وذلك بالجامع الأزهر الشريف عمره الله بالعلم والإيمان وجعله مقر للعمل بالسنة والقرآن1.
ولم يزل المترجم له الشيخ عبد الرحمن بن حسن مقيما بمصر ينهل من العلوم ويتزود من الفنون إلى ان رد الله الكرة لأهل نجد على يد الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، فاستعاد نجدا وطهرها من جميع الأتراك والغزاة وأرجعها إلى الحكم السعودي مرة ثانية بعدما خرجت عنه وذلك سنة 1240ه فعند ذلك كتب للشيخ عبد الرحمن يستحثه في القدوم عليه من مصر فحقق الشيخ رغبته وقدم عليه بعد ولايته بسنة عام 1241ه ففرح بمقدمه الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود وإكرامه غاية الإكرام.
فقام الشيخ عبد الرحمن بمؤازرة الإمام تركي خير قيام، فاستعان به الإمام تركي على تأسيس دولة إسلامية ونشر دعوة سلفية، أصلح الله بها ما أفسدته


ص -60-

تلك العساكر التركية، فأعادت إلى أهل نجد ما فقدوه من الروح الدينية والقوة المعنوية فاستقر الأمن وساد النظام والعدل.
فأخذ الشيخ عبد الرحمن ينشر العلم ويناصح أهل نجد بالرسائل ويأمرهم بالمعروف ويحثهم على لزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة لولي أمرهم، ولهذا قال: فلبي في تأريخه المسمى "تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد" ص178 بالحرف الواحد ما نصه: "ثم وصل من مصر شخص آخر بارز هو الشيخ عبد الرحمن بن حسن حفيد محمد بن عبد الوهاب، فاحتل منصب قاضي الرياض ذلك المنصب الذي قدر للشيخ أن يشغله سنوات عديدة يشاركه ابنه وتلميذه الشيخ عبد اللطيف وقد لعب الوالد وابنه دورا مهماً في جعل الدين عاملا له أثره في حياة العرب" انتهى كلام فلبي وقد انتهت إلى الشيخ عبد الرحمن رئاسة العلم في زمنه بنجد فأصبح مرجع علمائها وشيخهم حيث جلس لطلاب العلم في نجد فتخرج به خلائق لا يحصون منهم ابنه الشيخ عبد اللطيف قرأ عليه في مصر وقرأ عليه بنجد والشيخ عبد الملك ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأخوه الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين والشيخ حسين بن حمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ عبد العزيز بن عثمان بن عبد الجبار بن شبانة والشيخ عبد الرحمن الثميري والشيخ عبد الله بن جبر والشيخ العلامة حمد بن عتيق والشيخ عبد العزيز بن يحيى الفضلي الملهمي والشيخ محمد بن إبراهيم بن عجلان والشيخ عبد الرحمن بن عدوان والشيخ محمد بن إبراهيم بن سيف والشيخ عبد الله بن علي بن مرخان والشيخ علي بن عبد الله بن عيسى والشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى والشيخ عبد الرحمن بن مانع والشيخ محمد بن عبد الله بن سليم والشيخ حسن بن الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ عبد الله بن نصير والشيخ ناصر بن عيد، وأخذ عنه غير هؤلاء خلق كثير يطول عدهم فهو شيخ مشايخ أهل نجد في زمانه بلا نزاع قام ببث العلم ونشر الدعوة وتصدى للرد على زعماء


ص -61-

الضلال ورؤساء البدع المعارضين لدعوة الإخلاص والتوحيد التي قام بها جده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
فرد –رحمه الله- على داود بن سليمان بن جرجيس العراقي العاني بكتاب سماه القول الفصل النفيس في الرد على داود بن جرجيس، ورد على عثمان بن عبد العزيز بن منصور الناصري برد سماه المقامات، وقد استطرد فيه فأتى على جميع الحروب التي وقعت بين أهل هذه الدعوة السلفية والدولة العثمانية المصرية، فهو بحق رد وتاريخ، ورد –رحمه الله- على صاحب السحب الوابلة برد سماه المحجة، ورد على عبد الحميد الكشميري بكتاب سماه بيان كلمة التوحيد والرد على الكشميري عبد الحميد وشرح كتاب التوحيد لجده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بكتاب سماه فتح المجيد وعلق على كتاب التوحيد لجده المذكور حاشية مفيدة سماها ابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين وقد طبع هذان الكتابان وعم نفعهما. وله الرد والردع على داود بن جرجيس وله –رحمه الله- رسائل كثيرة وأجوبة عديدة طبعت ضمن رسائل أئمة الدعوة. وله رسالة في تحريم صيام يوم الشك طبعت بمطبعة المكتب الإسلامي في دمشق وكان رحمه الله متنبها فطنا لدسائس أهل البدع كتب له مرة الشيخ عثمان بن بشر صاحب تاريخ عنوان المجد وقال في آخر دعائه انه على ما يشاء قدير فكتب إليه وقال في أثناء جوابه إن هذه الكلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد وهي مثل قول الكثير اذا سأل الله تعالى قال وهو القادر على ما يشاء وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شرا وكل ما في القرآن وهو على كل شيء قدير وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلا لأن القدرة شاملة كاملة وهي والعلم صفتان شاملتان تتعلقان بالموجودات والمعدومات وإنما قصد أهل البدع بقولهم وهو القادر على ما يشاء أن القدرة لا تتعلق إلا بما تتعلق به المشيئة1. انتهى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الدرر السنية الجزء الثاني ص63.


ص -62-

وكتب إليه المذكور مرة أخرى يهنئه بقدوم ابنه عبد اللطيف من مصر ستة 1264ه وتوسل إلى الله في دعائه بصفاته الكاملة التي لا يعلمها إلا هو فكتب إليه وقال: "وقد ذكرت وفقك الله في وسيلة دعوتك جزاك الله عني أحسن الجزاء عن تلك الدعوات قلت وأتوسل إليك بصفاتك الكاملة التي لا يعلمها إلا أنت فاعلم أيها الأريب الأديب أن التي لا يعلمها إلا هو كيفية الصفة وأما الصفة فيعلمها أهل العلم بالله كما قال الإمام مالك الاستواء معلوم والكيف مجهول ففرق هذا الإمام بين ما يعلم من معنى الصفة على ما يليق بالله فيقال استواء لا يشبه استواء المخلوق ومعناه ثابت لله كما وصف به نفسه. وأما الكيف فلا يعلمه إلا الله، ولم يزل -رحمه الله- يفتي ويدرس ويكاتب أهل بلدان نجد بالمراسلات والنصائح يحثهم على لزوم جماعة المسلمين ويذكرهم نعمة الإسلام والدين زمن الإمام تركي بن عبد الله ثم زمن ابنه الإمام فيصل حتى توفاه الله عشية يوم السبت حادي عشر ذي القعدة سنة خمس1 وثمانين ومائتين وألف في بلده الرياض فصلي عليه بجامع الرياض ودفن في مقبرة العود وذلك في ولاية الإمام عبد الله بن فيصل وكان –رحمه الله تعالى- سخيا جوادا يتفقد طلاب العلم ويواسيهم ويعطف على الفقراء والمعوزين.
ترجم له عثمان بن بشر في تاريخه عنوان المجد ترجمة طويلة لأثنى عليه فيها بما هو أهله من الفضل والعلم وكذلك ترجم له المؤرخ الشهير إبراهيم بن صالح بن عيسى ترجمة طويلة في تاريخه عقد الدرر، وقد أنجب -رحمه الله تعالى- أولاداً خمسة هم: محمد2 والشيخ العلامة الشهير عبد اللطيف وإسحاق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وضعنا بعد هذه الترجمة ملحقاً يتضمن رواية الشيخ عن مشائخه.
2 قتل محمد بن المترجم له الشيخ عبد الرحمن في حرب الدرعية سنة 1233ه وهو بكر أبيه وأكبر أبنائه.


ص -63-

وعبد الله وإسماعيل وكل من هؤلاء الأولاد المذكورين خلف ذرية كثيرة إلا محمداً وإسماعيل، فليس لهما عقب ولا ذرية رحم الله الشيخ عبد الرحمن"1 بن حسن وبارك في أحفاده وعقبه ورحم الله شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ورضي عنه وأرضاه وجعل جنة الخلد نزله ومأواه وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عاصر الشيخ عبد الرحمن بن حسن المترجم له ستة من ملوك آل سعود الذين تعاقبوا على الحكم وهم الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود وابنه الإمام سعود بن عبد العزيز وابنه عبد الله بن سعود ثم الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود وابنه الإمام فيصل بن تركي وابنه عبد الله بن فيصل بن تركي ومات الشيخ في أول حكمه سنة 1285ه وقد أورد ذكر الشيخ عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب صاحب: تاريخ آل سعود فقال في ص 200 س 15 وفي سنة 1255ه "1839م" كان قاضياً ببلدة الدلم بالخرج وكانت الخرج تحت حكم خورشيد باشا ومع ذلك لم يمسه أحد بسوء" وهذا وهم من مؤلف تاريخ آل سعود، والصحيح ان الذي كان قاضياً ببلدة الدلم بالخرج سنة 1255 عبد الرحمن ابن حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وليس الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: وإليك نص ما ذكره الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومائتين وألف وخورشيد باشا إذ ذاك في الخرج ولما تولاها هرب منها أناس كثير إلى الحوطة والحريق لأنهم أهل منعة ولا يعطون الدنية للترك فسكن عندهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن والشيخ علي بن حسين وأخوه عبد الملك: وبقي الشيخ عبد الرحمن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب قاضياً في الدلم ولا رأى مكروهاً" فاشتبه على صاحب تاريخ آل سعود وظن أنه الشيخ عبد الرحمن بن حسن وللتنبيه والتأريخ حرر.


ص -64-

رواية العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن
ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب عن مشائخه
قال -رحمه الله- فيما كتبه إلى بعض تلامذته من العلماء وقد سأله ممن أخذ عنه من المشائخ في نجد ومصر.. وأما ما طلبت من روايتي عن مشايخي فأقول: اعلم أني قرأت على شيخنا الإمام الجد شيخ الإسلام -رحمه الله- كتاب التوحيد من أوله إلى أبواب السحر. وجملة من آداب المشي إلى الصلاة وحضرت عليه عدة مجالس كثيرة في البخاري والتفسير وكتب الأحكام بقراءة شيخنا الشيخ ابنه عبد الله -رحمهما الله تعالى- وشيخنا الشيخ ابنه علي رحمهما الله تعالى في كتاب البخاري وقراءة ابنه الشيخ عبد العزيز رحمه الله في سورة البقرة من كتاب ابن كثير وكتاب منتقى الأحكام بقراءة الشيخ عبد الله بن ناصر وغيرهم. . وسنده رحمه الله تعالى معروف تلقاه عن عدة من علماء المدينة وغيرهم رواية خاصة وعامة منهم محمد حياة السندي والشيخ عبد الله بن إبراهيم الفرضي الحنبلي وقرأت وحضرت جملة كثيرة من الحديث والفقه على الشيخين المشار إليهما أعلاه وشيخنا الشيخ حسين رحمه الله تعالى وحضرت قراءته وانا اذ ذاك في سن التمييز على والده شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وشيخنا الشيخ حمد بن ناصر رحمه الله تعالى. قرأت عليه في مختصر الشرح والمقنع وغيرهما وشيخنا الشيخ عبد الله بن فاضل رحمه الله قرأت عليه في شرح الشنشوري في الفرائض وشيخنا الشيخ أحمد بن حسن الحنبلي قرأت عليه الجزرية للقاضي


ص -65-

زكريا الأنصاري وشيخنا الشيخ أبو بكر حسين بن غنام قرأت عليه شرح الفاكهي على المتممة في النحو.
وأما مشايخنا من أهل مصر فمن فضلائهم في العلم الشيخ حسن القويسني حضرت عليه شرح جمع الجوامع في الأصول للمحلي ومختصر السعد في المعاني والبيان وما فاتني من الكتابين إلا فوت يسير، وأكبر من لقيت بها من العلماء الشيخ عبد الله سويدان وأجازني هو والذي قبله بجميع مروياتهم ودفع لي كل واحد منهما نسخته المتضمنة لأوائل الكتب التي رووها بسندهم إلى الشيخ المحدث عبد الله بن سالم البصري شارح البخاري ولقيت بها الشيخ عبد الرحمن الجبرتي وحدثني بالحديث المسلسل بالأولية بشروطه وهو أول حديث سمعته منه وقرأته عليه سنده حتى انتهيت إلى الإمام سفيان بن عيينة -رحمه الله- عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء وأجازني بجمع مروياته عن شيخه الشيخ مرتضى1 الحسيني عن الشيخ عمر بن أحمد بن عقيل عن الشيخ أحمد الجوهري كلاهما عن عبد الله بن سالم البصري وهو يروي عن أبي عبد الله محمد بن علاء الدين البابلي عن الشيخ سالم السنهوري عن النجم الغيطي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ شيخ الإسلام أحمد بن علي بن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري وأكثر روايات من ذكرنا من مشايخنا للكتب تنتهي إليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو أبو الفيض السيد محمد بن محمد بن عبد الرزاق الشهير بمرتضى الحسيني الزبيدي –الحنفي مؤلف كتاب تاج العروس من جواهر القاموس في أحد عشر مجلداً طبع عدة مرات وآخر طبعة له بمطبعة حكومة الكويت وتحقيق عبد الستار أحمد فراج عام 1385ه -1965م ترجم السيد أبي الفيض الشيخ عبد الرحمن بن حسن الجبرتي في الجزء الثاني من تاريخه عجائب الآثار في التراجم والأخبار ص 208 وص209 طبعة حسين أفندي شرف واطنب الجبرتي في ترجمته ومدحه وذكر أنه توفي بمصر سنة 1205 وترجم له عبد الستار أحمد فراج رئيس التحرير بمجمع اللغة العربية في مقدمة الجزء الأول من تاج العروس من جواهر القاموس المطبوع بمطبعة حكومة الكويت عام 1385ه- 1965م ترجمة وافية تقع في عشر صفحات.


ص -66-

وأما روايتهم للبخاري فرواه الحافظ رحمه الله عن إبراهيم بن أحمد التنوخي عن أحمد بن أبي طالب الحجار عن الحسين بن المبارك الزبيدي الحنبلي عن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي الهروي عن أبي الحسين عن الداودي عن عبد الله بن حمويه السرخسي عن الفربري عن الإمام البخاري –رحمه الله- وقرأت عليه أسانيده عن شيخه المذكور متصلة إلى مؤلفي الكتب الحديثية كالإمام أحمد ومسلم وأبي داود، والنسائي والترمذي وابن ماجه –رحمهم الله تعالى- فأجازني بها وبسند مذهبنا بروايته عن شيخه المذكور، عن السفاريني النابلسي الحنبلي، عن أبي المواهب متصلاً إلى إمامنا -رحمه الله تعالى-
وأما الشيخ عبد الله بن سويدان فأجازني بجميع ما في نسخة عبد الله بن سالم المعروفة بمصر، ونقلها من أصله فهي إلى الآن موجودة عندنا مسندة إلى الشيخ المذكور بروايته عن شيخه محمد بن أحمد الجوهري عن أبيه أحمد عن شيخه عبد الله بن سالم، وقد تقدم سياق سنده إلى البخاري وأجاز لي رواية مذهب إمامنا بروايته له عن الشيخ أحمد الدمنهوري عن الشيخ أحمد بن عوض عن شيخه محمد الخلوتي عن شيخه الشيخ منصور البهوتي عن الشيخ عبد الرحمن البهوتي عن الشيخ يحيى ابن الشيخ موسى الحجاوي عن أبيه وسند الأب مشهور إلى الإمام أحمد.
وأما الشيخ حسن القويسني فأجازني بجميع ما في نسخة عبد الله بن سالم البصري المذكور بروايته عن الشيخ عبد الله الشرقاوي عن الشيخ محمد بن سالم الحفني عن الشيخ عبد الله بن علي النمرسي عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري قال: وأخذت صحيح البخاري جميعه عن الشيخ داود القلعي عن الشيخ أحمد بن جمعة البحيري عن الشيخ مصطفى الإسكندراني المعروف بابن الصباغ عن الشيخ عبد الله بن سالم بسنده المتقدم، قال: وأخذت الصحيح عن شيخنا الشيخ سليمان البحيري عن الشيخ محمد العشماوي عن الشيخ أبي العز


ص -67-

العجمي عن الشيخ محمد الشويري عن محمد الرملي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر العسقلاني عن الشيخ التنوخي عن الشيخ سليمان بن حمزة عن الشيخ علي بن حسين ابن المنير عن أبي الفضل ابن ناصر عن الشيخ عبد الرحمن بن منده عن محمد بن عبد الله بن أبي بكر الجوزقي عن مكي بن عبدان النيسابوري عن الإمام مسلم عن الإمام البخاري رضي الله عنهم أجمعين قلت وبهذا السند روى صحيح مسلم.
ولقيت بمصر مفتي الجزائر محمد بن محمود الجزائري الحنفي الأثري فوجدته حسن العقيدة طويل الباع في العلوم الشرعية وأول حديث حدثنيه المسلسل بالأولية رواه لنا عن شيخه حمودة الجزائري بشرطه متصلا إلى سفيان بن عيينة كما تقدم وأجازني بمروياته عن شيخه المذكور وشيخه علي بن الأمين وقرأت عليه جملة في صحيح مسلم وأول البخاري رواية ابن سعادة بالسند المتصل إلى المؤلف رحمه الله تعالى وقرأت عليه جملة من الأحكام الكبرى للحافظ عبد الحق الإشبيلي رحمه الله وكتبت أسانيده في الثبت الذي كتبته عنه.
وممن وجدت بمصر الشيخ إبراهيم العبيدي المقري شيخ مصر في القراءات يقرأ العشر وقرأت عليه أول القرآن وأما الشيخ أحمد سلمونة فلي به اختصاص كثير وهو رجل حسن الخلق متواضع له اليد الطولى في القراءات والإفادات وقرأت عليه كثيراً من الشاطبية وشرح الجزرية لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري وقرأت عليه كثيراً من القرآن وأجاد وأفاد، وهو مالكي المذهب وللذي قبله روايات وأسانيد متصلة إلى القراء السبعة وغيرهم ومنهم الشيخ يوسف الصاوي قرأت عليه الأكثر من شرح الخلاصة لابن عقيل رحمه الله تعالى.
ومنهم إبراهيم البيجوري قرأت عليه شرح الخلاصة للاشموني إلى الإضافة وحضرت عليه في السلم وعلى محمد الدمنهوري في الاستعارات والكافي في علمي العروض والقوافي قرأها لنا بحاشيته بالجامع الأزهر. عمره الله تعالى


ص -68-

بالعلم والإيمان وجعله محلا للعمل بالسنة وجميع المدن والأوطان انه واسع الامتنان وصلى الله على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أملاه الفقير إلى الله تعالى عبد الرحمن بن حسن1، أحسن الله إليه بمنه وكرمه وكتبه الفقير إلى الله، إبراهيم بن راشد سنة 1244ه ونقله من خطه الفقير إلى رحمة ربه العزيز، محمد بن علي بن محمد البيز، رزقه الله العلم والفضل والعمل وحسن الخاتمة عند حلول الأجل انه واسع المن كثير الفضل سنة 1334هـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سئل شيخنا عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى عن تنصيف المهر: وذلك أن الرجل إذا خطب المرأة من الحمولة "أي العشيرة القبلية" وأجابوه وقربوه وعقدوا له على "ريالين" أو نحوهما يسمونه "مهراً" ومن المعلوم أن المقصود غيره وربما يقع الطلاق قبل الدخول فما الذي ينتصف هل هو المسمى عند العقد أو "المعتاد"
-أجاب- رحمه الله تعالى بقوله اعلم أن هذه المسألة تكثر الفكرة فيها ولم تقف على نص صريح فيها ولكن الذي يستقر في القلب ويغلب في الاعتقاد وهو أقرب إلى أصول الشرع أن التصنيف يكون فبما سمي "جهازاً" وهو الذي يبذل قبل الدخول في العادة في مثل نساء هذه المرأة "أي المكافئات لها" نسباً وايساراً ثم وجدنا في الاختيارات "لشيخ الإسلام ابن تيمية" ما يقرر ذلك ويوافقه ولفظه: والشرط المتقدم كالمقارن والاطراد العرفي كاللفظي: قال أبو العباس رحمه الله تعالى"أي شيخ الإسلام أحمد بن تيمية" وقد سئلت عن مسألة من هذا وقيل ما مهر هذا وقلت ما جرت العادة بأن يؤخذ من الزوج فقالوا إنما يؤخذ المعجل قبل الدخول: فقلت هذا مهر مثلها انتهى وهو واضح لا غبار عليه ويغلب على ظني أني قد أفتيت به سابقاً والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم: الجزء الأول من مجموع الرسائل والمسائل النجدية الطبعة الأولى سنة 1346ه سنة 1928م بمطبعة المنار بمصر.


ص -69-

الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن
هو العلامة الأوحد الكبير علامة المعقول والمنقول حاوي علمي الفروع والأصول كما وصفه بهذا علامة العراق محمود شكري الأوسي: الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
ولد هذا العالم الجليل سنة 1225هـ ألف ومائتين وخمس وعشرين من الهجرة في مدينة الدرعية موطن دعوة التوحيد ومهد علمائها في ذلك الحين، فنشأ أول ما نشأ بها وقرأ القرآن في صغره ثم أصاب الدرعية ما أصابها من الخراب والتدمير على يد إبراهيم بن محمد علي باشا فنقل الشيخ عبد اللطيف وعمره ثمان سنوات إلى مصر في معية والده الشيخ عبد الرحمن بن حسن وذلك آخر سنة ألف ومائتين وثلاث وثلاثين من الهجرة فنشأ بها وتزوج فيها وأقام بها إحدى وثلاثين سنة. درس العلم فيها على علماء نجديين ومصريين فمن النجديين والده الشيخ عبد الرحمن بن حسن وابن عمه وخاله الشيخ عبد الرحمن1 ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. ومن المصريين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب خال الشيخ عبد اللطيف المذكور أعلاه ترجم له الشيخ عبد الرزاق البيطار الدمشقي في كتابه حلية البشر في رجال القرن الثالث عشر ج 2 ص 839 طبعة دمشق المجمع العلمي قائلا بالحرف الواحد ما نصه: "الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهاب الحنبلي النجدي العالم المشهور والهمام الذي فضله مأثور ولد في بلاد نجد ثم إن محمد علي باشا وزير مصر لما أمره المرحوم السلطان محمود بمقاتلة الوهابيين أرسل ولده إبراهيم باشا ومعه معسكر عظيم من الأكراد والأرناؤوط وعرب مصر الهوارة لمحاربة عبد الله بن سعود أمير نجد =


ص -70-

الشيخ العلامة محمد بن محمود بن محمد الجزائري الحنفي والشيخ إبراهيم الباجوري شيخ الجامع الأزهر في زمنه والشيخ أحمد الصعيدي وغيرهم من علماء مصر الأعلام.
وبقي بمصر كما ذكرنا مدة سنين ينهل فيها من العلوم ويتزود من المعارف والفنون حتى بلغ رتبة الإمامة في العلم والفضل، فحينئذ خرج إلى نجد وذلك سنة ألف ومائتين وأربع وستين من الهجرة وقدم بلدة الرياض على الإمام فيصل ابن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود وعلى والده الشيخ عبد الرحمن بن حسن وكان والده ظهر قبله من مصر إلى نجد بثلاث وعشرين سنة أي سنة 1241ه.
ولما استقر الشيخ عبد اللطيف في مدينة الرياض بضعة أشهر وجلس لطلاب العلم فيها عرف الإمام فيصل ووالده الشيخ عبد الرحمن بن حسن غزارة علمه وسعة اطلاعه وقوة عارضته وقدرته على المناظرة فبعثاه على الإحساء لتقرير عقيدة السلف ونشر دعوة التوحيد ومناظرة علمائها في أصول الدين والعقائد لأن الغالب عليهم في ذلك الوقت مذهب الأشاعرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=فقاتلهم وقتل ونهب وحرق وخرب، وأسر عبد الله بن سعود وأرسله إلى مصر إلى السلطان محمود فصلبه، وأما.. . باقي بيت الشيخ محمد بن عبد الوهاب المعبر عنهم ببيت الشيخ فانه نقلهم إلى مصر وأسكنهم هناك رتب لهم معاشات تكفيهم وكان من جملتهم المترجم المرقوم فالتفت إلى الطلب والتعليم والاستفادة والإفادة إلى أن صار في الأزهر شيخ رواق الحنابلة وكان ظاهر التقوى والصلاح والزهادة والعبادة، ولم يزل على حالته المرضية وطاعته وعبادته وافادته السنية إلى أن اختر مته المنية سنة أربع وسبعين ومائتين وألف رحمه الله تعالى" انتهى. ما ذكره الشيخ عبد الرزاق البيطار وفيه خطآن الأول حذفه اسم والد المترجم الشيخ عبد الله فانه كما ذكرنا الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. والخطأ الثاني ترحمه على السلطان محمود والعثمانيين الذين تسلطوا على أهل هذه الدعوة السلفية بغياً وعدواناً والحمد لله أن هذه الدعوة السلفية عادت أعظم مما كانت وان أعداءها بادوا لا تحس منهم أحداً ولا تسمع لهم ركزاً أيد الله ولاة هذه الدعوة من ملوك آل سعود وجعلهم أنصارا لدينه انه سميع مجيب "تقدمت ترجمة الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الله في أول هذا الكتاب".


ص -71-

فقدم الشيخ عبد اللطيف الإحساء سنة ألف ومائتين وأربع وستين من الهجرة وأقام بها سنتين يوضح طريقة السلف وينشر دعوة التوحيد ويناظر بعض علماء الإحساء الذين كانوا على مذهب أبي الحسن الأشعري القديم وطريقته في التأويل والتعطيل فظهر عليهم بالأدلة وقهرهم بالحجة فأذعنوا له وسلموا فأزال رحمه الله ما تبقي في نفوسهم من رواسب الشبه والتأويل وقرر لهم طريقة أهل السنة والجماعة وما كانوا عليه في باب أسماء الله وصفاته ونعوت جلاله وأخبرهم أن إمامهم أبا الحسن الأشعري هجر مذهب التأويل ورجع إلى ما كان عليه أهل السنة والجماعة كما قرر ذلك وأوضحه في المقالات والإبانة وغيرهما من كتبه فاقتنع علماء الإحساء بذلك وأخذوا على أنفسهم التزام طريق السلف و سلوك مذهب أهل السنة والجماعة.
فعند ذلك رجع الشيخ1 عبد اللطيف إلى الرياض وتساعد هو ووالده الشيخ عبد الرحمن بن حسن بمناصرة الإمام فيصل ابن الإمام تركي ومؤازرته لهما على نشر العلم وبثه وإحياء معالم الدعوة وتجديد ما ندثر منها فملآ نجداً في زمانهما علماً وأعادا إلى الدعوة السلفية قوتها ونشاطها بعدما أصيبت بالوقوف ومنيت بالركود أيام الفتن والاضطرابات التي توالت على نجد ذلك الحين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كان الشيخ عبد اللطيف يصحب الإمام فبصل في بعض غزواته التي يقوم بها لتأديب العصاة والمتمردين ويصطحب معه نحو الاثنين أو الثلاثة من تلامذته عليه بحضرة الإمام فيصل في التوحيد وأصول الدين ويتولى الشيخ التعليق على القراءة وشرحها قال المؤرخ الشيخ عثمان بن بشر في معرض حديثه عن إحدى غزوات الإمام فيصل "ثم رحل ونزل المجمعة فركبت للسلام عليه فكان وصولي إلى مخيمه بعد صلاة العصر وإذا بالمسلمين مجتمعين في الصيوان الكبير للدرس فجلس الإمام فيه والمسلمون يمينه وشماله ومن خلفه وبين يديه وجلس الشيخ عبد اللطيف إلى جنبه فأمر القارئ بالقراءة عليه فقرأ في كتاب التوحيد تأليف الشيخ محمد بن عبد الوهاب قدس الله روحه وصدر الباب بقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} إلى آخر الآية ثم ذكر حديث النواس بن سمعان فتكلم الشيخ بكلام جزل وقول صائب عدل بأوضح إشارة وأحسن عبارة فتعجبت من فصاحته وتحقيقه كأن بين يديه كتاب التفسير كالقرطبي أو ابن جرير أو أبي حيان أو ابن كثير الخ.


ص -72-

وكان رحمه الله إلى جانب ما اتصف به من العلم والفضل قوي الشخصية صادق اللهجة مخلصاً لدينه ووطنه، وكان أمارا بالمعروف نهاءاً عن المنكر غيوراً على حرمات الإسلام والدين وكان مع هذا عالماً ربانياً وزعيماً دينياً مهاباً محترماً عند ولاة الأمور ومن دونهم من الخاصة والعامة، كافح عن نشر العلم وبث الدعوة والدفاع عن الدين وكرس جهده وأوقف حياته على نشر العلم وبث الدعوة والدفاع عنها في حياة والده. وبعد وفاته –رحمه الله- وقد أخذ عنه العلم خلائق من أهل نجد لا يحصون نذكر من فضائلهم في هذه الترجمة الموجزة ما يأتي:
تلامذته:
1. علامة نجد في زمنه ابنه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف.
2. وأخاه الشيخ إسحاق ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.
3. الفقيه الشيخ حسن بن حسين بن علي ابن الشيخ حسين آل الشيخ.
4. الشيخ العلامة حمد بن فارس أخذ عنه علم النحو حتى مهر فيه، وصار أنحى علماء نجد في زمنه.
5. العلامة المؤلف الشهير الشيخ سليمان بن سحمان.
6. العلامة الفقيه محمد بن إبراهيم بن محمود.
7. الشيخ صعب بن عبد الله التويجري.
8. الشيخ عبد الرحمن بن مانع.
9. الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
10. الشيخ محمد بن عمر بن سليم.
11. الشيخ عبد الله بن نصير العنزي.
12. الشيخ إبراهيم بن عبد الملك آل الشيخ.


ص -73-

13. الشيخ عبد الله بن مفدى.1
14.الشيخ علي بن عيسى من أهل شقراء.
15.الشيخ المحقق أحمد بن إبراهيم بن عيسى.
16.الشيخ عثمان بن عيسى.
17.الشيخ محمد بن إبراهيم بن سيف.
18.الشيخ عمر بن يوسف.
19.الشيخ صالح بن قرناس من أهل الرس.
20.الشيخ صالح الشثري من أهل حوطة بني تميم.
21.الشيخ عبد العزيز ن عبد الجبار من أهل سدير من وهبة تميم.
22.الشيخ عبد العزيز الصيرامي من أهل الخرج.
23.الشيخ عبد العزيز بن شلوان.
24.الشيخ أحمد الرجباني.
25.الشيخ عبد الله بن محمد الخرجي.
26.الشيخ عبد الرحمن نزيل الإحساء.
27.الشيخ علي بن سليم.
28.الشيخ عبد الله بن جرجس.
29.الشيخ عبد الله بن محمد الخرجي.
وأخذ عنه خلق غير هؤلاء كثير لا نطيل بذكرهم.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تعرف أسرة آل مفدى اليوم بآل فدى بدون ميم. وهم قسمان في ديار القصيم وفي اشيقر ونزح منهم إلى الحجاز أفراد منهم عبد الله بن سليمان بن فداء والد الدكتور عبد العزيز الفداء.


ص -74-

مؤلفاته:
ألف رحمه الله مؤلفات كثيرة نذكر منها ما يأتي:
1. تأسيس التقديس في الرد على داود بن جرجس"ط"
2. مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام رد به على عثمان بن عبد العزيز بن منصور في "كتابه الذي سماه كشف الغمة"
3. البراهين الإسلامية في الرد على الشبهات الفارسية"خ".
4. تحفة الطالب والجليس في الرد على ابن1 جرجيس"ط".
5. الإتحاف في الرد على الصحاف 2 "خ" وشرع رحمه الله في شرح نونية الإمام ابن القيم ومهد لذلك بكتابة مقدمة طويلة مشتملة على علم جم ومعان عظيمة ولكن المنية وافته قبل انجاز المشروع.
6. وله رسائل كثيرة3 كتبها في أغراض متعددة علمية واجتماعية وسياسية لو جمعت على حدة لبلغت مجلدا ضخما ولكنها طبعت مفرقة في مجاميع الرسائل والمسائل النجدية، نورد منها هذه الرسالة أنموذجا لما اتصف به رسائله من الرصانة والبلاغة.
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الشيخ عثمان بن منصور أنقذه الله من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبع كتاب تحفة الطالب والجليس على نفقة الشيخ علي بن عبد الله بن ثاني بعنوان دلائل الرسوخ في الرد على المنفوخ والذي سماه بهذا العنوان الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع رحمه الله.
2 رد به على عبد اللطيف بن عبد المحسن الصحاف.
3 تبلغ نحو أربعمائة صفحة وهي منثورة ومبعثرة في مجاميع الرسائل والمسائل النجدية وفي الدرر السنية في الأجوبة النجدية وحبذا لو تصدى لها أحد أحفاده وجمعها ورتبها وطبعها على حدة ولا اقدر على هذا العمل العظيم من حفيده الشيخ عبد الملك بن إبراهيم ابن العلامة المترجم الشيخ عبد اللطيف.


ص -75-

طوارق الفتن والشرور ورفع همته عن سفاسف الأمور سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على ما ألبسنا من ملابس فضله التي لا تخلعها الأنداد وأستزيده من بره الذي ليس له انقضاء ولا نفاد.
أما بعد فقد وصل إلينا منك خطان1 فأولهما صادف حين الاشتغال بلقاء الأحبة والآل، وأما الثاني فبعد أن ألقيت عصا الترحال وارتاح من ألم شوقه القلب والبال فبمجرد الوقوف على خطك ومطالعة نقشك ووشيك بحثت عن الوجه الذي تدلي به علينا وعن حقيقة المعنى الذي تشير به إلينا وما هو اللائق في إجابة أمثالك وهل يحسن بنا النسج على منوالك أو نقتصر على موجب {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} إذ ليس وراءها مزية شرعية لأكون على بصيرة من أمري ومعرفة للحقائق قبل اقتداح زندي: فأخبرني الثقة بالجرح والتعديل الخبير بما قد شاع عنك من القيل أنصاحب الخط ينتمي إلى ممارسة العلوم المنقول منها والمفهوم غير أنه قد نسب عنه هفوات إن صحت فهي من عظائم المعضلات ولم نقف لها على تصحيح يعتمد ولم نلتفت لإلى البحث في متنها والسند اكتفاء بإعراضه عن الابتهاج بهذه الدعوة وهذا الأصل والمذاكرة واستغناء عدم التفاته إلى المؤاخاة في الله والمؤازرة بل كل الناس لديه إخوان والضدان عنده يجتمعان يصاحب عابدي الأوثان كما يصاحب أولياء الرحمن ويأنس بالمنقلب على عقبه كما يأنس بالثابت على الإيمان مع أنه قد شرح2 التوحيد وادعى الإتيان بكل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الخطان في لغة أهل نجد الدارجة الرسالتان.
2 المخاطب عثمان بن منصور شرح كتاب التوحيد بشرح سماه فتح الحميد شرح كتاب التوحيد يوجد مخطوطاً في مكتبة العم محمد ابن الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف وقد آلت مكتبته من بعده إلى أبنائه.
ويوجد في مكتبة الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ قال الشيخ الإمام عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن عن ابن منصور وشرحه المذكور في رسالته التي كتبها إلى عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد اللطيف ما نصه: "والرجل فيه رعونة تمنعه من المدارة والتقية. حتى كتابه الذي يزعم أنه=
ص -76-

معنى موجز سديد:

يوما بحزوي ويوما بالعقيق وبال
عذيب يوما ويوما بالخليصاء

وتارة تنتحي نجداً وآونة
شعب الغوير وطوراً قصر تيماء


فهو وإن ينتسب إلى الحق فقد والى من خرج عنه وعق فقلت إيه له من رجل لو استقام وصارم لولا ما عراه من الانثلام لكني أعلم ان للعلم بركات وللملك لمات فأرجو أن يقوده العلم إلى ثمراته وأن يحول بينه وبين الشيطان وخطواته {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} والقلب بين إصبعين من أصابع الرحمن كما رواه المحدثون والأعيان فلعل ميت رجائنا تحييه من يحيي عظام الميت وهي رميم، ولهذا أشرت إلى الشيخ الوالد 1أعز الله قدره ورفع بوراثة النبيين مجده وفخره بأن يرد لك الجواب ويعلمك بالخطب أتى من أي باب طمعا لك في الأوبة والفلاح وحرصاً على سلوك الهداية والصلاح لئلا تتوهم غير ذلك من الأسباب التي تنقل عنك بالاستطالة في الأعراض والاغتياب إذ هي لا يلتفت إليها المؤمن العاقل ولا يأخذ بها إلا غر مماحل وهي باقية ليوم ترجعون فيه إلى الله ويجزى كل قائل بما زوره وافتراه ولعل الله أن يمن برجوعك إلى الحق بعد الشرود وأن يقضي بصحبتك على توحيد ربنا المعبود،فأني أسر بذلك وأتأسف على تنكب أمثالك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وصلى الله على محمد.
وكان إلى جانب ما يتصف به من بلاغة الاسلوب في رسائله وجزالة اللفظ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=شرح على التوحيد رأيت فيه من الدواهي والمنكرات م لا يحصيه إلا الله من ذلك قوله في الكلام على قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أن ابن عربي المالكي قال: العبادة هي موافقة القضاء والقدر، وابن عباس يقول: كفر الكافر تسبيح هذا رأيته بخط ابن نصر الله من أهل بلده "أي بلد بن منصور" في كلامه على التوحيد نقلا عن الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج9 ص 333 إذا عرف هذا فإنه يجب إتلاف شرح ابن منصور المذكور فضلا عن طبعه ونشره.
1 يعني بذلك والده العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.


ص -77-

فقيهاً أصولياً ويقرض الشعر، له قصيدة طويلة تبلغ أبياتها ثلاثة وتسعين بيتاً رد بها على قصيدة البولاقي المصري التي عارض فيها منظومة الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني في مديحه لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وخلط فيها زيادة على ذلك بين البدع في العبادات والبدع في العادات فتصدى له الشيخ عبد اللطيف ورد عليه بهذه القصيدة التي أشرنا إلى عدد أبياتها وهذا مطلعها:

تبسم وجه النصر في طالع السعد
وأشرق نور الحق في كوكب الرشد

وأيد نظم للأمير محمد
فأدبر نحس للطوالع بالسعد

وولى على الأعقاب أفجر عائب
يرى نفسه جهلا أشد من الأسد

جهول ببولاق المعرة جهله
صريح ينادي بالتهافت في العقد


إلى آخرها وهي طويلة تبلغ أبياتها كما ذكرنا ثلاثة وتسعين بيتا.
ورد على قصيدة عثمان بن منصور الناصري التي هجا فيها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأحفاده وامتدح فيها طاغية العراق وداعية الكفر والضلال داود بن سليمان بن جرجيس البغدادي فرد عليه الشيخ بهذه القصيدة التالية:

على وجهها المرسوم بالشؤم والغدر
شمائل زيغ لا تزال مدى الدهر

لئن سودتها كف باغ وغادر
فأقلامنا بالرد أنهارها تجري

رسالة مختال تجر ذيولها
إلى مهمة قفر من العلم والذكر

هدية عثمان إلى شر صاحب
إلى الجسر من بغداد بالود واليسر

مؤيده حزب الضلال وشيعة
إلى درك النيران أعمالها تسري

بها من صريح الافك أخبث مورد
وإن ظنها الجهال من خالص التبر

رأيت بها ما يستباح بمثله
على ناظم سل المهند والسمر

فتعسا لها منظومة ما أضلها
وأبعدها عن منهج الرشد والبر

أيوصف بالسادات يا عابد الهوى
دعاة إلى باب الجحيم وما تدري


ص -78-

فما أحوج الإنسان في أمر دينه
إلى ناصح والصمت أجدر بالحر

أترضى بأن يدعى حسين وخالد
وزيد وما يدعى مع الله في العسر

وتنصر قوما يعدلون بربهم
مجاهرة في كل بر وفي بحر

ترى كل موتور ينادي وليجة
ويسأل ما لا يستطاع من الأمر

يرون صوابا من سفاهة رأيهم
مناشدة الأموات من ساكني القبر

اذا شب حرب لا ينادي وليدها
ودارت على كره بقاصمة الظهر

وفر على أعقابه كل فارس
وضاقت بها في حجرها ربة الخدر

وان غشيهم موج من اليم زاخر
وجاشت على علاتها أنة الصدر

فما يرتجي في كشف ذاك وحله
سوى مشهد بالطف في ساحة القصر

وما تربة الجيلي الا مناتهم
ومعقلهم في كل كرب وفي يسر

ينادونه سرا على بعد داره
أغثنا أغثنا بالإجابة والنصر

ويرجونه في كل أمر وحادث
على أنه كنز المواهب والذخر

وإخوانهم في الغي أضحى مقيلهم
ومجمعهم عند المشاهد في مصر

بدف ومزمار ونغمة شادن
مع الرقص بالأرداف في الصحو والسكر

وان شئت أصل الدين تلقاه عندهم
لأربابهم تحت الصفائح والصخر

دعاء وذبح واستغاثة عابد
واخبات ذي فقر وإلحاح ذي عسر

وفي كل مصر مثل مصر وما الذي
ذكرت بأعلى ما لدى القوم من كفر

أما جعلوا أمر التصاريف ينتهي
إلى سبعة جحدا لما خط في الذكر

وهذا لعمري في الضلالة غاية
ومن دونه قول المثلث ذي الكفر

فأين خطاب الأنبياء لقومهم
وما قد جرى في معرض الأمر والنذر

وأين تقارير الجهابذة الألى
هم نقلوا نص الشريعة كالبدر

وأين إلى أين الذهاب وكلما
على ظهرها يأتيك بالخبر الخبر

حنانيك رب العرش من ان يغرني
كما غرهم ضرب من الزور والهذر


ص -79-

وأين تصانيف المذاهب والذي
تقرر في أبوابها واضح السطر

يعدون كفرا دون ذا ولديهم
من الله برهان يلوح بلا نكر

على الرغم من أنف المكارم والعلا
هجاء إمام الدين نادرة العصر

قيل ويحه ان لم تباشره رحمة
وعفو وإلا فالمصير إلى "سقر"

تراه أهل الحق أضحى معادياً
على غير ذنب أحدثوه ولا غدر

سوى منهج قد أوضحوه وقرروا
أدلته بالنص والسنن الغر

وقولهم للخلق نصحا ورحمة
أنيبوا إلى رب السماوات بالشكر

ولا تعبدوا غير المهيمن انه
مليك جليل قد تفرد بالأمر

فان كان هذا عنده الزيغ والهوى
ودين فريق النهرواني والجسر

فما صدقت تلك الدعاوي وعودها
وقد خاب مسعاها فواضيعة العمر

على هضاب الشعب من أيمن الحمى
سلام مشوق لا على جانب الجسر

كروض كساه الوبل وشياً ملونا
يباكره سحا وأمطاره تجري

ترى جنبات القاع في ضل نبته
يروحها نفح الشمال اذا تسري

كأن مرور الريح من فوق زهره
صرير سهام نبلها أبدا يفري

ففي سفحها والشعب أشار1 عالم
أضاءت له الدنيا بكوكبها الدري

وقد كان منهاج الشريعة طامسا
وأعلام أصل الدين في نوبة الحر

فجرد عزما لا يضاهي بمثله
وقام قيام الليث في عزمة الصقر

فزالت بهذا الشيخ عنها غياهب
وعادت كما قد كان في سالف العصر

تجر به نجد ذيول افتخارها
إلى منهل صاف من الشرك والكفر

عليه من المولى الكريم تحية
يباشره روح الرياحين بالزهر

وخير صلاة الله ثم سلامه
على سيد السادات خاتمة الشعر


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد به الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث قبره هناك بشعب "قريوى" بمدينة الدرعية رحمه الله.


ص -80-

وقد عاش رحمه الله بعد وفاة الإمام فيصل حقبة مقدارها إحدى عشرة سنة كانت مملوءة بالحروب والفتن بسبب النزاع والخلاف القائم بين أميرين من أمراء آل سعود هما الإمام عبد الله بن فيصل وأخوه الأمير سعود بن فيصل، وقد وقف الشيخ رحمه الله في هذه الحروب والفتن العمياء التي عصفت بنجد في ذلك الزمن مواقف خالدة، تشهد له بالزعامة والإخلاص والنصح لله ولرسوله وعباده المؤمنين وتشهد له أيضاً بالوطنية الصادقة والغيرة المتناهية عللا حرمات الإسلام والمسلمين والوقوف دون استباحة أموالهم وانتهاك أعراضهم في تلك الحروب التي اندلعت نيرانها بين ذينك الأميرين المذكورين وموافقة هذه تضمنتها رسائله بمطابع المنار بمصر ومطبعة أم القرى1 بمكة ضمن الرسائل والمسائل النجدية فمن أراد الوقوف عليها فليراجعها في محلها من الرسائل والمسائل النجدية.
وحسبنا أن نورد منها هذه الرسالة وهي الرسالة الحادية عشرة من رسائله الواقعة في صحيفة 69 من الجزء الثاني من الرسائل والمسائل النجدية التي طبعت بمطابع المنار بمصر وهي تعطينا صورة واضحة عن بعض مواقفه في تلك الحروب والفتن، قال رحمه الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخوين المكرمين زيد بن محمد وصالح بن محمد الشثري سلمهما الله تعالى. . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فأحمد أليكما الله الذي لا إله إلا هو على نعمه والخط وصل أوصلكما الله إلى ما يرضيه وما ذكرتماه كان معلوما وموجب تحريره ما بلغني عنكما بعد قدوم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وطبعت أخيرا على نفقة صاحب الجلالة إمام المسلمين فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود باسم الدرر السنية والأجوبة النجدية في بيروت بواسطة دار الإفتاء وهي توزع مجاناً على أهل العلم والمعرفة والأدب.


ص -81-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 14:56

عبد الله1 وغزوه من أهل الفرع2 وما جرى لديكم من الخوض في أمرنا والمراء والغيبة وإن كان قد بلغني مع ما ذكر تفاصيل ما ظننتها.
فأما ما صدر في حقي من الغيبة والقدح والاعتراض والمسبة ونسبتي إلى الهوى والعصبية فتلك أعراض انتهكت في ذات الله أعدها لديه جل وعلا ليوم فقري وفاقتي وليس الكلام فيها وإنما القصد بيان ما أشكل على الخواص والمنتسبين من طريقتي في هذه الفتنة العمياء الصماء فأول ذلك مفارقة سعود3 لجماعة المسلمين وخروجه على أخيه4 وقد صدر منا الرد عليه وتسفيه رأيه ونصيحة ولد5 عايض وأمثاله من الرؤساء عن متابعته والإصغاء أليه ونصرته وذكرناه ما ورد من الآيات القرآنية والآثار النبوية بتحريم ما فعل والتغليظ على من نصره ولم نزل على ذلك إلى أن حصلت وقعة جودة6 فثل عرش الولاية وانتثر نظامها وحبس محمد7 بن فيصل وخرج الأمام عبد الله شارداً وفارقه أقاربه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي.
2 المراد بالفرع هنا قرى تقع جنوب الرياض منها الحوطة والحريق ونعام والحلوة والقويع والعطيان والصدر وهناك بقرب المدينة المنورة موضع من ديار حرب يسمى الفرع وهذا مما اتفق لفظاً واختلف صقعاً كما يقولون.
3 هو سعود بن فيصل.
4يعني بقوله أخيه عبد الله بن فيصل أخا سعود بن فيصل.
5 ولد عايض هو محمد بن عايض بن مرعي حاكم عسير في ذلك الوقت وقبل آل سعود.
6 جودة ماء يسمى بهذا الاسم يقع شمال الاحساء حصلت فيه مقتلة عظيمة بين سعود بن فيصل وأخيه محمد بن فيصل وفي هذا العهد الزاهر صارت جودة قرية يسكنها العجمان.
7 وكان محمد بن فيصل يقود حملة من المقاتلة بعثهما معه أخوه عبد الله بن فيصل لقتال أخيه سعود بن فيصل فحصلت الهزيمة على محمد بن فيصل وأسره أخوه سعود بن فيصل وأرسله إلى سجن القطيف وذلك في عاشر رمضان سنة 1287هـ وبعد هذه الوقعة المشؤومة استنصر عبد الله بن فيصل بالدولة العثمانية فأرسل إلى مدحت باشا يطلب العون منه على أخيه سعود فكان عبد الله كما قيل:

والمستجير بعمرو عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار





ص -82-

وأنصاره.وعند وداعه أوصيته بالاعتصام بالله وطلب النصر منه وحده وعدم الركون إلى الدولة الخاسرة1 ثم قدم علينا سعود من معه من العجمان والدواسر وأهل الفرع وأهل الحريق وأهل الأفلاج وأهل الوادي 2ونحن في قلة وضعف وليس في بلدنا3 من يبلغ الأربعين مقاتلا وخرجت إليه وبذلت جهدي ودافعت عن المسلمين ما استطعت خشية استباحته البلدة، ومعه من الأشرار وفجار القرى من يحثه على ذلك ويتفوه بتكفير بعض رؤساء بلدتنا وبعض الأعراب يطلقه بانتسابهم إلى عبد الله 4بن فيصل.
فوقى الله شر تلك الفتنة ولطف بنا ودخلها بعد صلح وعقد وما جرى من المظالم والنكث شيء دون ما كنا نتوقعه، وليس الكلام بصدده وإنما الكلام في بيان ما نراه ونعتقده وصارت له ولاية بالغلبة والقهر تنفذ بها أحكامه وتجب طاعته في المعروف كما عليه كافة أهل العلم على تقادم الاعصار ومر الدهور وما قيل من تكفيره لم يثبت لدي فسرت على آثار أهل العلم واقتديت بهم في الطاعة في المعروف وترك الفتنة وما توجب من الفساد على الدين والدنيا والله يعلم أني بار راشد في ذلك ومن أشكل عليه من ذلك فليراجع كتب الإجماع كمصنف ابن حزم ومصنف ابن هبيرة وما ذكره الحنابلة وغيرهم وما ظننت أن هذا يخفى على من له أدنى تحصيل وممارسة وقد قيل: سلطان ظلوم خير من فتنة تدوم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الدولة الخاسرة يعني بها الدولة العثمانية.
2 يعني بهم أهل وادي الدواسر.
3 وليس في بلدنا يعني في بلدة الرياض.
4 لان عبد الله بن فيصل استنصر بالدولة العثمانية فاستغل أعداؤه الموالون لأخيه سعود هذه الغلطة والزلة فكفروه بها وكفروا أنصاره على سبيل التسلسل والتبعية وذلك كله أغراض سياسية حربية فالإمام عبد الله ابن الإمام فيصل معروف تمسكه بشرائع الدين والإسلام ومعروف بغضه وكراهيته لأعداء الإسلام وقد جوز له هذه الاستعانة وافتاه بها رجل من علماء وقته رد عليه العلامة الشيخ عبد اللطيف في عدة رسائل.


ص -83-

وأما الإمام عبد الله ابن فيصل فقد نصحت له كما تقدم أشد النصح وبعد مجيئه لما أخرج شيعة عبد الله سعودا وقدم من الإحساء ذاكرته في النصيحة وتذكيره بآيات الله وحقه ويثار مرضاته والتباعد عن أعدائه وأعداء دينه أهل التعطيل والشرك والكفر البواح واظهر1 التوبة والندم، واضمحل أمر سعود وصار مع شرذمة من البادية حول آل مرة والعجمان وصار لعبد الله غلبة ثبتت بها ولايته على ما قرره الحنابلة وغيرهم، كما تقدم أن عليه عمل الناس من أعصار متطاولة ثم ابتلينا بسعود 2وقدم علينا مرة ثانية وجرى ما بلغكم من الهزيمة3 على عبد الله وجنده ومر بالبلدة منهزماً لا يلوي على أحد وخشيت من البادية وعجلت إلى سعود كتاباً في طلب الأمان لأهل البلدة وكف البادية عنهم وباشرت بنفسي مدافعة الأعراب مع شرذمة قليلة من أهل البلد ابتغاء ثواب الله ومرضاته.
فدخل سعود البلد وتوجه عبد الله إلى الشمال وصارت الغلبة لسعود والحكم يدور وع علته، وأما بعد وفاة سعود4 فقدم الغزاة ومن معهم من الأعراب العتاة والحضر الطغاة فخشينا الاختلاف وسفك الدماء وقطيعة الأرحام بين حمولة آل مقرن5 مع غيبة عبد الله6 وتعذرت مبايعته بل ومكاتبته ومن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وأظهر التوبة والندم يعني على ما صدر من استجلابه الدولة العثمانية واستنصاره بها على أخيه سعود.
2 يعني به سعود بن فيصل.
3 يشير إلى ما حصل على عبد الله بن فيصل من الهزيمة في وقعة الجزعة والجزعة مكان يقع بالقرب من مدينة الرياض جنوباً وقد هزم سعود أخاه عبد الله فتقهقر عبد الله ودخل بلدة الرياض منهزماً ثم غادرها هاربا إلى جهة الكويت وقصد بادية قحطان المقيمة على الصبيحية وأقام عندهم فدخل سعود الفيصل بلدة الرياض بعدما عجل له الشيخ عبد اللطيف كتاباً يطلب فيه الأمان لأهل بلدة الرياض.
4 هو سعود بن فيصل توفي في ثامن عشر من ذي الحجة سنة 1291ه .
5 آل مقرن هم آل سعود وإنما نسبهم الشيخ إلى جدهم مقرن والد محمد وهو مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي العنزي.
6 هو عبد الله بن فيصل.


ص -84-

ذكره يخشى على نفسه وما له أفيحسن أن يترك المسلمون وضعفاؤهم سببا للأعراب والفجار وقد تحدثوا بنهب الرياض قبل البيعة وقد رامها غير عبد الرحمن 1ولا يمكن ممانعتهم ومراجعتهم ومن توهم أني وأمثالي استطيع دفع ذلك عقلا وتصورا ومن عرف قواعد الدين وأصول الفقه وما يطلب من تحصيل المصالح ودفع المفاسد لم يشكل عليه شيء من هذا، وليس الخطاب مع الجهلة والغوغاء إنما الخطاب معكم معاشر القضاة والمفاتي المتصدين لإفادة الناس وحماية الشريعة المحمدية، وبهذا ثبت بيعته وصار من ينتظر غائبا لا تصلح به المصالح فيه شبه ممن يقول بوجوب طاعة المنتظر وأنه لا إمامة إلا به ثم ان حمولة آل سعود2 صارت بينهم شحناء وعدواة، والكل يرى له الأولوية بالولاية وصرنا نتوقع كل يوم فتنة وكل ساعة محنة فلطف الله بنا وخرج ابن جلوي3 من البلدة وقتل ابن صنيتان4 وصار لي إقدام على محاولة عبد الرحمن5 في الصلح وترك الولاية لأخيه عبد الله فلم آل جهدي في تحصيل ذلك والمشورة عليه مع أني قد أكثرت في ذلك حين ولايته ولم أزل أكرر عليه في ذلك يوماً فيوماً حتى يسر الله قبل قدوم عبد الله6 بنحو أربعة أيام أنه وافق على تقديم عبد الله وعزل نفسه ورأى الحق له وانه أولى منه لكبر سنه وقدم إمامته فلما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو الإمام عبد الرحمن بن فيصل وقد بايعه الشيخ عبد اللطيف لعدم حضور عبد الله بن فيصل وبعده عن البلد وذلك بعد وفاة أخيه سعود بن فيصل.
2 الحمولة بلغة أهل نجد الاصطلاحية هي العشيرة.
3 هو سعود بن جلوي بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود له اليوم حفيد اسمه فهد بن مشاري بن سعود بن جلوي .
4 هو فهد بن عبد الله بن ا برا هيم بن عبد الله محمد بن سعود وصنيتان لقب غلب على والده عبد الله والذي قتل ابن صنيتان هو محمد بن سعود بن فيصل . وقد انقرض آل صنيتان ولم يبق لهم عقب.
5 هو الإمام عبد الرحمن بن فيصل والد الملك عبد العزيز وسبق أن ذكرنا ان الشيخ عبد اللطيف أعطاه البيعة لعدم حضور أخيه الأكبر عبد الله ثم سعى إليه في التنازل لأخيه.
6 هو الأمام عبد الله بن فيصل.


ص -85-

نزل الإمام عبد الله بساحتنا اجتهدت إلى ان محمد بن فيصل يظهر إلى أخيه ويأتي بأمان لعبد الرحمن1 وذويه وأهل البلد وسعيت في فتح الباب واجتهدت في ذلك ومع ذلك كله لما خرجت للسلام عليه فإذا أهل الفرع وجهلة البوادي ومن معهم من المنافقين يستأذنونه في نهب نخيلنا وأموالنا ورأيت معه بعض التغير والعبوس ومن عامل الله ما فقد شيئا ومن ضيع الله ما وجد شيئا ولكنه بعد ذلك اظهر الكرامة ولين الجانب وزعم أن الناس قالوا ونقلوا وبئس مطية الرجل زعموا وتحقق عندي دعواه التوبة وأظهر2 لدي الاستغفار والندم، وبايعته على كتاب الله وسنة رسوله، هذا مختصر القضية ولولا أنكم من طلبة العلم والممارسين الذين يكتفون بالإشارة وأصول المسائل لكتبت رسالة مبسوطة ونقلت من نصوص أهل العلم وإجماعهم ما يكشف الغمة ويزيل اللبسة ومن بقي عليه إشكال فليرشدنا رحمه الله ولم أنكم أرسلتم بما عندكم مما يقرر هذا أو يخالفه وصارت المذاكرة لانكشف الأمر من أول وهلة ولكنكم صممتم على رأيكم وترك النصيحة من كان عنده علم واغتر الجاهل ولم يعرف ما يدين الله به في هذه القضية وتكلم بغير علم ووقع اللبس والخلط والمراء والاعتداء في دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وهذا بسبب سكوت الفقيه وعدم البحث واستغناء الجاهل بجهله واستقلاله بنفسه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو الإمام عبد الرحمن بن فيصل وقد سعى الشيخ عبد اللطيف في أخذ الأمان له من أخيه عبد الله.
2 وقوله: واظهر الاستغفار والندم، يريد بذلك الإمام عبد الله بن فيصل وسبب استغفاره وندمه وتوبته انه استعان بالدولة العثمانية على قتال أخيه سعود ابن فيصل وهذا لا يجوز لأنه حرام في الشرع الاستعانة بالمشرك على قتال المسلم ومعلوم ان الدولة العثمانية كانت وثنية تدين بالشرك والبدع وتحميها وتقاتل من وحد الله ودعا إلى إفراده بالعبادة. كما جرى لأهل هذه الدعوة السلفية معهم من الوقائع والحروب وما نقم العثمانيون من أهل هذه الدعوة السلفية أنهم آمنوا بالله ورسوله ودعوا إلى إفراد الله جل وعلا بالعبادة ودعوا إلى طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وان لا يعبد الله سبحانه وتعالى إلا بما شرع لا بالأهواء والبدع {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.


ص -86-

وبالجملة فهذا الذي نعتقده وندين الله به، والمسترشد يذاكر ويبحث والظالم والمعتدي حسابنا وحسابه على الله الذي عنده تنكشف السرائر وتظهر مخبآت الصدور والضمائر يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور، وأما ما ذكرتم من التنصل و البراءة مما نسب في حقي إليكم فالا مر سهل والجرح جبار ولا حرج ولا عار وأوصيكم بالصدق مع الله واستدراك ما فرطتم فيه من عدم الغلظة على المنافقين الذين فتحوا للبشر كل باب وركن إليهم كل منافق كذاب وتأملا قول الله تعالى بعد نهيه عن موالاة الكافرين {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته آخر هذه الرسالة السياسية. وله قصيدتان صور فيهما تلك الفتن الهوجاء والحروب الطاحنة أروع تصوير.
احدهما نونية ومطلعها:

دع عنك ذكر منازل ومغاني
وبدور أنس قد بدت وغواني


والأخرى رائية جواب لأبيات وردت عليه من عبد الرحمن بن عبد الله بن طوق نزيل الإحساء. ونحن نورد قصيدة ابن طوق1 ونورد جواب الشيخ عبد اللطيف عليها ليعرف القارئ مدى هذه النعمة العظيمة التي نعيشها في هذا العهد الزاهر وهي نعمة جمع الكلمة ووحدة الصف والأمن الشامل والرخاء والاستقرار فيزداد شكراً لله سبحانه على هذه النعم العديدة التي ننعم بها في ظل أمام المسلمين جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود:
قال ابن طوق:

رسائل شوق دائم متواتر
إلى فرع شمس الدين بدر المنابر

سلالة مجد من كرام عشائر
يعيد بديعا من كنوز المحابر


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 آل طوق من أهل الدرعية، نزحوا إلى الإحساء بعد خراب الدرعية، ولم يرجع منهم أحد إليها.


ص -87-

مدارس وحي شرفت بأكابر
على ملة بيضاء تبدو لسائر

سقى عهدكم عهد الشريعة والتقى
وتعظيم دين الله أزكى الشعائر

فيا راكباً بلغ سلامي وتحفة
تعزيه فيما قد مضى في العشائر

وأعظم من ذا يا خليلي كتائب
تهدم من ربع الهدى كل عامر

ويبدو بها التعطيل والكفر والزنا
ويعلو من التأذين صوت المزامر

فقد سامنا الأعداء في كل خطة
واصل من الإسلام سوم المقامر

أناخ لدينا للضلالة شيعة
أباحوا حمى التوحيد من كل فاجر

وقابلهم بالسهل والرحب عصبة
على أمة التوحيد أخبث ثائر

يقولون لكنا رضينا تقية
تعود على أموالنا والذخائر

فضحك ولهو واهتزاز وفرحة
وألوان مأكول ونشوة ساكر

مجالس كفر لا يعاد مريضها
يراح إليها في المسا والبواكر

ويرمون أهل الحق بالزيغ ويحهم
أما رهبوا سيفاً لسطوة قاهر

وأما رباع العلم فهي دوارس
تحن إلى أربابها والمذاكر

مصاب يكاد المستجير لفتية
ينادي بأعلى الصوت هل من مثابر

فجد لي برد منك تبرد لوعتي
ويحدى به في كل ركب وسامر

وتنصر خلا في هواك مباعد
ولولاك لم تبعث به أم عامر

فأكثر وأقلل مالها الدهر صاحب
سواك فقابل بالمنى والبشائر


فأجابه الشيخ عبد اللطيف بهذه الأبيات التالية التي استهلها بالحنين إلى أيام الإمام فيصل ابن الإمام تركي حيث الاستقرار والهدوء والطمأنينة ثم ذكر ما حصل بعد عهد الإمام فيصل من الحروب الطاحنة والفوضى الضاربة بسبب النزاع والاختلاف وذهاب الوحدة وتفرق الكلمة. فقال:

رسائل إخوان الصفا والعشائر
أتتك فقابل بالمنى والبشائر

تذكرنا أيام وصل تقادمت
وعهداً مضى للطيبين الأطاهر

ليالي كانت للسعود مطالع
وطائرها في الدهر أيمن طائر


ص -88-

وكان بها ربع المسرة آهلا
تمتع في روض من العلم زاهر

وفيها الهداة العارفون بربهم
ذوو العلم والتحقيق أهل البصائر

محابرهم تعلو بها كل سنة
مطهرة أنعم بها من محابر

مناقبهم في كل مصر شهيرة
رسائلهم يغدو بها كل ماهر

وفيهم من الطلاب للعلم عصبة
اذا قيل من للشكلات البوادر

وهندية قد أحسن القين صقلها
مجربة يوم الوغى والتشاجر

ورومية خضراء قد ضم جوفها
من الجمر ما يفري صميم الضمائر

وكانت بهم تلك الديار منيعة
محصنة من كل خصم مغامر

غدت بهمو تلك الفتون وشتتو
فلست ترى إلا رسوماً لزائر

وحل بهم ما حل بالناس قبلهم
أكابر عرب أو ملوك الأكاسر

وبدلت منهم أوجها لا تسرني
قبائل يام أو شعوب الدواسر

يذكرنيهم كل وقت وساعة
عصائب هلكى من وليد وكابر

وأرملة تبكو بشجو حنينها
لها رنة بين الربى والمحاجر

وهذا زمان الصبر من لك بالتي
تفوز بها يوم اختلاف المصادر

ودارت على الإسلام اكبر فتننة
وسلت سيوف البغي من كل غادر

وذلت رقاب من رجال أعزة
وكانوا على الإسلام أهل تناصر

وأضحى بنو الإسلام في كل مأزق
تزورهمو غرثى السباع الضوامر

وهتك ستر للحرائر جهرة
بأيدي غواة من بواد وحاضر

وجاءوا من الفحشاء مالا يعده
لبيب ولا يحصيه نظم لشاعر

وبات الايامى في الشتاء سواغبا
يبكين أزواجا وخير العشائر

وجاءت غواش يشهد النص أنها
بما كسبت أيدي الغواة الغوادر

وجر زعيم القوم للحرب دولة
على ملة الإسلام فعل المكابر


ص -89-

ووازره في كل رأيه كل جاهل
يروح ويغدو آثما غير شاكر

وآخر يبتاع الضلالة بالهدى
ويختال في ثوب من الكبر وافر

وثالثهم لا يعبأ الدهر بالتي
تبيد من الإسلام عزم المذاكر

ولكنه يهوى ويعمل للهوى
ويصبح في بحر من الريب غامر

وقد جاءهم فيما مضى خير ناصح
إمام هدى يبني رفيع المفاخر

وينقذهم من قعر ظلما مضلة
لسالكها حر اللظى والمساعر

ويخبرهم أن السلامة في التي
عليها خيار الصحب من كل شاكر

فلما أتاهم نصر ذي العرش واحتوى
أكابرهم كنز اللهى والذخائر

سعوا جهدهم في هدم ما قد بنى لهم
مشائخهم واستنصحوا كل داعر

وساروا لأهل الشرك واستسلموا لهم
وجاءوا بهم مع كل علج وفاجر

ومذ أرسلوها أرسلوها ذميمة
تهدم من ربع الهدى كل عامر

وباءوا من الخسران بالصفقة التي
يبوء بها في دهره كل خاسر

وصار لأهل الرفض والشرك صولة
وقام بهم سوق الردى والمناكر

وشتت شمل الدين وانبت حبله
وصار مضاعا بين شر العساكر1

واذن بالناقوس والطبل أهلها
ولم يرض بالتوحيد حزب المزامر



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد بذلك عساكر الدولة العثمانية الذين جاءوا مع قائدهم مدحت باشا وتغلبوا على مقاطعة الإحساء وقد شاء الله الذي لا مرد لمشيئته ولا غالب لإرادته أن يكون لعساكر الدولة العثمانية معاودات إلى الممالك السعودية مرة بعد مرة ولكن الله يقيض لهم في كل مرة من ولاة هذه الدعوة السلفية ملوك آل سعود الأشاوس من يرجعهم على أعقابهم خائبين ويخرجهم كل مرة منها صاغرين ففي المرة الأولى قيض الله لهم البطل الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود وأخرجهم من نجد قسرا سنة 1240ه وفي المرة الثانية قيض لهم صقر الجزيرة الغلاب الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن فقاتلهم على البكيرية سنة 1322ه قتال الأبطال حتى فرق جمعهم ومزق شملهم وتفرقوا شذر مذر وهلك بقيتهم في الفيافي والقفار ولم يرجع منهم إلى بغداد عين تطرف ثم سار إليهم بعد ذلك في الإحساء سنة 1331ه فأخرجهم منها قسراً نسأل الله أن يديم للإسلام حماة وولاة هذه الدعوة السلفية ملوك آل سعود وان يديم عز أمام المسلمين جلالة الملك فيصل آل سعود ويطيل عمره انه سميع مجيب.


ص -90-

وأصبح أهل الحق بين معاقب
وبين طريد في القبائل نافر

فقل للغوى المستجير بضلهم
ستحشر يوم الدين بين الأصاغر

ويكشف للمرتاب أي بضاعة
أضاع وهل ينجو مجير أم عامر

ويعلم يوم الجمع أي جناية
جناها وما يلقاه من مكر ماكر

فيا أمة ضلت سبيل نبيها
وآثاره يوم اقتحام الكبائر

يعز بكم دين الصليب وآله
وأنتم بهم ما بين راض وآمر

وتهجر آيات الهدى ومصاحف
ويحكم بالقانون وسط الدسائر

هوت بكم نحو الجحيم هوادة
ولذات عيش ناعم غير شاكر

سيبدو لكم من مالك الملك غير ما
تظنون ان لاقى مزير المقابر

يقول لكم ماذا فعلتم بأمة
على ناهج مثل النجوم الزواهر

سللتم سيوف البغي فيهم وعطلت
مساجدكم من كل داع وذاكر

وواليتمو أهل الجحيم سفاهة
وكنتم بدين الله أول كافر

نسيتم لنا عهدا أتاكم رسولنا
به صارخاً فوق الذرى والمنابر

فسل ساكن الإحساء هل أنت مؤمن
بهذا وما يحوي صحيح الدفاتر

وهل نافع للمجرمين اعتذارهم
اذا دار يوم الجمع سوء الدوائر

فقال الشقي المفتري كنت كارها
ضعيفاً مضاعاً بين تلك العساكر

أماني نلقاها لكل متبر
حقيقتها نبذ الهدى والشعائر

تعود سرابا بعد ما كان لامعا
لكل جهول في المهامة حائر

فان شئت أن تحضى بكل فضيلة
وتظهر في ثوب من المجد باهر

وتدنو من الجبار جل جلاله
إلى غاية فوق العلى والمظاهر

فهاجر إلى رب البرية طالبا
رضاه وراغم بالهدى كل جائر

وجانب سبيل العادلين بربهم
ذوي الشرك والتعطيل مع كل غادر

وبادر إلى رفع الشكاية ضارعا
إلى كاشف البلوى عليم السرائر

ولا تيأسن من صنع ربك انه
مجيب وان الله أقرب ناصر


ص -91-

ألم تر أن الله يسدي بلطفه
ويعقب بعد العسر يسراً لصابر

وان الديار الهامدات يمدها
بوبل من الوسمي هام وماطر

فتصبح في رغد من العيش ناعم
وتهتز في ثوب من الحسن فاخر


آخر هذه المنظومة التي صورت لنا تلك الفتن والحروب تصويرا رائعاً، فرحم الله ناظمها العلامة الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
حيث عاش بعد وفاة الإمام فيصل ابن تركي عام 1282ه حقبة مقدارها إحدى عشرة سنة مملوءة بالفتن والحروب إلى أن توفي في الرابع عشر من شهر القعدة سنة 1293 ه ألف ومائتين وثلاث وتسعين من الهجرة عن ثمانية وستين1 عاماً قضى معظمها في تحصيل العلو ونشره، ثم في الكفاح الدائب والنضال المتواصل عن عقيدة الإسلام والدين والذود عن حياض المسلمين وحرماتهم والوقوف دون استباحة أموالهم وانتهاك أعراضهم في تلك الفتن2 العمياء التي حصلت في هذه الجزيرة اثر وفاة الإمام فبصل ابن الإمام تركي -رحمه الله- وقد رثاه الشيخ سليمان بن سحمان والشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن طوق من علماء الاحساء ورثاه غيرهما خلق كثير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذه الثمانية والستون عاما التي عاشها الشيخ عبد اللطيف، في الدرعية وإحدى وثلاثون سنة بمصر وتسع وعشرون سنة قضاها في الرياض بنجد آخرها حروب وفتن.
2 ظلت هذه الفتن التي حصلت بعد وفاة الإمام فيصل ابن الأمام تركي سنة 1282 ه تعصف بهذه الجزيرة وأصبحت هذه الجزيرة مرتعاً للفوضى وسفك الدماء ومسرحاً للخلافات القبلية والحروب الأهلية إلى ان شاء الله لها الخير بظهور الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن بن الإمام فيصل آل سعود واستيلائه على مدينة الرياض سنة 1319 ه، فوحد بعد جهاد طويل وكفاح عظيم أجزاء هذه الجزيرة وكون منها هذه المملكة العظيمة المترامية الأطراف التي تنعم اليوم في ظل خلفه الرائد العظيم إمام المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود بنعمة الأمن والدين والرخاء والازدهار والاستقرار والتقدم العظيم الشامل لجميع النواحي والميادين أيد الله ملكه وأطال عمره وأدام عزه انه سميع مجيب.
ص -92-

وخلف ثمانية أبناء هم: أحمد، والشيخ العلامة عبد الله، وعبد العزيز، والشيخ إبراهيم، والشيخ محمد، والشيخ عمر، وصالح، والشيخ عبد الرحمن.
فأما أحمد فإنه ولد له بمصر ولما أراد والده الشيخ عبد اللطيف الخروج من مصر إلى نجد سنة 1264ه أبي أحمد الخروج معه وبقي بمصر إلى أن توفي بها ولا يعرف له ذرية بها، وقد أورد اسمه مختصر تاريخ عثمان بن سند النجدي البصري، تاريخ مطالع السعود.
وأما السبعة الباقون فإنهم ولدوا للشيخ عبد اللطيف1 بمدينة الرياض ونشأوا بها وتعلموا العلم بها وتوفوا بها -رحمهم الله-، وقد خلف كل واحد من هؤلاء الأبناء السبعة المذكورين ذرية كثيرة موجودين بمدينة الرياض يعرفون عند انفرادهم بآل عبد اللطيف نسبة إلى جدهم المترجم الشيخ عبد اللطيف وأشهرهم علامة نجد في حياته الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها قبل وفاته –رحمه الله، وأشهرهم اليوم شقيقة الشيخ عبد الملك بن إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الغربية –رحم الله- المترجم الشيخ عبد اللطيف2 ابن الشيخ عبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سوى أكبرهم العلامة الشيخ عبد الله فانه ولد بالإحساء كما سنذكره في ترجمته ان شاء الله تعالى.
2 ترجم للعلامة الشيخ عبد اللطيف الشيخ إبراهيم بن صالح في كتابه عقد الدرر ترجمة وافية وترجم له خير الدين الزركلي في الجزء الرابع من كتابه الأعلام، وورد له ذكر في جميع كتب السياح الذين جاءوا إلى مدينة الرياض متنكرين في زمن الإمام فيصل ابن الإمام تركي وابنه الإمام عبد الله مثل بلجريف الرحالة وغيره.
وبلغني ان للعلامة المترجم الشيخ عبد اللطيف ترجمة مقررة على طلاب المعاهد والكليات المربوطة بسماحة الشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم رحمه الله ولم يقدر لي الوقوف والاطلاع على هذه الترجمة المذكورة فرحم الله الشيخ عبد اللطيف فحياته متعددة الجوانب وحافلة بجلائل الأعمال تحتاج إلى كتاب قائم بنفسه.


ص -93-

الرحمن، فمثل هذه الترجمة الموجزة لا تفي بجميع مآثره لأن حياته حافلة نجلائل الأعمال ومتعددة النواحي والجوانب تحتاج إلى مؤلف ضخم قائم بنفسه يتحدث عنها بتبسيط وإسهاب.
غفر الله له وأسكنه فسيح جنته وبارك في خلقه وأحفاده انه سميع مجيب، وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -94-

الشيخ إسحاق
هو الشيخ إسحاق ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ولد بمدينة الرياض سنة 1276ه ونشأ بها وأخذ العلم عن أخيه العلامة الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن، وعن ابن أخيه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن والشيخ عبد الله بن حسين المخضوب والشيخ بن محمود ورحل إلى مصر وجاور بمكة.
ورحل إلى الهند سنة 1309هـ وأخذ عن الشيخ حسين وغيره من علماء الهند، وأخذ عنه العلم فالح بن صغير والشيخ عبد الله السياري والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الوهاب الشمري والشيخ سالم الحناكي وله رد على المدعو أمين بن حنش وله الجوابات السمعية في الرد على الأسئلة الروافيه. توفي في التاسع والعشرين من شهر رجب سنة 1319هـ بمدينة الرياض وخلف ابنين هما الشيخ عبد الرحمن1 ومحمد وقد توفي محمد بعده بسنوات –رحمهم الله- وغفر لهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عبد الرحمن ابن المترجم الشيخ إسحاق من المعمرين حيث يبلغ الآن واحدا وتسعين عاماً حيث ولد سنة 1399هـ وله أبناء وأحفاد.


ص -95-

الشيخ عبد العزيز بن محمد
هو الشيخ عبد العزيز بن محمد ابن الشيخ علي ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.ولد بمدينة الرياض ونشأ بها وقرأ القرآن ثم شرع في قراءة العلم على الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وعلى ابنه الشيخ عبد اللطيف.
تولى القضاء في إقليم سدير بنجد لمحمد بن عبد الله بن رشيد أيام تغلبه على نجد ثم نقله إلى قضاء مدينة الرياض.
توفي عام 1319هـ وقد أنجب ستة أبناء وهم: عبد الله1 بن عبد العزيز وعلي2 بن عبد العزيز وإبراهيم3 بن عبد العزيز، ومحمد4 بن عبد العزيز، وصالح بن عبد العزيز، وعبد الرحمن5 بن عبد العزيز،
وله اليوم أحفاد يعرفون مع أحفاد أخيه عبد الرحمن بن محمد بن الشيخ علي بآل محمد نسبة إلى والدهم المترجم محمد ابن الشيخ علي ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب،-رحم الله الجميع وغفر لهم-.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عبد الله بن عبد العزيز هو الجد الأدنى لعبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله وزير الزراعة سابقا ومدير بنك الرياض حاضراً.
2 علي بن عبدالعزيز هو والد كل من عبد الرحمن بن علي وسليمان بن علي، وعبد الله بن علي المتوفي ، وقد توفي عبد الرحمن بن علي سنة 1391 رحمه الله.
3 إبراهيم بن عبد العزيز هو والد كل من عبد الله بن إبراهيم بن عبد العزيز ومحمد بن إبراهيم بن عبد العزيز وعبد العزيز بن إبراهيم بن عبد العزيز.
4 محمد هو والد صالح بن محمد المتوفي قريباً في 23 صفر سنة 1389هـ.
5 عبد الرحمن بن عبد العزيز هو رئيس هيئة الطائف في الوقت الحاضر وله عدة أبناء لا يحضرني عددهم.


ص -96-

الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف
هو العالم الذكي الورع التقي الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
مولده:
ولد بمدينة الرياض سنة 1280هـ ونشأ بها وقرأ القرآن نظرا وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة العلم على أخيه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف، والشيخ حمد بن فارس، والشيخ محمد بن محمود.
ثم ولي قضاء مدينة الرياض في أول عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود سنة 1321هـ واستمر فيه طيلة حياته –رحمه الله- وكان إلى جانب قيامه بالقضاء يجلس للتعليم فأخذ عنه العلم عدد غير قليل نذكر منهم في هذه الترجمة الموجزة من يأتي:
تلامذته:
1. الشيخ إبراهيم بن حسين.
2. الشيخ عبد الرحمن بن داود قاضي الخرمة في حياة خالد بن لؤي.
3. الشيخ عبد الله بن حمد الدوسري.
4. الشيخ إبراهيم بن حسين بن فرج.
5. الشيخ سعد بن سعود بن مفلح.


ص -97-

1. الشيخ عبد الرحمن بن سالم من أهل منفوحة.
مؤلفاته:
له رسائل وفتاوى وأجوبة على أسئلة علمية طبعت مفرقة في مجاميع الرسائل والمسائل النجدية.
وله منظومة رد بها على أحد المعارضين1 تبلغ أبياتها أربعة وتسعين بيتاً ومطلعها:

الحمد لله حمداً استزيد به
فضل الإله وأرجو منه رضوانا

وأستعين به في رد خاطئة
ًمن العراق أتت بغيا وعدوانا


وفاته:
توفي –رحمه الله- في الساعة السادسة ليلاً من شهر ذي الحجة سنة ألف وثلاثمائة وتسعة وعشرين من الهجرة ووجم الناس لموته وحزنوا عليه حزناً بالغاً ورثاه العلماء منهم الشيخ سليمان بن سحمان رثاه بقصيدة مطلعها:

على الجبر بحر العلم شمس الحقائق
نريق كصوب المدجنات الدواف


ورثاه الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري بقصيدة مطلعها:

إلى الله نشكو ما دهانا ونفزع
ونرخي أكفا للدعاء ونرفع


خلف المترجم له الشيخ إبراهيم أربعة أبناء هم: عبد الله2 وسماحة الشيخ محمد والشيخ عبد اللطيف والشيخ عبد الملك وله اليوم أحفاد يعرفون على انفرادهم بآل إبراهيم نسبة إليه –رحم الله الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف فقد كان ورعاً تقياً متواضعاً عادلاً في أحكامه وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو أمين بن حنش العراقي.
2 توفي عبد الله وكذلك سماحة الشيخ محمد وكذلك الشيخ عبد اللطيف رحم الله الجميع وغفر لهم وأطال عمر بقيتهم فضيلة الشيخ عبد الملك.
ملحوظة: ترجمنا في هذه الرسالة لسماحة الشيخ محمد ولأخيه الشيخ عبد اللطيف.


ص -98-

الشيخ حسين1 ابن الشيخ حسن آل الشيخ
هو العالم الذكي الشيخ حسين ابن الشيخ حسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
مولده:
ولد بمدينة الرياض عام 1284 من الهجرة ونشأ في كنف والد الشيخ حسن نشأة دينية علمية: ولما بلغ السادسة من عمره أدخله مدرسة تحفيظ القرآن عند مقرئ يدعى عبد الرحمن بن مفيريج فختم القرآن نظراً ثم حفظه غيباً على والده الشيخ حسن وبعد ذلك شرع في قراءة العلم فقرأ على والده وعلى الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف والشيخ محمد بن محمود والشيخ حمد بن فارس والشيخ عبد الله الخرجي.
مؤلفاته:
ألف مؤلفات منها شرح وضعه على متن الاجرومية وحاشية وضعها على متن ملحة الإعراب وألف مختصراً في الفقه غير ان هذه الآثار والمؤلفات فقدت وكان –يرحمه الله- شاعراً طويل النفس في الشعر له قصيدة تبلغ سبعين بيتاً رد بها على أمين بن حنش العراقي وقصيدة رائية تبلغ مائتي بيت رد بها على قصيدة يوسف النبهاني أملي علي أخوه العلامة الشيخ عمر ابن الشيخ حسن من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قدمنا ترجمة الشيخ حسين ابن الشيخ حسن على ترجمة والده الشيخ حسن وفاء بما التزمناه في المقدمة من كون ترتيب التراجم على أقدمية الوفاة ووفاة الشيخ حسين تقدمت على وفاة والده الشيخ حسن –رحم الله الجميع.


ص -99-

حفظه قطعة منها وهي هذه الأبيات التالية:

لك الحمد حمداً لا أطيق له حصرا
واتبع حمد الله مني له الشكرا

وأسأله عونا على كل مبطل
ولا سيما الأعمى الذي أيد الكفرا

وذلك شامي لنبهان ينتمي
وما كان من أهل النباهة والذكرى

ولكنه قد كان وسنان تائها
كما ألف المخذول من قبله الشعرا

وأبدى مقالا كان أقوى دلالة
على فسقه طولاً على كفره طورا

تخير حرف الراء عجزا وإنما
يعدون حرف الراء ياذا لهم عيرا

وليس بكفء للجواب وانه
لأدنى الورى طراً وقد أشبه الفأرا

ولكن خوفي من غبي يظننا
تركناه عجزا أو رضينا بما أجرى

أجبناه ردا كافيا في اختصاره
ونرجو اله الحق يمنحنا الأجرا


إلى أن قال:

وقولك: وهابية ضل سعيهم
فظنوا الردى خيرا وظنوا الهدى شرا

كذبت لعمر الله ما ضل سعيهم
ولكنه سعي الذي خالف الامرا

كمثلك مفتون يرى الشر ضده
ويحسب فعل الخير من جهله شرا

ومن دان بالتوحيد عندك كافر
ومن دان بالكفر ان نال بها الأجرا


نزح المترجم له الشيخ حسين إلى عمان1 عام 1325هـ وسكن جزيرة زعاب وأخذ في نشر الدعوة السلفية إلى أن توفي بجزيرة زعاب عام 1329هـ مخلفاً أبناء ماتوا بعده وليس له اليوم أبناء ولا أحفاد. وله أسباط2 هم عبد الله بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود وأخوه عبد العزيز ومحمد وله سبط رابع هو عبد الرحمن بن موسى بن عبد الله بن مرشد –يرحم الله- المترجم الشيخ حسين ابن الشيخ حسن فقد كان عالماً ذكياً وشاعراً بليغاً وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عمان بضم العين وإسكان الميم.
2 الأسباط هم أبناء البنات.


ص -100-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 15:15

الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف
هو الإمام العالم الجليل مفتي الديار النجدية ومحيي الآثار السلفية، علامة نجد وزعيمها الإسلامي في زمنه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
ولد هذا العالم الشهير في مدينة الهفوف بالإحساء سنة ألف ومائتين وخمس وستين ونشأ أول ما نشأ بها عند جده لأمه الشيخ عبد الله1 بن أحمد الوهيبي وقرأ القرآن حتى حفظه نظرا وعن ظهر قلب ثم أتى به والده العلامة الشيخ عبد اللطيف من الاحساء إلى الرياض وهو في الرابعة عشرة من عمره فمكث عند والده وقرأ عليه في التوحيد والفقه والحديث والتفسير وعلى جده الشيخ عبد الرحمن بن حسن وذلك في آخر ولاية فيصل ابن الإمام تركي بن عبد الله ثم توفي والده الشيخ عبد اللطيف سنة ألف ومائتين وثلاث وتسعين فاستوحش لفقده فسافر إلى الأفلاج وأقام بها ثلاث سنوات قرأ في خلالها على الشيخ حمد ابن عتيق ثم عاد إلى وطنه وكان قبل رحلته إلى الأفلاج قد مهر في التوحيد والفقه والحديث والتفسير فنبه قدره واشتهر ذكره بالكرم والعلم ورجاحة العقل فجلس في داره لتدريس العلم وضربت إليه آباط الإبل وتوافد إليه الطلاب من جميع آفاق نجد للأخذ عنه والقراءة عليه فصار يعطف على جميع الوافدين إليه من الطلاب وغيرهم من أهل العلم ويواسيهم ويبالغ في إكرامهم ويحثهم على التمسك بأهداب الإسلام والدين ويحضهم على إخلاص النية وإصلاح العمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1من وهبة تميم ومن الأسر التي نزحت من نجد إلى الاحساء ولهم بقية بالإحساء وبقية بنجد.


ص -101-

والقيام بواجب الدعوة ونشر العلم والتوحيد، فوضع الله له القبول في النفوس وألقى عليه المهابة والوقار وصار مسموع الكلمة نافذ الأمر عند ولاة الأمور وغيرهم من الخاصة والعامة حتى ان الأمير محمد العبد الله الرشيد لما حاصر1 مدينة الرياض وضيق عليها الخناق سنة 1306هـ خرج إليه مع الأمير محمد ابن الإمام فيصل وجلاله الملك عبد العزيز2 ابن الإمام عبد الرحمن يفاوضونه في ترك الحرب ورفع الحصار عن الرياض أجابهم إلى ذلك وتخلى عن الحرب ورجع من حيث أتى.
وبعد ذلك استمر الشيخ عبد الله على حالته المذكور من بث العلم وتعليمه وكان يعتمد في معيشته وكرمه الحاتمي على الله ثم على الحرث من الزراعة والنخل وما يصله به الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني حاكم قطر –رحمه الله-0 وبينما الشيخ مستمر وجاد في تعليم العلم ونشره وبث دعوة التوحيد السلفية عن طريق التدريس والمراسلات والنصائح لأهل نجد فوجئ بإعادة محمد بن عبد الله بن رشيد الكرة على مدينة الرياض ومحاصرتها والاستيلاء عليها نهائياً وعلى جميع بلدان نجد وذلك سنة 1308هـ "ألف وثلاثمائة وثمان من الهجرة" فعند ذلك رغب الأمير محمد بن عبد الله الرشيد إلى الشيخ في الشخوص إلى مدينة حائل مقر حكمه للانتفاع به في نشر العلم فلم يسع الشيخ إلا طاعة هذا الأمير المتغلب فسافر إلى حائل يصحبه بعض رجال من حاشية الأمير محمد بن رشيد فوصلها واستقر فيها وأقام بها حولا كاملا معززا محترما وجلس طيلة هذه المدة يدرس العلم فأخذ عنه علم العقائد والتوحيد والحديث والتفسير غالب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 حاصرها بسبب ثورة الإمام عبد الرحمن ابن الإمام فيصل على أمير الرياض لابن رشيد سالم بن علي بن سبهان.
2 كان عمر جلالة الملك عبد العزيز لا يزيد على ثلاث عشرة سنة وقد أعجب الأمير محمد العبد الله الرشيد ذلك اليوم بفصاحة الملم عبد العزيز وجرأته –رحم الله- الملك عبد العزيز.


ص -102-

علماء حائل ولازموه ملازمة تامة لا سيما علماء لبدة1 وبعد ذلك أنعم عليه الأمير محمد بن عبد الله الرشيد بالهبات وأعاده إلى وطنه مكرما سنة 1309ه فاستمر في نشر العلم وبث الدعوة وإكرام العاني والوافد فكانت داره2 الواسعة المعروفة "بحي دخنة بالرياض" عامرة بقراءة كتب الحديث والفقه والتوحيد والتفسير فتخرج به أفواج من العلماء شغلوا مناصب القضاء وقاموا بواجب الدعوة إلى الله والإرشاد وتدريس العلم وعندما جاء الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مجيئه الأول لفتح الرياض عام الصريف سنة 1318ه وتحصنت حامية ابن رشيد وعلى رأسهم أميرهم عبد الرحمن بن ضبعان في قصر المصمك المعروف بالرياض دخل معهم الشيخ القصر. ولما فك عبد العزيز الحصار عن القصر والحامية ورجع رحمه الله من حيث أتى خرج الشيخ عبد الله من القصر واستمر في مواصلة نشر العلم وتدريسه ولما تم لجلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود الاستيلاء على مدينة الرياض في الخامس من شهر شوال 1319ه بايعه الشيخ عبد الله واصفاه الود ومحضه الإخلاص والنصح، وصاهره الملك عبد العزيز فالشيخ عبد الله هو جد صاحب الجلالة الملك فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود لأمه وقد عاش الشيخ –رحمه الله- عشرين عاما في ولاية الملك عبد العزيز قضاها في نشر العلم والدعوة إلى الله فتخرج عليه في هذه الحقبة المذكورة خلق كثير نذكر من مشاهيرهم وفضلائهم من يأتي:
علامة نجد في زمنه الشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها في حياته –رحمه الله-

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لبدة محلة من محلات مدينة حائل.
2 هدمت دار الشيخ عبد الله منذ سنوات في مشروع توسعة الشوارع وبقي منها بقية محاطة بسور توحي إلى المجتاز ببيت الشاعر:

قفا نسأل الدار التي خف أهلها
متى عهدها بالبر والحسنات



أو بقوله:

منازل آل حماد بن ريد
على أهليك والنعم السلام





ص -103-

والشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين آل الشيخ والشيخ محمد بن عثمان الشاوي والشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف مدير المعاهد والكليات في حياته –رحمه الله-.
والشيخ العلامة عمر بن الشيخ حسن آل الشيخ رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الوسطى والشرقية.
وسماحة الشيخ عبد الله ابن الشيخ حسن رئيس القضاة في حياته –رحمه الله-.
والشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد والشيخ عبد الرحمن بن سالم الدوسري، والشيخ سالم الحناكي، والشيخ محمد الحناكي وحمد بن محمد بن موسى والشيخ عبد الله بن محمد بن حمد بن دخل الناصري التميمي من أهل بلدة المذنب بالقصيم والشيخ الزاهد الورع عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن مفدى "فدا" من علماء مدينة بريدة بالقصيم والشيخ حمد بن مزيد قاضي قبة سابقاً والشيخ عبد الله بن خلف بن راشد بن خلف من قبيلة آل خلف المعروفة بمدينة حائل.
والشيخ عثمان بن حمد آل مضيان من أهل بريدة والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري قاضي مقاطعة سدير بنجد في حياته –رحمه الله-. والشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري "أبو حبيب" والشيخ عبد الرحمن بن محمد بن مبارك تولى إمارة الدرعية وقضاءها.
والشيخ عبد الرحمن بن محمد بن داود قاضي بلدة الخرمة في حياته –رحمه الله-.
والشيخعبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي القحطاني جامع الرسائل والمسائل النجدية وجامع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ عبد العزيز بن عبد الله النمر والشيخ سليمان بن عبد الرحمن العمري قاضي المدينة ونقل منها إلى قضاء الإحساء وتوفي بها –رحمه الله- وفوزان السابق والشيخ عبد العزيز بن حمد بن عتيق.


ص -104-

والشيخ حمود الحسين1 الشغدلي من علماء حائل وعبد الله بن سليمان السياري والشيخ عبد الله بن حمد الدوسري والشيخ عبد الرحمن بن عودان وناصر بن سعود بن عيسى والشيخ عبد الله بن رشيدان والشيخ فالح بن عثمان الصغير والشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك وخلق لا يحصون كثرة.
مؤلفاته:
ألف –رحمه الله- رسائل كثيرة2 في أغراض متعددة لو أفردت وجمعت على حدة بلغت مجلدا ولكنها طبعت مفرقة على أجزاء مجاميع الرسائل والمسائل النجدية ضمن رسائل أئمة الدعوة وهذه المجاميع طبعت أولا بمطبعة المنار بمصر ثم بمطبعة أم القرى بمكة ثم طبعت بعنوان الدرر السنية في الأجوبة النجدية بمطابع بيروت وبمطابع بيروت وبمطابع الرياض بواسطة دار الإفتاء على نفقة الملك فيصل آل سعود أيده الله.
وكان الشيخ –رحمه الله- مهيبا وقوراً غيوراً على حرمات الإسلام والدين آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم، على سيرة علماء السلف الصالح وسمتهم وما كانوا عليه من الهداية والدين. وكان يصلي بالناس الجمعة ويخطب بهم في المسجد الجامع الكبير ويصلي بهم الأعياد وكان خطيباً مؤثراً حسن القراءة والصوت تبكي خطبته السامعين وتؤثر فيهم تأثيراً بالغا، وكان بينه وبين الشيخ قاسم يحترمه ويجله ويراسله. وكان الملك عبد العزيز يأتي إليه في داره ويحضر دروسه ولا يخرج عن رأيه ومشورته في جميع مسائل العلم والدين، فكان الشيخ –رحمه الله- مرجع قضاة نجد في زمنه ومرجع أهل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 توفي الشيخ حمود الحسين الشغدلي عام 1391ه –رحمه الله- وكان قدم على الشيخ المترجم عبد الله سنة 1316 بالرياض وأخذ عنه العلم.
2 منها رسالة الإتباع وحضر الغلو في الدين والابتداع وغيرها من رسائله المطبوعة ضمن رسائل علماء دعوة التوحيد المسماة بالرسائل والمسائل النجدية.


ص -105-

الحسبة من الآمرين بالمعروف والمرشدين، وقد أقبلت بوادي الأعراب من أهل نجد في زمنه –رحمه الله- على الدين وقراءة القرآن، وتعلم واجبات الإسلام وسكنوا الهجر وسموا بالإخوان والفضل بعد الله في هدايتهم وجمع كلمتهم يرجع إلى اهتمام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بأمور الدين ثم إلى إخلاص الشيخ عبد الله وحسن اختياره للدعاة والمرشدين من أهل العلم الذين وكل إليه جلالة الملك عبد العزيز آل سعود –رحمه الله- أمر اختيارهم وابتعاثهم إلى بوادي الأعراب.
كرم الشيخ وجوده:
كان الشيخ مع ما يتصف به من الاتزان وحصافة الرأي والإخلاص في الدعوة جوادا كريماً جلب إليه جوده وحسن أخلاقه محبة الناس وإجلالهم، فشاع له الذكر الجميل1 وتبارى علماء زمنه من أهل نجد وأدباؤهم في الثناء عليه ومدحه وحسبنا أن نورد نموذجاً من قصائد علماء نجد في الثناء عليه.
هذه القصيدة التالية للشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى أحد علماء الوشم بنجد:

صحا القلب عن ذكر الحمى والأخاشب
وعن ندب أطلال عفت بالذئاب

وأقلعت عن شوق ووجد بزينب
وان تيمت قلبي بزج الحواجب

وأبدلت عن وصف اللوى وظبائه
حسان الوجوه الناعمات الكواعب

بمدح أمام الدين والحق والهدى
إلا ذاك "عبد الله"فرع الأطايب

هو العالم النحرير والماجد الذي
سمى مجده اوج النجوم الثواقب


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وترجم للشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف صاحب كتاب فرقة الإخوان الإسلامية بنجد محمد مغيربى فتيح ولكنها ترجمة مملوءة مع الأسف بالتحريف في تأريخ حياة الشيخ واسم والده وتبعه على بعض أخطائه الأستاذ خير الدين الزركلي في ترجمته للشيخ عبد الله في كتاب العلام ج4 ص 277 ثم استدرك على نفسه وأصلح جميع ما وقع فيه من الأخطاء في مصورة الأعلام الجزء المذكور


ص -106-

هو العلم الفرد الذي سار ذكره
بكل القرى من شرقها والمغارب

حليف التقى والعلم والحلم والنهى
حميد السجايا الشم جم المناقب

شقيق الندى عف الإزار أخو الثنا
رحيب الفنا جزل الحبا والمواهب

كريم المحيا باسم متهلل
ثمال لمعتر وكنز لراغب

ضياء علوم ان دجى ليل مشكل
وغيث سماح هاطل بالرغائب

فصيح بليغ متقن متفنن
همام له في الفضل أعلى المراتب

لقد نال من نهج البلاغة رتبة
يقصر عنها كل ساعٍ وراكب

اذا قام يوماً فوق أعواد منبر
خطيباً فيالله من وعظ خاطب

مهيب عليه للوقار سكينة
حباه بها الرحمن أكرم واهب

إليه لأخذ العلم من كل بلدة
يشد رجال القوم نجب الركائب

فيلقون حبرا في العلوم مهذبا
يجلي بشمس العلم ليل الغياهب

يحل الذي أعيا ويكشف ما خفي
يفكر كعضب للإصابة صائب


ص -107-

يجيب على الفتيا جوابا مسددا
يزيح بها الإشكال عن فكر طالب

فيالك من شهم اذا قال لك يدع
مقالاً لأرباب العلا والمناصب

هو الندب وضاح الجبين كأنما
أنامله مخلوقة من سحائب

أشم عصامي من النفر الألى
فضائلهم لم يحصها عد حاسب

مقاول من عليا تميم توارثوا
كرم المساعي عن جدود مناجب


ولم يزل الشيخ موضع الإجلال والتقدير والإعجاب من الولاة والعلماء فمن دونهم من الخاصة والعامة إلى أن انتقل إلى رحمة الله يوم الجمعة في العشرين من شهر ربيع الأول سنة ألف وثلاثمائة وتسع وثلاثين عن خمس وسبعين سنة قضى معظمها في نشر العلم وبث الدعوة وصلى عليه الناس بالمسجد الجامع الكبير بالرياض وكانوا جمعاً غفيراً وحملت جنازته على الأعناق وغصت الأسواق بالمشيعين وخرج معه إلى المقبرة خلق كثير على رأسهم جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وقبروه في مقبرة العود بجوار والده الشيخ عبد اللطيف وجده الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمهم الله- جميعاً وغفر لهم.
وقد وجم الناس لموته1 وحزنوا عليه حزناً شديداً ورثاه الشعراء والعلماء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أنجب الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف أربعة أبناء هم عبد الملك وعبد اللطيف ومحمد وصالح فأما عبد الملك فكان شهما شجاعاً كريماً فاضلا قتل في وقعة البكيرية التي حصلت بين الملك عبد العزيز وعبد العزيز بن متعب بن رشيد عام 1322 وكان غازياً مع الملك عبد العزيز وأما صالح=


ص -108-

منهم علامة نجد في زمنه الشيخ محمد بن إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف رثاه –رحمه الله بقصيدة مطولة تبلغ جملة أبياتها خمسة وخمسين بيتاً ومطلعها:

لقد كسفت شمس العلى والمفاخر
وقد أصاب أهل الدين إحدى الفواقر


ورثاه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف بقصيدة طويلة مطلعها:

على الحبر بحر العلم زاكي المناقب
بكينا عليه بالدموع السواكب


إلى ان قال:

هو الشيخ عبد الله ذو الجود والتقى
وذو الحلم والإحسان صافي المشارب


ورثاه الشيخ ناصر بن سعود بن عيسى بقصيدة طويلة مطلعها:

قضى الإله الذي فوق السموات
ان البرية تفني بالمنيات


نعى النعاة لنا شيخ الوجود قريع الدهر شمس الهدى عالي السجيات
ورثاه سماحة الشيخ عمر بن الشيخ حسن بقصيدة مؤثرة طويلة، ورثاه محمد بن عبد الله بن بلهيد بقصيدتين مؤثرتين لا يحضرني مطلعاهما، ورثاه شاعر نجد في زمنه الشيخ محمد بن عبد الله بن عثيمين المتوفى سنة 1363هـ بهذه القصيدة الميمية المؤثرة فقال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=فتوفي شابا قبل وفاة والده وأما عبد اللطيف فهو والدي وكان جوادا كريما له معرفة تامة بالأنساب وفيه صراحة متناهية توفي –رحمه الله- بمدينة الرياض عام 1374 آخر شهر شعبان وأما محمد فهو صاحب كرم وله حظوة وجاه عند الملوك والولاة وعاش في غنى وسعة توفي آخر شعبان بمكة المكرمة عام1386هـ وخلف ثلاثة أبناء وله أحفاد هم عبد العزيز وتوفي سنة 1392، وعبد الله وعبد الرحمن، رحم الله العم محمد بن المترجم الشيخ عبد الله وغفر له فإنه كان من الأجواد المحسنين، -رحمه الله- وغفر له.


ص -109-

لمثل ذا الخطب فلتبك العيون دما
فما يماثله خطب وان عظما

اودى الإمام واودى العلم يتبعه
والفضل والجود بعد شيخه انصرما

كانت مصائبنا من قبله جللا
فالآن جب سنام الدين وانهدما

سقى ثرى حله شيخ الهدى سحب
من واسع العفو يهمي وبلها ديما

شيخ مضى طاهر الأخلاق متبعا
طريقة المصطفى بالله معتصما

بحر من العلم قد فاضت جداوله
لكنه سائغ في ذوق من طمعا

تنشق أصدافه في البحث عن درر
تهدي إلى الحق مفهوما وملتزما

فكم قواعد فقه قد أبان وكم
اشاد رسما من العليا قد انثلما

نعى إلينا العلى والبر مصرعه
والعلم والفضل والإحسان والكرما

هذي الخصال التي كانت تفضله
على الرجال فأضحى فيهم علما

فليت شعري من للمشكلات اذا
ما حل منها عويص يبهم الفهما

وللعلوم التي تخفي غوامضها
على الفحول من الأحبار والعلما


ص -110-

من للأرامل والأيتام ان كلحت
غبر السنين وأبدت ناجذا خذما

فقل لمن غره في دهره مهل
فضل يمري بحال الصحة النعما

لا تستطل غفوة الأيام ان لها
وشك انتباه يري موجودها عدما

أما ترى الشيخ عبد الله كيف مضى
وكان عقدا نفيسا يفضل القيما

عشنا به حقبة في غبطة فأتى
عليه ما قد أتى عادا أخا ارما

وقبله اختلست ساما وإخوته
أيدي المنون وأفنت بعدهم أمما

لهفي عليه ولهف المسلمين معي
لو ان لهفا شفى من لاهف سدما

ولهف مدرسة بالعلم يعمرها
ومسجد كان فيه ينثر الحكما

فالله ينزله عفوا ويرحمه
فانه جل قدرا ارحم الرحما

ثم الصلاة على من في مصيبته
لنا العزاء اذا ما حادث عظما

محمد خير مبعوث وشيعته
وصحبه ما أضاء البرق مبتسما


ص -111-

آخرها رحم الله الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف وغفر له فإن له في قلوب جميع أهل نجد منزلة عظيمة لا تسمو إليها أي منزلة ولا أدل على ذلك من بقاء ذكره بالجميل والثناء جاريا على ألسنتهم رغم مرور نيف ونصف قرن من الزمن على وفاته وهذا يرجع إلى ما اتصف به من العلم والعمل وكرم الخلق والجود والتواضع الجم والإنصاف وصيانة العلم -رحمه الله- وأسكنه فسيح جنانه انه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -112-

الشيخ حسن بن حسين
هو العالم الورع الفاضل التقي الشيخ حسن بن حسين بن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ولد بمدينة الرياض سنة ست وستين ومائتين وألف من الهجرة ونشأ بها وقرأ القرآن حتى حفظه نظرا وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة العلم على الشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف والشيخ عبد الرحمن بن عدوان. تولى قضاء الأفلاج في أيام محمد العبد الله الرشيد ثم نقله من الأفلاج إلى بلدة المجمعة عاصمة سدير فصار قاضيا لها ولكافة بلدان سدير ثم ولاه القضاء في مدينة الرياض.
تلامذته:
أخذ عنه العلم عدد كثير منهم:
ابناه الشيخ عبد الله، والشيخ عمر.
والشيخ محمد بن عبد اللطيف والشيخ عبد الرحمن بن سالم.
والشيخ إبراهيم السياري والشيخ أحمد أبو حسين .
والشيخ محمد بن حميد وغير هؤلاء خلق كثير.
مؤلفاته:
له عدة رسائل في مجموع الرسائل والمسائل النجدية.


ص -113-

وفاته:
توفي -رحمه الله- بمدينة الرياض عام 1341 في ذي القعدة وصلي عليه بعد العصر في جامع الرياض الكبير وأم الناس بالصلاة عليه الشيخ حمد بن فارس وشيعه خلق كثير من الأعيان والعلماء ودفن في مقبرة العود وخلف أربعة أبناء الشيخ حسين توفي في حياة والده ببلدة عجمان والشيخ عبد الله رئيس القضاة في حياته -رحمه الله- والشيخ عمر رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الوسطى والشرقية والشيخ عبد الرحمن إمام القصر1 -رحم الله الشيخ حسناً وجميع علماء المسلمين وعامتهم وعفا عنهم انه سميع مجيب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القصر هو قصر الحكم بمدينة الرياض.


ص -114-

الشيخ عمر ابن الشيخ عبد اللطيف
هو الشيخ الفاضل عمر ابن الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. ولد بمدينة الرياض سنة ألف ومائتين وأربع وثمانين من الهجرة ونشأ بها وحفظ القرآن نظرا وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة العلم على أخيه الأكبر الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف، ولما استولى جلالة الملك الراحل عبد العزيز آل سعود على مدينة الرياض سنة 1319هـ وأخذ في توحيد الجزيرة وتخليص بلدانها من المغتصبين غزا معه عدة غزوات ولما توفي أخوه العلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف سنة 1339هـ ولاه الملك عبد العزيز خطابة جامع الرياض الكبير وصلاة العيدين خلفاً لأخيه الشيخ عبد الله واستمر في خطابة الجامع وصلاة العيدين إلى ان أسن وضعف جسمه وكان -يرحمه الله- كريما وصولا للرحم فيه صراحة صارمة وحسن نية وطيبة قلب.
توفي سنة ألف وثلاثمائة وخمس وستين من الهجرة بمدينة الرياض وصلي عليه بمسجد الجامع الكبير وقبر بمقابر العود وخلف أربعة أبناء هم: عبد الرحمن1، وعبد الله، وعبد اللطيف، وعبد الملك.غفر الله له وأسكنه فسيح جنته انه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عبد الرحمن توفي فيما بعد –رحمه الله.


ص -115-

الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد اللطيف
هو الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. ولد بمدينة الرياض سنة 1288ه وتوفي والده الشيخ عبد اللطيف سنة 1293ه فكفله أخوه الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ عبد اللطيف ولما بلغ السابعة من عمره أدخله عند مقرئ يدعى عبد الرحمن بن مفيريج فحفظ القرآن ثم شرع في قراءة العلم على أخيه العلامة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وعلى الشيخ محمد بن محمود وعلى الشيخ حمد بن فارس ثم عين قاضياً لهجرة ساجر الهجرة المعروفة في السر بنجد عند سكانها الروقة ثم عين في هجرة عروى سنة 1342ه لدى أميرها جهجاه بن حميد، وصحب الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في دخوله مكة المكرمة سنة 1343ه وفي سنة 1350ه عين قاضياً للخرج إلى سنة 1357ه حيث استعفى من القضاء وأقام بمدينة الرياض وخطب بالمسجد الجامع الكبير نحو سنة وتوفي -رحمه الله- سنة 1366ه بمدينة الرياض وخلف أربعة أبناء هم الشيخ عبد الله والشيخ عبد العزيز ومحمد وحسن، رحمه الله وعفا عنه وبارك في ذرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب وجعلهم نصرة لدينه انه سميع مجيب.


ص -116-

الشيخ محمد ابن الشيخ عبد اللطيف
هو العالم الجليل الشيخ محمد ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن ابن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. ولد بمدينة الرياض سنة 1282هـ، ونشأ بها وقرأ القرآن في حياة والده الشيخ عبد اللطيف، ثم اشتغل بالقراءة في العلم على أخيه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف والشيخ محمد بن محمود وغيرهما من علماء وقته، وقد تقلب في عدة وظائف دينية منها قضاء مدينة شقراء وبعثه الملك عبد العزيز سنة 1339هـ إلى عسير وغامد وزهران لبث الدعوة إلى الله سبحانه وكتب رسالة في ذلك وتولى القضاء في الرياض وجلس في داره لطلاب العلم يقرأون عليه. وقد جمع مكتبة عظيمة أكثرها مخطوطات آلت بعده إلى ولده عبد الرحمن وسافر إلى مصر عام 1358ه لعلاج عينيه. ترجم له خير الدين الزركلي في الأعلام وتوفي –رحمه الله- بمدينة الرياض يوم الأحد ثاني جمادى الآخرة سنة 1367هـ وخلف ثلاثة أبناء هم: عبد الرحمن وعبد الله1 وإبراهيم وقد رثاه الشيخ صالح بن سليمان بن سحمان بقصيدة طويلة مطلعها:

زين الورى جد في الترحال وقالا
وطودها الجبل الراسي لها زالا


-رحم الله- الشيخ محمد ابن الشيخ عبد اللطيف وغفر له وعفا عنه فقد كان جواداً كريماً وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 توفي ابنه عبد الله بعد وفاته بخمس سنوات وخلف عدة أبناء منهم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبد اللطيف والشيخ عبد العزيز المذكور هو خطيب الجامع الكبير بمدينة الرياض تولى الخطابة بعد وفاة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله-.


ص -117-

الشيخ صالح بن عبد العزيز
هو العالم الورع التقي الفاضل الشيخ صالح بن عبد العزيز ابن الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
مولده:
ولد ببلدة السلمية1 من بلدان الخرج بنجد عام 1287ه وتوفي والده وهو في السابعة من عمره، فانتقل مع والدته إلى مدينة الرياض مقر أخواله وعشيرته فنشأ في كفالة ابن عمه الشيخ حسن2 وقرأ عليه القرآن حتى ختمه نظرا وعن ظهر قلب وقرأ عليه مبادئ العلوم ومختصرات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ولما بلغ سن الرشد تزوج واستقل بنفسه وأخذ بأسباب البيع والشراء فمنحه الله التوفيق ووسع له في الرزق ولم يصده ذلك عن تعلم العلم النافع ومواصلة الطلب بل صار له خير حافز ومعين.
مشائخه:
شرع في القراءة على الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف في العقائد والحديث والتفسير، وقرأ عليه منهاج السنة لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ولد بهذه البلدة لأن جده الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين كان يشغل منصب القضاء في الخرج للإمام تركي ثم لابنه الإمام فيصل.
2 هو الشيخ حسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب تزوج والدة المترجم له الشيخ صالح بن عبد العزيز بعد وفاة زوجها عبد العزيز فنشأ المترجم له الشيخ صالح في كفالته حتى بلغ سن الرشد ثم استقل بنفسه كما أشرنا في الكلام أعلاه.


ص -118-

تسميعا من أوله إلى آخره ولازمه ملازمة تامة، وقرأ على الشيخ عبد الله الخرجي والشيخ حمد بن فارس في الفرائض وقرأ في الفقه على الشيخ الفقيه محمد بن محمود. وكان -رحمه الله- مهاباً قوي البنية فيه حمية دينية ووطنية صادقة.
لما استولى الملك عبد العزيز على مدينة الرياض سنة 1319هـ وقضى على حامية ابن رشيد وأمر ببناء سور مدينة الرياض وتحصينها عن العدو بأسرع ما يمكن قام المترجم ببناء قسم كبير من السور بيده وأجرة العمال الذين يساعدونه في البناء على حسابه ثم أخذ بعد ذلك يغزو غزوات عديدة مع الملك عبد العزيز آخرها غزوة جراب1 وقد جرح في تلك الغزوة وأبلى فيها بلاء عظيما.
توليه قضاء الرياض:
وفي سنة 1337هـ ولاه الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- قضاء مدينة الرياض وقراها للحضر وعين قبله لقضاء البوادي الشيخ سعد بن حمد ابن عتيق، وبعد وفاة الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ضم إليه الملك قضاء البادية فصار يقضي بين البادية والحاضرة وكان -رحمه الله- مثال القاضي النزيه العادل في أحكامه واستمر في وظيفة القضاء المذكورة إلى سنة 1352هـ حيث أصيب بألم شديد في رأسه وعينيه استعفى بسببه عن القضاء فأعفاه الملك عبد العزيز -رحمه الله- وألح عليه الملك في السفر إلى مصر لعلاج رأسه وعينيه فسافر إلى مصر على نفقة الملك عبد العزيز سنة 1354هـ ومكث بها نحو أربعين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 جراب منهل معروف في شمال جبل مجزل قرب إقليم سدير بنجد ذكره الهمداني في صفة جزيرة العرب ص 128 وأورد عليه هذا البيت:

سقى الله أمواهاً عرفت مكانها
جراباً وملكوماً وبذر والغمرا


وذكره البكري:
وجراب حدثت فيه وقعة بين الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وبين سعود بن عبد العزيز ابن رشيد عام 1333هـ.


ص -119-

يوماً تحت العلاج ثم رجع بدون جدوى، ولازمه هذا الألم الشديد نحو مدة عشرين سنة.
تدريسه وتلامذته:
كان –يرحمه الله- في حال صحته وعافيته إماما يصلي بالناس الفروض الخمسة في مسجده الذي يقع في الجهة الشرقية الشمالية "بحي دخنة"1 ويعرف باسم مسجد ابن شلوان2 فإذا صلى الظهر جلس بهذا المسجد لطلبة العلم يقرأون عليه في زاد المستنقع وغيره من كتب العلم إلى قريب العصر فأخذ عنه العلم عدد كثير اعرف منهم ابنه الشيخ محمدا والشيخ عبد العزيز بن سوداء.
وفاته:
تمكن منه المرض الذي ذكرناه آنفا وألزمه الفراش مدة خمس سنوات وتوفي آخر شعبان سنة 1372هـ بمدينة الرياض عن عمر بلغ خمسا وثمانين سنة وحزن عليه الخلق وصلى عليه الناس بالمسجد الجامع الكبير وحمل على أكتاف المشيعين إلى مقبرة العود ودفن بها وخلف ستة أبناء هم: عبد الله3 والشيخ محمد، وحسين، والشيخ إبراهيم4 وعبد المحسن، وأحمد.
رحم الله فقيد العلم والورع الشيخ صالح بن عبد العزيز وغفر له وأسكنه فسيح جناته انه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وهذه محلة من محلات مدينة الرياض.
2 نسبة إلى أمامه الأول عبد العزيز بن شلوان أحد قضاة الرياض زمن الإمام فبصل.
3 توفي ابنه عبد الله عام 1384ه تقريباً -رحمه الله-.
4 ابنه الشيخ إبراهيم ابن الشيخ صالح جامعي ويشغل الآن وظيفة مدير إدارة دار الإفتاء العام.


ص -120-

الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ
هو صاحب السماحة العلامة الفاضل الجليل الشيخ عبد الله ابن الشيخ حسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رئيس القضاة في حياته -رحمه الله-.
ولد هذا العالم الشهير ببلدة الرياض في اليوم الثاني عشر من محرم الحرام سنة ألف ومائتين وسبع وثمانين من الهجرة، ونشأ في أحضان والده الشيخ حسن فقرأ القرآن حتى حفظه وعمره عشر سنوات، ثم حفظه غيباً عن ظهر قلب وشرع بعد ذلك في القراءة وطلب العلم فأخذ العلم عن علماء أجلاء منهم والده علامة زمانه الشيخ حسن ابن الشيخ حسين والشيخ العلامة الجليل عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف والشيخ إسحاق ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن والشيخ محمد بن محمود والشيخ العلامة حمد بن فارس أخذ عنه علم النحو وأخذ عن الشيخ عبد الله بن راشد بن جلعود العنزي علم الفرائض وقرأ على الشيخ العالم الجليل سعد بن حمد بن عتيق في الفقه ومصطلح الحديث وأسماء الرجال والتفسير وأجازه الشيخ سعد فيما تجوز له روايته من كتب الحديث والتفسير وأخذ علم التجويد عن الشيخ علي بن داود تلميذ الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن.
وعين في أول حياته إماما لمسجد الإمام عبد الرحمن بن فيصل المشهور بمسجد الديوانية وذلك سنة 1323ه واستمر يصلي به إلى سنة 1337ه ثم تركه وذلك أن الملك عبد العزيز احتاج إلى علماء يمتازون بالمعرفة والعلم وطيب


ص -121-

الأخلاق ورحابة الصدر فاختار عدة علماء من أهل نجد وأمرهم بالذهاب إلى الهجر عند رؤساء العشائر والبوادي المعروفين بالإخوان وذلك لبث الدعوة الصحيحة فيهم على المنهج السوي الموافق للكتاب والسنة وتعليمهم واجبات الإسلام وتحذيرهم من الزيادة والغلو في الدين.
وكانت هجرة الارطاوية التي يرأسها فيصل بن سلطان الدويش رئيس عشائر مطير من أهم تلك الهجر وأكبرها حيث كان يسكنها في ذلك الوقت ما يربو على عشرين ألفاً من المجاهدين، فلم يجد الملك عبد العزيز من يصلح لها إلا الشيخ عبد الله بن حسن فأمره الملك بالذهاب إليها فذهب الشيخ إلى هذه الهجرة المعروفة بالارطاوية وأقام بها سنة وبضعة أشهر، ثم طلبه الملك فرجع إلى الرياض وقد خلف بهذه الهجرة المذكورة أثراً طيباً وذكراً حميداً حيث صار له بين الإخوان المقيمين بها طاعة وإجلال وشهرة بالتقى والعلم والصلاح تربو على الحد والتصور، فلقد أحبه الإخوان المقيمون بتلك الهجرة وودوا لو أقام بينهم مدة حياته فطلبوا من الملك عبد العزيز إبقاء الشيخ عندهم وألحوا في الطلب، ولكن احتياج الملك للشيخ حال بينهم وبين تحقيق رغبتهم لدى الملك، فقد عينه جلالة الملك عبد العزيز قاضياً للجيوش مع جلالته -رحمه الله- فباشر ذلك وغزا مع الملك غزوات كثيرة وحضر معه مدينة حائل سنة 1340ه.
ولما جهز جلالة الملك عبد العزيز ابنه جلالة الملك فيصل لتأديب المتمردين في عسير والخارجين عن طاعة الملك عبد العزيز من آل عائض وغيرهم انتدب الملك عبد العزيز الشيخ عبد الله واختاره مرافقا لابنه فيصل وقاضيا للجيش وذلك في شهر شوال آخر سنة 1340ه فكان فيصل حفظه الله يحترم الشيخ عبد الله ويعمل بمشورته. وقد تم لفيصل النصر على المتمردين والعصاة واستولى على عسير وأمر فيها أحد رجاله سعد بن عفيصان من أهل الخرج وأبقى معه خمسمائة من الجند وعاد فيصل ومعه الشيخ عبد الله إلى والده في الرياض في شهر جمادى الثانية ظافرا منتصراً.


ص -122-

ولما استولت جيوش الملك عبد العزيز على الطائف ومكة المكرمة سنة 1343ه وسار جلالة الملك عبد العزيز من نجد إلى مكة صحب معه الشيخ عبد الله قاضياً لجيشه فحضر معه الشيخ حصار جدة إلى أن تم تسليمها، فعينه جلالة الملك عبد العزيز إماما وخطيباً للمسجد الحرام فشغل هذا المنصب واستمر فيه إلى أن صدرت الإرادة السنية من الملك عبد العزيز بتعيينه رئيساً للقضاة بالحجاز وذلك سنة 1346ه ثم أسند إليه الملك زيادة على ذلك الأشراف على الحرمين والمدرسين فيهما وأسند إليه وظائف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وملاحظة المساجد والإشراف عليها واختيار الأئمة وتعيينهم وتوزيع الكتب المطبوعة على نفقة الملك عبد العزيز على المستحقين من طلاب العلم والمعرفة.
وأسند إليه مع هذا مهمة اختيار الوعاظ والمرشدين وبعثهم إلى القرى والبوادي لإرشادهم وتعليمهم واجبات الإسلام وأمور الدين، فقام -رحمه الله تعالى- بأعباء كل ما أسند إليه خير قيام.
وكان إلى جانب كل ما ذكرناه من الأعمال قائما بنشر العلم وتدريسه في الرياض ثم في الحجاز، فقد أخذ عنه العلم في نجد وفي الحجاز خلق لا يحصون نذكر من فضلائهم في هذه الترجمة المقتضبة أخوه العلامة الشيخ عمر ابن الشيخ حسن، والشيخ العلامة محمد بت عثمان الشاوي، والشيخ فالح بن عثمان الصغير، والشيخ عبد الرحمن بن داود، والشيخ عبد الرحمن بن عقلا، والشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري الملقب بأبي حبيب، والشيخ عبد العزيز بن سوداء، وعلي بن زيد، وإبراهيم بن حسين. هؤلاء قرأوا عليه العلم في نجد وأخذ عنه العلم بالحجاز عدد كثير نذكر من فضلائهم محمد عبد الظاهر أبا السمح أمام الحرم المكي قرأ عليه في رد عثمان بن سعيد الدارمي وسمع عليه قراءات كثيرة في التوحيد والحديث والتفسير، وقرأ عليه الشيخ سليمان أباظة الأزهري فتح المجيد من أوله إلى آخره، وقرأ عليه الشيخ علي بن محمد الهندي


ص -123-

كتبا كثيرة وأمر عليه مجموع الرسائل والمسائل النجدية جمع ابن قاسم من أوله إلى آخره وكان هذا المجموع أربع مجلدات كبار أخذ المذكور في قراءتها على الشيخ نحو ثلاث سنوات، وقرأ عليه ابنه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله في الفقه والتوحيد وكتاب تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد للشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله وكان الكتاب ذلك اليوم مخطوطاً غير مطبوع وقد طبع فيما بعد، وقرأ عليه ابنه الشيخ محمد القرآن الكريم وقواعد التجويد ومؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وقرأ عليه ابنه معالي الشيخ حسن وزير المعارف في هذا العهد السعيد مبادئ العلوم وختم عليه القرآن الكريم عدة مرات وبالجملة فقد كانت داره الرحيبة المطلة على الحرم الشريف والمعروفة بالداوودية1 عامرة بالقراءات ينتابها رواد العلم وطلاب المعرفة يتزودون من العلوم والفنون.
وقد كان الشيخ –رحمه الله- من خيرة البقية الباقية من علماء دعوة التوحيد والدين وقورا مهيبا أمارا بالمعروف نهاءا عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان على سمت علماء السلف الصالح وهديهم بعيدا عن مفاتن الحياة والتهالك على الدنيا، مثابرا على أعمال البر والخير وواجبات العلم والدين وقائماً بكل ما وكل إليه من أمور المسلمين على الطريقة السوية والوجه الأكمل إلى أن توفاه الله في يوم السبت سابع رجب الساعة الثانية ليلا سنة 1378هـ عن واحد وتسعين عاما أمضاها في نشر العلم وبث الدعوة وخدمة الإسلام ونصرة الدين، وقد وجم الناس لموته -رحمه الله- وحزنوا عليه حزنا شديدا وصلوا عليه بالمسجد الحرام وحضر الصلاة عليه سعود بن عبد العزيز وشيعه إلى المقبرة وخرج الناس والأعيان والرؤساء معه، فدفن بمقابر العدل بمكة المكرمة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 دخلت مع رباط الداوودية في توسعة مشروع الحرم سنة 1380ه تقريباً.

تتخلف الآثار عن أربابها
حيناً ويدركها الفناء فتتبع


-رحم الله- الشيخ عبد الله فانه كان من العلماء العاملين والأجواد المحسنين.


ص -124-

وقد رثاه –رحمه الله- العلماء ورجال الفضل والأدباء نثرا ونظماً وذلك على صفحات الصحف المحلية وحسبنا أن نشير في هذه الترجمة الموجزة إلى بعض من رثاه وهم أخوه العلامة الشيخ عمر بن حسن وابنه معالي الشيخ حسن والشيخ صالح جمال والشيخ عبد الله خياط أحد أئمة الحرم وخطبائه والأستاذ أحمد عبد الغفور عطار والشيخ عبد الله البسام قاضي المستعجلة الثالثة بمكة المكرمة1 والأستاذ مصطفى حسين عطار مدير التعليم بمكة المكرمة والشيخ محمد عبد الرحيم قاضي مستعجلة المدينة والشيخ علي بن محمد الهندي والشيخ سعيد بن عبد العزيز بن جندول ومحرر هذه الترجمة عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ وعبد العزيز عبد الرحمن آل الشيخ والشيخ عمر عبد الجبار2. هؤلاء المذكورون رثوه نثراً وقد رثاه شعرا أديب الحجاز وشاعرها الكبير الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي نائب رئيس مجلس الشورى بمكة المكرمة والشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل المستشار الشرعي لديوان المظالم والشيخ عبد الله بن محمد بن خميس الكاتب الشهير والأستاذ محمد بن مقحم -رحمه الله- لأنه توفي بعد ذلك ورثاه غير من أوردنا أسماءهم خلق كثير وحسبنا أن نذكر في هذه الترجمة المقتضية مرثية ابنه معالي الشيخ حسن ونعقبها بذكر مرثية الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي:
كلمة الشيخ حسن عن والده:
هم يريدون مني أن أتحدث عن والدي والحيرة والتردد يسيطران على مشاعري وأحس إحساساً غريباً لا أستطيع تصويره، يتملك جوانحي وكيف أتحدث عنه والفجيعة بفقده أخرست الألسن وهول رحيله أدمى القلوب.؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نقل الشيخ عبد الله البسام بعد ذلك إلى رئاسة محكمة الطائف ثم نقل منها إلى عضوية هيئة التمييز بالمنطقة الغربية بمكة المكرمة وفضيلته من خيرة رجال العلم والقضاء.
2 توفي الشيخ عبد الجبار بعد ذلك صباح السبت سادس عشر محرم عام ألف وثلاثمائة وأحد وتسعين من الهجرة وكانت ولادته سنة 1320 ه بمكة -رحمه الله وعفا عنه وغفر له-.


ص -125-

نعم، كيف أستطيع الحديث عنه وأنا لم أجد في موته أبلغ من الصمت الحزين عليه؟! إنها مهمة صعبة وقاسية تلك التي أحاول أن أدفع بنفسي أو يحاول من أحب أن يدفع بي إليها.
وأنا وبياني العاجز وقلمي المتعثر مجموعة لا أطن أنها مستطيعة أن تبلغ شأواً ولو كان قصيراً في هذا الميدان ولكني أجدها مناسبة كريمة أن أفتتح هذه الرسالة التي جمعت مشاعر الوفاء والنبل مما شاء إخوة كرام أن يشاركونا به في مصابنا الجلل ولهم شكرنا ومن الله الأجر والمثوبة.
وانا –حينما أحاول أن أقدم هذه الرسالة- أجد الجرح الذي أوجده فراقه الأليم –على غوره- لم يندمل وأحس الحزن على مصابنا فيه -على عمقه- لم يتوار ولكن لا نقول إلا كما الصابرون {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} واعتقد أن من الصعوبة بمكان أن أتحدث عن شخصية والدي –رحمه الله- لأنها شخصية متعددة الجوانب ولكن لا أجد ضيراً إذا استعرضت ما يحضرني من صفاته وأقواله ان كنت لست بمستطيع في هذه العجلة أن أكتب كما أريد.
كان -رحمه الله- حريصا كل الحرص على تعاليم دينه، وعلى فضائل الأخلاق وكان صارما في الخير وقويا في التوجيه يتعهدنا بالنصائح الجامعة والمواعظ البالغة ويقول:
" إياكم والدنيا والحرص عليها فقليلها يكفي المرء كساء وقوتا ولا تطلبوها بإضعاف دينكم" كان يغضب لو أقيمت الصلاة ثم وجد أحد أفراد حاشيته يؤدي بعض الفوائت ويقول "ان من يتهاون في ركعة قد يؤول به الحال إلى فقدان الاهتمام بأدائها جماعة لفي أول وقتها اذا حان وقت الأذان" كانت الصلاة شغله الشاغل حتى يؤديها غفر الله له ورضي عنه.
كان حريصا على إتباع السنة في كل قول وفعل يكره أشد ما يكره التساهل في مندوب أو مستحب ويقول: احرصوا عليهما لأنهما سياج يحمي الواجب الذي يتحتم القيام به. يحب في الله ويبغض فيه لم يكن حبه ولا بغضه لدينا أو


ص -126-

جاه أو شرف. كثير العطف على الفقراء والمساكين يؤنسهم بحديثه ويقبل عليهم بوجهه حتى أن أحدهم يقبل عليه وهو يرتجف هيبة ووقارا ثم يتحدث إليه برفق وبساطة حتى يعيد إليه هدوءه وانسه متواضع لا يعرف الكبر ولا العجب سبيلا إلى نفسه وقلبه، يكره التفريط في الوقت وإضاعته، كنت لا أراه إلا ممسكا بكتاب يقرؤه قراءة الباحث المنقب.
ولما ضعف بصره استبدل بقراءته قارئا يصحبه أينما كان وكثيرا ما تشرفت بالقراءة عليه كان لا يدع القراءة إلا ليعود إليها وبين المغرب والعشاء تكون داره أشبه بندوة علمية يحضرها طلبة العلم وكلهم ممسك بكتابه واحدهم يقرأ حتى يرتفع صوت المؤذن يدعو لصلاة العشاء ويقول: "عليكم بالدأب على قراءة النافع من الكتب فهي أفضل ما أنفقتم أوقاتكم فيه "كان حريصا على صلة الرحم وكم تحمل في سبيل ذلك من الأذى وكان يلقي الجحود والنكران وكنا نشفق عليه من سماع ما يوجه إليه ولكنه يخلف ظنوننا ويتلقى كل ذلك بهدوء المؤمن الصابر ويقول: "هذا لا يضرني" واذا بلغ به ما سمعه كان يقول: هداهم الله ولقد سمعته ومعي غيري يقول: من نعمة الله على أنني لم أحدث نفسي يوما بالانتقام لهل وقد عودني ربي أن يدافع عني وكان مرافقوه شديدي الدهشة على هذه المواقف الكريمة التي كان يقفها ممن يريد الإساءة إليه اذ كان يقابل إساءتهم بالصفح والتجاوز فعاش سليم الصدر لم يبت ليلة حاقدا على أحد ولم ير غاضباً لنفسه بل لم يكن يغضب إلا اذا تناهى إلى مسامعه انتهاك حرمات الله أو مجاهرة بمنكر أو الإقدام على معصية انه حينذاك يثور ولا يهدأ حتى ينتصر لحدود الله مهما كان معتديها. فعلمنا دروسا كريمة نبيلة قال لي يوما –ويده اليمنى يتخلل بأصابعها لحيته البيضاء- طيب الله ثراه- قال: اسمع يا بني لا تحاول يوما ان تنتصر لنفسك فانك ان كنت على حق فسيدافع الله عنك وان لم تكن عليه فليكن حديثهم عنك دافعا لك إلى العودة إلى الحق الذي لا أرتضي لك مجاوزته. وقال لي يوما: أوصيك بصلة رحمك فصلتها خير لك في دنياك وآخرتك. وكثيرا ما استشهد بالأحاديث النبوية


ص -127-

التي تحث على صلة الرحم ويردد قول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه "ليس الواصل بالمكافئ" لقد أوذي في حياته ممن هم دونه ولكنه صمد صابرا صافحا مسامحا وعاش حياته كذلك، ثم خرج منها سليم الصدر رفيع المكانة لم يستطع إنسان أن ينال من مكانته وقدره محبوبا مرهوب الجانب لأنه كان صادقا فيما يقول ويفعل. فأجمع الناس -بحمد الله- على محبته.
وكان لا يزداد كل يوم إلا عزة ورفعة وكان كثيرا ما يردد: أخشى أن يكون ما أنا فيه استدراج من الله لي فأنا كل يوم في نعمة جديدة. ثم تختلج الكلمات بين شفتيه وهو يكاد يبكي كانت مجالسة عامرة بذكر الله والحث على التواصي بالخير والزهد في الدنيا والتقليل من شأنها والتحسر على ما وصلت إليه حالة المسلمين اليوم من فقدان الموالاة في الله والمعاداة فيه. وكان يروي وقائع في هذا المجال تكاد تكون مستحيلة الوقوع لبعد حاضرنا عنها. كان يعلمنا الإخلاص في العمل ويقول: أخلصوا في أداء ما أنيط بكم من أعمال تفوزوا برضاء الله تعالى وحسن توفيقه. إنكم مسؤولون عن أعمالكم فراقبوا الله في أدائها على النحو الذي يرضيه ان ما يعطى لكم من هذا المال كمرتب لقاء أعمالكم لا تستحلوه حتى تقوموا بها كاملة ترضي الله.
واشتد به مرضه وكان يتنقل على الكرسي ذي العجلات الأربع ويقول: لماذا لا أذهب لعملي؟! والأطباء يؤكدون ضرورة راحته وعرض ما يراد عرضه عليه في فراشه وهو يقول: هذا مستحيل لا بد من القيام بعملي وكيف يحل لي تركه وأنا أستطيعه؟ وكانت تقوم محاولات عنيفة تنتهي غالبا بهزيمتنا ونصائح الأطباء أمام عزيمته القوية وينقل إلى مقر عمله وهو يحمل آثار المرض رضي الله عنه وأرضاه.
وكان يحمل على الدنيا ويقلل من شأنها ويحذر من الاغترار بها وينحي باللائمة على من يكنزون أموالهم ويقول: لا تنفعهم فهي وبال عليهم في الدنيا والآخرة.وقال لأكثر من واحد من جلسائه: انه يتضايق اذا علم بوجود نقود تفيض عن حاجته لديه.


ص -128-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 15:33

يرحمه الله... كان نادر المثيل وكانت فجيعتنا بفقده أكبر من الوصف وأجل من التصوير ولئن رزئنا بفقده فإن أهدافه الكريمة وخلائقه الفاضلة ستظل بإذن الله هدفنا ورائدنا.
ولقد مات راضي النفس قرير العين يلهج بذكر الله وينادي وهو في أشد حالات المرض من حوله ويقول: هل صلينا؟.. اذا حضرت الصلاة فأعلموني....
كانت هذه كلماته حتى قبيل موته بساعات ولست أزكيه على ربه ولكن أستعرض ما أشرت إليه ليوقظ في نفوسنا الشعور بالعلاقة المتينة التي تربط المسلم بربه والتي يجب أن تظل قوية الأصل متينة الجذور.. رحمه الله رحمة واسعة وأسبغ عليه شآبيب رحمته ورضوانه وجزاه عنا خير جزاء وأفضله وشمل تقصيره وقصور عمله بعفوه الشامل ورحمته الواسعة ولا حرمنا أجره ولا فتنا بعده... انه جواد كريم.
وقال الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي يرثي سماحة المترجم له الشيخ عبد الله بن حسن هذه القصيدة المؤثرة البليغة:

ما للعيون بمائها تتحجر
وقلوبنا بالحزن فيه تفجر

حبر من الرحمن يفجع نعيه
كانت به التقوى تعز وتفخر

من خير آل الشيخ من أعلامهم
وجميعهم بالباقيات مؤزر

لله عمر في الجهاد قضيته
يزهو به التوحيد وهو يكبر

كافحت فيه عن الشريعة مؤمنا
وأمرت بالمعروف حيث المنكر

وجعلت دأبك دعوة الصدق التي
لا يمتري فيها ولا هي تكفر

خلق كأنفاس الربيع مدرع
بالعلم وهو عن الرسالة يصدر

ما كنت إلا كوكبا متوقدا
وبك الجوامع كلها تتنور

قبل الآذان إلى الصلاة مبادرا
والليل داج والرياح تزمجر


ص -129-

في خشية لله دون جمالها
ما ضمت الدنيا وما هي تؤثر

والحق أنك في خشوعك آية
ويقينك الحصن الذي لا يقهر

تسعى إلى الصلوات في أوقاتها
دلجا وتنذر بالهدى وتبشر

تلقاء بيت الله بين حطيمه
عند المقام مكانك المتخير

كم كنت تدعو للمهيمن هاديا
ومذكرا وكم انتضاك المنبر

وكم اقتدى بك عالم ومعلم
ومهلل ومحلق ومقصر

وكم الحجيج أفاض من عرفاته
حججا وأنت خطيبه المتوقر

هيهات يجحد فضلك القمر الذي
تشدو به شتى البلاد وتجهر

ما كنت إلا من مصابيح الهدى
ولك المواقف والعوارف تشهر

تفنى العصور وأنت فيها خالد
بالصالحات وبالمحامد تذكر

مهما استفاض الشعر فيك مراثيا
فهو المقصر والمقارب يؤجر

ورجاؤنا في الله أنك عنده
ممن رضوا عنه وفيه استبشروا

والموت حق والحياة مراحل
وبنوك دين الله فيهم ينصر

ولنا العزاء بهم وهم في شملهم
لك قرة وبنورهم نتبصر

يا حافظا لله وهو مودع
ومطيعه والكائنات تفطر

لك في جنان الخلد ما تجزى به
ولنا بمن خلقت كنز يبهر


وقد أنجب الشيخ عبد الله بن الشيخ خمسة أبناء هم الشيخ محمد مدير الشؤون الدينية بالمنطقة الغربية, ومعالي الشيخ عبد العزيز وزير المعارف سابقا وخطيب الحرم المكي حاضرا، ومعالي الشيخ حسن وزير المعارف في هذا العهد المبارك السعيد، وقد عرف معالي الشيخ حسن آل الشيخ بكتاباته الإسلامية ومحاربته البدع ومناصرة الإسلام والدين. وكتاب "دورنا في الكفاح" الذي ألفه معاليه بعض من كفاحه ونضاله الدائب عن الإسلام وحرمات الدين، وقد عرف معالي الشيخ حسن زيادة على هذا بتشجيعه لرجال التأليف والإنتاج
ص -130-

من العلماء والأدباء المخلصين لدعوة الإسلام والدين حيثما كانوا.
حفظ الله معاليه وأسبغ عليه نهمه ظاهرة وباطنة.
وقد خلف الشيخ عبد الله غير هؤلاء الأبناء الثلاثة ابنين هما: إبراهيم وأحمد -رحم الله- الشيخ عبد الله وأسكنه فسيح جنته ورضي عنه وأرضاه والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -131-

الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم
هو الفاضل الذكي الشيخ عبد اللطيف ابن إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب. ولد بمدينة الرياض عام 1315هـ ونشأ بها وقرأ القرآن نظرا، ثم شرع في قراءة العلم على عمه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف وعلى الشيخ حمد بن فارس وعلى الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، وقرأ الفرائض على الشيخ الفرضي عبد الله بن راشد بن جلعود العنزي وتبحر في هذا الفن وشارك في غيره من العلوم.
جلس لطلاب العلم بعد صلاة المغرب في الفرائض وجلس لهم بعد صلاة الفجر في الأجرومية في النحو وتولى إدارة المعهد العلمي عند افتتاحه سنة 1370هـ ثم صار مديرا عاما للمعاهد والكليات ثم نائبا لأخيه الشيخ محمد رئيس الكليات والمعاهد العلمية.
له معرفة بالعروض ويقرض الشعر، له قصيدة طويلة رثاء في عمه الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف، وله قصيدة طويلة تبلغ مائتي بيت رد بها على قصيدة صبحي الحلبي مطلعها:

صحي القلب عن ذكر الحسان الكواعب
وعن مدح بيض فاحمات الذوائب

ووصف لآرام نعمن بوجرة
وندب لاطلال عفت بالسباسب


وكان إلى جانب ما يقوم به من الأعمال والتدريس يجلس في داره من بعد صلاة الظهر إلى قريب أذان العصر وكاتبه عن يمينه يكتب بين الناس وثائق


ص -132-

البيع والشراء في العقارات من الدور والأراضي والنخيل وقد طبع على نفقته كتاب "رفع الايهام والاضطراب عن آي الكتاب" للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، كما طبع الرد1 الجهمية تأليف عثمان2 بن سعيد الدارمي الشافعي المتوفى سنة 280هـ.
جزاه الله خيرا، توفي في ثالث شوال عام 1386هـ بمدينة الرياض وحزن عليه الناس وصلي عليه بجامع الرياض الكبير ودفن بمقبرة العود وخلف ابنين هما: عبد الله ومحمد. -رحمه الله- وغفر له وأسكنه فسيح جنته، انه لسميع مجيب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) طبع في مطابع منشورات المكتب الإسلامي ببيروت.
2) هو عثمان بن سعيد الدرامي الذي له رد على بشر المريسي واسمه بالكامل عثمان بن سعيد ابن خالد الدارمي السجستاني محدث هراة وصاحب كتاب النقض علي بشر المريسي الذي طبع بعنوان "رد الإمام عثمان بن سعيد علي بشر المريسي العنيد" وذلك بطبعة أنصار السنة المحمدية بمصر عام 1358هـ على نفقة محمد حامد الفقي –رحمه الله-.


ص -133-

الشيخ محمد بن إبراهيم
هو العلامة الجليل الأصولي المحدث الفقيه الشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها في حياته –رحمه الله-.
مولده:
ولد في مدينة الرياض في السابع عشر من شهر محرم سنة ألف وثلاثمائة وإحدى عشرة من الهجرة ونشأ في كنف والده الشيخ إبراهيم ولما بلغ الثامنة من عمره أدخله مدرسة تحفيط القرآن عند مقرئ يدعى عبد الرحمن بن مفيريج فختم القرآن نظرا وهو في الحادية عشرة من عمره وطرأ عليه العمى وهو في الرابعة عشرة من عمره فأعاد قراءة القرآن مرة أخرى عن ظهر قلب حتى ختمه وحفظه تاما ثم شرع في قراءة العلم في مختصرات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومبادئ النحو والفرائض على والده1 الشيخ إبراهيم ثم شرع في القراءة على عمه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف في كتاب التوحيد ثم في العقيدة الواسطية والحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية وقرأ عليه في أصول التفسير والحديث وقرأ على الشيخ سعد ابن الشيخ حمد بن عتيق في الفقه ومصطلح الحديث ولازمه ملازمة تامة وقرأ على الشيخ حمد بن فارس في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) كان والده اذ ذاك قاضيا لمدينة الرياض وتوفي عام 1329هـ انظر ترجمته في أول هذا الكتاب.


ص -134-

الألفية وغيرها من المؤلفات النحوية وقرأ عليه في الفقه وقرأ على الشيخ عبد الله بن راشد بن جلعود العنزي نزيل مدينة الرياض آنذاك في الفرائض ولم يزل مجدا في طلب العلم إلى أن توفي عمه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف سنة 1339هـ فعينه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود خلفا لعمه1 في الفتيا وإمامة المسجد والتدريس فصار يؤم الناس الفروض الخمسة في مسجد عمه المشهور بمسجد الشيخ "بحي دخنة"2 ويجلس فيه لطلبة العلم يقرأون عليه في مختلف العلوم وفي سنة 1345هـ أرسله جلالة الملك عبد العزيز آل سعود إلى أهل الغطغط لما غلوا في الدين وشددوا فيه تشديدا ينافي الشرع فمكث عندهم ستة شهور يبين لهم معاني الكتاب والسنة وعبارات رسائل علماء دعوة التوحيد السلفية ويحذرهم من الغلو ومجاوزة الأمور المحظورة ثم رجع إلى الرياض واستمر في نشر العلم وتعليمه.
طريقة تدريسه وأوقات جلوسه:
فكان –رحمه الله- إذا صلى الفجر جلس في المسجد يقرأ عليه صغار الطلبة في الآجرومية في النحو، وبعدهم يقرأ عليه متوسطو الطلبة في القطر لابن هشام في النحو، وبعدهم يقرأ عليه كبار الطلبة في ألفية ابن مالك وشرح ابن عقيل، فإذا انتهوا من قراءة النحو في الألفية والشرح قرأوا عليه في الفقه في "متن زاد المستنفع" غيبا، فإذا قرأ آخرهم وسكت أخذ الشيخ في إعادة ما قرأوه من المتن من حفظه وشرع يتكلم على العبارات ويوضح معاني الكلمات فإذا انتهى شرع أحد الطلاب في قراءة شرح الزاد المسمى "الروض المربع شرح زاد المستنفع" قراءة ترتيل يقف عند كل فقرة وجملة والشيخ يعلق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كان عمه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف في مرض موته أوصى الملك عبد العزيز ابن عبد الرحمن آل سعود به خيرا وأخبره بكفاءته العلمية والدينية بموجب ذلك يصلح أن يكون خليفة بعده في إمامة المسجد والتدريس وحل المشكلات لإلى غير ذلك -رحم الله الجميع وغفر لهم وجمع بينهم في دار كرامته انه سميع مجيب.
2 دخنة محلة من محلات الرياض.


ص -135-

على عبارات الشارح وجمله بكلام يوضح المعنى ويزيح الإشكال، ويصور المسائل تصويرا ملموسا يقرب المعاني الفقهية إلى أذهان الطلبة ويقرر قواعدها في نفوسهم لأنه -رحمه الله- آخذ بناصية علم الفقه ومتبحر فيه تبحراً عظيما، فإذا انتهى من تقريره على الفقه شرعوا في القراءة عليه في بلوغ المرام، فإذا أشارت الساعة إلى الواحدة نهاراً انصرف إلى داره وجلس فيها فإذا حالت الساعة الثالثة جاءه كبار الطلبة وخواصهم وقرأوا عليه إلى الساعة الخامسة نهاراً ثم انصرفوا فإذا أذن الظهر خرج وصلى بالناس في المسجد وجاء أهل المطولات وقرأوا عليه في مختلف الكتب بجامع الترمذي وصحيح البخاري وزاد المعاد في هدي خير العباد، فإذا انتهوا قرأ عليه بعض الطلبة في بعض المتون العلمية غيبا مثل كتاب التوحيد والعقيدة الواسطية، فإذا أذن العصر خرج إلى داره وجدد الوضوء ثم رجع وصلى بالناس العصر وجلس في المسجد يقرأ عليه أحد أعيان الطلبة في بعض الردود، فإذا انتهى قرأ عليه جملة من الطلبة في مصطلح الحديث، فإذا انتهوا قرأوا عليه في العقيدة الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية، فإذا بقي على أذان المغرب مقدار نصف ساعة خرج إلى داره، فإذا أذن المغرب جاء وصلى بالناس ثم جلس في المسجد للطلبة يقرأون عليه علم الفرائض والمواريث، فإذا ختم أذان العشاء قام من حلقة درس الفرائض إلى الصف الأول ثم أمر القارئ فشرع يقرأ عليه في تفسير ابن كثير إلى الساعة الثانية والنصف فيأمر بإقامة صلاة العشاء، فإذا أقيمت وصلى بالناس تنفل وأوتر وخرج إلى داره وهي قريبة من مسجده واستمر على هذا الترتيب في الدروس بهذه الصفة من عام 1339هـ إلى عام 1380هـ حيث ترك جميع الدروس ماعدا درس الفقه وبلوغ المرام فإنه لم يترك الجلوس لهما بعد صلاة الفجر إلى أن حبسه المرض.
وقد تخرج على يديه أفواج من العلماء كثيرون شغلوا مناصب القضاء والتدريس والدعوة إلى الله والإرشاد، وحسبنا أن نشير إلى البعض منهم إشارة موجزة في هذه الترجمة المقتضية على النحو الآتي:


ص -136-

1- الشيخ العلامة الجليل عبد الله بن محمد بن حُمَيد، الرئيس العام للإشراف الديني بالمسجد الحرام.
2- الشيخ عبد العزيز بن باز، رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
3- الشيخ عبد الله بن يوسف الوابل نزيل أبها في هذا الوقت.
4- شيخنا الشيخ عبد الله بن سليمان المسعري رئيس ديوان المظالم.
5- شيخنا الشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد رئيس هيئة التمييز بالمنطقة الشرقية.
6- الشيخ عبد الملك بن إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف شقيق المترجم رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الغربية.
7- الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ.
8- الشيخ صالح1 ابن الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ.
9- الشيخ عبد الرحمن بن فارس أحد قضاة الرياض حاليا.
10- الشيخ عبد الرحمن بن سعد من بلد ملهم المعروفة بنجد.
11- الشيخ إبراهيم بن سليمان من آل مبارك أهل بلدة حريملاء تولى قضاء الحرمة والأفلاج وتوفي رحمه الله.
12- الشيخ محمد بن عبد العزيز ابن الشيخ حمد بن عتيق توفي -رحمه الله-.
13- الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش رئيس محكمة مكة المكرمة سابقا.
14- الشيخ سليمان بن عبيد السلمي رئيس محكمة حاليا.
15- الشيخ عبد العزيز بن عجلان من بلدة نعام المعروفة.
16- الشيخ محمد بن مسلم آل عثيمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 توفي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد عام 1363ه –رحمه الله-، وهو شقيق عبد الرحمن بن عبد العزيز رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالطائف.


ص -137-

17- الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فريّان1 من أهل مدينة الرياض الأقدمين.
18- وابنه2 الشيخ إبراهيم ابن الشيخ محمد بن إبراهيم نائب المفتي الأكبر.
19- وابنه الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ محمد بن إبراهيم مدير المعاهد والكليات.
20- الشيخ راشد بن صالح بن خنين.
21- الشيخ سعود بن رشود رئيس محكمة الرياض في حياته -رحمه الله-.
22- الشيخ ناصر الحناكي.
23- الشيخ سعد بن غرير.
24- الشيخ سعد بن محمد بن فيصل آل مبارك من آل مبارك من أهل بلدة حريملاء.
25- الشيخ محمد بن مهيزع. أحد قضاة الرياض حاليا.
26- الشيخ عبد الله بن بكر توفي -رحمه الله-.
27- محمد السيحباني.
28- صالح السيحباني.
29- حسن بن مانع.
30- إبراهيم بن نغيمش.
31- زيد بن فياض.
32- محمد ابن الشيخ عبد الرحمن بن قاسم.
33- عبد العزيز بن محمد بن صالح بن شلهوب.
34- أحمد بن قاسم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الشيخ ابن فريان: من بني هاجر.
2 الضمير في قولنا وابنه عائد إلى المترجم له الشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم.


ص -138-

وقرأ عليه غير هؤلاء خلق كثير1 لا يحضرني ذكرهم ولا معرفة أسمائهم.
مؤلفاته:
ألف مؤلفات وكتب رسائل كثيرة وله فتاوى تبلغ مجلدات جمعها ورتبها الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم جامع "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" وله فتاوى غير ما جمعه ابن قاسم تبلغ عدة مجلدات لا تزال محفوظة في ملفات دار الإفتاء بمدينة الرياض. وبلغني أن النية متجهة إلى ترتيبها وتحقيقها وتبويبها والقيام بطبعها، وله مجموعة حديث في الأحكام رتبها على أبواب الفقه لا تزال محفوظة في ملفاتها، وله معرفة بالعروض ويقرض الشعر على طرقة العلماء له مرثية في عمه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف تبلغ أبياتها خمس وخمسين بيتا، ومطلعها:

على الشيخ عبد الله بدر المحافل
نريق كصوب الغاديات الهواطل


وله أربعة أبيات رثاء في الشيخ عمر بن سليم.
سنوردها في ترجمة الشيخ عمر بن سليم -إن شاء الله-.
وظائفه وأعماله التي قام بها:
استمر في إمامة مسجد عمه الشيخ عبد الله المعروف بمسجد الشيخ وتدريس الطلاب فيه من عام 1339هـ إلى قبيل وفاته. وفي عام 1373هـ أنشئت دار الإفتاء والإشراف على الشؤون الدينية تحت رئاسة سماحته، وفي عام 1376هـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وكان –يرحمه الله- لا يدع طالب العلم المبتدئ يقرأ عليه في الفقه والمطولات حتى يقرأ عليه في مختصرات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وهي شروط الصلاة وأركانها وأربع القواعد وثلاثة الأصول وكشف الشبهات وآداب المشي إلى الصلاة وكتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، فإذا قرأ عليه هذه المختصرات عن ظهر قلب سمح له في القراءة عليه في مختصر المقنع وغيره من كتب الفقه وفي القراءة في بلوغ المرام وغيره من كتب أحاديث الأحكام وشروحها والروض المربع شرح زاد المستقنع وهذه قاعدته وقاعدة من تقدمه من علماء دعوة التوحيد السلفية -رحمهم الله-.


ص -139-

أنشئت رئاسة القضاء تحت رئاسة سماحته في نجد والمنطقة الشرقية والمنطقة الشمالية، وبعد وفاة سماحة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ -رحمه الله- سنة 1378هـ رئيس القضاة بالحجاز والمنطقة الغربية ضمت رئاسة القضاء بالحجاز والمنطقة الغربية إلى سماحة المترجم فصار رئيس قضاة المملكة العربية السعودية عامة.
أعمال سماحته المتعلقة بالمدارس والمعاهد والكليات:
في عام 1369هـ عرض سماحته على جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فكرة إنشاء معهد علمي بمدينة الرياض، فأمر جلالته -رحمه الله- بإنشاء هذا المعهد وتخصيص مكافآت سخية لطلابه تحت إشراف سماحته، وتم افتتاح هذا المعهد المشار إليه عام 1370هـ وأسند سماحته إدارته إلى شقيقه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم واختار سماحته عددا وفيرا من تلامذته وألحقهم بالسنة الثالثة من المعهد المذكور نظرا لقراءتهم عليه وتحصيلهم السابق المعادل للسنة المذكورة.
وفي عام 1373هـ أنشئت كلية الشريعة بمدينة الرياض فالتحق بها خريجو المعهد المذكور، وفي عام 1374هـ تحصل سماحته على أمر ملكي يخوله افتتاح فروع لهذا المعهد فأمر سماحته بافتتاح ستة معاهد في كل من بريدة وشقراء والإحساء والمجمعة ومكة المكرمة وسامطة من أعمال جازان، ثم بدأت فروع هذا المعهد تنتشر في جميع أنحاء المملكة1.
وفي عام 1374هـ أنشئت كلية اللغة العربية بمدينة الرياض.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وفي عام 1381هـ تم فتح معاهد في كل من المدينة المنورة وحائل وأبها وفي عام 1383هـ افتتح معاهد في كل من الزلفي بنجد. وحوطة بني تميم ومكة المكرمة وبلجرشي بغامد وفي عام 1384هـ تم افتتاح معاهد في كل من جدة والدمام وتبوك. والدلم بالخرج. والأفلاج وفي عام 1385هـ افتتح معاهد في كل من الطائف والرس بنجد وجازان. وعرعر. والحفر ووادي الدواسر ونجران وفي عام 1386هـ افتتح معاهد في كل من الجوف. وبيشة. والبكيرية والباحة=
ص -140-

هذه بعض الأعمال التي كان يقوم بها ويضطلع بأعبائها في حياته، وقد أوردنا ملخصا يتضمن جميع الأعمال المنوطة بسماحته في ملحق خاص وضعناه في آخر هذه الترجمة ليرجع إليه من شاء الاطلاع ومعرفة ما كان ينوء به الفقيد من الأعمال العظيمة التي لا يستطيع القيام بها إلا من كان على مستواه من العلم ورجاحة العقل والاتزان ومعرفة موارد الأمور ومصادرها.
وفاته رحمه الله:
توفي ظهر يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين عن عمر بلغ ثمان وسبعين سنة وثمانية شهور وثمانية أيام، وانزعج الناس لموته وحزنوا عليه حزنا شديدا وصلوا عليه في الجامع الكبير وأم الصلاة عليه الشيخ عبد العزيز بن باز وبعد فراغهم من الصلاة خرجوا به إلى المقبرة محمولا عل الأعناق وكان الجمع عظيما والزحام شديداً وشيعه إمام المسلمين جلالة الملك فيصل آل سعود والعلماء والأمراء والوزراء وجميع سكان مدينة الرياض وقبر بمقبرة العود، وخلف أربعة أبناء هم الشيخ عبد العزيز والشيخ إبراهيم وأحمد وعبد الله، وقد رثاه العلماء والأدباء والشعراء نثرا ونظما، ويكفي أن نشير إشارة خاطفة في هذه الترجمة الموجزة إلى بعض من رثاه مرتبين على النحو الآتي:
بعض الذين رثوا سماحته:
1- الشيخ راشد بن صالح بن خنين رثاه نثرا بعنوان "حادث جلل".
2- الشيخ حمد بن محمد بن فريّان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=وفي عام 1387هـ افتتح معاهد في كل من حوطة سدير والقويعية والبدايع وحريملاء كما افتتح معهد واحد في رأس الخيمة بعمان بتخفيف الميم وكل هذه المعاهد التي أشرنا إليها تابعة للمعاهد والكليات أما التابع لوزارة المعارف فشيء كثير يفوق التصور أدام الله بقاء إمام المسلمين ونصير العلم والدين جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود إنه سميع مجيب.


ص -141-

3- الشيخ سعد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن رويشد رثاه نثرا بعنوان "فقيد الإسلام".
4- ابنه عبد الله ابن الشيخ سعد بن عبد العزيز بن رويشد رثاه نثرا بعنوان "فجيعة مملكة في شيخ القضاء وقاضي العلماء".
5- ورثاه شعرا الشيخ عبد الله بن إدريس بقصيدة تبلغ أبياتها عشرين بيتا ومطلعها:

ما عاش إلا للعلوم وشرعة الإنصاف
وقضى الحياة مكرم الأوصاف


6- ورثاه الدكتور محمد عبد المنعم الخفاجي بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها زهاء ثلاثة وخمسين بيتا ومطلعها:

أمات الشيخ هل ذهب الإمام
وطار به إلى الخلد الغمام


7- ورثاه الدكتور كامل الفقي مدرس بكلية اللغة العربية بالرياض رثاه بقصيدة تبلغ أبياتها اثنين وثلاثين بيتا ومطلعها:

دهى الجزيرة خطب ليس يحتمل
فلتنفطر مهج ولتنهمر مقل


8- ورثاه الشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل المستشار الشرعي بديوان المظالم بقصيدة تبلغ أبياتها أربعة وثلاثين بيتا ومطلعها:

على شيخنا الحبر الجليل محمد
حفيد إمام المسلمين محمد

محقق توحيد الإله بدعوة
تجلت بنهج مستبين محمد


9- ورثاه نجله الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ محمد مدير المعاهد والكليات بقصيدة تبلغ أبياتها ثلاثة وعشرين بيتا ومطلعها:

خطب دهى فبكى له العلماء
وبكت لهول مصابه العقلاء


10- ورثاه نجله الشيخ إبراهيم ابن الشيخ محمد نائب المفتي الأكبر بقصيدة تبلغ أبياتها ثلاثين بيتا ومطلعها:

مصاب كبير وجرح أليم
ورزء عظيم وخطب جسيم


ص -142-

ورثاه معالي الشيخ حسن ابن الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ بهذه الكلمة التي نشرت في الصفحة الأولى من العدد الخاص من جريدة الدعوة عدد 231 الاثنين 13 شوال عام 1389هـ فقال تحت عنوان "عالم فقدناه":
"صنفان من الناس يترك فقدهما فراغا كبيرا وهزة بعيدة المدى بل وربما يؤدي ذهابهما إلى الاضطراب والحسرة، وهم العلماء المحققون والزعماء المخلصون، والأمم في كل مراحل حياتها لا تستغني عن أولائك ولا هؤلاء، لأنها بالعلماء تعرف واجباتها نحو ربها ودينها وتمضي في حياتها على بصيرة، وبالزعماء تتنظم معيشتها فتأمن بهم السبل ولا يمكن لأي إنسان أن يقف صامتا عندما يشهد انحدار أو تهاوى إحدى الدعامات التي يقوم عليها مجتمعه، ونحن بما فقدنا قبل أيام بوفاة صاحب السماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم نجد أنفسنا بشبه الدوامة الحائرة من الأسف والأسى، فالفقيد شخصية علمية لامعة وحياته كانت جهادا متلاحقا في سبيل العلم والتعليم وكان أبرز صفاته بعد علمه الواسع عقله الكبير فلقد كان يتحلى بعقل راجح يحجزه عن الاندفاع والتسرع بل لقد كان عند النوائب صامدا كالطود لا يتزعزع وتلك ميزة ينفرد بها القائل من الرجال ثم لقد كان -رحمه الله- صبورا على التزاماته الكثيرة وجلدا على أدائها وحتى الأيام الأخيرة من حياته يمارس كل واجباته والتزاماته بعزيمة صلبة لا تعرف الملل وميزة الصبر غالية يحتاج إليها الرجال العاملون.
وكلمتي هذه ليست تعدادا لفضائله أو مناقبه فهي كثيرة لا تقع تحت حصر، لكنها تعبير رمزي لمشاعري نحو فقده وأسفي لوفاته تغمده الله بواسع رحمته وألهمنا جميعا فيه العزاء والصبر وأصلح عقبه وإنا لله وإنا إليه راجعون".
آخر هذه الكلمة التي صورت للقارئ ما كان يتصف به الفقيد من العلم


ص -143-

ورجاحة العقل وما كان يتحلى به من الصبر على ما أنيط به من الأعباء الجسيمة. رحمه الله وعفا عنه.
وسيرى القارئ على الصفحة التالية ملحقا في ملخص أعمال سماحته1 التي كان يشغلها ويقوم بأعبائها في حياته تغمده الله برحمته وغفرانه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ولا يفوتنا أن نذكر أن سماحته قام بعدة رحلات إلى خارج المملكة منها:
1- رحلته عام 1369هـ إلى مصر لعلاج رجليه .
2- رحلته إلى لندن لعلاج مرض ألم بسماحته عام 1386هـ.
3- رحلته إلى لندن عام 1389هـ للعلاج: وكان –يرحمه الله- يتابع بين الحج والعمرة ويصطاف في أخريات أيامه بمدينة الطائف ويزاول جميع أعماله المنوطة به هناك مدة الاصطياف –رحمه الله- وغفر له إنه سميع مجيب.


ص -144-

ملحق في ملخص أعمال سماحته
نلخص أعمال سماحته ومسؤولياته فيما يأتي:
1- دار الإفتاء.
2- رئاسة القضاء.
3- رئاسة الكليات والمعاهد العلمية.
4- رئاسة الجامعة الإسلامية التي أسست بالمدينة المنورة سنة 1381هـ وبعد وفاة سماحته أسندت رئاستها إلى الشيخ عبد العزيز بن باز في 15-09-1390هـ.
5- رئاسة دور الأيتام التي ضمت فيما بعد إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
6- الإشراف على رئاسة تعليم البنات.
7- رئاسة المعهد العالي للقضاء.
8- رئاسة المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي.
9- رئاسة المكتبة السعودية التي أنشئت بجوار مسجد سماحته بحي دخنة عام 1370هـ.
10- رئاسة المعهد الإسلامي في نيجيريا.
11- رئاسة المجلس العالي للقضاء.


ص -145-

12- رئاسة معهد إمام الدعوة.
13- خطيب الجامع الكبير وإمام العيدين.
14- إمام مسجد دخنة الكبير المعروف بمسجد الشيخ من عام 1339هـ إلى أن توفي -رحمه الله-.
15- الإشراف على نشر الدعوة الإسلامية في أفريقيا.
16- رشيس مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية التي تصدر عنها الآن جريدة الدعوة.
17- بدأ في إنشاء مجلس هيئة1 كبار العلماء وأثبت في ميزانية عام 1389هـ غير أن المنية وافت سماحته -رحمه الله- قبل أن يباشر المجلس أعماله.
18- الإشراف على ترشيح الأئمة والمؤذنين.
19- تعين الوعاظ والمرشدين.
هذا موجز أعمال سماحته التي كان يضطلع بها في حياته -رحمه الله تعالى-.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أنشئ مجلس هيئة كبار العلماء بأمر ملكي رقم 1/138 تاريخ8/7/1391هـ ونصه "بعون الله تعالى نحن فيصل بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية بعد الاطلاع على المادة الثانية من الأمر الملكي رقم 1/137 وتاريخ 8/7/1391هـ أولا يعين المشائخ التالية أسمائهم أعضاء هيئة كبار العلماء: الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن حميد، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، الشيخ سليمان بن عبيد، الشيخ عبد الله خياط، الشيخ صالح بن لحيدان، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ صالح بن غصون، الشيخ محضار بن عقيل، الشيخ محمد الحركان، الشيخ عبد العزيز بن صالح، الشيخ محمد بن جبير، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن منيع، الشيخ راشد بن خنين، الشيخ عبد المجيد حسن، الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ.
نقلا عن جريدة المدينة الخميس 12 رجب 1391 السنة الثامنة العدد 2258.


ص -146-

ابن غنام
هو الشيخ حسين بن أبي بكر ابن غنام الأحسائي المالكي مذهبا التميمي نسبا. ولد ببلدة المبرز بالإحساء ونشأ بها وقرأ على علماء وفته في الإحساء، ثم نزح من الإحساء إلى مدينة الدرعية فقدما على الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب فأكرماه وأنزلاه المنزلة الرفيعة. فاستقر في الدرعية وجلس فيها لطلبة العلم يقرأون عليه "علم النحو والعروض" فقط، فأخذ عنه جملة من العلماء نذكر من فضلائهم في هذه الترجمة المقتضبة الشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والشيخ عبد العزيز بن حمد بن ناصر بن معمر والشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
ألف الشيخ حسين ابن غنام المذكور مؤلفين هما1 "العقد الثمين في أصول الدين" وتاريخه المشهور بتاريخ ابن غنام وقد سماه "روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام" وهو تاريخ مسجوع سجعا مملا ممقوتاً لا يكاد يخرج قارئه يخلص من سجعه إلى المعنى المطلوب إلا بعد لأي وجهد، وقد طبع ثلاث طبعات: الأولى سنة 1331هـ بمدينة بومباي بالهند على نفقة الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-. والثانية بطبعة البابي الحلبي بمصر سنة 1368هـ على نفقة عبد المحسن بن عثمان "أبا بطين" صاحب المكتبة الأهلية سابقا بمدينة الرياض، والطبعة الثالثة سنة 1381هـ بمطبعة المدني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يوجد مخطوطاً بالمكتبة السعودية بمدينة الرياض.


ص -147-

بمصر بتحقيق الدكتور ناصر الدين الأسد وملتزم نفقات الطبع الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وقد جرد في هذه الطبعة الأخيرة من الأسجاع الممقوتة، لكن مع الأسف تصرف فيه تصرفا مخلا حيث حذف منه جميع ما حواه من القصائد وهي سبع قصائد، اثنتان لمحمد بن إسماعيل اليمني المشهور بالصنعاني:
الأولى بائية ومطلعها:

أما آن عما أنت فيه متاب
وهل لك بعد البعاد إياب


والثانية الدالية المشهورة ومطلعها:

سلامي على نجد ومن حل في نجد
وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي


وخمس قصائد للمؤلف الشيخ حسن بن غنام، الأولى هائية ومطلعها:

نفوس الورى إلا القليل ركونها
إلى الغي لا يلفى لدين حنينها


تبلغ أبياتها ستة وثلاثين بيتا وتقع في ص 71 – 72 ج 2 طبعة "أبا بطين".
الثانية سينية قالها في مناسبة جلاء دهام بن دواس عن الرياض ومطلعها:

كشف الحق ظلمة الأغلاس
ومحا الدين جملة الأرجاس


والقصيدة الثالثة عينية قالها في رثاء شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ومطلعها:

إلى الله في كشف الشدائد نفزع
وليس إلى غير المهيمن مفزع


وتبلغ أبياتها تسعة وثلاثين بيتا وتقع في ج(2) ص 155 – 156 الطبعة المذكورة.
والقصيدة الرابعة الطائية التي رد بها على قصيدة محمد1 بن عبد الله بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو والد عبد الوهاب بن فيروز وجدير بالذكر أن لعبد الوهاب بن محمد بن عبد الله ابن فيروز حاشية غير حاشيته المشهورة التي على الروض المربع حاشية ثانية على شرح المنتهى للشيخ منصور البهوتي غير كاملة وقد جردها من هوامش شرح المنتهى محمد بن حميد صاحب السحب الوابلة ذكر ذلك الشيخ محمد بن مانع في هامش ص 105 من الجزء الثاني من تاريخ الإحساء لابن عبد القادر.


ص -148-

فيروز ومطلعها:

على وجهها الموسوم بالشؤم قد خطا
عروس هوى ممقوتة زارت الشطا


تبلغ أبياتها ستة وسبعين بيتا وتقع في ج(2) ص 190 – 192 من الطبعة المذكورة وسنثبت هذه القصيدة في آخر هذه الترجمة -إن شاء الله-.
والقصيدة الخامسة الرائية قالها في مناسبة قتل ثُويني وتهنئة للأمير سعود ووالده الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود باستيلاء ابنه الأمير سعود على الإحساء ومطلعها:

تلألأ نور الحق وانصدع الفجر
وديجور ليل الشرك مزقه الظهر


وتبلغ أبياتها مائة وثمانية عشر بيتا وتقع في ج(2) ص 237- 242 من الطبعة المذكورة.
وكل هذه القصائد التي نوهنا عنها حذفت من طبعة المدني بلا إشارة إلى حذفها وحذف أيضا من طبعة المدني رسالة الشيخ حمد بن ناصر بن معمر المسماة "الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب" وهذه الرسالة تقع في ج(2) طبعة أبي بطين وتبتدئ من ص 204 232 أي تبلغ ثمان وعشرين صفحة.
كما حذف الحديثان المسلسلان بالأولية اللذان رواهما الشيخ محمد بن عبد الوهاب أجازة، الأول "الراحمون يرحمهم الرحمن" الحديث والثاني "إذا أراد الله بعبده خيرا استعمله" الحديث.
وكل هذا الحذف لم يشر إليه فإذا جاء القارئ الذي لم يسبق له الاطلاع على الأصل ظن أن هذا هو تاريخ ابن غنام بكامله بدون حذف ولا تغير سوى السجعات حيث نوه عنها في التمهيد والمقدمة إذا علم هذا عدنا إلى ما نحن بصدده من ذكر قصيدة الشيخ حسين بن غنام التي رد بها على قصيدة محمد بن فيروز1 حيث يقول:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو محمد بن عبد الله بن فيروز والد عبد الوهاب بن فيروز صاحب الحاشية على الروض


ص -149-

على وجهها الموسوم بالشؤم قد خطا
عروس هوى ممقوتة زارت الشطا

تخطت فأخطت في المساعي مرامها
ومرسلها عن نيل مقصوده أخطا

وثارت لنار الشرك تذكي ضرامها
وسارت فبارت والإله لها قطا

لقد شوهت ما زخرفته بزورها
كما أنها بالمين قد أحكمت ربطا

وقد جاء منشيها بزور ومنكرٍ
وفحش وبهتان يعطى به عطا

وحان به داعي العناد لمهيع
تنكب عن سبل الهداية واشتطا

فضل عن الإرشاد والحق واعتدى
وغطا أناسا في طريقته غطا

وجاوز منهاج الهداية راضيا
عن الدين بالدنيا فما نالها بسطا

يحاول تشييدا ورفعا لما وهت
قواعده فوق البسيطة وانحطا


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الربع شرح زاد المستقنع ومحمد بن عبد الله بن فيروز المذكور من والد أعداء دعوة الإسلام والتوحيد السلفية. ومطلع قصيدته التي رد عليها المترجم:

أتأمل كف السعد قد أثبتت خطا
بأقلام أشياخ لنا حررت ضبطا


توفي محمد بن فيروز في بلدة الزبير من أعمال العراق عام 1216هـ وقيل توفي بسوق الشيوخ من أعمال العراق والله أعلم.


ص -150-

ويسعى بتحريض وتهييج فتنة
تصير إذا شبت لحاء العدا شمطا

وربك بالمرصاد ممن يريد أن
يؤسس ركن الشرك من بعد أن حطا

فلا عجب من يعش عن ذكر ربه
يقيض له الشيطان ينشطه نشطا

لقد خاب مسعى من غدا طول عمره
يصد عن الوحيد من دان أو شطا

ولا كابن فيروز يروم سفاهة
دفاعا لحق في البرية قد وطا

وصار يذود الناس عما أتى به
أجلّ شفيع في الجزا للِّوى يعطى

ويدعو إلى نهج الضلالة معلنا
ومنهاج أهل الزيغ جهلا به أطا

يغالب أمر الله والله غالب
ويندب من لا يملك الرفع والحطا

ويرجو من المخلوق غوثاً ونصرة
يناديه من بعد أغثنا بلا أبطا

وذاك من الأقدار ما فك نفسه
ولم يغن عنه المال إذ بذل الشرطا

لئن كان يدعوه لتفريج كربة
فليس سوى الرحمن ندعو بلا استبطا

فبشراه بالخسران والذل إن سعى
بهدم لهذا الدين أو وافق الضغطا


ص -151-

ومن جرب الأشياء يكفه ما جرى
ويلغي أباطيلا عن الاهتدا شحطا

وينظر في عقبى الخيانة والردى
فكل امرئ خان العهود غدا سقطا

وللشهم في تلك القضايا مواعظ
يرد بها عنه الغواية والهمطا

وكم دولة كادت وقادت جموعها
فبادت وما فادت وما أدركت مسطا

يريدون إخفاء لما الله مظهر
وإتمام نور الله بالحفظ قد حيطا

رويدا فوعد الله لابد واقع
وقد وعد التمكين من عمل القسطا

ومن عارض الأقدار أو سخط القضا
فربك قهار له المنع والإعطا

وما ذاك إلا معتد ذو حماقة
توغل في الإبلاس واغتر وانغطا

فويل له يوم القصاص وحيث لا
مناص وأهل النار تسرطهم سرطا

سمت عصبة التوحيد عما يشينهم
وعن وصفهم بالكفر لكنه الأخطى

أيوصف بالطاغوت من جدد الهدى
وأحيا أصول الدين والسنة الوسطى

وأعلن بالإسلام والدعوة التي
لها كشط المختار رأس العدا كشطا

وقام بأمر الحق في جاهلية
وأهل الردى والشرك تحسبه خلطا


ص -152-

وأطلع مولاه نجوم سعوده
بآل سعود حين صاروا له سبطا

فسبحان من عم العباد بحلمه
وفي هذه الدنيا بإمهاله غطا

يكفر قوما بالكتاب تمسكوا
وبالهدى والإجماع ما خالفوا شرطا

وما عمموا بالكفر بل خصصوا به
أناس من الإشراك أعمالهم حبطا

أفي محكم التنزيل تكفير من دعا
إلى الله والتقوى وإسلام من شطا

وأهل الهوى والزيغ والفِرَق التي
تُحرف وحيَ الله جازوا الهدى خرطا

وهل جاء في التنزيل والوحي شاهد
بتحقيق إسلام الروافض قد خطا

ومن قد نحا في الدين سنة صحبه
ينادي عليهم أنهم خبطوا خبطا

فتبا وسحقا يا لها من مقالة
من الإفك والبهتان قد سحبت مرطا

لينظر ذو الأحلام والعلم والتقى
إلى أي قوم في الهدى تبعوا الخطا

وفي غربة الإسلام أعظم شاهد
بإصلاح من قد قام يدعو الورى ضبطا

وربهانه العقليُّ نصرة رهطه
وتمكينهم في الأرض أكرم بهم رهطا


ص -153-

لقد رفعت أعلامهم بأميرهم
وأبناه أسد الحرب بل بأسهم أسطى

بهم أسفرت شمس الهدى بعد دجنها
وزال ظلام الشرك من بعد ما غطى

ذوو الحزم والتسديد والعزم والنهى
وأهل المعالي والفخار بهم نيطا

يذودون عن ورد الدنايا نفوسهم
ويسخون في نيل المزايا بها سفطا

فقد بذلوا في ذا النفوس فأحرزوا
به العز يا طوبى لمن أدرك القسطا

وقد ولي الأحسا سعود فأسعدت
مساعيه أهل الخير فانتظموا سمطا

وأبعد أهل الشرك عنها وأبعدت
مذاهبهم فيها وما أبصروا غمطا

وقرر أرباب الوظائف كلهم
وما شهدوا في كل أوقاتهم هبطا

مدارسهم معمورة بعلومهم
وما ثبطوا عن نشر أحكامهم ثبطا

وما أبطلت أحكامهم حيثما أتى
بإبطالة الشرع الشريف وما أخطا

نعم هدمت للرفض فيها كنائس
وكل شعار الرفض عن أرضها ميطا

وما كان من جور ونكث وبدعة
ولهو وتابوت بكل الدعا مُعْطى


ص -154-

ولم ينف إلا كل من عمل الردى
ومن كان سبابا لمنطقه مسطا

فليس ترى إلا مفيدا وهاديا
وعلما وتحديثا بذا تسمع اللغطا

وأمر بمعروف وتنكير منكر
وتنكيل من قد قارف الذنبا والسخطا

وحثا على فعل الصلاة جماعة
وتوبيخ من عنها قد تخلف أو أبطا

فلله ربي الحمد والشكر دائما
على نعم لم يحص نظم لها ضبطا

لقد من مولانا علينا بمنة
وخولنا من فضله خير ما أعطى

وصب علينا من شآبيب بره
سحائب رحمى قد حوينا بها غبطا

بإنقاذنا من غمرة الشرك والهوى
ولولاه كنا في غيابها ورطا

عسى الله يعلي في الجنان محمداً
ويولي الرضا عبد العزيز الذي وطا

ويحرسه من كل سوء ونسله
ويُبقى سعودا في سعود وفي إبطا

أبا عُمرٍ هنيت بل هُنِّئ الورى
بما نالت والتوحيد حاز بك البسطا

إليك القرى والمدن ترنوا عيونها
تمناك ترعاها فتملؤها قسطا


ص -155-

وترتاح من عليا سعود ونصره
وتغبط نجدا والحسا الآن والخطا

فجهز له المنصور بالبشر تلقه
وتفرش إكراما لأقدامه بسطا

فقد طرز الإقبال آيات فوزه
براياته والنصر والفتح قد خطا

ودم شاربا كأس المسرة والهنا
بأطيب عيش والعدا تأكل الخمطا

وأزكى صلاة يبهر المسك عرفها
تعم رسولا في الورود لنا فرطا

كذا لآل والأصحاب ما خط كاتب
ونمق في مرسومه الشكل والنقطا


وفاته:
توفي الشيخ المترجم الشيخ حسين بن غنام بمدينة الدرعية سنة 1225هـ -رحمه الله، وغفر له، وأسكنه فسيح جنته-.
ص -156-

الشيخ حمد بن ناصر بن معمر
هو العالم العلامة المحقق الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر النجدي التميمي من آل نعمر أهل العُيَيْنَة، نزح منها واستوطن مدينة الدرعية وقرأ فيها على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب على الشيخ أبي بكر حسين ابن غنام نزيل الدرعية، صاحب التاريخ المشهور وعلى الشيخ سليمان بن عبد الوهاب أخي الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبعد ذلك جلس للتدريس بمدينة الدرعية فأخذ عنه العلم خلق كثير من أهل الدرعية وغيرهم من أهل نجد الوافدين إليها، نذكر من فضلائهم في هذه الترجمة المقتضية ما يأتي الشيخ العلامة الشهيد سليمان ابن الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. والشيخ العالم الكبير عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب ونجل المترجم الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ حمد بن معمر. والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين.
وبعد ذلك لما كان في سنة ألف ومائتين وإحدى عشرة من الهجرة طلب غالب بن مساعد شريف مكة من الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود أن يبعث إليه عالماً ليناظر علماء الحرم الشريف في شيء من أمور الدين، فبعث إليه الإمام عبد العزيز المترجم الشيخ حمد بن ناصر بن معمر على رأس ركب من العلماء، فلما وصلوا إلى الحرم الشريف أناخوا رواحلهم أمام قصر الشريف غالب فاستقبلهم بالحفاوة والإكرام وأنزلهم منزلا محترما يليق بهم، فلما طافوا وسعوا للعمرة ونحروا الجزر التي أرسلها معهم الأمير سعود بن عبد


ص -157-

العزيز هديا للحرم واستراحوا أربعة أيام من عناء السفر جمع الشريف غالب علماء الحرم الشريف من أرباب مذاهب الأئمة الأربعة ما عدا الحنابلة فوقع بين علماء الحرم ومقدمهم يومئذ في الكلام الشيخ1 عبد الملك القلعي الحنفي وبين الشيخ حمد بن ناصر مناظرة عظيمة في مجالس عديدة بحضرة والي مكة الشريف غالب وبمشهد عظيم من أهل مكة وذلك في شهر رجب من السنة المذكورة سنة 1211هـ فظهر عليهم الشيخ حمد بن ناصر بن معمر بالحجة وقهرهم بالحق فسلموا له وأذعنوا، وقد سألهم -رحمه الله تعالى- ثلاث مسائل الأولى، ما قولكم فيمن دعا نبيا أو وليا واستغاث به في تفريج الكربات كقوله: يا رسول الله، أو يا ابن عباس، أو يا محجوب، أو غيرهم من الأولياء الصالحين.
والثانية، من قال لا إله إلا الله، محمدا رسول الله، ولم يصل ولم يزك هل يكون مؤمنا؟ والثالثة، قال هل يجوز البناء على القبور؟ فعكس علماء الحرم هذه الأسئلة على الشيخ حمد المذكور، وطلبوا منه الإجابة عليها فأجاب عنها -رحمه الله- بما يشفي الغليل، ويبتهج به من يتبع الدليل، وأصَّلَ الإجابة وحرَّرها لهم في رسالة سماها علماء الدرعية "الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب" وقد أوردها الشيخ حسين بن غنام2، في الجزء الثاني من تاريخه واختارها الشيخ سليمان بن سحمان مع مختاراته التي جمعها في رسالة وسماها "الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية" فطبعت عدة مرات، ولولا ذلك لأوردناها في ترجمتنا للشيخ حمد بن معمر المذكور، فإنها جليلة القدر عظيمة الفائدة، وقد أشار إلى ما جرى بين الشيخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو الشيخ عبد الملك بن عبد المنعم بن تاج الدين بن عبد المحسن بن سالم القلعي الحنفي. ولد بمكة وتلقى العلم من علماء المسجد الحرام وبعد أن أجيز بالتدريس جلس للتدريس بالمسجد الحرام فقرأ عليه خلق كثير ولما قدم إلى مكة محمد علي باشا الألباني بلغه أن الشيخ عبد الملك مريض فزاره. توفي سنة 1228هـ وله مؤلفات (1) فتاوى في 3 مجلدات (2) شرح على متن الاجرومية (3) حل الرمز على شرح الكنز.
2 أوردها الشيخ حسين بن غنام في الجزء الثاني من تاريخه بكاملها وحذفت من التاريخ المذكور المطبوع بمطبعة المدني بمصر.


ص -158-

حمد بن ناصر بن معمر، وعلماء مكة من المناظرة الشيخ محمد بن علي الشوكاني. فقال في الجزء الثاني من كتابه" البدر الطالع" ص 7 بعد ترجمته للشريف غالب بن مساعد، ما نصه: "وبلغنا أنه وصل إلى مكة بعض علماء نجد لقصد المناظرة فناظر علماء مكة بحضرة الشريف في مسائل، تدل على ثبات قدمه، وقدم صاحبه في الدين" انتهى كلام الشوكاني.
وللشيخ حمد بن معمر غير هذه الرسالة رسائل كثيرة، أجاب فيها على أسئلة علمية، لو جمعت لبلغت مجلدا ضخما، ولكنها طبعت مفرقة في مجاميع الرسائل والمسائل النجدية، التي طبعت بمطبعة المنار أولا، ثم بمطبعة أم القرى في مكة المكرمة ثانيا، وقد ولاه الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود قضاء الدرعية من جملة قضاتها الكثيرين، وبعثه بعدما استولى على الحجاز1 سنة 1220هـ إلى مكة، عند الشريف غالب مشرفا على أحكام قضاة مكة المكرمة، فأقام بمكة نحو أربع سنوات، ثن توفي بها –رحمه الله- سنة ألف ومائتين وخمس وعشرين من الهجرة، في أول شهر ذي الحجة، وصلى عليه الناس تحت الكعبة المشرفة، ثم خرجوا به من الحرم إلى البياضية2، فخرج الإمام سعود بن عبد العزيز من قصره بالبياضية وصلى عليه بعدد كثير من المسلمين صلاة ثانية. قبل أن يدفن ثم دفنوه بعد ذلك بمقبرة البياضية.
قال أحمد بن محمد بن أحمد الحضراوي في تاريخه المخطوط الذي سماه "اللطائف في تاريخ الطائف" ما نصه نقلا منه عن السيد محمد ياسين ميرغني ابن عبد الله المحجوب لما ذكر كشف الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود للقبة التي فوق صخرة مقام إبراهيم. قال: "وكان المباشر له أي لكشف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 استولى الإمام سعود بن عبد العزيز على الحجاز نهائيا سنة 1220هـ وبعث المترجم إلى مكة سنة 1221هـ.
2 البياضية تقع بأعلى مكة شرقي القصر العالي المشهور قبل ذلك بقصر السقاف والبياضية محلها محاكم المستعجلات اليوم الواقعة شرقي القصر المذكور.


ص -159-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 15:44

القبة حمد بن ناصر"، يقصد به المترجم له. ثم ذكر بعد كلام لا فائدة من ذكره، أنه مات ودفن بالبياضية.
وقد ذكر المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر في الجزء الأول من تاريخه ص 159 طبعة أبي بطين: أن الشيخ حمد1 بن ناصر بن معمر توفي بمكة، وخفي عليه أنه دفن بمقبرة البياضية. فلم يذكر ذلك.
وقد خلف الشيخ حمد ابنا عالما هو الشيخ عبد العزيز صاحب "منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب" وسنورد له ترجمة في هذه الرسالة رحم الله الشيخ أحمد ورحم ابنه الشيخ عبد العزيز، وجميع مشائخ الإسلام، وعلماء الدين، إنه سميع مجيب. وصلى الله على محمد وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قلت أورد صاحب خلاصة الكلام ذكره في معرض تحدثه عن الصلح الذي بين غالب والإمام سعود بن عبد العزيز قائلا ما نصه "ثم وصل من الدرعية عشرون رجلا فيهم حمد بن ناصر أحد علمائهم وكان الشريف بجدة وأعطوه كتاباً من سعود فيه اتهام أمر الصلح ونزل حمد إلى مسجد عكاش وجمع الناس وقرأ عليهم رسالة محمد بن عبد الوهاب وقبل الشريف بمنع جميع الأمور فأمر بهدم القباب وترك شرك التنباك وعدم بيعه وبدخول الناس المسجد عند سماع الأذان لصلاة الجماعة في المسجد وبتدريس رسائل ابن عبد الوهاب، وترك تكرير الجماعة في المسجد الحرام والاقتصار على الأذان في المنابر وترك التسليم والتذكير والترحيم وأبطل ضرب نوبته ونوبة والي جدة فتوجه حمد بن ناصر إلى الدرعية يخبرهم بذلك وأرسل الشريف معه رسولا فرجع بالجواب والشريف باق بجدة" انتهى ما ذكره دحلان مع حذف بعض كلمات عدائية لا يليق ذكرها.


ص -160-

الشيخ عبد العزيز الحصين
هو الشيخ العالم الورع التقي الزاهد عبد العزيز بن عبد الله الحصيِّن الناصري التميمي النجدي الحنبلي. ولد سنة ألف ومائة وأرع وخمسين من الهجرة في بلدة الوقف من قرى الوشم وقرأ القرآن حتى ختمه نظرا وعن ظهر قلب، ثم قرأ الفقه في صغره على الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد الله ابن الشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل قاضي بلد "القرائن1" في ناحية الوشم، ثم تفقه وقرأ على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأقام مدة سنين يقرأ عليه وكان يكرمه ويعظمه ونصبه قاضيا في ناحية الوشم للإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود واستمر في قضاء تلك الناحية زمن الإمام سعود وزمن ابنه الإمام عبد الله ابن محمد بن سعود، وقد أرسله الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1185هـ إلى والي مكة آنذاك الشريف أحمد بن سعيد لمناظرة علماء مكة وأرسل معه الشيخ رسالة إلى الشريف المذكور وقدم مكة ونزل عند الشريف الملقب بالفعر، واجتمع هو وبعض علماء مكة عنده، وهم يحيى بن صالح الحنفي، وعبد الوهاب بن حسن التركي مفتي السلطان، وعبد الغني بن هلال، وتفاوضوا في ثلاث مسائل وقعت المناظرة فيها:
الأولى: ما نسب إلى أهل نجد من التكفير بالعموم. والثانية: هدم القباب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القرائن اسم يطلق على قريتين متجاورتين واقعتين بالقرب من شقراء أحدهما تسمى غسلة والأخرى تسمى الوقف والظاهر أن المترجم الشيخ عبد العزيز ولد ببلدة الوقف كما أخبرني بذلك محمد بن عبد الله بن عمار من أهل بلدة الوقف.


ص -161-

التي على القبور. والثالثة: إنكار دعوة الصالحين لطلب الشفاعة.
فذكر لهم الشيخ عبد العزيز: أن نسبة التكفير إلى أهل نجد بالعموم زور وبهتان عليهم. وأما هدم القباب التي على القبور فهو الحق والصواب كما هو وارد في كثير من الكتب وليس لدى العلماء فيه شك. وأما دعوة الصالحين وطلب الشفاعة منهم والاستغاثة بهم في النوازل فقد نص على تحريمه الأئمة العلماء وقرروا أنه من الشرك الذي فعله القدماء ولا يجادل في جوازه إلا كل ملحد أو جاهل، فأحضروا كتب الحنابلة فوجدوا أن الأمر كل ما ذكر فاقتنعوا واعترفوا بأن هذا دين الله وقالوا: هذا مذهب الإمام الأعظم وانصرف عنهم الشيخ عبد العزيز مبجلا.
ولما كان سنة ألف ومائتين وأربع من الهجرة أرسل غالب بن مساعد شريف مكة كتابا إلى الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود ذكر له فيه أنه يريد رجلا عارفا من أهل الدين يعرفه حقيقة الأمر ليكون فيه على بصيرة، فأرسل إليه المترجم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين وكتب معه الشيخ محمد كتابا هذا لفظه:
"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الوهاب إلى علماء الإسلام في بلد الله الحرام نصر الله بهم دين سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام وتابعي الأئمة الأعلام سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد جرى علينا من الفتنة ما بلغكم وبلغ غيركم وسببه هدم بنيان في أرضنا على قبور الصالحين ومع هذا نهيناهم عن دعوة الصالحين وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البناء على القبور كبر على العامة وعاضدهم بعض من يدعي العلم لأسباب لا تخفى على مثلكم أعظمها إتباع الهوى مع أسباب أخرى فأشاعوا عنا أنا نسب الصالحين وأنا لسنا على جادة العلماء ورفعوا الأمر إلى المشرق والمغرب فأشاعوا عنا أشياء يستحيى من ذكرها وأنا أخبركم بما نحن عليه بسبب أن مثلكم ما يروج عليه الكذب فنحن ولله الحمد متبعون لا مبتدعون


ص -162-

على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل وتعلمون أعزكم الله أن المطاع في كثير من البلدان لو تبين بهاتين المسألتين أنها تكبر على العامة الذين درجوا وآباؤهم على ضد ذلك وأنتم تعلمون رحمكم الله أن في ولاية الشريف أحمد بن سعيد وصل إليكم الشيخ عبد العزيز1 بن عبد الله وأشرفتم على ما عندنا بعدما أحضروا كتب الحنابلة التي عندنا عمدة كالتحفة والنهاية عند الشافعية فلما طلب من الشريف غالب أعزه الله ونصره امتثلنا وهو إليكم واصل فإن كانت المسألة إجماعا فلا كلام وإن كانت مسألة اجتهاد فمعلومكم أن هلا إنكار في مسائل الاجتهاد فمن أفتى بمذهبه في ولايته لا ينكر عليه وأنا أشهد الله وملائكته وأشهدكم أني على دين الله ورسوله وإني متبع لأهل العلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". فقدم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين مكة المشرفة فأكرمه غالب واجتمع به مرات وعرض عليه رسالة الشيخ فعرف ما بها من الحق فأذعن الشريف وأقر بذلك وطلب منه الشيخ عبد العزيز حضور العلماء للمناظرة في التوحيد فأبوا: وقالوا هؤلاء يريدون أن يقطعوا جوائزك التي من أجدادك ويملكون بلادك فارتعش قلبه وطار ليه فرجع الشيخ عبد العزيز إلى نجد وأفهم الإمام عبد العزيز والشيخ محمداً بما حصل من تهرب علماء مكة عن المناظرة. وكان المترجم مع ما اتصف به من الإخلاص للدين زاهدا ليس للدنيا عنده قدر ولا يركن إليها ولا يتعاطاها أمضى عمره وقطع وقته في نسخ الكتب النافعة وطلب العلم وبذله وبلغ من زهده وورعه أنه إذا دخل عليه وقت حصاد الزرع وجذاذة ثمر النخل قوت سنته من الحنطة والتمر من بيت المال وقد بقي عنده شيء من قوت السنة الماضية وثمرتها أعاده لبيت المال ولا يترك عنده منه شيئا وكان -رحمه الله- يحب طالب العلم محبة عظيمة كأنه ولده بالتودد إليه وتعليمه وإدخال السرور عليه والقيام بما ينوبه من بيت المال وكانت كلمته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المترجم.


ص -163-

مسموعة وقوله نافذ عند الرؤساء ومن دونهم وكان عنده حلقة كبيرة للتدريس من أهل شقراء وأهل الوشم وغيرهم وكان مجلسه في التدريس للفقه من وقت طلوع الشمس إلى ارتفاع النهار وكان إذا فرغ من التدريس رفع يديه ورفع الطلبة أيديهم ثم دعا فأكثر الدعاء والطلبة يؤمنون على دعائه فإذا فرغ من الدعاء قاموا وتفرقوا ولا يحضر ذلك المجلس عنده أحد غير الطلبة أو اثنين أو ثلاثة من رؤساء أهل شقراء وله مجالس في التدريس غير ذلك للعامة وقت الظهر والعصر وبين العشاءين.
تلامذته:
قرأ عليه وأخذ عنه العلم عدد وفير من قضاة المسلمين منهم العلامة الشهير الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن "أبا بطين" والشيخ إبراهيم بن سيف قاضي ناحية سدير للإمام عبد الله بن سعود ثم كان قاضيا لمدينة الرياض زمن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود وابنه الإمام فيصل، وأخذ عنه أيضاً الشيخ غنيم بن سيف والشيخ عبد الله بن سيف اللذان توليا على انفراد القضاء في مدينة عنيزة وغيرها زمن الإمام سعود ابن الإمام عبد العزيز وهما أخوان للشيخ إبراهيم بن سيف الآنف الذكر، وأخذ عنه أيضا القاضي في بلد القرائن في ناحية الوشم زمن الإمام سعود وابنه عبد الله أخوه الشيخ محمد بن عبد الله الحصين الناصري التميمي جد الأسرة المعروفة بآل الحصين، وأخذ عنه أيضا الشيخ علي بن يحي بن ساعد القاضي في ناحية سدير والشيخ عبد الله1 بن سليمان بن عبيد قاضي ناحية الجبل زمن الإمام سعود وابنه الإمام عبد الله ثم كان قاضيا في بلد جلاجل في أول ولاية الإمام تركي بن عبد الله والشيخ محمد ابن سيف بن خميس قاضي بلد ثرمداء والشيخ إبراهيم بن يحي قاضي بلد ثرمداء بعد ابن خميس المذكور والشيخ عثمان بن عبد المحسن "أبا حسين"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو الشيخ عبد الله بن سليمان بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد من أهل جلاجل توفي سنة 1241هـ في بلدة جلاجل.


ص -164-

قاضي بلد أشيقر ومحمد بن نشوان قاضي حريق نعام في ناحية الجنوب بنجد والشيخ عبد الله القضيبي من أهل بلدة شقراء والشيخ عبد الكريم1 بن معيقل صاحب القرائن وأخذ عنه خلق كثير غير هؤلاء المذكورين.
مؤلفاته:
رأيت له رسالة في الدرر السنية ج 2 وج 3 طبعة دار الإفتاء في موضوع "معنى العبادة" تبلغ أربعاً وستين صفحة وأظن أن له رسائل غيرها في مجموع الرسائل. -توفي رحمه الله- في الثاني عشر من رجب سنة 1237هـ وليس له ذرية وآل الحصين الموجودون اليوم من ذرية أخيه الشيخ محمد بن عبد الله الحصين، وقد ترجم للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر في الجزء الأول من كتابه عنوان المجد في حوادث السنة المذكورة سنة 1237هـ2 رحم الله الجميع وغفر لهم وعفا عنهم وجميع المسلمين إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أبى عن القضاء، وولي الإمارة في ناحية القصيم ثم في ناحية سدير للإمام سعود بن عبد العزيز وكان له معرفة في الفقه وغيره –رحمه الله-.
2 وقبل أن يترجم له ذكر أن أهل شقراء بعد أيام من مصالحتهم لإبراهيم باشا وشى بهم رجل عند الباشا وقال إنهم ارتحل منهم عدة رجال من أعيانهم وعامتهم إلى الدرعية وأنهم يريدون أن ينقضوا العهد بعدما ترتحل عنهم الخ فأفزع ذلك الباشا فدخل بلدة شقراء مغضباً ومعه عدد كثير من عساكره وجعل العسكر في المسجد ودخل الباشا بيت إبراهيم بن سدحان المعروف جنوب المسجد وأرسل إلى الأمير حمد بن يحي وهو جريح فجيء به فتكلم عليه بكلام غليظ ثم أرسل إلى الشيخ العالم عبد العزيز الحصين الناصري وكان قد كبر وثقل فجيء به محمولا فأكرمه وأعظمه الخ القصة.
وذكر الرواة أن الشيخ عبد العزيز الحصين لما أرسل إليه الباشا وجيء به ورأى الباشا مغضباً قرأ عليه آيات العفو. فقال الباشا باللغة المصرية الدارجة "عفونا ياعكوز عفونا يا عكوز" أي يا عجوز والله أعلم.


ص -165-

الشيخ عبد العزيز بن حمد
هو الشيخ العالم الكبير الملقب بالقاضي عبد العزيز بن الشيخ حمد بن إبراهيم بن حمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد الوهاب بن موسى بن عبد القادر بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف الوهبي التميمي.
سبط الشيخ محمد بن عبد الوهاب ابن بنته، كان أبوه الشيخ حمد1 بن إبراهيم بن حمد يشغل قضاء بلدة مراة ثم تركه وقدم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مدينة الدرعية وتزوج ابنته والدة المترجم له وسكن الدرعية عند الشيخ محمد وأخذ يقرأ عليه. وقد ولد المترجم الشيخ عبد العزيز ابن حمد قبل سنة ألف2 ومائة وتسعين وقرأ على الشيخ عبد الله3 بن علي بن غريب وعلى الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من علماء الدرعية وتولى القضاء في الدرعية زمن الإمام سعود وابنه الإمام عبد الله ابن الإمام سعود وأرسله الإمام سعود4 في سفارة إلى إمام صنعاء وهو صاحب الأجوبة


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال الشيخ عثمان بن عبد الله بشر في تاريخه مصورة لندن "في آخر هذه السنة أي سنة 1294هـ وفيها توفي الشيخ حمد بن إبراهيم بن حمد بن عبد الله بن عبد الوهاب بن عبد الله قاضي مراة قرأ على قرأ على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتزوج ابنته وسكن الدرعية عنده وولدت منه القاضي عبد العزيز بن حمد".
2 السحب الوابلة.
3 كذا ورد اسمه في السحب الوابلة عبد الله بن غريب وأورد ذكره عثمان بن بشر وذكر أن اسمه محمد بن غريب وهو الصحيح.
4 السحب الوابلة.


ص -166-

المعروفة1 بالمسائل الشرعية إلى علماء الدرعية أورد ذكره الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر في كتابه "عنوان المجد" في معرض تحدثه عن الصلح الذي بين طوسون والإمام عبد الله وذلك بقوله: وبعث عبد الله معهم بكتاب الصلح عبد الله بن محمد بن بنيان صاحب الدرعية والقاضي عبد العزيز بن حميد ليعرضوه على محمد علي صاحب مصر فوصلوا مصر ورجعوا منه وانتظم الصلح. وذكره عبد الرحمن بن حسن الجبرتي بقوله: "فيه وصلت2 هجانة وأخبار ومكاتبات من الديار الحجازية بوقوع الصلح بين طوسون باشا وعبد الله ابن سعود الذي تولى بعد أبيه كبيرا على الوهابية وأن عبد الله المذكور ترك الحرب والقتال وأذعن للطاعة وحقن الدماء وحضر من جماعة الوهابية نحو العشرين نفرا إلى طوسون باشا وصل معهم اثنان إلى مصر. فكأن الباشا لم يعجبه هذا الصلح ولم يظهر عليه علامات الرضا بذلك ولم يحسن نزل الواصلين ولما اجتمعا به وخاطبهما وعاتبهما على المخالفة فاعتذرا.
وذكر أن الأمير سعود المتوفى كان فيه عناد وحدة مزاج واما ابنه الأمير عبد الله فإنه لين الجانب والعريكة ويكره سفك الدماء على طريقة سلفه الأمير عبد العزيز المرحوم فإنه كان مسالما حتى أن المرحوم الوزير يوسف باشا حين كان بالمدينة كان نبينه وبينه غاية الصداقة ولم يقع بينهما منازعة ولا مخالفة في شيء ولم يحصل التفاقم والخلاف إلا في أيام الأمير سعود ومعظم الأمر من الشريف غالب بخلاف الأمير عبد الله فإنه أحسن السيرة وترك الخلاف وأمن الطرق والسبل للحجاج والمسافرين ونحو ذلك من الكلمات والعبارات المستحسنات وانقضى المجلس وانصرفا إلى المحل الذي أمرا بالنزول فيه ومعهما أتراك ملازمون لصحبتهما مع أتباعهما في الركوب والذهاب والإياب فإنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المسائل الشرعية إلى علماء الدرعية التي أجاب عليها المترجم له تقع في ص 564 إلى آخر ص 584 من الجزء الرابع من مجموعة الرسائل والمسائل النجدية طبعة المنار بمصر عام 1349هـ.
2 تاريخ الجبرتي المسمى العجائب والآثار في التراجم والأخبار المجلد الرابع طبعة حسين شرف الكتبي حوادث شهر شوال عام 1230هـ ص 744.


ص -167-

أطلق لهما الإذن لإلى أي محل أراداه فكانا يركبان ويمران بالشوارع بأتباعهما ومن يصحبهما ويتفرجان على البلدة وأهلها ودخلا إلى الجامع الأزهر في وقت لم يكن فيه أحد من المتصدرين للإقراء والتدريس وسألا عن أهل مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وعن الكتب الفقهية المصنفة في مذهبه فقيل انقرضوا من أرض مصر بالكلية واشتريا نسخا من كتب التفسير والحديث مثل الخازن والكشاف والبغوي والكتب الفقهية المجمع على صحتها وغير ذلك وقد اجتمعت بهما مرتين فوجدت منهما أنسا وطلاقة لسان واطلاعا وتضلعاً ومعرفة بالأخبار والنوادر ولهما من التواضع وتهذيب الأخلاق وحسن الأدب في الخطاب والتفقه في الدين واستحضار الفروع الفقهية واختلاف المذاهب فيما يفوق الوصف، واسم أحدهما عبد الله والآخر عبد العزيز وهو الأكبر حسّاً ومعنى"انتهى كلام عبد الرحمن بن حسن الجبرتي وقال بركهارت وهو يتحدث عن صلح الإمام عبد الله بن سعود وطوسون وعن الرسولين اللذين يحملان اتفاقية الصلح قال وما نصه: "وصل الرسولان الوافدان من قبل عبد الله ابن سعود وكانا في حاشية طوسون باشا في المدينة إلى القاهرة في أغسطس أثناء تمرد الجنود التي سبق ذكرها أحدهما كان يدعى عبد العزيز وهو أحد أقارب الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الدعوة والآخر كان أحد ضباط سعود قدما لمحمد علي المعاهدة التي عقدت مع ابنه طوسون باشا ومعها الخطابات التي ذكرت من قبل، وكان عبد العزيز عالما كبيرا أمر الباشا إلى معظم العلماء الأكفاء أن يحتكوا به الأمور الدينية استفسر عبد العزيز عن كل صغيرة وكبيرة وخاصة بالمؤسسات العسكرية والمدنية في مصر واشترى الكتب الكثيرة من الكتب الحربية وأخيرا أثار غيرة محمد علي باشا فأمر جنديين بملازمة الرسولين أينما ذهبا ولما تضايقا من هذا التصرف طلبا الرحيل فورا فأعطى محمد علي كل منهما حلة من الملابس وثلاثمائة ريال كما أعطاهما خطابا لعبد الله بن سعود بطريقة غامضة مبهمة بخصوص الحرب والسلم وذكر فيه أنه


ص -168-

يوافق على المعاهدة التي عقدت مع ابنه على شريطة أن يتخلى الوهابيون عن منطقة الإحساء" انتهى ما ذكره بركهارت.
والشاهد مما أوردناه من كلام الجبرتي وبركهاوت الاتفاق على غزارة علم المترجم وفضله الشيخ عبد العزيز بن حمد.
انتقل الشيخ عبد العزيز بن حمد بعد خراب الدرعية وسقوطها إلى مدينة1 عنيزة وتولى القضاء فيها ثم تحول إلى سوق الشيوخ بالعراق فولاه شيخ المنتفق قضاءها إلى أن توفي فيما بعد المائتين والأربعين والألف رحم الله القاضي الشيخ عبد العزيز بن حمد وغفر له2.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 السحب الوابلة على ضرايح الحنابلة.
2 الغالب على الظن أن المترجم الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ حمد ولد عام 1190هـوتوفي عام 1241هـ رحمه الله وغفر له.


ص -169-

الشيخ عثمان بن عبد الجبار بن شبانة
هو العالم الفقيه عثمان ابن عبد الجبار ابن الشيخ حمد بن شبانة الوهبي التميمي أخذ العلم عن عدة أشياخ كبار منهم ابن عمه الشيخ حمد بن عثمان ابن عبد الله والشيخ حمد التويجري وأخذ أيضا عن العالم عبد المحسن بن نشوان ابن شارخ القاضي في الكويت والزبير وعن الشيخ عبد العزيز بن عيد الإحسائي نزيل الدرعية وكان المترجم له فقيها له قدرة على استحضار أقوال العلماء وله معرفة في التفسير والفرائض والحساب تخرج على يديه وانتفع به خلق كثير منهم ابنه القاضي الشيخ عبد العزيز بن عثمان بن عبد الجبار والشيخ عبد الرحمن بن أحمد الثميري قاضي سدير بعد الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن "أبا بطين" والشيخ عثمان بن علي بن عيسى قاضي الغاط والزلفي وغيرهم وكان في الغاية من الورع والعبادة والعفاف عينه الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود قاضيا لعسير وألمع عند عبد الوهاب "أبو نقطة" المتحمي وأقام هناك مدة ثم رجع وأرسله الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود أيضا قاضيا لعسير عند ابن حرملة وعشيرته ثم أرسله الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود قاضيا في عمان وأقام في رأس الخيمة يقضي بين الناس ويدرس طلاب العلم ومعه ابنه حمد ثم رجع ولما توفي عمه محمد قاضي بلدان سدير عينه الإمام سعود مكانه قاضيا لبلدان سدير واستمر في القضاء زمن الإمام سعود وزمن ابنه الإمام عبد الله وما بعدهما إلى أن توفي السابع والعشرين من شهر شعبان في عام1 1242هـ ألف ومائتين واثنين وأربعين رحمه الله وغفر له وعفا عنه وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أورد له الشيخ عثمان بن بشر ترجمة في حوادث سنة 1242هـ من الجزء الثاني من تاريخه رحم الله الجميع وغفر لهم.


ص -170-

الشيخ عبد العزيز بن حمد بن معمر
هو الإمام العلامة الشيخ عبد العزيز بن الشيخ الإمام حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر ولد في الدرعية عاصمة الحكم السعودي ومركز الحركة العلمية في ذلك الحين وذلك سنة ألف ومائتين وثلاث من الهجرة ونشأ في وسط العلماء العاملين الذين كانت تزخر بهم الدرعية ونجد في ذلك الزمن فكان من شيوخه والده الشيخ حمد بن ناصر بن معمر والشيخ الإمام عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والشيخ العلامة المؤرخ أبو بكر حسين بن غنام والشيخ أحمد بن حسين بن رشيد بن عفالق الحنبلي نزيل الدرعية غيرهم من العلماء فمهر في جميع العلوم والفنون فصار عالما محققا وفقيها متبحرا له اليد الطولى والباع الواسع في التصنيف والتأليف ونشر العلم وتخريج الكثير من الطلاب والرد على المعارضين وله عدة مصنفات وفتاوى ورسائل وأشعار ومن أشهر مصنفاته وأجلها الكتاب المسمى منحة1 القريب العجيب في الرد على عباد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبع بمصر سنة 1358هـ على نفقة شركة فن الطباعة بمصر وقد قال في كتابه منحة القريب المجيب بعد الخطبة والديباجة ما نصه "واعلم أن الكتاب الذي قصدنا الرد لباطله يشتمل على مقالتين. المقالة الأولى منها تنقسم إلى قسمين الأول/ في صفحة الشريعة المسيحية والثاني/ في إثبات صحة كتب العهد الجديد يعني الأناجيل التي يعتمدها أهل النصرانية والمقالة الثانية تنقسم أيضاً إلى قسمين الأول/ في الرد على اليهود المكذبين والقسم الثاني/ في الرد على المسلمين وهذا القسم أرشدك الله لما يرضيه هو الذي قصدنا الرد عليه فيه وأما ما قبله من الأقسام فهو إما في رسالة المسيح وأن دينه صحيح وهذا متفق عليه بين المسلمين قبل التبديل والنسخ بشريعة خاتم المرسلين وأما في الرد على اليهود في كفرهم بالإنجيل وقولهم بالزور في المسيح ابن البتول وهذا على الجملة صحيح مقبول لكن تلك الأقسام قد ضمنها النصراني أيضاً باطلا كثيراً ومزج بها بهتاناً وزورً وسيمر عليك –إنشاء الله – الرد عليه في ضمن ما كتبناه وذلك القسم الذي نقضناه يشتمل على خمسة فصول الخ ويقع الكتاب المذكور في 322 من القطع المتوسط.


ص -171-

الصليب ومن مصنفاته أيضا اختصار نظم ابن عبد القوي للمقنع ونتقى عقد الفرائد وكنز الفوائد يوجد مخطوطة منه بالمكتبة السعودية بالرياض أخذ عنه العلم وانتفع كثير من العلماء لم يسعدني الحظ بالوقوف على أسمائهم وفي زمنه جرى على الديار النجدية والدولة السعودية ما جرى من التقتيل والتخريب فدمرت الدرعية عاصمة ملك آل السعود في ذلك الحين وتشتت علماؤها وقادة الدعوة الإسلامية الذين كانوا بها أخرجهم إبراهيم1 بن محمد علي باشا من أوطانهم ونفاهم إلى مصر وفر المترجم له الشيخ عبد العزيز بن معمر من الدرعية إلى البحرين وكان لا يزال شابا في العقد الثالث من عمره فأقام بها ولم تنقطع صلته بآل الشيخ الذين نقلوا إلى مصر فكان يكاتب الشيخ عبد الرحمن ابن حسن بأشعار يتوجع فيها على ما حل بنجد من الدمار والخراب وكانت الدولة الإفرنجية قد مدت إصبعها في بلاد العرب وفكرت في أن تبسط نفوذها على هاتيك الربوع ومنها بلاد البحرين فإنها كانت مثار خلاف بين الإنكليز والفرنسيين والدولة العثمانية وأرسلت كل واحدة من هذه الدول مندوبا من قبلها فكان مندوب الإنكليز رجلا قسيسا اختارته انكلترا ليكون أبلغ إلى مقصودها بدهائه وعظيم مكره وليعمل على التبشير وبث الدعاية المسيحية فينشر في تلك البلاد الشبهات والشكوك النصرانية ليفتن الناس عم دينهم إن استطاع وتلك سياسة أوربا في كل الشرق الإسلامي أعظم ما تهتم له تشكيك الناس في دينهم مصدقا لقوله تعالى {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً}.
{وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}
فحمل ذلك القسيس الإنكليزي كتابا أورد فيه شبهات نصرانية يزعم فيها تصحيح الملة المسيحية ودفعه إلى أمير البحرين وشيخها عبد الله بن خليفة وقد شحن القسيس كتابه بشكوك وشبهات كثيرة لظنه أنها ستروج على أهل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ولد هذا الطاغية إبراهيم باشا بقوله عام 1203 وتوفي بمصر عام 1265 قبل وفاة والده بأشهر.


ص -172-

تلك الديار. وطلب القسيس من الشيخ عبد الله1 بن خليفة أن يعرضه على علماء البحرين ليردوا على ما فيه أو يقروا بعجزهم وانقطاع حجتهم فعمد الشيخ خليفة إلى من كان عنده من علماء البحرين وطلب منهم الرد عليه فلما قرءوه وجدوا أنفسهم عاجزين عن الرد عليه فاعتذروا وقالوا: لا نستطيع الرد على ما فيه من الشبه ثم أرسله إلى علماء الإحساء فقالوا مثل ما قال علماء البحرين من إظهار العجز وعدم القدرة على الرد عليه وقال بعضهم: ليس هذا النصراني كفوا أن يجاب فحزن لذلك الشيخ ابن خليفة أشد الحزن واغتم به أشد الاغتمام فلما رأى من حوله من جلسائه وخواصه ما هو فيه من الهم والحزن لعجز علماء البحرين والإحساء عن دفع شبه ذلك القسيس قال له أحدهم: إنه قد نزل بالبحرين شاب من طلبة العلم النجديين فأرى أن تعرضه عليه لعل الله أن يزيح به عنا هذه الغمة فأعطاه الكتاب وأوصله إلى الشيخ عبد العزيز وقص عليه الأمر والقصة من أولها إلى آخرها فتناوله الشيخ وأمعن النظر فيه وقال: تأخذون مني دحض هذه الشبهة بعد شهر –إن شاء الله تعالى- فلبث شهرا وأتم الرد وبعث به إلى الأمير وفرح به أشد الفرح ودعي القسيس الإنكليزي وأعطاه الرد فلما طالعه عجب له واندهش جدا لما كان يظنه من عجز علماء البحرين وقال: هذا الرد لا يكون من هنا وإنما يكون من البحر النجدي فقال له الأمير نعم إنه أحد طلبة العلم النجديين.
وللشيخ عبد العزيز أشعار رائعة لا سيما رثاء الدرعية حين حل بها ما حل من الخراب والتدمير على يد إبراهيم بن محمد باشا ومنها القصيدة المعروفة عند علماء الدرعية بالطنانة أوردها الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر في تاريخه ونحن نوردها في هذا الموضع من ترجمته –رحمه الله- وهي هذه المقتطفات الآتية:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو عبد الله بن أحمد بن محمد بن خليفة ولي إمارة البحرين بعد وفاة أخيه سلمان سنة 1236هـ.


ص -173-

إليك إله العرش أشكو تضرعا
وأدعوك في الضراء ربي لتسمعا


إلى أن قال:

وكم قتلوا من عصبة الحق فتية
هداة رضاة ساجدين وركعا

وكم دمروا من مربع كان آهلاً
فقد تركوا الدار الأنيسة بلقعا

فأصبحت الأموال فيهم نهائباً
وأصبحت الأيتام غرثى وجوعا

وفر من الأوطان من كان قاطنا
وفرق إلْفٌ كان مجتمعا معاً


إلى أن قال:

مضوا وانقضت أيامهم حين أوردوا
ثناء وذكرا طِيْبُهُ قد تضوعا

فجازاهم الله الكريم بفضله
جنانا ورضوانا من الله أرفعا

فإن كانت الأشباح منا تباعدت
فإن لأرواح المحبين مجمعا

عسى وعسى أن ينصر الله ديننا
ويجبر منا كل ما قد تصدعا

ويعمر للسمحا ربوعا تهدمت
ويفتح سبلا للهداية مهيعا

ويظهر نور الحق يعلو ضياؤه
فيضحى ظلام الشرك والشك مقشعا

إلهي فحقق ذا الرجاء وكن بنا
رؤوفا رحيما مستجيبا لنا الدعا







إلى أن قال:

ألا أيها الأخوان صبرا فإنني
أرى الصبر للمقدور خيرا وأنفعا

ولا تيأسوا من كشف ما ناب إنه
إذا شاء ربي كشف ذاك تمَزَّعا

فما قلت ذا أشكو إلى الخلق نكبة
ولا جزعا مما أصاب فأوجعا

فما كان هذا الأمر إلا بقدرة
بها قهر الله الخلائق أجمعا

وذلك عن ذنب وعصيان خالق
أخذنا به حينا فحينا لنرجعا

رقد آن أن نرجو رضاه وعفوه
وأن نعرف التقصير من فنقلعا

فيا محسنا قد كنت تحسن دائما
ويا راحما قد كان عفوك أوسعا


ص -174-

نعوذ بك اللهم من سوء صنعنا
فإن لنا في العفو منك لمطمعا

أغثنا أغثنا وادفع الشدة التي
أصابت وصابت واكشف الضر وارفعا

فجد وتفضل بالتي أنت أهله
من العفو والغفران يا غوث من دعا




توفي المترجم الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ حمد بن معمر سنة ألف ومائتين وأربع وأربعين من الهجرة ببلدة البحرين وقد رثاه الشيخ أحمد بن علي بن مشرف بقصيدة تبلغ أبياتها ستة وعشرين بيتا مطلعها:

أشمس الهدى غابت أم البدر آفل
أم النجم أمسى لونه وهو حائل



ورثاه غيره رحم الله الجميع وغفر لهم إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -175-

الشيخ أبا بطين
هو الإمام العلامة الفقيه الشيخ1 عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن سلطان بن خميس، الملقب كأسلافه أبا بطين –بضم الباء وفتح الطاء وسكون الياء- العائذي2 نسبا، الحنبلي مذهبا، النجدي بلدا.
ولد هذا العالم في بلدة الروضة من بلدان سدير، لعشر بقين من ذي القعدة سنة أربع وتسعين ومائة وألف من الهجرة، ونشأ بها وقرأ على عالمها محمد ابن الحاج عبد الله بن طراد الدوسري الحنبلي، فمهر في الفقه، ثم رحل إلى شقراء عاصمة الوشم بنجد واستوطنها، وقرأ على قاضيها الشيخ العلامة الورع التقي عبد العزيز بن عبد الله الحصين –بضم الحاء- الناصري التميمي، تلميذ شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
قرأ عليه في التفسير والحديث والفقه وأصول الدين، وحتى برع في ذلك كله، وأخذ عن العلامة أحمد بن حسن بن رشيد العفالقي الإحسائي ثم المدني الحنبلي، وعن الشيخ العلامة حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر التميمي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ترجم له صاحب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة وترجم له خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام ج4 ص232 الطبعة الأخيرة وذكر أنه رحل إلى الشام ولا أدري ما هو مصدره في ذلك.
2 من عائذ الظفير ذكر ذلك الشيخ محمد بن مانع في ص179 في تعليقه على مجموعة التوحيد المطبوعة على نفقة علي بن عبد الله آل ثاني. منشورات المكتب الإسلامي بدمشق.


ص -176-

صاحب رسالة "الفواكه العذاب، في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب" وجد واجتهد حتى صار إماما من أئمة العلم في زمنه -رحمه الله-.
ولما تولى الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود على الحرمين الشريفين سنة ألف ومائتين وعشرين من الهجرة، ولاه قضاء الطائف فباشره بعفة وتثبت، وعدالة تامة، وتأن في الأحكام، وجلس هناك للتدريس والتعليم، وقرأ عليه جماعة كثيرون في الحديث والتفسير، وعقائد السلف. وقرأ هو على السيد حسين الجفري في النحو1 ثم رجع إلى بلدة شقراء، وصار قاضيا عليها، وعلى جميع بلدان الوشم، وجلس مع القضاء في شقراء للتدريس والتعليم، وأخذ عنه العلم جماعة. منهم: الشيخ محمد بن عبد الله ابن سليم، والشيخ محمد بن عمر بن سليم. والشيخ علي بن محمد بن علي بن حمد بن راشد. والشيخ إبراهيم بن حمد بن عيسى وابنه الشيخ أحمد، والشيخ علي بن عبد الله بن عيسى. والشيخ سليمان بن عبد الرحمن. والشيخ عبد الله بن عبد الكريم بن معيقل. والشيخ محمد بن عبد الله بن مانع. وابنه عبد الرحمن، والشيخ صالح بن حمد بن نصر الله وغيرهم. ثم إن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، أرسله إلى بلدة عنيزة قاضيا عليها وعلى جميع بلدان القصيم، وذلك بعد ولاية الإمام تركي بن عبد الله على نجد، بثمان سنوات أي سنة 1248هـ.
وبعد ما قتل الإمام تركي شهيداً، وتولى بعده ابنه الإمام فيصل، أقره على قضاء القصيم، فبقي قاضيا على بلدان القصيم سنين عديدة، وقد قرأ عليه خلق كثير بالقصيم، وتخرجوا عليه وانتفعوا به، وكان رحمه الله جلدا


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وذكر الشيخ عثمان ابن الشيخ عبد الله بن بشر أن المترجم تولى القضاء في ساحل عمان للإمام عبد الله بن سعود ابن الإمام عبد العزيز وذلك حينما ذكر ترجمة الإمام عبد الله بن سعود وذكر قضائه.


ص -177-

على التعليم والتدريس، لا يمل ولا يضجر، كريما سخيا ساكنا وقورا، دائم الصمت قليل الكلام، كثير التهجد والعبادة، قليل المجيء إلى الناس. وقد كتب بخط يده المتقن الجيد كتباً كثيرة قيمة، وقد اختصر بدائع الفوائد للإمام ابن القيم وكتب حاشية نفيسة على شرح المنتهى. جاءت في مجلد ضخم، وكتب تعليقات على شرح الدرة المضية شرح1 عقيدة السفاريني. وقد رد على طاغية العراق وداعية الكفر والضلال، داود بن سليمان بن جرجيس البغدادي بكتاب سماه"تأسيس2 التقديسفي كشف تلبيس داود ابن سليمان بن جرجيس" وألف ردا ثانيا سماه "الانتصار3 لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين" وله فتاوى كثيرة طبعت ضمن رسائل علماء دعوة التوحيد المسماة "بالرسائل والمسائل النجدية" ولما كان في 1270هـ رجع من مدينة عنيزة إلى بلدة شقراء، بسبب إلحاح أهل شقراء على الإمام فيصل في طلب إرجاعه إليهم وأقام بشقراء مستمرا على حالته المذكورة يقضي بين الناس وينشر العلم تأليفاً وتدريساً حتى توفي في السابع من جمادى الأولى سنة 1282هـ ولا أعرف له أبناء إلا ابنه عبد العزيز كان من رجال الإمام عبد الله آل فيصل وقتل عبد العزيز4 المذكور سنة 1301هـ في وقعة الحمادة التي حصلت بين الإمام عبد الله ابن الإمام فيصل ومحمد بن عبد الله بن رشيد ولعبد العزيز "أبا بطين" المذكور حفيد هو عبد العزيز مدير مصلحة الأشغال -رحم الله- المترجم الشيخ عبد الله "أبا بطين" وغفر له.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هي المسماة لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية النظم والشرح للشيخ أحمد بن الحاج السفاريني المتوفى 1189هـ. ترجم لمحمد بن أحمد السفاريني صاحب مسلك الدرر وصاحب السحب الوابلة.
2 طبع كتاب تأسيس التقديس سنة 1344 بمصر بمطبعة عيسى البابي الحلبي.
3 وطبع كتاب الانتصار بالمطبعة السلفية سنة 1378هـ على نفقة الشيخ عبد الملك بن إبراهيم ابن عبد اللطيف آل الشيخ.
4 عبد العزيز ابن الشيخ عبد الله "أبا بطين" المذكور هو رسول الإمام عبد الله ابن الإمام فيصل إلى مدحت باشا في القضية التاريخية المعروفة –رحم الله الجميع وغفر لهم-.


ص -178-

الشيخ حمد بن عتيق
هو العلامة الفاضل المحقق الشيخ حمد بن علي بن محمد بن عتيق بن راشد ابن حميضة واشتهر بابن عتيق نسبة إلى جده الثاني عتيق، وكذلك ذريته إنما يعرفون بآل عتيق.
ولد هذا العالم المحقق في بلدة الزلفي من بلدان نجد سنة ألف ومائتين وسبع وعشرين من الهجرة، وقرأ القرآن حتى حفظه، ثم بعد ذلك سمت همته وتاقت نفسه إلى طلب العلم الشريف، فسافر من بلدة الزلفي في سبيل هذه المهمة، فقدم الرياض سنة ألف ومائتين وثلاث وخمسين من الهجرة، وذلك في زمن الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، فمكث بها تسع سنين يقرأ فيها على الشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وكان حريصا مجتهداً، فرغ نفسه من جميع المشاغل وأقبل على العلم برغبة شديدة فتخرج على الشيخ عبد الرحمن بن حسن المذكور، فمهر في علم الفقه والعقائد وأصول الدين والتوحيد.
وولاه الإمام فيصل قضاء الخرج ثم الحلوة ثم نقل منها إلى قضاء الأفلاج. واستقر بها وجلس لطلاب العلم، يقرءون عليه فتخرج به خلائق لا يحصون كثرة، من أجلهم علامة نجد وزعيمها الديني الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف، رحل إليه في بلدة الأفلاج عام 1294هـ. وقرأ عليه مدة سنتين. وقرأ ابنه العلامة الجليل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق العالم المشهور. وابنه الشيخ عبد العزيز بن حمد بن عتيق. وقد ألف الشيخ المترجم


ص -179-

له حمد بن عتيق مؤلفات كثيرة مفيدة.منها "أبطال التنديد، شرح كتاب التوحيد" ورسالة "بيان النجاة والفكاك"، ورسالة "الدفاع عن أهل السنة والإتباع" ورسالة كتبها لصديق بن حسن خان ملك بهوبال، ينبهه فيها على أخطاء وقعت في تفسيره، وله غير ذلك رسائل كثيرة، تبلغ مجلدا طبعت مفرقة ضمن رسائل أئمة الدعوة المسماة "بالرسائل والمسائل النجدية".
وقد كان معروفا بقوة الإيمان وصلابة الدين ونشر الدعوة، توفي سنة 1301هـ ألف وثلاثمائة وسنة من الهجرة في بلدة الأفلاج –رحمه الله-. وخلف أبناء هم الشيخ سعد بن عتيق، والشيخ عبد العزيز، والشيخ عبد اللطيف، والشيخ عبد الله، وغيرهم من أبنائه وكلهم انتقلوا إلى رحمة الله، وله اليوم أحفاد، يقطنون بلدة الأفلاج، رحم الله الشيخ حمد بن عتيق، وغفر له وأسكنه فسيح جناته، وصلى الله على محمد وصحبه وسلم.


ص -180-

الشيخ محمد بن سليم
هو الشيخ العلامة محمد بن عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن صالح بن حمد بن محمد بن سليم، ولد بمدينة بريدة بالقصيم ونشأ بها وقرأ القرآن ثم قرأ العلم على الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن المشهور "بأبا بطين" ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وعلى ابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن ثم رجع إلى مدينة بريدة ودرس بها وأفتى.
فأخذ عنه العلم بمدينة بريدة خلق كثير نذكر منهم الورع الزاهد الشيخ عبد الله بن محمد بن مفدى "فَدَّاء" والشيخ عثمان بن حمد بن مضيان الذي تولى قضاء "أبو عريش" في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن –رحمه الله-. وأخذ عنه ابنه إبراهيم بنم محمد بن عمر وإبراهيم بن حمد بن جاسر1 في في بداية أمره وصالح بن كريديس وسليمان بن عبد الله بن حميد وعبد الرحمن بن غيث وابن عمه الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم2 قاضي القصيم بعد أخيه المذكور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إبراهيم بن حمد بن جاسر عرض له شبه فاسدة وفارق علماء دعوة التوحيد السلفية وانحاز إلى الضد والله أعلم بما مات عليه وبما ختم له به.
2 الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم وأخوه الشيخ عمر بن محمد بن سليم يجتمعان مع شيخهما المترجم الشيخ محمد بن عمر بن سليم في جدهم صالح بن حمد بن محمد بن سليم.


ص -181-

ولم يزل المترجم الشيخ محمد بن عمر بن سليم قائماً بنشر العلم وبث الدعوة إلى الله إلى أن توفي سنة 1308هـ وخلف أبناء نذكر منهم إبراهيم وسليمان وعبد العزيز انتقلوا فيما بعد إلى رحمة الله، وله أحفاد أشهرهم عبد الله ابن إبراهيم ابن الشيخ محمد بن عمر بن سليم، تولى إدارة المدرسة السعودية في مدينة بريدة في أول تأسيسها ثم تولى إدارة المدرسة الأهلية بمدينة الرياض ثم تولى إدارة معهد المعلمين بمدينة بريدة وأظنه لا يزال مديرا للمعهد المذكور. رحم الله الشيخ المترجم محمد بن عمر بن سليم وغفر له وعفا عنه وجميع علماء المسلمين وعامتهم إنه سميع مجيب.


ص -182-

الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم
هو الشيخ العلامة محمد1 بن عبد الله بن حمد بن محمد بن صالح بن حمد ابن محمد بن سليم. ولد بمدينة بريدة بالقصيم سنة 1240هـ ونشأ بها وقرأ القرآن نظرا وعن ظهر قلب ثم اشتغل بالعلم فأخذ عن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن المشهور "أبا بطين" ثم رحل إلى مدينة الرياض فقرأ بها على العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وابنه الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن ثم رجع إلى بلده ولازم الشيخ سليمان بن علي بن مقبل قاضي مدينة بريدة وتوابعها في زمنه. ولما عزم الشيخ سليمان بن علي بن مقبل على السفر إلى مكة المكرمة للإقامة بها والمجاورة بالحرم الشريف أشار على أمير بريدة آنذاك بتولية المترجم الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم القضاء فقبل مشورته وولاه القضاء فاستمر قاضياً ومفتياً ومدرساً لطلاب العلم زهاء اثنتين وعشرين سنة وكان بينه وبين الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن مراسلات موجودة في مجموع الرسائل والمسائل النجدية.
تلامذته:
أخذ عنه العلم خلق كثير نذكر منهم: نجليه الشيخ عبد الله والشيخ عمر والشيخ عبد الله بن سليمان بن بلهيد، والزاهد الورع عبد الله بن محمد بن فداء "مفدى" وعبد الله بن دخيل قاضي بلدة المذنب وعبد الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يلتقي مع ابن عمه محمد بن عمر في جدهم صالح بن حمد وأصلهم من أهل الدرعية.


ص -183-

ابن محمد قاضي مدينة عنيزة في حياته، وعلي بن مقبل، وعثمان بن حمد بن مضيان، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن عويد، ومحمد بن حمد بن مضيان، وأخذ عنه فوزان بن عبد العزيز صاحب الشماسية، وعبد الرحمن ابن ناصر العجاجي، وعبد العزيز بن عبد الله بن فداء وصالح بن دخيل، وعبد الله بن أحمد آل رواف وغيرهم.
توفي –رحمه الله- بمدينة بريدة سنة 1323هـ وخلف ابنين عالمين هما: الشيخ عبد الله والشيخ عمر، وسنورد لكل واحد منهما ترجمة وافية في هذا الكتاب –ان شاء الله- رحم الله الجميع وغفر لهم وعفا عنهم إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -184-

الشيخ أحمد بن عيسى
هو الشيخ العلامة أحمد بن إبراهيم بن حمد بن محمد بن حمد بن عبد الله ابن عيسى من قبيلة بني زيد القبيلة المشهورة بشقراء وغيرها من بلدان الوشم بنجد وهي قبيلة قضاعية.
مولده:
ولد في بلدة شقراء سنة ثلاث وخمسين ومائتين وألف فقرأ القرآن حتى ختمه ثم شرع في القراءة على الشيخ الفقيه عبد الله بن عبد الرحمن "أبا بطين" ثم ارتحل إلى مدينة الرياض فأخذ عن الشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وعن ابنه العلامة الشهير عبد اللطيف ثم توجه إلى مكة لقضاء فريضة الحج وعاد ثم أخذ يتردد على مكة للتجارة وعلى جدة وكان غالب تجارته الأقمشة القطنية وعامل في التجارة والشراء عبد القادر بن مصطفى التلمساني أحد تجار جدة ومن ذوي الأملاك في القطر المصري، كان يدفع له أربعمائة جنيه ويشتري بألف ويسدد الباقي أقساطاً1 ودام التعامل بينه وبين الشيخ التلمساني زمناً طويلا. وكان لصدقه وأمانته ووفائه أثر طيب في نفس الشيخ التلمساني حتى أخذ يبيعه كل ما يحتاج إليه مؤجلا يسدده فيما بعد أقساطاً وقال له التلمساني: إني عاملت الناس أكثر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يسدد الباقي أقساطا بكفالة مبارك المساعد البسام مولاهم وكان مبارك المذكور من تجار عنيزة بالقصيم مقيما بجدة.


ص -185-

من ثلاثين عاماً فما وجدت أحسن من التعامل معك يا وهابي، ويظهر أن ما يشاع عنكم يا أهل نجد مبالغ فيه من خصومكم السياسيين بسبب الحروب التي وقعت بينكم وبين أشراف مكة والمصريين والأتراك. فقد أشاعوا عنكم أقولا منكرة فسأله الشيخ أحمد أن يبينها له. فقال له الشيخ التلمساني: يقولون إنكم لا تصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تحبونه. فأجابه الشيخ أحمد: سبحانك هذا بهتان عظيم كيف ونحن نعتقد أن من لا يصلي عليه في التشهد الأخير صلاته باطلة ونعتقد أن من لا يحبه كافر، وإنما نحن أهل نجد ننكر الاستغاثة والاستعانة بالأموات، لا نستغيث إلا بالله وحده ولا نستعين إلا به سبحانه كما كان على ذلك سلف الأمة، واستمر النقاش بينه وبين التلمساني ثلاثة أيام وأخيراً هدى الله الشيخ التلمساني للحق وصار موحداً ظاهراً وباطناً، ثم سأله الشيخ التلمساني أن يوضح وجه الخلاف بينهم وبين خصومهم في باب أسماء الله وصفاته ونعوت جلاله فقال الشيخ أحمد: إنا نعتقد أ، الله فوق سماواته بائن عن مخلوقاته مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته من غير تشبيه ولا تجسيم ولا تأويل وهكذا اعتقادنا في جميع آيات الصفات وأحاديثها، كما جاء عن الإمام أبي الحسن الأشعري في كتابيه الإبانة في أصول الديانة ومقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ودامت المناظرة بينهما في هذه المسألة خمسة عشر يوماً لأن الشيخ التلمساني كان أشعرياً درس في الجامع الأزهر كتب العقائد الأشعرية، السنوسية وأم البراهين وشرح الجوهرة وغيرها وقد انتهت هذه المناظرات الطويلة بإقناع الشيخ التلمساني بأن عقيدة السلف هي الأسلم والأحكم والأعلم، ثم بعد هذا صار الشيخ التلمساني –رحمه الله- من دعاة العقيدة السلفية وطبع على نفقته كتباً كثيرة وكان يوزعها مجاناً، مثل "الصارم المنكي في الرد على السبكي" لابن عبد الهادي، والكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية المعروفة بالنونية للإمام ابن القيم، والاستعاذة من الشيطان الرجيم لابن مفلح والمؤمل في الرجوع إلى


ص -186-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 15:54

الأمر الأول لأبي شامة المؤرخ الدمشقي والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان للإمام أحمد بن تيمية والرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي1 مع رسائل أخرى ضمن الرد الوافر، وغاية الأماني في الرد على النبهاني للسيد محمود شكري الألوسي البغدادي وقد هدى الله كذلك الوجيه الحجازي الشهير الشيخ محمد بن حسين بن نصيف –رحمه الله- على يد المترجم.
مؤلفاته:
ألف المترجم الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى ردودا كثيرة على علماء الضلال وأنصار البدع، منها كتاب تنبيه النبيه والغبي في الرد على المدواسي2 والحلبي وله الرد على ما جاء في خلاصة الكلام من الطعن على الوهابية والافتراء لدحلان (خ) والرد على شبهات المستعين بغير الله رد به على شبهات داود ابن سليمان بن جرجيس البغدادي (ط) وكتاب توضيح المقاصد وتصحيح3 القواعد شرح به نونية الإمام ابن القيم "المسماة بالكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية" طبع بمطابع المكتب الإسلامي بدمشق وهو يقع في جزأين.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ابن ناصر الدين هو محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن علي القيسي الدمشقي الشافعي الشهير بابن ناصر الدين.
2 كتاب تنبه النبيه والغبي طبع ضمن مجموعة الرد الوافر لابن ناصر وهو يقع في 85 صفحة من القطع الكبير استهله بقوله "الحمد لله الذي علا في سمائه وجلا باليقين قلوب أوليائه" إلى أن قال "أما بعد فقد وقعت على مؤلف لبعض المعاصرين من أهل مدارس حاصله هذيان ووسواس مسمى بالتنبيه والتنزيه فرأيت فيه ألفاظا في غاية الركاكة وكلمات ملحونة لا يتكلمها إلا الحاكة". وقال في آخره: "وكان الفراغ من إتمام هذا الرد المبارك يوم الاثنين المبارك ثاني عشر جمادى الآخر سنة 1320هـ ووافق ذلك بمكة المكرمة حماها الله تعالى وسائر بلاد الإسلام على يد راقمه ومؤلفه أحمد بن إبراهيم بن عيسى" وتحته ما نصه "وكان الفراغ من إتمام طبعه في الثاني والعشرين من شهر شعبان المعظم سنة 1329هـ".
3 كان يوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الشيخ فوزان السابق سفير الحكومة السعودية في مصر والمتوفى سنة 1373 بمصر –رحمه الله وغفر له-.


ص -187-

تلامذته:
أخذ عنه العلم خلق كثير في نجد والحجاز وأعرف منهم الشيخ عبد الستار الدهلوي، والشيخ أبا بكر خوقير الحنبلي والشيخ سعد بن حمد بن عتيق حج ومكث ستة أشهر قرأ فيها على المترجم شرح الزاد "الروض المربع شرح زاد المستقنع".
وقد جالس المترجم الشيخ أحمد بن عيسى أثناء إقامته بمكة وتردده عليها أمير مكة عون بن محمد بن عبد المعين بن عون المتوفى سنة 1323هـ فأقنعه بهدم القباب المشيدة على القبور في مكة وجدة والطائف، فهدمها إلا قبة قبر حواء وقبة قبر خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وقبة قبر ابن عباس بالطائف فإنه لم يهدم هذه القباب الثلاث خوفا من السلطان عبد الحميد العثماني أن يعزله عن الإمارة.
وقد رجع المترجم إلى نجد بعدما توفي الشريف عون سنة 1323هـ واستقر بها وولاه الأمير عبد العزيز بن متعب بن رشيد قضاء المجمعة وجميع مقاطعة سدير فبقي في قضاء مقاطعة سدير حتى قتل عبد العزيز بن متعب ودانت المجمعة لجلالة الملك عبد العزيز آل سعود وذلك سنة 1324هـ فعزله الملك عبد العزيز عن القضاء وولى مكانه الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري وقد كان المترجم الشيخ أحمد بن عيسى عادلا فيس القضاء مشكور السيرة إلى أن توفي بعد صلاة يوم الجمعة رابع جمادى الآخر سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف من الهجرة، وخلف ابناً لا يزال موجودا إلى اليوم وله أبناء رحم الله الشيخ أحمد وغفر له وعفا عنه إنه سميع مجيب.


ص -188-

الشيخ ابن محمود
هو الشيخ الفقيه محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمود بن منصور ابن عبد القادر بن محمد بن علي بن حامد، يمت بنسبه إلى علي بن أبي طالب من فاطمة الزهراء رضي الله عنها ويجتمع مع آل حامد المعروفين في السيح من قرى الأفلاج في جدهم حامد المذكور.
مولده:
ولد سنة خمسين ومائتين وألف من الهجرة ببلد ضرماء نمن بلدان العارض بنجد ونشأ بها بين والديه إلى سن التمييز ثم صار في حضانة أمه وقرأ القرآن حتى ختمه نظرا وعن ظهر قلب ثم اشتغل بقراءة العلم على قاضي بلدة ضرماء آنذاك عبد الله بن نصير وقي سنة خمس وستين ومائتين وألف قدم مدينة الرياض فقرأ فيها على الشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وابنه الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن والشيخ عبد الرحمن بن عدوان أحد قضاة الرياض في زمنه والشيخ عبد العزيز بن شلوان من قضاة الرياض آنذاك ثم أرسله الإمام فيصل بن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود لأهل وادي الدواسر قاضياً وأقام عندهم ثلاث سنين ثم أعفي من القضاء ورجع إلى مسقط رأسه بلدة ضرماء ثم عين قاضيا لها ومكث في قضاء بلدة ضرماء إلى سنة 1280هـ وفي سنة 1283 بعد وفاة الإمام فيصل نقله الإمام عبد الله ابن الإمام فيصل إلى قضاء مدينة الرياض فاستقر فيها وصار إلى


ص -189-

جانب القضاء يقوم بتدريس الفقه الحنبلي ويصلي بالناس الفروض الخمسة بمسجد الجامع الكبير، فأخذ عنه عدة تلاميذ نذكر من فضلائهم ما يأتي:
تلامذته:
الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف.
والشيخ عبد الله ابن الشيخ حسن رئيس القضاة في حياته رحمه الله.
والشيخ حسين ابن الشيخ حسن المتوفى في عمان –بتخفيف الميم-.
والشيخ محمد ابن الشيخ عبد اللطيف.
والشيخ عمر ابن الشيخ عبد اللطيف.
والشيخ عبد الله بن مسلم.
والشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن.
والشيخ عبد الله الحجازي.
والشيخ محمد بن عياف آل مقرن.
والشيخ عبد الله بن جريس من أهل ضرماء.
وغير هؤلاء.
توفي المترجم الشيخ محمد بن محمود في مدينة الرياض في شهر صفر 1333هـ عن ثلاث وثمانين سنة وقبر بمقبرة العود رحمه الله وغفر له. وخلف ثلاثة أبناء هم: عبد الله وعمر وعلي وكلهم انتقلوا إلى رحمة الله ولهم أبناء وأحفاد في بلدة منفوحة.


ص -190-

الشيخ عيسى بن عكاس
هو العلامة الورع التقي الشيخ عيسى بن عبد الله بن عكاس ينتهي نسبه إلى قبيلة سبيع القبيلة المعروفة بنجد وكان أجداده يسكنون في عنيزة بنجد ثم رحلوا إلى الإحساء عام 956هـ فطابت لهم الإقامة فيها وكثر نسلهم، تزوج والده عبد الله بشريفة بنت أحمد بن إسماعيل المدني سنة 1250هـ فأنجبت أولادا منهم المترجم له وكان مولده بالإحساء عام 1268هـ ونشأ بها.
وكان كفيف البصر له نور ضئيل يشع من إحدى عينيه، فحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب ثم اشتغل بالقراءة على أشياخ وقته بالإحساء فقرأ الفقه المالكي على الشيخ أحمد بن مشرف قاضي الإحساء في حياته والمتوفى عام 1285هـ وقرأ الفقه الحنبلي وعقائد السلف الصالح على الشيخ عبد الرحمن الوهيبي قاضي الإحساء في حياته والمتوفى عام 1282هـ وبعد ما ارتوى من معين المعرفة جلس لطلاب العلم في الإحساء يقرأون عليه في الموطأ وفقه الإمام مالك وفي النحو والحديث والتفسير وعلم العقائد وكان نادرة في الحفظ والاستحضار1 وحسن الهدي والسمت فطلبه الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني حاكم قطر للإقامة عنده لنشر العلم وعقيدة السلف فسافر إلى قطر وأقام بها سنة ينشر العلم والعقيدة ثم رجع إلى الإحساء واستمر في تدريس العلم على حالته المذكورة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال عنه فضيلة الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش: سمعته يملي كتاب موطأ الإمام مالك من حفظه –رحمه الله-.


ص -191-

توليه القضاء:
ولما استولى الملك عبد العزيز ابن الإمام عبد الرحمن ابن الإمام فيصل آل سعود على الإحساء في ثمانية وعشرين جمادى الأولى عام 1331هـ عينه قاضياً للإحساء وذلك في غرة محرم عام 1334هـ واستمر في القضاء مدة حياته وكان -رحمه الله- يأبى أشد الإباء أن يأخذ على القضاء أجرا زهادة منه وتورعا.
تلامذته:
قرأ عليه وتخرج به عدد غير قليل من أهل الإحساء وغيرهم قبل أن يتولى القضاء وبعد ولايته القضاء نذكر منهم على النحو التالي:
1. الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى مؤلف كتاب عقد الدرر وكتاب بعض الحوادث الواقعة بنجد.
2. محمد الباهلي من أهل الرياض النازحين إلى الإحساء.
3. أحمد بن محمد بن بريك الأحسائي.
4. الشيخ سيف المدفع قاضي الشارقة بعمان.
5. عبد العزيز بن سويلم من أهل الرياض النازحين إلى الإحساء.
6. إبراهيم بن طوق من أهل الدرعية النازحين إلى الإحساء بعد خراب الدرعية.
7. حسين بن على بن نفيسة من أهل ضرماء.
8. حمد بن عبد الرحمن بن عمران من أهل الرياض المقيمين بالإحساء.
9. فهيد بن سويدان من أهل منفوحة المقيمين بالإحساء.
10. الشيخ عبد العزيز بن عمر بن عكاس المتوفى عام 1383هـ رحمه الله.
11. محمد بن سليمان أبا الغنيم من أهل نجد المقيمين بالإحساء.


ص -192-

وقرأ عليه غير هؤلاء خلق كثير من أهل نجد وأهل قطر ورأس الخيمة والشارقة وعمان وأم القيوين وقرأ عليه فضيلة الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش قال فضيلته: قرأت عليه الموطأ للإمام مالك قبل وفاته بسنتين أي سنة 1336هـ وقال عنه أيضاً: كان الشيخ عيسى بن عكاس يقرر العلوم من حفظه على تلاميذه ليلا ونهارا في مسجد بجوار داره وكان في بيته أكثر من ثلاثين طالباً من المغترين من أهل نجد وعمان وقطر يقوم بنفقتهم من المأكل من ماله الخاص وقال فضيلته عنه أيضاً:كان الشيخ عيسى قوي الحجة بلغي أنه لما وردت عليه كتب الإمام صديق بن حسن عالم بهبال من الهند وهي كتاب الدين الخالص للإمام محمد بن علي الشوكاني وكتب أخرى وذلك عام 1317هـ عارضه في توزيعها أناس من أهل الاحساء وجرت بينه وبينهم مناظرة فقطعهم بالحجة والبرهان وأقام الدليل الواضح بأنها من كتب السلف تدعو إلى التمسك بالكتاب والسنة وعدم التعصب المذهبي فقنعوا واستمر في توزيعها –رحمة الله-. وقال فضيلته أيضاً:وكان الشيخ عيسى ابن عكاس يقرض الشعر على طريقة العلماء نظم باب الحيض وقد سقط من منظومة شيخه الشيخ احمد بن مشرف لكتاب العبادات. وكان محباً للدعوة السلفية التي قام بنشرها الإمام محمد بن عبد الوهاب ونصره على ذلك الإمام محمد بن سعود وأحفاده من بعده إلى هذا اليوم خلد الله ملكهم. وقال أيضاً وكان الشيخ عيسى محباً للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود يلهج بالثناء عليه والدعاء له بالعز والنصر والتمكين.
أبناؤه:
تزوج الشيخ عيسى بلطيفة بنت إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد المدني ابنة عم والدة فضيلة الشيخ عبد الله بن عمر بن


ص -193-

دهيش لطيفة بنت حسين بن إسماعيل المدني وأنجبت منه خمسة أبناء عبد الله وعمر وعثمان وعلي وحسن.
وفاته:
توفي المترجم الشيخ عيسى بن عكاس في رابع شوال عام 1338هـ بالإحساء وخلف أبنائه الخمسة المذكورين آنفا فأما ابنه عبد الله فتوفي بعده وأما عمر فهو الآن في الوقت الحاضر إمام مسجد الجميح بجدة وأما علي وعثمان فكل واحد منهما إمام مسجد بالطائف رحم الله الشيخ عيسى بن عكاس وغفر له وأسكنه فسيح جنته. وقد رأيت له في صغري وثائق عند والدي في الأحكام بين الناس ووثائق في بيع وشراء العقارات يقول في آخر الوثيقة مانصه "أملاه الفقير إلى رب الناس عيسى بن عبد الله بن عكاس" ويضع في آخرها ختمه –رحمه الله- هذا وقد استقيت مواد ترجمته من فضيلة الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش جزاه الله خيراً ونفع بعلومه وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -194-

الشيخ إبراهيم بن عيسى
هو الشيخ العالم المؤرخ الشهير إبراهيم بن صالح بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن حمد بن عبد الله بن عيسى، من قبيلة بني زيد1 القبيلة المعروفة في شقراء وفي غيرها من بلدان الوشم، ولد ببلدة أشيقر2 سنة ألف ومائتين وسبعين من الهجرة ونشأ بها وتلقى العلم فيها على مشاهير علمائها ثم قام برحلات متعددة إلى الهند والإحساء والبصرة والزبير وجد في طلب العلم فأخذ عن الشيخ العلامة عيسى بن عكاس قاضي الإحساء في زمنه ولازمه مدة عشر سنوات وأخذ عن الشيخ صالح بن حمد المبيض أحد علماء الحنابلة3 المقيمين ببلدة الزبير. وأخذ عن ابن عمه الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى وكان –رحمه الله- ذا قناعة في الدنيا وزهد في المناصب يتباعد عنها ولا يرغبها، فقد طلب منه أعيان مدينة عنيزة أن يتولى القضاء في مدينتهم فأبى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بنو زيد عشيرة المترجم يرجعون في أصل نسبهم إلى قضاعة بني مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير على رواية علي بن محمد بن حزم في الجمهرة ص444 ورواية القلقشندي في نهاية الأرب ص400 ومن أراد معرفة جميع بطون هذه القبيلة قبيلة بني زيد وأراد معرفة جميع فروعها المنتشرة في بلدان نجد فليراجع كتاب المنتخب في معرفة أنساب العرب لعبد الرحمن بن زيد المغيري اللامي طبعة المدني بمصر.
2 أشيقر بلدة قريبة من شقراء وأكثر سكانها في الزمن الأول إلى ما قبل أربعين سنة وهبة تميم وقد ذكرها الحفصي بقوله "الأشيقر باليمامة قرية بني عكل قال مضرس بن ربعي:

تحمل من وادي أشيقر حاضره
وألوى بريعان الخيام أعاصره


3 صالح بن حمد المبيض توفي في شهر شوال سنة 1315هـ وكان قاضيا لبلدة الزبير -رحمه الله-.


ص -195-

وكان يجلس لطلبة العلم في بلدة أشيقر في المسجد الجامع بعد طلوع الشمس وفي المسجد الجنوبي بعد صلاة الظهر، وقد كتب بخطه من الفوائد ما يقارب عشرين مجموعا وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع في تعليقه1 على مجموعة التوحيد النجدية المطبوعة بمنشورات المكتب الإسلامي في بيروت على نفقة الشيخ علي بن عبد الله بن ثاني ص436 ان الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى المترجم خمسين ترجمة لعلماء نجد الذين أهمل ذكرهم صاحب "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة2".
تلامذته:
وقد أخذ عنه العلم تلاميذ تخرجوا على يديه -رحمه الله تعالى- منهم الشيخ عبد الله بن زاحم رئيس قضاة المدينة المنورة في حياته -رحمه الله- والشيخ عبد الله بن جاسر رئيس هيئة التمييز بالمنطقة الغربية والشيخ محمد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 محمد بن عبد العزيز بن مانع توفي بمدينة بيروت سنة 1385هـ ونقل إلى قطر ودفن فيه –رحمه الله- وسنورد له ترجمة في هذا الكتاب إن شاء الله.
2 صاحب " السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" هو محمد بن عبد الله بن علي بن عثمان بن حميد من أهل مدينة عنيزة المشهورة بالقصيم ولد بها سنة 1236هـ وقرأ العلم على قاضيها آنذاك الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن "أبا بطين" ثم رحل إلى مكة المكرمة وقرأ على علمائها في الحرم الشريف ثم قام برحلات إلى اليمن والشام ومصر والعراق وفلسطين ثم عاد إلى مكة وعكف على التدريس بالمسجد الحرام، وألف كتباً منها السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة، ترجم فيه العلماء الحنابلة وبدأ من حيث وقف قلم عبد الرحمن بن رجب إلى أن أتى على العلماء المعاصرين لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وترجم لهم وأهمل ذكر علماء دعوة التوحيد السلفية شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتلامذته وأبنائه وأحفاده وأهمل ذكر معاصريه اللذين عاش في عصرهما وهما الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن وسبب ذلك خلاف عقائدي حصل بين ابن حميد والعلامة الشيخ عبد الرحمن ابن حسن فرد عليه الشيخ عبد الرحمن برد سماه "المحجة في الرد على اللجة" واللجة لقب ابن حميد المذكور.


ص -196-

علي البيز قاضي جدة ثم الطائف وغير هؤلاء من لم أقف على أسمائهم، وقد تصدى المترجم الشيخ إبراهيم ن صالح بن عيسى لخدمة تاريخ نجد وكتابته فكان ما كتبه ذيله على كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد للشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر النجدي تلبية لأمر جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود –رحمه الله- وقد سماه "عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث في أواخر القرن الثالث عشر وأول القرن الرابع عشر" وبدأه من السنة التي وقف عليها الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر وهي سنة ألف ومائتين وثمان وستين من الهجرة وألف كتاب "تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد" وقد لبث رحمه الله في بلدته أشيقر ينشر العلم تدريساً ويجمع ما يستطيع جمعه من أخبار بلاد نجد حتى أرهقته الشيخوخة فانتقل في الحادي عشر من صفر سنة 1342هـ إلى مدينة عنيزة بالقصيم فعاش فيها بقية حياته القصيرة إلى أن وافته المنية في الرابع والعشرين من شهر شوال سنة 1343هـ في مدينة عنيزة وخلف ابنين هما عبد الرحمن وعبد العزيز رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جنته إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -197-

الشيخ حمد بن فارس
هو الشيخ حمد بن فارس بن محمد بن رميح من قبيلة سبيع ولد سنة ثلاث وستين ومائتين وألف تقريباً فنشأ على يد والده فارس ورباه تربية طيبة ولازمه ملازمة تامة فتخصص عليه في علم الفرائض والحساب وغيرهما من العلوم ثم قرأ على الشيخ عبد الله بن حسين المخضوب الهاجري1 صاحب الخطب المنبرية المشهورة ثم قرأ على الشيخ العلامة عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن ابن حسن في الفقه والنحو وصار أنحى علماء زمنه بنجد وتولى حفظ بيت مال للإمام عبد الله بن فيصل ثم للإمام عبد الرحمن ثم لجلالة الملك عبد العزيز آل سعود فكانت تجبى إليه زكوات الحبوب والتمور من بلدان نجد2 ويقوم على حفظها في مخازن معدة لها بقصر الرياض ويقوم بتوزيعها حسب الأوامر العالية وكذلك أوقاف آل سعود وضحاياهم كانت موكولة إليه وهو المسئول عنه -رحمه الله-.
وكان له معرفة في الفلك وداوم على التعليم في مسجد الشيخ عبد الله ابن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 توفي الشيخ عبد الله بن حسين المخضوب بالخرج حيث كان قاضياً لها عام 1315هـ.
2 خلفه في حفظ الزكوات إبراهيم بن عبد الله الشايقي وفي أقاف آل سعود وضحاياهم ابنه محمد بن حميد بن فارس وفي عهد إمام المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز أصدر أمره الكريم إلى الجباة بأن زكوات ثمار كل بلد تعطى فقراءه فورا ولا تحتاج إلى نقل كما كانت. زنظم أوقاف آل سعود واعتنى بحفظ وصاياهم وأضحيتهم فأسس لها دائرة في بناية خاصة مكتوب عليها "دائرة أوقاف آل سعود" ووكل أمرها إلى لجنة من المشهورين بالأمانة والتقوى تستلم غلالها وتقوم بإخراج معيناتها من الأضاحي وغيرها أيد الله إمام المسلمين بتوفيقه ونصره إنه سميع مجيب.


ص -198-

الشيخ عبد اللطيف من بعد صلاة الصبح إلى الساعة الرابعة نهارا في النحو والفقه وأخذ عنه هذين العلمين كثير من العلماء لا يحضرني عددهم. وكان -رحمه الله- يرى صيام يوم الثلاثين من شهر شعبان إذا حال من دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان قترٌ أو غيم وذلك على القول المرجوح رحمه الله وعفا عنه وسامحه.
وفاته:
توفي في الساعة العاشرة بعد العصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وألف وصلي عليه في جامع الرياض وأم الناس في الصلاة عليه الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ وشيعه خلق كثير ودفن في مقبرة العود وخلف ابناً هو محمد توفي عام 1387هـ وخلف عدة أبناء رحم الله الشيخ حمداً وابنه محمداً وغفر لهما وجميع المسلمين وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -199-

الشيخ سليمان بن سحمان
هو العلامة الشهير صاحب المؤلفات والردود الذي حرد قلمه وسخر يراعه لنصرة الإسلام والنضال عن عقيدة التوحيد الشيخ سليمان بن سحمان بن مصلح ابن حمدان بن مسفر بن محمد بن مالك بن عامر الخثعمي التبالي العسيري النجدي وأصله –رحمه الله- من تبالة قرية من أعمال بيشة كانت مضرب المثل في الرخاء والخصب قال لبيد بن ربيعة العامري:

فالضيف والجار الجنيب كأنما
هبطا تبالة مخصبا أهضامُها


أصل الشيخ من هذه القرية المشهورة فنزح والده منها إلى مدينة أبها عاصمة عسير فولد الشيخ في قرية1 من أعمال أبها تسمى السقا وذلك سنة 1266هـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لما استقر والده بمدينة أبها تزوج امرأة من أهالي القرا محلة من محلات أبها وأنجبت منه ثلاثة أبناء: الشيخ سليمان ومحمدا وعبد الكريم وكانت قد تزوجت قبل سحمان بزوج ورزقت منه بابن اسمه فايع ولما نزح سحمان من عسير إلى نجد ونزح معه بابنيه الشيخ سليمان ومحمد ترك ابنه عبد الكريم ووالدته بأبها ولما وصل مدينة الرياض فتح مدرسة لتحفيظ القرآن بجوار مسجد الشيخ بحي دخنة وأخذ يعلم أبناء آل الشيخ القرآن وغيرهم من أبناء أهل مدينة الرياض وتزوج امرأة من آل مزيعل سكنة "أبا الكباش" من أعمال مدينة الرياض وأنجبت منه ابنا اسمه إسماعيل ابن سحمان استشهد في وقعة البكيرية عام 1322هـ وهو غاز في جيش الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وخلف ابنا اسمه ناصر بن إسماعيل بن سحمان طالب علم توفي بمدينة الرياض عام 1350هـ أخذ الشيخ سحمان والد المترجم له يعلم القرآن في مدينة الرياض وبعد وفاة الإمام فيصل ابن الإمام تركي بسنتين أي 1284هـ رحل بابنيه الشيخ سليمان ومحمد إلى بلدة العمار من بلدان الأفلاج بنجد وأخذ يدرس أبناء بلدة العمار القرآن إلى أن توفي ببلدة العمار عام 1289هـ فخلفه في تدريس القرآن ابنه محمد وقد أنجب محمد ابناً اسمه عبد العزيز وعبد العزيز أنجب ابناً اسمه عبد الرحمن وعبد الرحمن المذكور هو قاضي الأفلاج حالياً.


ص -200-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 16:01

ألف ومائتين وسنة وستين من الهجرة فنشأ بها في أحضان والده الشيخ سحمان وكان والده فاضلا من حفظة القرآن وطلاب العلم فأقرأه ابنه القرآن حتى ختمه ثم أخذ يلقنه مبادئ العلوم وفي سنة ثمانين بعد المائتين والألف من الهجرة في ولاية محمد بن عائض بن مرعي نزح والده سحمان من عسير إلى نجد واصطحب معه ابنيه المترجم له الشيخ سليمان ومحمداً فوصل بهما مدينة الرياض وحل فيها ضيفا مهاجرا عند الإمام فيصل ابن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود فآواه ورتب له مرتبا يقوم بكفايته وعائلته وكان ذلك في زمن الإمامين الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وابنه الشيخ عبد اللطيف فابتدأ الشيخ سليمان في القراءة على الشيخ عبد الرحمن بن حسن وعلى ابنه الشيخ عبد اللطيف ولازمه ملازمة تامة وصار يكتب له الرسائل والردود وبعد وفاة الإمام فيصل ابن الإمام تركي بسنتين أي 1284هـ انتقل مع والده الشيخ سحمان إلى بلدة العمار من بلدان الأفلاج بنجد وشرع في القراءة على الشيخ حمد بن عتيق ولازمه سبعة عشر عاماً وبعد وفاة الشيخ حمد سنة 1301هـ رجع إلى مدينة الرياض وقوى صلته بالعلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف، وأخذ في حضور دروس الشيخ عبد الله ومزاولة الردود وكان جيد الخط فطلبه الإمام عبد الله ابن الإمام فيصل كاتباً عنده فلم يسعه إلا تلبية أمره وإجابة طلبه فصار يكتب للإمام عبد الله ابن الإمام فيصل الرسائل ورحل معه إلى مدينة حائل سنة 1305هـ ولما رجع الإمام عبد الله إلى مدينة الرياض سنة 1307هـ تخلف المترجم في مدينة حائل وأكب على نسخ الكتب ليلاً ونهاراً فتحصل على كتب خطية كثيرة وفي عام 1309هـ رجع إلى مدينة الرياض وانبرى للتأليف والردود ثم تلقى تهديداً من عبد العزيز بن متعب بن رشيد بشأن كتابة الردود ففتر عزمه، ولما شاء الله الخير لهذه الجزيرة واستولى نصير العلم وحامي حمى الشريعة الإسلامية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود على نجد واستقرت له الأمور قوي ساعد المترجم له فأخذ يحامي عن الإسلام ويرد


ص -201-

على المبتدعين ثم طرأ عليه العمى وأصيب بذهاب بصره عام 1331هـ فبعثه الملك عبد العزيز لعلاج عينيه في البحرين سنة 1332ه فلم يقدر له الشفاء ورجع بدون فائدة فعاد إلى التأليف والردود بحماس ديني وقوة إسلامية فأخذ يدافع عن الشريعة ويكافح رؤساء الضلال ودعاة البدع الذين ناوأوا التوحيد السلفية فألف -رحمه الله- قبل ذهاب بصره وبعد ما طرأ عليه العمى هذه المؤلفات الآتية:
1. الأسنة الحداد في الرد على علوي الحداد "ط" مرتين.
2. الصواعق المرسلة الشهابية في الرد على الشبه الشامية "ط"1.
3. كشف غياهب الظلام عن أوهام جلاء الأوهام "ط" مرتين2.
4. الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق "ط" عدة مرات3.
5. كشف شبهات عبد الكريم البغدادي في تحليله ذبائح الصليب وكفار البوادي "ط".
6. ارشاد الطالب إلى أهم المطالب "ط".
7. رسالة الساعة وبيان أنها صناعة رد بها على طالب علم ادعى أن الساعة سحر.
8. تنبيه ذوي الألباب السليمة عن الوقوع في الألفاظ الوخيمة ملاحظات على الشيخ مجمد بن مانع في شرحه لعقيدة السفاريني "ط".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رد بها على الأقوال المرضية في الرد على الوهابية وهي رسالة صغيرة تبلغ صفحاتها 26 صفحة ألفها رجل من أهل دمشق يدعى أحمد عطاء الكسم وطبعت له بالمطبعة العمومية بمصر عام 1901 ميلادية.
2 رد به على كتاب جلاء الأوهام عن مذاهب الأئمة العظام وهذا الكتاب ألفه رجل يدعى مختار بن أحمد المؤيد العظم توفي سنة 1340ه ومولده ووفاته بدمشق زار مصر وسكن المدينة المنورة مدة له كتب منها فصل الخطاب أو تفليس إبليس من تحرير المرأة ورفع الحجاب ورد الفضول في مسألة الخمر والكحول.
3 الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق رد به –رحمه الله- على جميل صدقي الزهاوي وعلى أباطيله التي ضمنها كتابه الفجر الصادق في الرد على منكر التوسل والكرامات والخوارق وطبعت له في القاهرة "1333ه" وجميل صدقي الزهاوي ملحد زنديق لا يدين بدين ولد ببغداد سنة 1279ه وتوفي بها سنة 1354ه وله ديوان شعر "ط".


ص -202-

9. اقامة الحجة والدليل وايضاح المحجة والسبيل على ما هو به أهل الكذب والمين من زنادقة....
10. كشف الشبهات عن رسالة يوسف بن شبيب والقصيدتين.
11. الجواب المستطاب عما أورده الجاهل المرتاب المسمى متروك "خ"
12. الجواب المنكي في الرد على الكنكي "خ"
13. الجواب الفارق بين العمامة والعصائب "ط".
14. حل الوثاق في أحطام الطلاق "خ".
15. منهاج أهل الحق والإتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع "ط".
16. كشف الأوهام والالتباس عن تشبيه بعض الأغبياء من الناس.
17. التبيان المبدي لشناعة القول المجدي.
18. الرد على كتاب القول المنيف الذي ألفه عبد الله بن عمرو.
19. الهدية1 السنية والتحفة الوهابية "ط".
20. تبرئة2 الشيخين الإمامين من تزوير أهل الكذب والمين "ط".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الهدية السنية مجموعة خمس رسائل الأولى للإمام عبد العزيز ابن الإمام محمد بن سعود والثانية للشيخ الإمام عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والثالثة رسالة الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب للإمام الشيخ حمد بن ناصر بن معمر والرابعة للشيخ العلامة عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والخامسة لابنه الشيخ محمد ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن وبآخر هذه الرسائل منظومة طويلة دالية للمترجم له الشيخ سليمان بن سحمان ضمنها عقيدة أهل السنة والجماعة وما يدينون الله به وهذه المنظومة زائدة على قصائد ديوان المؤلف لأنه أنشأها بعد ما طبع الديوان.
2 يرد به على قصيدة وشرحها منسوبة للأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني ومطلع القصيدة المزورة على الأمير الصنعاني:

رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي
فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي


فرد عليه المترجم له الشيخ سليمان بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها ثلاثمائة واثنين وثمانين بيتاً ومطلعها:

ألا قل لذي جهل تهور في الرد
وأظهر مكنوناً من الغيظ لا يجدي=


ص -203-

21. الجيوش الربانية في كشف الشبه العمروية يرد به على عبد الله بن عمرو "خ".
22. ورسالة جواب الأسئلة عن التكفير والتفسيق والهجر على المعاصي "ط".
23. رد على العاملي الإمامي صاحب كشف الارتياب "خ".
24. نظم اختيارات شيخ الإسلام "خ".
25. الرد على عبد الله بن عمرو "خ".
26. أشعة الأنوار "ط".
وله أجوبة على مسائل طبعت في مجموع الرسائل والمسائل النجدية.
وكان -رحمه الله- شاعرا موهوبا له ديوان شعر اسماه "عقود الجواهر المنضدة الحسان" طبع قديما في الهند1 سنة 1333ه غالبه ردود على شعراء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=

وفاه بتزوير وإفك ومنكر
وظلم وعدوان على العالم المهدي

وزور نظماً للأمير محمد
وحاشاه من إفك المزور ذي الجحد

لعمري لقد أخطأت رشدك فاتئد
فلست على نهج من الحق مستبدي

وقد صح أن النظم هذا مقول
تقوله هذه الغبي على عمد

وما كان هذا النظم منظوم عالم
نقي تفي بالهدى للورى يهدي

ولكنه جهل صريح مركب
ومنشئه عن منهج الرشد في بعد

وهاأنا ذا أبدي مخازيه جهرة
واقض مايبديه بالحق والرشد

لتعلم أن الفدم هذا مزور
وأن الذي أبداه من جهله المردي

يخالف ما قال الأمير محمد
وقرر في التطهير تقرير ذي نقد

وحسبك من هذا ضلالا وفرية
على البعد فضلا عن الأب والجد

فجاء على تزويره بدلائل
تعود على ما قال بالرد والهد

إذا صح ما قلنا لديك فقوله
رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي

رجوع عن الحق الذي هو ذاكر
عن السلف الماضيين من كل ذي رشد




وهي طويلة نجتزي منها بهذا القدر حيث طبعت مع شرحها في كتاب تبرئة الشيخين الإمامين عن تزوير أهل الكذب والمين والكتاب ذكرناه ضمن مؤلفات المترجم له –رحمه الله-.
1 بلغني من حفيده عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الشيخ سليمان ان لجده الشيخ سليمان قصائد كثيرة لم تطبع.


ص -204-

الضلال الذين هاجموا دعوة التوحيد السلفية ورموا بقوافي الشتم وسهام الطعن علماءها وقد بلغ مجموع قصائد هذا الديوان مائة وثماني قصائد وبلغ عدد أبيات هذه القصائد ثمانية آلاف وثمانية وتسعين بيتاً.
وكان -رحمه الله-طويل النفس في الشعر حتى أن إحدى قصائده بلغت خمسمائة وثلاثين بيتاً ورائيته التي رد بها على رائية النبهاني بلغت أربعمائة بيت وكان لا تأتيه قافية هجاء إلا وانبرى للرد عليها وزناً وقافية وإن كانت من أبشع قوافي الشعر ممتازة ليست لغيره وذلك انه يستعرض قصيدة المعارض مجزأة ثم يتعقبها بالمناقشة ثم يعاكسها ويأتي على كل بيت من أبياتها بالرد والنقض في جملة أبيات حتى يأتي على جميعها ويستوعبها نقضاً ورداً.
نورد مثالاً لبعض ما ذكرنا هذه القصيدة الرائية التي رد بها على رائية يوسف النبهاني1.

وقفت على نظم حوى الكفرا والشرا
وصاحبه خب لئيم وقد أجرى

ينابيع كفر في تقاسيم غيه
فحرر في تقسيمه الافك والوزرا



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1هو يوسف بن إسماعيل النبهاني نسبة إلى بني نبهان من عرب البادية بفلسطين. ولد سنة 1265ه ونشأ بقرية "اجزم" التابعة لحيفا من شمال فلسطين، ثم سافر إلى مصر سنة 1283ه وتعلم بالأزهر وسافر إلى الاستانة فعمل في تحرير جريدة "الجوائب" وتصحيح ما يطبع في مطبعتها ورجع إلى بلاد الشام سنة 1296ه فتنقل في أعمال القضاء إلى أن كان رئيساً لمحكمة الحقوق ببيروت سنة 1305ه وأقام بها زيادة على عشرين سنة وسافر إلى المدينة المنورة مجاورا ونشبت الحرب العالمية الأولى فعاد إلى قريته "اجزم" وتوفي بها سنة 1350ه وكان شاعرا طويل النفس وقحا ضالا وثنيا يدعو إلى دعاء الأموات والغائبين له "شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق" وله كتب كثيرة حمل فيها بدون حياء ولا وازع من دين على أعلام الإسلام كشيخ الإسلام أحمد بن تيمية وتلميذه محمد بن قيم الجوزية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والإمام الألوسي صاحب روح المعاني وحفيده محمود شكري الألوسي والشيخ محمد عبده المصري وآخرين وله رائية شعر طويلة اطلق لنفسه فيها عنان البذاءة وهجر القول، فسب فيها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب واخوانه الموحدين السلفيين وقد تصدى له المترجم الشيخ سليمان بن سحمان فرد عليه بهذه القصيدة وهي تبلغ في حملتها أربعمائة بيت من وزن قصيدة النبهاني ورويها جزاه الله خيراً.


ص -205-

ولم يأتنا منها سوى الخامس الذي
تهور فيه القدم في الكفر واستجرا

يذم به أهل التقى وذوي النهى
فسحقا له سحقا فقد أظهر الكفرا

فكان علينا واجبا متعينا
أجابته لم هذا وأتى هجرا

ولم أك في ردي عليه تعمقاً
بتعقيد ألفاظ كمنظوم ذي الاطرا

ولكن بلفظ مستقيم نظمته
ليفهمه القاري ومن كان لا يقرا

فطورا أرد الهمط من زور غيه
وأبدى له خزيا وانشره نشرا

وأعكسه طوراً عليه لأنه
بأرجاسه أولى وأركانه احرى

فها أنا ذا أنبيك بعض نظامه
لتعلم أن الفدم ما أحكم الأمرا

ويحسب جهلا أنه بمقاله
أتى بصواب في مقالته النكرا

فقال الغبي الأحمق الفدم منشدا
لينشر من أقواله الكفر والشرا

أولئك . . . . . ضل سعيهم
فظنوا الردى خيرا وظنوا الهدى شرا

فهذا مقال الفدم لا در دره
ولا نال إلا الخزي والعار والوزرا

وأعجب من ذا لو يرى الرشد أنه
بذلك أبدى من مخازيه ما أزرى

فمن لم يكن في قلبه حب أحمد
اعز الورى فخرا وأعظمهم قدرا

فليس لعمري مؤمنا بمحمد
وما نال إلا الخزي من ذاك والوزرا

ومن أشرك المعصوم في حق ربه
وأسهب في منظومه المدح بالاطرا

فذا كافر بالله جل جلاله
كهذا الذي أبدى بمنظومه الكفرا

نعم نحن وهابية حنفية
حنيفية نسقي لمن غاضنا المرا

ومن هاضنا أو غاضنا بمغيضة
سنصعقه صعقاً ونكسره كسرا

وكم من أخي جهل رمانا بجهله
فعاد حسيرا خاسئاً نائلا شرا

بمحكم آيات وسنة أحمد
نصول على الأعدا ونأطرهم أطرا

وما ضل منا السعي بل كان سعينا
على ملة المعصوم والسنة الغرا

فلا ندع إلا الله جل جلاله
ونرجوه في السرا وفي العسر والضرا

فلا يستغيث المسلمون بغيره
تعالى عن الأنداد من ملك الأمرا


ص -206-

نوحده سبحانه بفعاله
وأفعالنا لله خالصة طرا

وأهل النهى سكان نجد جدودهم
هم العرب العربا بهم لم تحطْ خبرا

وقد استعربت منهم قبائل جَمّة
سموا بالعلى قدرا وبالمصطفى فخرا

أتم عقول الناس طرا عقولهم
وأحسنهم خلقا وخلقا فهم أحرا

وقد ورثوا مجدا أصيلا مؤثلا
لأهل الهدى منهم فنالوا به الفخرا

مسيلمة الكذاب ليس بجدهم
وليس له نسل يقرر أو يدري

ولا لسجاح1 ويل أمك فاتئد
فما الفشر إلا ما هذوت به نشرا

وقد أسلمت والشام كان مقرها
فلو كان من لؤم لكنت به أحرا

وإذ كنت من أنباط اجزم لم تكن
من العرب العربا ولا من سموا فخرا

ولم تدر من دين الهدى غير مذهب
يضلك في الدنيا و يخزيك في الأخرى

فما لك وللأنساب دعها لمن له
بها خبرة اذ كان منكم بها أدرى

فعلمك بالأنساب أعظم آية
على جهلك المردى كما قلته جهرا

أتحسب انا ويل أمك غفلا
كأنباط من ... ما حققوا الامرا

وقولك فيما تهورت ضلة
وحررته رقما وأودعته كفرا

إلى الله بالمعصوم لم يتوسلوا
نعم هذه حق يعدونها كفرا

على عرف عباد القبور لأنه
بمعنى الدعا والاستغاثة قد يجرى

فيدعونه جهلا لدى كل كربة
ومعضلة دهياء تعرو لهم جهرا

وهذا هو الإشراك بالله جهرة
فتبا لمن يدعو الذي سكن القبرا

وما كان مسنونا فنحن نقره
على عرف من منكم بسنته أدرى

أولئك أصحاب النبي محمد
وأتباعه ممن على نهجه يترى

توسلهم بالمصطفى في حياته
إذا ما دهاهم فادح أوجب الضرا


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ليست سجاح من بني تميم قال الحافظ إسماعيل بن كثير في ج6 ص320 من تاريخه المسمى والبداية والنهاية بالحرف الواحد ما نصه "هي سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التغلبية من نصارى العرب" وناهيك بالحافظ ابن كثير دراية وحفظاً وتدقيقاً رحمه الله.


ص -207-

فيأتونه مستشفعين لما دها
من الكرب أو مستعتب طالب غفرا

فيدعو لهم أن يكشف الله ما بهم
من الضر واللأوى ويستنزل النصرا

ومن بعد أن مات النبي محمد
فليس سوى الرحمن يدعونه طرا

بل الله مولاهم ولا شيء غيره
وبالعمل المرضي يدعونه جهرا

وبالدعوات الصالحات توسلوا
وإيمانهم بالمصطفى من سما فخرا

وما كان مكروها وكان محرما
ومخترعا في الدين مبتدعا نكرا

فذاك الذي بالجاه أو بذواتهم
توسل أو يدعو بهم طالبا أجرا

فما بذوات الأنبياء وجاههم
أتى النص أن ندعو بهم واضحا يقرا

نعم قدرهم أعلى لدى كل مسلم
على كل مخلوق وكل بني الغبرا

وتعزيزهم أعلى لدى كل مسلم
وتوقيرهم إذ كلهم قد علا قدرا

فما ورثوا الكذاب من كان يدعي
بأن له شطرا وللمصطفى شطرا

لأنهمو قد أخلصوا الأمر كله
ولم يجعلوا للمصطفى ذلك القدرا

ومن أشرك المخلوق في حق ربه
فقد جاء بالكفران والقالة النكرا

وأنتم ورثتم جهرة كل كافر
وحققتم الارث الذي أوجب الكفرا

بصرفكمو ما للاله لغيره
فلم تجعلوا لله شيئا ولا شطرا

ومن قول هذا المفتري في نظامه
وقرر هذا في قصيدته جهرا

أشار رسول الله للشرق ذمه
وهم أهله لا غرو ان أطلع الشرا

أقول لعمري ما أصبت وإنما
دهاك اسم نجد حيث لم تعرف الامرا

فما شرق دار المصطفى قط نجدنا
ولكنه نجد . . . فهم أحرى

ومنه بدت تلك الزلازل كلها
وقد قررت أخبارها للورى سيرا

ففي الفتح1 ما يشفي ويطلع عالما
بتلك المعاني قد أحاط بها خبرا

وما طعنوا في الأشعري إمامكم
ولكن بأتباع له كسروا كسرا

وللملاتريدي حيث جاء ببدعة
وللاشعري أشياء منكرة أخرى


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني به فتح الباري شرح صحيح البخاري.


ص -208-

ووافق أهل الحق في جل ما به
يقولونه حقا ومن غيرهم نبرا

فبين حقا في الابانة قوله
وفي غيرها من كتبه أوضح الأمرا

فلستم على منهاجه وطريقه
ولكنكم من أمة آثروا السكرا

وتزعم جهلا ويل أمك أننا
نقول وما حققت أحوالنا سيرا

بتحقير أحباب الرسول تقربوا
إليه فنالوا البعد إذ ربحوا الخسرا

وما هذه إلا مقالة آفك
أراد بها التنفير، ما أعظم الأمرا

فما رجل من بتحقير شأنهم
تقرب يا من قال بالزور واستجرا

سوى أن حق الله لله وحده
جعلنا ولم نجعل لأحبابه شطرا

وتعظيمهم بالإتباع على الهدى
على المنهج الأسنى نقرره جهرا

وأن لهم فضلا على الناس كلهم
بما عملوا من صالح هم به أحرى

وأما حقوق الله جل جلاله
فليس لهم منها ولا ذرة تجرى

وما ذاك تحقيرا لهم وتنقصا
ولكنه تعظيمهم إذ همو أدرى

وأعلم بالله العظيم ودينه
فنالوا به فخراً وأعلوا به قدرا

ونلنا بهذا الاعتقاد سلامة
ونلتم بذاك الإعتقاد بهم خسرا

ويعتقدون الأنبياء كغيرهم
سواء عقيب الموت لا خير ولا شرا

فليس لهم بعد الممات تصرف
ولا لسواهم من بني ساكن الغبرا

فمن يدعو غير الله أو يستغث به
وقد فارق الدنيا وصار إلى الأخرى

فذلك بالرحمن قد كان مشركا
وهذا هو الأمر الذي أوجب الكفرا

وقد أجمع الأعلام من كل مذهب
على أن ذا كفر وقد حققوا الأمرا

وما شذ منهم غير من كان رأيه
على رأي قوم أحدثوا للورى شرا

وساروا على منهاج من ضل سعيه
ولم يعرفوا الإسلام حقا ولا الكفرا

ولكنهم ضلوا بوهم شفاعة
دعاهم بها الشيطان واجتال من غرا

وأي دليل من كتاب وسنة
عن السيد المعصوم معلومة تقرا

وتتلى بإسناد صحيح محق
تقرره أعلام سنتنا الغرا


ص -209-

وقولك فيما قد نظمت تهورا
وأبديته فيما تحروه جهرا

وقد عذروا من يتغيث بكافر
كذبت وقد أبديت في نظمك الهجرا

فما وجدوا عذرا لمن كان كافرا
ولا وجدوا للمستغيث بهم عذرا

ولا رحلوا للشرك في دار رجسه
وجابوا إلى أوطانه البر والبحرا

ولا جوَّزوا للمسلمين رحيلهم
لزورة خير الخلق في طيبة الغرا

ولكنهم قد جوزوه لمسجد
يصلي به من رام من ربه الأجرا

ومن بعد أن صلى يزور محمدا
ويدعو له لا يدعو من سكن القبرا

وفيه حديث في الصحيح1 لمسلم
يقرره من كان يعرفه جهرا



وهي طويلة نكتفي منها بهذا القدر الذي أوردناه.
ورأيت له هذه القصيدة التي ضمنها حنينه إلى وطنه ومسقط رأسه عسير السراة فأحببت أن أمتع القراء بإيرادها في هذا الموضع من ترجمته لاشتمالها على مواضع وأماكن تاريخية وجغرافية
قال رحمه الله:

فيا أيها الغادي على ظهر جلعد
عردنسة وجنا من الضّمّر الحُمْرِ

إذا أنت أزمعت المسير ميمماً
إلى الطور من أرض السراة إلى الوعر

وخلفت أمدار البلاد وجزتها
بلاداً بلادا أو قفاراً إلى قفر

وجاوزت شهراناً وناهس بعدما
قطعت طريبا من ديار بني صقر

فأشرف على أبها حنانيك قائلا
ودمعك سفاح على الخد والنحر

سلام على من حلها من ذوي الهدى
بقية أهل الدين في غابر الدهر

وعرض على أهل القرا2 حيث أنها
محلة أخوالي وإن كنت لا تدري

فسلم على من كان بالله مؤمنا
ودع كل من يأوي إلى أمة الكفر



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إشارة إلى ما رواه مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد القدس".
2 القرا محلة من محلات أبها.


ص -210-

وارض بها نيطت على تمائمي
تسمى السقا دار الهداة أولى الأمر

بلاد بني تمام حيث تواطنوا
وآل يزيد من صميم ذوي الفخر

وأبلغ بني الشيخ الأمير محمد
عليا وعبد الله عنا بلا حصر

سلاما وبلغ عائضاً وذوي الهدى
ومن هو منهم لم يزل سائر الدهر

وأخوتنا عبد الكريم ويافعا1
وأبنائهم تسليم مكتثب الصدر

مضى عمره والقلب في عرصاتكم
وأشواقه تزداد في السر والجهر

ولم أرسل عن تذكاركم وادكاركم
على البعد واللأوى وفي العسر واليسر

وما زلت في أرض نشأت بربعها
أحن إليها دائما وأمض الذكر

فياليت شعري هل شدا بمشيده2
كعهدي به حال الطفولة من عمري

وهل حصن زهوان الحصين وجيرة
حواليه في عز رفيع وفي فخر

وحصن ابن عواض وآل مفرج
وجيرانهم أهل القريع على خير

وصدرى وحصن لابن لاحق حولنا
ويا ليتني أدري أكانوا كما أدري

أم الحال قد حالت بهم وتغيرت
وبدل خير فيهمو كان بالشر

حنانيك خبرني ولا تأل جاهدا
فإني لدى الأخبار منشرح الصدر

واختم نظمي بالصلاة مسلماً
على السيد المعصوم ذي المجد والفخر

وأصحابه والآل مع كل تابع
وتابعهم حقا إلى منتهى الدهر



وقد أقعد في آخر حياته فلزم داره وصار لا يخرج منها ولكنه لم ينقطع عن التأليف والردود عن عقيدة الإسلام إلا قبيل وفاته بسنتين.
تلامذته:
أخذ عنه ابناه صالح وعبد العزيز والشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان والشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عبد الكريم أخوه لأمه وأبيه ويافع أخوه من أمه فقط.
2 شدا: قصر بمدينة أبها.


ص -211-

والشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن حسين.
وغير هؤلاء ممن لا يحضرني ذكرهم.
وفاته:
توفي -رحمه الله- بمدينة الرياض سنة ألف وثلاثمائة وتسع وأربعين من الهجرة وصلى عليه الناس بمسجد جامع الرياض الكبير ودفن في مقبرة العود غفر الله له وعفا عنه وجزاه عن دفاعه عن الإسلام ونضاله عن الدين خير الجزاء.
وقد أنجب -رحمه الله- ثلاثة أبناء هم: عبد العزيز وصالح وعبد الله فأما عبد العزيز فمات في حياة والده وخلف ابنا اسمه عبد الرحمن أصبح اليوم من طلبة العلم وأما صالح وعبد الله فهما موجودان ولهما أبناء وذرية وصالح سبق له أن طلب العلم ولديه معرفة.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.


ص -212-

الشيخ سعد بن عتيق
هو العلامة الورع الزاهد الشيخ سعد ابن الشيخ حمد بن علي بن محمد بن عتيق بن راشد بن حميضة، اشتهر كوالده بابن عتيق ولد ببلدة العمار من بلدان الأفلاج1 الناحية المعروفة جنوب نجد سنة تسع وسبعين ومائتين وألف تقريباً، فنشأ في كنف والده الشيخ حمد وقرأ عليه جملة من المتون المؤلفة في توحيد العبادة وتوحيد الأسماء والصفات والفقه والحديث والنحو.
ثم سافر إلى الهند سنة تسع وتسعين ومائتين وألف وقدم بهبال واجتمع بصديق ابن حسن خان وقرأ عليه وأخذ عن الشيخ نذير حسين والشيخ محمد بشير السندي والشيخ سلامة الله الهندي وعن الشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي اليماني المقيم بالهند وبقي تسع سنين يقرأ على علماء الحديث المذكورين ثم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأفلاج جمع فلج وهو النهر الصغير وهو اليوم يطلق على ناحية كبيرة من نواحي نجد تقع بين وادي بريك وبلدانه وهي الحوطة والحريق ونعام والحلوة والصدر والعطيان والمفيجر. تقع الأفلاج بين هذه القرى وبين السليل وتبعد عن مدينة الرياض نحو ثلاثمائة كيلومترا وتشتمل الأفلاج على عدة قرى أعرف منها ما يأتي "ليلى" وهي العاصمة "والحمر، والهدار، والستارة، والخرفة، وسيح آل حامد، والغيل، والعمار" وبها ولد له المترجم له "وحراضة، وواسط، وسيلا، ومروان، والزريقية، والروضة، والبديعة، وسويدان" جميع هذه القرى يطلق عليها اسم الأفلاج وهي آهلة بالسكان وفيها نخيل وقصور ومزارع وأنهار عديدة وماؤها غزير لا ينضب وفيها مدارس بنين وبنات ودوائر حجومية وفيها جميع لوازم الحياة أطال الله عمر إمام المسلمين الملك فيصل آل سعود الذي تقدمت المملكة في عهده تقدماً عظيماً في شتى المجالات والميادين حفظه الله من كل مكروه وأدام عليه نعمة التوفيق إنه لسميع مجيب.


ص -213-

رجع إلى وطنه وحج وبعد فراغه من الحج مكث بمكة ووجد بها الشيخ أحمد ابن إبراهيم بن عيسى النجدي مجاورا فقرأ عليه الروض المربع شرح زاد المستقنع، وأخذ عن جماعة من علماء مكة المكرمة منهم الشيخ حسب الله الهندي والشيخ عبد الله الزواوي والشيخ أحمد أبو الخير، ثم عاد إلى وطنه وبقي في مسقط رأسه بلدة العمار وتولى قضاء الأفلاج مدة ولاية آل رشيد، ولما تولى جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ملك نجد نقله إلى مدينة الرياض بجانبه وولاه القضاء في الدماء وجميع القضايا التي تتعلق بالبوادي وإمامة الفروض الخمسة بمسجد الجامع الكبير، وعقد بالجامع المذكور حلقتين للتدريس إحداهما بعد طلوع الشمس والأخرى بعد صلاة الظهر، وكان شديد التحري والضبط في دروسه يضبط الألفاظ ويحترز من اللحن وإن قل، وكان قليل الكلام كثير التثبيت، لا يقرأ عليه في كتاب إلا إذا كان قد راجع جميع ما عليه من شروح وحواشي واستوفاها مطالعة، وكان لا يترك الطالب يقرأ عليه من عبارات الفقهاء أكثر من أربع مسائل أو خمس ثم يتبع الكلام عليها منطوقا ومفهوما ويقرر عليها تقريرا واضحا مفيدا يفهمه الطالب ويرسخ في ذهنه.
أخذ العلم عنه خلق كثير نذكر من فضلائهم في هذه الترجمة المقتضبة: سماحة الشيخ عبد الله بن حسن رئيس القضاة في حياته، والشيخ محمد بن عبد اللطيف وسماحة الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف مفتي الديار السعودية ورئيس قضائها في حياته –رحمه الله-، وسماحة الشيخ عمر ابن الشيخ حسن رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الوسطى والشرقية، والشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف مدير المعاهد والكليات في حياته –رحمه الله- والشيخ محمد بن عثمان الشاوي والشيخ عهد الله بن عبد العزيز العنقري والشيخ عبد الله بن حمد الدوسري والشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد والشيخ إبراهيم بن سليمان آل مبارك والشيخ









ص -214-

فيصل بن عبد العزيز آل مبارك والشيخ عبد الرحمن بن عودان والشيخ سعود بن رشود. وأخذ عنه ابنه محمد بن سعد وابن أخيه محمد بن عبد العزيز بن حمد بن عتيق ومحمد بن علي التويجري.
ألف رسالة سماها "حجة التحريض في تحريم الذبح للمريض".
وكان يقرض الشعر على طريقة العلماء، نظم متن "زاد المستقنع، مختصر المقنع" حتى وصل في نظمه إلى الشهادات، وله رسائل طبعت في مجموع الرسائل والمسائل النجدية. وقد كف بصره آخر عمره.
وتوفي –رحمه الله- بمدينة الرياض ثالث عشر جمادى الأولى سنة 1349هـ، وخلف أبناء ليس لي معرفة بأسمائهم، وقد رثاه بعض الأدباء والشعراء منهم الشيخ محمد بن عبد الله بن عثيمين، رثاه بهذه القصيدة الرائية الفريدة:

أهكذا البدر تخفي نوره الحفر
ويفقد العلم لا عين ولا أثر

خبت مصابيح كنا نستضيء بها
وطوحت للمغيب الأنجم الزهر

واستحكمت غربة الإسلام وانكشفت
شمس العلوم التي يهدى بها البشر

تجرم الصالحون المقتدى بهمو
وقام منهم مقام المبتدى الخبر

فلست تسمع إلا كان ثم مضى
ويلحق الفارط الباقي كما غبروا

فنح على العلم نوح الثاكلات وقل:
وا لهف نفسي على أهل له قبروا


ص -215-

الثابتين على الإيمان جهدهمو
والصادقين فما مانوا ولا ختروا

والعادلين عن الدنيا وزهرتها
والآمرين بخير بعدما ائتمروا

لم يجعلوا سلما للمال علمهمو
بل نزهوه فلم يعلق به وضر

هذي المكارم لا تزويق أبنية
ولا الشفوف التي تكسى بها الجدر

فابك على العلم الفرد الذي حسنت
بذكر أفعاله الأخبار والسير

من لم يبال بحق الله لائمة
ولا يحابي امرءاً في خده صعر

بحر من العلم قد فاضت جداوله
أضحى وقد ضمه في بطنه المدر

فليت شعري من للمشكلات إذا
حارت بغامضها الأفهام والفكر

من للمدارس بالتعليم يعمرها
ينتابها زمر من بعدها زمر

هذي رسوم علوم الدين تندبه
ثكلى عليه ولكن عزها القدر

طوتك يا سعد أياما طوت أمما
كانوا فبانوا وفي الماضين معتبر

إن كان شخصك قد واراه ملحده
فعلمك الجم في الآفاق منتشر


ص -216-

بَنَى لكم حمد يا للعتيق علا
لم يبينها لكمو مال ولا خطر

لكنه العلم يسمو من يسود به
على الجهول ولو من جده مضر

والعلم إن كان أقوالا بلا عمل
فليت صاحبه بالجهل منغمر

يا حامل العلم والقرآن إن لنا
يوما تضم به الماضون والأخر

فيسأل الله كلا عن وظيفته
فليت شعري بماذا منه نعتذر

وما الجواب إذا قال العليم إذا
قال الرسول أو الصديق أو عمر

والكل يأتيه مغلول اليدين فمن
ناج ومن هالك قد لوحت سقر

فجددوا نية لله خالصة
قوموا فرادى ومثْنَى واصبروا ومروا

وناصحوا دائما من ولي أمركمو
فالصفو لابد يأتي بعده كدر

والله يلطف في الدنيا بنا وبكم
ويوم يشخص من أهواله البصر

وصلّ ربّي على المختار سيدنا
شفيعنا يوم نار الكرب تستعر

محمد خير مبعوث وشيعته
وصحبه ما بدا من أفقه قمر


آخرها رحم الله الشيخ سعداً وغفر له وعفا عنه إنه سميع مجيب.


ص -217-

الشيخ عبد الله بن سليم
هو الشيخ التقي الورع الزاهد عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم ولد بمدينة بريدة بالقصيم عام 1287هـ ونشأ بها وقرأ القرآن حتى حفظه نظرا وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة العلم على والده الشيخ محمد وابن عمه الشيخ محمد بن عمر بن سليم ورحل إلى مدينة الرياض فقرأ على الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ثم رجع إلى وطنه ولازم والده ملازمة تامة. ولما أفضت إمارة نجد إلى عبد العزيز بن متعب رن رشيد جرى على المترجم منه محن شديدة وتغريب ولما أنعم الله على أهل نجد بولاية الملك عبد العزيز ولاه قضاء مدينة بريدة وملحقاتها فاستمر في القضاء طيلة حياته -رحمه الله- مع قيامه بإمامة المسجد الجامع الكبير وخطابة العيدين ونشر العلم وتدريسه.
تلامذته:
أخذ عنه العلم وتتلمذ له خلق كثير منهم:
الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبدان قاضي مدينة عنيزة حالياً.
والشيخ محمد بن صالح المطوع.
والشيخ سليمان المشعلي.
والشيخ عثمان بن حمد بن سقيان تولى قضاء أبو عريش من أعمال جازان.
والشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي.
وغير هؤلاء ممن لا يحضرني ذكرهم.
توفي في الحادي عشر من شهر محرم عام 1351هـ في مدينة بريدة وحزن عليه الناس ورثاه خلق كثير وخلفه في منصب القضاء أخوه الشيخ عمر ابن الشيخ محمد بن سليم، ولم يخلف عقباً سوى بنات رحمه الله وغفر له إنه سميع مجيب.


ص -218-

الشيخ صالح العثمان القاضي
هو صالح بن عثمان بن حمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن القاضي1 من الوهبة من تميم. ولد في عنيزة 10 ربيع الآخر سنة 1282هـ وأولع في مطلع عمره بالشعر العربي والنبطي حتى برع فيه، ثم أقبل على العلم في جد ونشاط فقرأ على:
1. الشيخ علي المحمد الراشد.
2. الشيخ محمد الإبراهيم السناني.
3. الشيخ صالح بن قرناس.
4. الشيخ عبد العزيز بن محمد المانع، والد مدير المعارف سابقا.
5. الشيخ عبد الله بن عائض.
6. الشيخ علي بن محمد السناني.
ثم رحل إلى بريدة للتزود من طلب العلم فقرأ على:
7. الشيخ سليمان بن مقبل قاضي بريدة آنذاك.
8. الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
9. الشيخ محمد بن عمر بن سليم.
وفي سنة 1306هـ سافر إلى القاهرة لإكمال دراسته في الجامع الأزهر فنزل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ابن محمد بن منيف بن بسام بن منيف بن عساكر بن عقبة بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب ابن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.


ص -219-

برواق المغاربة واشتغل بطلب العلم بهمة ونشاط، وفي سنة 1308هـ حدثت –معركة المليداء- بين الأمير محمد بن رشيد وبين أهل القصيم، فبلغه وهو في القاهرة مقتل إخوانه فرجع م القاهرة فلما وصل مكة علم بكذب نبأ قتلهم فجاور بمكة ونزل في أحد أرابطتها، ويقول حفيده الشيخ محمد بن عثمان ابن الشيخ صالح: ولقد مررت مع والدي عثمان حينما حججنا سنة 1363هـ على الرباط الذي كان يسكنه جدي بعد أن دلنا عليه من كان يزوره فيه من أهل عنيزة والآن دخل في توسعة الحرم. ولنعد إلى ما نحن بصدده من ذكر بقية مشائخ المترجم حيث قرأ بمكة على كثير من العلماء الأعلام منهم:
1. الشيخ الأنصاري الذي أجازه بسنده المتصل.
2. الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن وكان مجاورا بمكة.
3. الشيخ أحمد بن عيسى وهو أكثرهم له فائدة وملازمة.
ولم يزل دائباً على تحصيل العلم حتى غضب الشريف على أهل عنيزة فاختفى الشيخ صالح بالمعابدة بينما يستعد للسفر هاربا من عون، إلى أن توفي عون عام 1323هـ والشيخ في اختفائه، إلا إنه أزمع السفر فسافر إلى بلدة عنيزة فألح عليه جماعته وأمراء البلد ليتقلد القضاء فامتنع ثم إنه نزولا على إلحاحهم التزم بالقضاء بعد الشيخ إبراهيم بن جاسر عام 1324هـ.
واستمر فيه إلى آخر يوم من حياته، وكان المرجع في بلده في الفتوى والتدريس والإفادة وهو إمام وخطيب وواعظ جامع عنيزة الكبير مدة حياته فانتفع منه خلق كثير من طلبة العلم والمستمعين.
وكان من تلامذته النابهين:
1. الشيخ عبد الرحمن السعدي، العالم المشهور.
2. الشيخ عثمان بن صالح القاضي ابن المترجم.
3. الشيخ محمد العلي آل تركي، العالم المشهور.
4. الشيخ صالح الزغبي، إمام الحرم المدني.


ص -220-

1. الشيخ سليمان بن عبد الرحمن العمري، قاضي الإحساء .
2. الشيخ علي بن ناصر بن وادي.
3. الشيخ علي بن محمد السناني.
4. الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، مدير المعارف سابقا.
5. الشيخ سليمان السحيمي.
10.الشيخ عبد الله بنم محمد المانع، قاضي عنيزة الورع وابنه.
11. الشيخ محمد بن عبد الله المانع.
12. الشيخ عبد الله بن عبد العزيز السويل.
وغيرهم خلق كثير.
وكان لا يرى تأليف الكتب ويقول: لم يترك الأول للآخر شيئاً، ومع هذا فله حاشية على دليل الطالب وحاشية على رياض الصالحين وله مسودة تاريخ لنجد ومجموعة خطب نفيسة وكلها لم تطبع، وكان آية في العلوم الشرعية والعلوم العربية صاحب اطلاع واسع.
أما قضاؤه وأحكامه فهذا مما جعل له الشهرة الواسعة والصيت الذائع لما له من الفراسة في الناس وصفاء الحس والإدراك. ولا يزال الناس رغم مضي أربعين سنة على وفاته لا يذكرون إلا أحكامه وفراسته واستنباطه ومعرفته المحق من المبطل وقد ولي القضاء سبعا وعشرين سنة محبوبا مقبولا لدى الخاص والعام وكان على جانب كبير من التواضع وحسن الخلق فكانت مجالسه مفيدة ممتعة.
وقد توفي في اليوم الخامس والعشرين من ربيع الآخر عام 1351هـ -رحمه الله تعالى-.


ص -221-

الشيخ إبراهيم بن محمد بن ضويان
هو الشيخ العالم الفقيه المؤرخ النسابة إبراهيم بن محمد ضويان يمت بنسبه إلى قبيلة آل زهير التي تنسب إلى قبيلة بني صخر(1). ولد -رحمه الله- بمدينة الرس بالقصيم سنة ألف ومائتين وخمس وسبعين من الهجرة ونشأ بها وقرأ على علمائها منهم الشيخ صالح بن قرناس بن عبد الرحمن بن قرناس ثم رحل إلى مدينتي عنيزة وبريدة بالقصيم فقرأ على الشيخ عبد العزيز بن(2) محمد بن مانع وعلى الشيخ العلامة محمد بن عمر بن سليم ثم عاد إلى الرس وتولى القضاء بها وتدريس العلم في مسجدها فتخرج على يديه كثير من طلاب العلم شغلوا مناصب القضاء والوعظ والتدريس. منهم الشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد. ألف المترجم له عدة مؤلفات .. منها رسالة في أنساب أهل نجد (خ) ورسالة مختصر في التاريخ ابتداء من سنة 750هـ إلى 1319هـ ذكر فيها الغزوات والوقائع والوفيات (خ) وألف كشف النقاب في تراجم الأصحاب ابتداء من الإمام أحمد إلى وقته (خ) ومنار السبيل شرح الدليل(3) طبع على نفقة الشيخ قاسم بن درويش فخرو وألف حاشية على الروض المربع شرح زاد المستقنع (لا تزال موجودة بخطه) توفي فجأة في ليلة عيد الفطر سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وخمسين من الهجرة .. وكان على جانب عظيم من التواضع والزهد والورع -رحمه الله وغفر له وعفا عنه- إنه سميع مجيب.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1يسمى ببني صخر عدة قبايل قحطانية وعدنانية.
2هو والد الشيخ محمد ابن الشيخ عبد العزيز بن مانع مدير المعارف في حياته وسنورد للشيخ محمد بن مانع ترجمة في هذا الكتاب -إن شاء الله-.
3 هو دليل الطالب في فقه الإمام أحمد بن حنبل تأليف الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي.


ص -222-

الشيخ محمد بن عثمان الشاوي
هو العلامة الفاضل الشيخ محمد بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن سليمان الشاوي يمت بنسبه إلى قبيلة البقوم المعروفة ببلدة تربة وحضن. اشتهر -رحمه الله- بلقب (الشاوي). ولد في بلدة البكيرية من بلدان القصيم بنجد سنة 1313هـ وفي الثالثة من عمره أصابه مرض الجدري فذهب بصره بسببه، فقرأ القرآن وحفظه على يد المقرئ محمد بن علي بن محمود وهو في الرابعة عشرة من عمره، ثم شرع في مبادئ العلوم على الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم في بلدة البكيرية ثم رحل إلى مدينة الرياض فقرأ على العلامة الشهير الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف في سائر العلوم لا سيما علم العقائد والتوحيد وقرأ على الشيخ عبد الله بن راشد العنزي في الفرائض وعلى الشيخ سعد بن محمد بن عتيق في الفقه والحديث وعلى الشيخ محمد بن فارس في ألفية ابن مالك وشرح ابن عقيل ثم صدر الأمر بتعيينه 1333هـ قاضياً في هجرة سنام عند سكانها من قبيلة العصمة ثم نقل منها إلى القضاء في هجرة الغطغط، وقد حضر عدداً من الغزوات بصفته قاضياً للغزاة من أهل الغطغط، ومن الغزوات التي حضرها غزوة تربة الشهيرة وغيرها وحضر دخول مكة سنة 1343هـ، وبعد ذلك صدر الأمر بنقله من قضاء الغطغط وتعيينه مدرساً في المعهد السعودي بمكة المكرمة إلى جانب التدريس بالمسجد الحرام وذلك سنة 1346هـ ثم نقل سنة 1349هـ إلى قضاء بلدة تربة ثم إلى قضاء بلدة شقراء عاصمة الوشم الناحية المعروفة بنجد ومكث بها إلى أن توفي.


ص -223-

أخذ العلم عنه خلق كثير نذكر منهم الشيخ العالم الورع عبد الله بن يوسف الوابل من قبيلة شمر(1) والشيخ إبراهيم بن راشد الحديثي والشيخ عبد العزيز بن السبيل وعبد الرحمن المقوشي ومحمد الصالح الخزيم وسليمان الصالح الخزيم وعبد الله بن عبد العزيز الخضيري وعبد الله بن سليمان السديس وإبراهيم ابن عبد العزيز الخضيري وهؤلاء المذكورون من أهل بلده، وأخذ عنه أيضاً الشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل الموظف بديوان المظالم، وكان المترجم الشيخ محمد بن عثمان الشاوي يقرض الشعر على طريقة العلماء، له قصيدة يصف فيها دخول مكة المكرمة سنة 1343هـ وقصيدة يرد بها على شاعر يدعى صبحي الحلبي، توفي المترجم ببلدة شقراء في التاسع من شهر رجب سنة 1354هـ وخلف ستة أبناء مات أكبرهم عبد الله سنة 1365هـ ومعرفتي من الباقين بالأستاذ حمد(2) -رحم الله الشيخ الشاوي وغفر له وعفا عنه وجميع المسلمين إنه سميع مجيب.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1وقد وهم هاشم النعمي في تأريخه تاريخ عسير، حيث نسب الشيخ عبد الله بن يوسف المذكور إلى قبيلة بني تميم والصحيح أن الوابل الذين منهم الشيخ عبد الله بن يوسف من قبيلة شمر.
2 مدير عام ديوان إمارة منطقة مكة المكرمة، وأنجب غير حمد اثنين هما عبد الرحمن وعلي رحمه الله الشيخ الشاوي.


ص -224-

الشيخ عبد العزيز بن بشر
هو الشيخ الفاضل الكريم عبد العزيز بن عبد الرحمن بن ناصر بن حسن بن آل بشر يمت نسبه إلى علي بن أبي طالب من فاطمة الزهراء.
ولد بمدينة الرياض سنة 1275هـ ونشأ بها وقرأ القرآن حتى حفظه نظراً وعن ظهر قلب وقرأ العلم على الشيخ محمد بن محمود وعلى غيره من أشياخ وقته.
ولاه الملك عبد العزيز قضاء مدينة بريدة 1327هـ ثم نقله منها إلى قضاء إقليم الإحساء سنة 1339هـ وقرأ عليه بالإحساء عبد الله بن دهيش والشيخ عبد الله(1) أبو يابس من بني زيد أهل القويعية ومكث المترجم له الشيخ عبد العزيز بالإحساء مدة طويلة ثم نقله الملك عبد العزيز إلى قضاء مدينة الرياض سنة 1357هـ وأخيرا أعفاه من القضاء لكبر سنه وضعف جسمه وتوفي بمدينة الرياض سنة 1359هـ وخلف ابناً اسمه عبد الرحمن توفي فيما بعد وله اليوم حفيد يسمى حسن بن عبد الرحمن بن الشيخ عبد العزيز ويكنى (أبو عمر) -رحم الله- المترجم له الشيخ عبد العزيز بن بشر(2) فقد كان جواداً كريماً وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الشيخ عبد الله أبو يابس من أهل بلدة القويعية البلدة المشهورة بالعرض بنجد نزح إلى مصر وأقام بها مدة تنيف على أربعين سنة ثم جاء إلى مدينة الرياض لغرض يخصه سنة 1389هـ فوافته المنية بمدينة الرياض في العام المذكور سنة 1389هـ وخلف ابناً اسمه علي وللشيخ عبد الله أبو يابس مؤلفان مطبوعان هما: "الرد القويم على ملحد القصيم" و"أعلام الأنام عن مخالفة شيخ الأزهر شلتوت للإسلام" -رحم الله- (أبو يابس) وغفر له.
2 ملحوظة: آل بشر الموجودون في نجد بعضهم من السادة وهم المترجم وعشيرته وبعضهم من بني زيد القبيلة القضاعية المعروفة بالوشم ومنهم المؤرخ الشهير الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر وبعضهم من الفضول من بني لام وهم عشيرة الشيخ محمد بن بشر رئيس محكمة جدة حالياً وهم يقطنون الأفلاج جنوب نجد.


ص -225-

الشيخ عبد الله بن بلهيد
هو الشيخ العالم المتفنن عبد الله بن سليمان بن سعود بن سالم بن محمد بن بليهد الخالدي، ولد ببلدة القرعاء من قرى القصيم بنجد سنة 1284هـ، وقرأ القرآن على والده الشيخ سليمان بن سعود بن بليهد وقرأ الحديث والتفسير على الشيخ محمد بن دخيل(1) ببلدة المذنب بالقصيم وقرأ على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم بمدينة بريدة ورحل إلى الهند للعلاج فقرأ على علماء الحديث ثم رجع إلى بلاده وتولى التدريس والوعظ والإرشاد في بعض بلدان القصيم كبلدة البكيرية والرس والخبراء وجميع القرى المجاورة يتنقل بينها لإرشاد أهلها وتعليمهم إلى سنة 1333هـ حيث عين قاضياً لتلك القرى مع بواديها إلى سنة 1341هـ حيث صدر الأمر بتعيينه قاضياً بجبل طيء المعروف فيما بعد بجبل شمر فاستقر بعاصمته مدينة حائل فصار الخصوم يردون عليه من جميع قراء وبواديه.
ولما دخل الملك عبد العزيز الحجاز واستتب له الأمر نقله من قضاء حائل إلى رئاسة القضاة بمكة المكرمة سنة 1344هـ وكانت له مواقف مشرفة يحمد عليها، فمن ذلك ما ذكره الشيخ حافظ وهبه(2) -رحمه الله- في كتابه "جزيرة العرب في القرن العشرين" ص262 حيث قال بالحرف الواحد ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ابن دخيل بضم الدال وفتح الخاء وتشديد الياء.
2 حافظ وهبة وزير مفوض فسفير في لندن -رحمه الله- وغفر له في روما سنة 1387هـ.


ص -226-

نصه: (لما تولت الحكومة السعودية على الحجاز جاء وفد من الهند برئاسة مولانا "شوكت علي" وطلبوا من الملك عبد العزيز أن يعين لهم مجلساً يكون مؤتمراً إسلامياً يجتمع فيه وفود الدول الإسلامية، فوافق الملك عبد العزيز وانتدب الشيخ ابن بليهد متكلماً عنه.
واجتمع المؤتمر في بناية المالية بمكة، ولما تكاملت الوفود تكلم (شوكاً علي) بكلام فيه تحامل على الحكومة السعودية ولما فرغ قام الشيخ ابن بليهد وتكلم بكلام بليغ بأسلوب لطيف مقنع رد فيه على (شوكت علي) فانقض المؤتمر. وقد حمدت الوفود والملك عبد العزيز الشيخ ابن بليهد على كلامه).
وقد مكث الشيخ عبد الله بن بليهد في منصب رئاسة القضاء بمكة المكرمة إلى آخر سنة 1345هـ حيث أعفى منه وأعيد إلى قضاء جبل شمر وعين بدله رئيساً للقضاة الشيخ عبد الله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله-.
مؤلفاته:
ألف الشيخ عبد الله بن بليهد منسكاً سماه "جامع المناسك في أحكام المناسك" طبع ورسالة لطيفة رداً على مدعي الخلافة لم تطبع.
تلاميذه:
أخذ عنه العلم جماعة من العلماء منهم حمود الحسين الشغدلي والشيخ عبد الرحمن الملق والشيخ سالم الصالح والشيخ أحمد المرشدي والشيخ علي الصالح والشيخ عبد الله الدقلي. وأخذ عنه غير هؤلاء من أهل مكة والمدينة المنورة ومقاطعة القصيم، وقد ظل في قضاء جبل شمر إلى أن توفي بمدينة الطائف(1)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خلف خمسة أبناء هم سليمان وعبد الرحمن ومحمد وإبراهيم وناصر، وتوفي عبد الرحمن بعدة سنوات ثم توفي محمد بعد عبد الرحمن.


ص -227-

ليلة الاثنين عاشر جمادى الأولى سنة 1359هـ بداء السل وصلى عليه الملك فيصل وخلق كثير في مسجد ابن عباس ودفن في المقبرة القريبة من مسجد ابن عباس تقع عنه جنوباً شرقاً يفصلها عن المسجد الشارع العام وحزن عليه الناس -رحمه الله-.
ورثاه الأدباء منهم الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي شاعر الحجاز وأديبه المشهور متع الله بحياته، ومنهم ابن عم المترجم محمد بن عبد الله بن بليهد ونحن هنا نورد قصيدة الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي:

في مثلك الصبر عند الله يحتسب
والعلم يفقد والأشجان تصطخب

يا ويح كل فؤاد أنت موقظه
أمسى بفقدك في أعماقه يثب

ويا رزيئة هذا النعي في ملإ
كأنما الدمع من آماقه عبب

تنهل عبراته حزناً على جدث
فيه السماحة والأخلاق والأدب

ما للجفون أراها فيك دامية
كأنما هي بالأحشاء تنسكب

هيهات أودي الردى في غير ما لجب
بمشمخر من الأوطاد ينتشب

حبر من الصفوة الأولى علقت به
فما فتئت أعاني فيه ما يجب


ص -228-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 16:14

هوى به الموت في لُجِيّ غمرته
فأين لا أين ذاك المدره الذرب

في ذمة الله ما ألقى به، وله
من رحمة الله ما نرجو ونرتقب

تلبه في ضحى الإسلام ألوية
تشد أزر الهدى والوعد مقترب

تبلو الشريعة فيه حاذقاً فطنا
من الذين لهم في شملها دأب

يجيش كالموج أو كالبحر منطقه
ولا تباريه في آفاقه السحب

ما كان إلا جناناً ثابتاً ويدا
خفاقة وهي في غاراتها خطب

وفي وسيدائه التوحيد مدرعاً
حسن اليقين غير (؟) أنه لهب

إذا انبرى في مجال من مواقفه
حسبت سحبان تجثو حوله الركب

عجبت للحد هل في اللحد متسع
حتى انزوى فيه رضوى فهو محتجب

لشد ما ضاقت الدنيا به أبداً
فكيف واراه شبر وهو منقلب

مالي وللندب في من خطبه جلل
ومن عليه حدود الله تنتحب

لا نملك اليوم إلا زفرة ورضا
بما قضى الله فيه ثم نحتسب


ص -229-

وما قضى من له في ربه أمل
ولا قضى من له في دينه نصب

فإن ذكراه في الأعمال باقية
والموت حق وما من دونه هرب

فضاعف الله أجر المؤمنين به
في جنة الخلد وليعظم به السبب

وعوض الدين عنه خير ما طلعت
عليه شمس الضحى أو غارت الحقب




رحم الله المترجم الشيخ عبد الله بن سليمان بن بلهيد وغفر له فقد كان سمحاً جواداً متواضعاً لا يعرف الكبر إلى قلبه العامر بالإيمان التقوى سبيلا. وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -230-

الشيخ عمرو بن محمد بن سليم
هو العالم الجليل الشيخ عمر بن الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم ولد بمدينة بريدة بالقصيم سنة ألف ومائتين وثمان وتسعين من الهجرة ونشأ في كنف والده الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم فقرأ القرآن حتى حفظه نظراً وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة العلم على والده وجلا معه إلى قرية النبهانية من قرى القصيم حيث حدد إقامة والده بهذه القرية عبد العزيز بن متعب بن رشيد، فلازم والده ملازمة تامة في هذه القرية، وقرأ عليه جميع فنون العلم من توحيد وفقه وتفسير ونحو وفرائض، ولما استولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على نجد رجع في معية والده من قرية النبهانية إلى مدينة بريدة وبعثه والده بعد ذلك إلى الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف في مدينة الرياض فقرأ عليه في التوحيد وأصول الدين نحو ستة أشهر، ثم أجازه إجازة علمية ورجع إلى والده بمدينة بريدة ولازم القراءة عليه وعلى غيره من علماء بريدة إلى أن توفي والده ثم عين قاضياً في هجرة (دخنة)(1) ولما تأسست هجرة الأرطاوية سنة 1330هـ عينه الملك عبد العزيز قاضياً ومرشداً لسكانها وغالبهم من عشيرة مطير وبقي عندهم مرشداً وقاضياً إلى عام 1337هـ ثم رجع إلى مدينة بريدة وعين إماماً في مسجد ناصر بن سليمان بن سيف بمدينة بريدة فعمر هذا المسجد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 دخنة تعرف في كتب معاجم البلدان بمنعج وسكنتها من قبائل حرب.
ومنعج جاء ذكره على لسان بعض الشعراء العرب الأقدمين بقوله:

أحب بلاد الله ما بين منعج
إلى وسلمى أن يصوب سحابها

بلاد بها عق الشباب تمائمي
وأول أرض مس جلدي ترابها


ص -231-

بتدريس العلم حيث عقد فيه حلقات للعلم فتخرج عليه في هذا المسجد أفواج من طلبة العلم وكان إلى جانب إمامة المسجد وإلقاء الدروس فيه ينوب عن أخيه الشيخ عبد الله في القضاء إذا غاب أو مرض، وينوب عنه أيضاً في صلاة الجمعة والأعياد. فلما توفي أخوه الشيخ عبد الله سنة 1351هـ أسند إليه قضاء مدينة بريدة وتوابعها من القرى والبلدان وتولى أيضاً إمامة مسجد الجامع وخطابته وصلاة الأعياد والتدريس في المسجد الجامع الكبير.
طريقة دروسه وأوقاته:
كان -رحمه الله- إذا صلى الفجر جلس لطلاب العلم في المسجد المذكور يقرأون عليه في النحو الآجرومية والقطر وملحة الإعراب والألفية، فإذا طلعت الشمس وانتشرت خرج إلى داره للاستراحة وتجديد الوضوء ثم يرجع إلى المسجد ويصلي تحية المسجد ويجلس في ناحيته الشرقية ثم يشرع الطلبة يقرأون عليه في مختلف العلوم حديثاً وفقهاً وتوحيداً وأصولاً فإذا فرغ من التدريس ذهب إلى داره لتناول الغداء ثم جلس في داره للقضاء بين المتحاكمين من الخصوم فإذا أذن الظهر خرج إلى المسجد وصلى النافلة ثم المكتوبة فالنافلة ثم جلس للتدريس إلى قريب العصر ثم رجع إلى داره فإذا أذن العصر خرج إلى المسجد وصلى في الجماعة ثم جلس بعض صلاة العصر للطلبة في أصول الفقه وبلوغ المرام ومصطلح الحديث، ثم يخرج ويجلس الناس للقضاء بينهم في داره إلى أذان المغرب فإذا أذن المغرب خرج إلى المسجد وصلى بالناس وبعد صلاة المغرب يجلس الطلب في الفرائض والمواريث فإذا أذن العشاء قام من الحلقة من إلى الصف الأول وشرع القارئ يقرأ عليه في التفسير.
ثم أقيمت صلاة العشاء، فإذا صلى العشاء ثم النافلة والوتر ذهب إلى دار عبد العزيز بن مشيقح للقهوة ودرس عليه هناك بعض الطلبة وعددهم نحو الخمسة عشر طالباً ثم ذهب إلى داره. فهذه طريقة دروسه وترتيبها مدة حياته. وكان إلى جانب ذلك يتعاطى أسباب البيع والشراء كالسلم في الثمار من الحنطة والتمر والتورق. فوسع الله عليه في الرزق.


ص -232-

تلامذته:
أخذ عنه العلم عدد كثير نعرف منهم من يأتي:
1- الشيخ سليمان بن عبد الله المشعلي تولى القضاء في عدة بلدان من بلدان القصيم.
2- الشيخ محمد بن عبد العزيز العجاجي.
3- الشيخ عثمان بن أحمد بن بشر قاضي الأجفر.
4- عبد الرحمن بن عبد العزيز بن صعب.
5- عبد الله بن رشيد بن فرج خطيب جامع بريدة.
6- الشيخ عبد العزيز بن عبدان قاضي أبها ثم الزلفى فمدينة عنيزة.
7- الشيخ الجليل صالح بن محمد الخريصي رئيس محكمة بريدة.
8- الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عثيمين الموظف سابقاً بوزارة الحج ومؤلف السابلة في تراجم الحنابلة (خ).
9- عبد الله بن سليمان بن حميد قاضي برك الغماد سابقاً(1).
10- سليمان بن محمد بن جربوع قاضي العظيم ثم الأرطاوية.
11- عبد الرحمن بن عبد الله بن بداح.
12- عبد الله بن سليمان بن نقير مطوع هجرة النفي.
13- عبد الرحمن بن دخيل قاضي بلدة لينة(2)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1برك الغماد بكسر الباء وتسكين الراء بلدة تقع بين بلدة القنفذة وبين بلدة القمحة وهو واقع على ساحل البحر الأحمر، وقد ورد ذكره في الأثر حيث قال بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو خضت بنا البحر إلى برك الغماد لخضناه معك، وقد ذكر محمدين أبان بن جرير بقوله:

دع عنك من أمسى بغور محلها
ببرك الغماد بين هضبة بارح



2 لينة ذكرها ياقوت في معجمه ج7 ص347 وأورد عليها شعراً للأشهب بن رميلة وهو قوله:

ولله دري أي نظرة ذي هوى
نظرت ودوني لينة وكثيبها




وذكرها أبو مدرك مريزيق بن صالح اللبيني القشيري بقوله:

أيا أضلع الماء اللواتي (بلينة)
سقيتن من صوب الغمام اللوامح=


ص -233-

وفاته:
توفى -رحمه الله- في سابع عشر شهر ذي الحجة عام 1362هـ(1) ووجم الناس لموته وحزنوا عليه حزناً شديداً ورثاه العلماء والأدباء نثراً وشعراً نذكر منهم من يأتي:
الشيخ حمد بن مزيد رثاه بقصيدة طويلة تبلغ آياتها خمسة وخمسين بيتاً ومطلعها:

على العالم التحرير شمس المعالم
نريق دموعاً مثل صوب الغمائم



ورثاه السيد عبد الفتاح ساكن ناحية اليمن بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها نحو خمسين بيتاً ومطلعها:

ما للمدامع كالطوفان تنحدر
والناس سكرى وأيم الله ما سكروا




ورثاه عبد المحسن بن عبيد بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها واحداً وأربعين بيتاً ومطلعها:

أشكوا إلى الله علام الخفيات
مصيبة عظمت لا كالمصيبات



ورثاه الشخي صالح بن عبد العزيز بن عثيمين مؤلف "تسهيل السابلة في تراجم الحنابلة" بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها خمسين بيتاً ومطلعها:

مصاب عظيم حق فيه التلهف
وصارت به عيناي بالدمع تذرف



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=وقد صارت لينة في هذا العهد الزاخر عهد إمام المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود بلدة كبيرة آهلة بالسكان بها إمارة ومحكمة شرعية ومدارس بنين ومصح وغير ذلك من لوازم الحياة أدام الله بقاء إمام المسلمين الذي زهت الربوع في عهده وعمرت البلدان ونعمت الرعية في ضله بالرخاء والأمان.
1 خلف الشيخ عمر بن محمد بن سليم ابنين هما عبد الله وإبراهيم.


ص -234-

ورثاه الشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل المستشار الشرعي بديوان المظالم بقصيدة تبلغ أبياتها ثلاثة وعشرين بيتاً ومطلعها:

رضا وصبرا وحمدا ليس منحصراً
على قضاء الذي للخلق قد فطرا



ورثاه صاحب السماحة العلامة مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها في حياته الشيخ محمد بن إبراهيم بن الشيخ عبد اللطيف بهذه الأبيات الأربعة:

إن المصيبة حقا فقدنا عمرا
أعظم بميتته رزءا بنا كبرا

قطب القصيم وما دون القصيم وما
خلف القصيم وما مجرى القصيم جرى

عليه دار الهدى والحق بينه
كان الحياة وكان السمع والبصرا

ارزقه يا ربنا عفوا ومغفرة
واجبر مصيبتنا يا خير من جبرا




ورثاه ابن الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ محمد بن إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب مدير المعاهد والكليات بهذه القصيدة التالية:

الدمع من عيني ذو هملان
والقلب مملوء بذي الأحزان

والجسم أصبح مستدقا ناحلا
والنوم حارب مقلتي وجفاني

والليل طال وبدلت نعماؤنا
بؤسا لفقد العالم الرباني

عمر الذي عمر المجالس بالتقى
والدرس والتحقيق والعرفان

رب المعارف والحقائق والعلى
والحلم والإرشاد والإحسان

ورث المكارم كابرا عن كابر
بنو سَلِيم هم أولو الإتقان


ص -235-

يتقشفون على كثافة قدرهم
يتواضعون وهم عظيمو الشان

من المجالس في بريدة بعده
من للعلوم وسنة العدناني

يا رب فارحمه واسق ضريحه
صوبا من الرضوان والغفران

مولاي ابقِ لنا إمام الدين والتحقيق
ناصر شرعة الرحمن

قمر الدجى رب العلي زين الملا
بحر العلوم ترجمان قرآن

شيخ المشائخ سيد العلماء في
هذا الزمان بل وكل زمان

هو والدي والحق يشهد أنني
فيما أقول مقصر ببياني

يا رب فاحفظه ومتعنا به
يا دائم المعروف والإحسان

وامنن على بِبِرِّهِ ورضائه
وكذاك أولادي كذا اخواني

وأفض علينا منه علما نافعا
يا سيدي يا منزل الفرقان

وكذاك ابق لنا مشائخنا فهم
فينا البدور تضيء للعميان

واغرس لهذا الدين غرسا واحمه
من كيد كل ملدد شيطان

ثم الصلاة على الحبيب شفيعنا
والآل والأصحاب والأعوان

ما سح ودق أو تغنى منشدا
الدمع من عيني ذو هملان


آخرها رحم الله الشيخ عمر بن محمد بن سليم وغفر له إنه سميع مجيب.


ص -236-

الشيخ سليمان بن عطية
هو العالم العابد الذي الشيخ سليمان بن عيطة بن سليمان المزيني، ولد سنة ألف وثلاثمائة وسبعة عشرة من الهجرة، بمدينة حائل ونشأ بها وقرأ القرآن على الشيخ شكر بن حسين ثم شرع في طلب العلم على الشيخ عبد الله بن مسلم التميمي نزيل مدينة حائل وعلى الشيخ عبد الله الصالح الحليفي فاتجه إلى علم الفقه وأكب على دراسته واعتنى بكتبه فتبحر فيه وكان له معرفة بالعروض، ونظم الشعر سهل عليه فنظم متن زاد المستقنع مختصر المقنع(1) في ثلاثة آلاف بيت نظما رائعا وفي غاية من السهولة والوضوح ونظم البيوع في متن دليل الطالب(2) واستهل نظمه لدليل الطالب بهذه الأبيات(3):

بحمدك يا مولاي أفضل مبتدا
فحمدا لك اللهم ما هبت الصبا

وصل على خير البرية أحمد
كذا آله مع صحبه أمة الهدى

وبعد فخذ يا صاح مختصراً أتى
على جل أحكام البيوع مع الربا

على مذهب الحبر الإمام ابن حنبل
إمام الهدى والعلم والفضل والتقى



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زاد المستقنع مختصر المقنع للشيخ شرف الدين موسى بن أحمد المقدسي المتوفى سنة 968هـ. والأصل وهو كتاب المقنع لأبي محمد العلامة الفقيه عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي صاحب كتاب المغني والكافي وعمدة الفقه، وعمدة الحازم وهي مختصر لكتاب الهداية لأبي الخطاب وغير هذه الكتب.
2دليل الطالب في فقه الإمام أحمد بن حنبل تأليف مرعي بن يوسف الكرمي ثم المقدسي نزيل القاهرة والمتوفى بها سنة 1033 من الهجرة.
3 نقلاً عن كتاب زهر الخمائل في تراجم علماء حائل للشيخ علي بن محمد الهندي.


ص -237-

على الأحمد المختار من قول أحمد
وما قدم الأصحاب في الحق لا سوى

إذ الفقه في خير الفنون ومن يكن
من الفقه خال ليس في الحكم مرتضى



ثم ذكر أحكام البيع- فقال:

وللبيع أحكام سنأتي بنظمها
عليها بحول الله ربي إن يشا

فينعقد البيع الصحيح بكلما
يدل عليه من مقال بلا امترا

وبالفعل مثل القول حكما عندنا
نقول معاطاة لدى البيع والشرا

كقول الفتى: خذ درهمي أعطني به
طعاما فيعطيه ويأخذه الفتى




ثم يمضي في ذكر شروط البيع وما بعدها بأبيات واضحة سهلة:
كتب عنه الأستاذ الشهير الشيخ عثمان الصالح في مجلة المنهل الغراء وأورد له هذه المقتطفات والمقطوعات الشعرية الآتية:(1)

ديار المعالي بين سمراء حائل
وبين أجا مغمورة بالفضائل

رسا في مغانيها سمو ورفعة
ومجد أثيل شائع في القبائل

فلله ما أنقى هواها من الأذى
وأطيبها بين البلاد لنازل

جرى ماؤها من شامخات جبالها
تلقته من فيض الغوادي الهواطل

فيهبط من سامي سماء مسيله
على كل نبت طيب الريح فاضل

ألذ من الشهد الشهي نميره
فبطحاؤها المرجان يبدو لخائل


ومنها:

دليل على ذا أن من حل دارها
ثنى عزمه شوقا لبلدة حائل

فكم قائل حييت يا بلد الندى
بسارية تهمي عليك بوابل


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1كتب عنه الأستاذ عثمان الصالح في الجزء التاسع من مجلة المنهل في سنتها الخامسة والثلاثين مجلد ثلاثين في شهر رمضان سنة 1389 هـ صفحة 1225 - آخر صفحة 1228.


ص -238-

وأورد له هذه الأبيات التالية في مدح صاحب السمو الأمير الجليل عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود:

به أشرقت مذ جاء أرجاء حائل
وظل سماح في كسا العز يرفل

فإنا وإن يبك القصيم لفقده
فوجه العلا فينا به يتهلل

فظلت به سلمى تميس كأنها
فتاه بدا كفء لها وهو أجزل

وظل أجا يرنو به متصاغرا
لهيبته والشعر في ذلك أجمل



وهي طويلة تزيد على الأربعين بيتاً قالها ارتجالاً في مناسبة قدوم الأمير عبد العزيز بن مساعد لحائل أميراً عليها.
وقد نظم زاد المستقنع مختصر المقنع في ثلاثة آلاف بيت كما أشرنا إلى ذلك في أول الترجمة بدأها بقوله:

خذ العلم عن علم المجد بعزمه
مشيراً إلى جل العلوم بفهمه

ولا تختصر ما قاله متطفلاً
فقول الفتى يأتي على قدر علمه

وسامح ولا تفضح فكل سميدع
يرى نصح ذي التقصير آكد عزمه

وقل غفر الرحمن لابن عطية
خطيئاته بالعمد منه ووهمه




وله أيضاً قصيدة نظمها في قواعد الفقه نورد منها ما يأتي:

الحمد لله على ما أولى
حمد مقر فضله للمولى

والحمد لله الذي فقهنا
في دين خير خلقه علمنا

محمد صلى عليه الله
وآله الغر ومن والاه

وبعد خذ يا صاحبي قواعدا
في الفقه أسس واغتنم فوائدا

وابن على الأساس خير مبنى
واحذر تظل المقتفى والمعنى

فكل من أتلف مالاً في الورى
لغيره يضمه بلا امترا

وقيمة التالف قول الغارم
من قابض للنفس بين العالم

وعدم التفريط ليس يقبل
إلا ببرهان لدين يُعقلُ


ص -239-

وها هنا أمر علينا يلزم
تنبيه من لا في العلوم يفهم

إذا ادعى اتلاف ما قد بانا
فهاهنا تلزمه البرهانا

وقابض العين لمن سواه
يقبل في جميع ما ادعاه

والرد بالعيب بشرط واجل
فقول من ينفيه عند من عقل

وكل عقد يقتضي الضمانا
لم ينفه الشرط كما أتانا

وكل رهن في الروى لا يقبض
فإنه شرط لدينا ينقض

وبيعك المجهول لا ينعقد
نص على ذاك الإمام أحمد

وكل عقد جائز لا يلزم
وكل قرض جر نفعاً يحرم

وكل شيء لا يباع شرعاً
فرهنه ليس يجوز قطعاً

لكن يجوز رهن زرع وثمر
قبل الصلاح عند أصحاب الأثر

وكل حيلة تجر للربا
فإنما تحريمها قد وجبا

وابطلن تصرف المحجور
عليه كالغاصب والمسعور

وكل ما لييس بدين مستقر
وعرضه للفسخ مثل ما ذكر

فلا يصح بيعه ورهنه
ونحوه مما يعم حكمه

ولا يصح الرهن والكفيل
به كما قد قرر الجليل

وافهم لزوم العقد للكراء
لأنه كالبيع والشراء

ويبرأ المحيل بالحوالة
كاملة الشروط لا الوكالة

وعكسه لا يبرأ المضمون
عنه إذا ضمنه المأمون

ثم الوكيل عندنا أمين
لأنه في فعله معين

وفي وفاء الدين إذ لم يشهد
يضمن أن أنكر أنه لم يبتد

والصلح قبل البيع في الأحكام
كقسمة وهبة الأنام

إذا أتى الجميع في معناه
فحكمه الشرعي قررناه

والسلم المعروف عند الناس
مخالف لواضح القياس


ص -240-

ويرجع المسلم إن تعذرا
وفاؤه برأس مال قدرا

ويحرم التقاط ما يمتنع
بنفسه إذا أتاه سبع

يقيمه آخذه إن تلفا
بقيمة لمثله قد عرفا

لكن مع الجحود مرتين
في المذهب الاسني بغير مين

وسو في عطية الأولاد
واعدل ولا تشهد على الفساد

فتمت القواعد المذكورة
معروفة عند الألى مشهورة

رويتها عن كل حبر هاد
إلى سبيل الحق والرشاد

وصل يا رب على المختار
وآل وصحبه الأبرار

ما اخضوضل النبت بهل الماء
من مزنة غزيرة وطفاء



المنهل الجزء 9 لسنة 35 رمضان 1389هـ ص1224 إلى صفحة 1228 وهذه مقطوعة في الصور الأربع في العارية:

لا تضمن العارية المقبوضة
في أربع من صور محفوظة

فيما إذا أعارها المستأجر
أو تلفت عارية لا تنكر

في مالها أعارها المعير
أو تلفت في مالها تشير

أو أركب المركوب من دوابه
منقطعاً يرجو ثواب ربه


وله قصيدة في البيوع تربو على مائة وستين بيتاً سماها "الحائلية" وله ألغاز في الفقه كثيرة انتهى ما أورده الأستاذ عثمان الصالح عن المترجم له وقال عنه الشيخ علي بن محمد بن عبد العزيز الهندي: له منسك (نظم) وله أبيات في القواعد الفقهية وقال: رأيت عنده مكتبة كبرى ذكر أنه جمع بعضها وورث البعض الآخر عن والده الشيخ عطية السليمان، وقال عنه أيضاً: كان الشيخ سليمان يحب المذاكرة والبحث والنقاش بتواضع واعتراف بالحق إذا ظهر، وكان شغوفاً بجمع الكتب الأدبية ومطالعتها لاسيما تأليف الأدباء الكبار وكان
ص -241-

صالحاً ورعاً زاهداً لا يحب الكلام في أحد من الناس. انتهى ما ذكره الشيخ علي في كتابه "زهر الخمائل". قلت: كان المترجم له الشيخ سليمان بن عطية يقرأ درساً في التفسير والحديث والتاريخ على صاحب السمو الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود في الحضر والسفر إلى أن توفي المترجم له سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وستين من الهجرة -رحمه الله- وغفر له إنه سميع مجيب.


ص -242-

الشيخ محمد بن مقبل
هو العالم الورع التقي الشيخ محمد بن مقبل بن علي بن مقبل(1). ولد بالمنسي من قرى القصيم بنجد سنة ألف ومائتين وإحدى وثمانين من الهجرة فنشأ بها وقرأ القرآن حتى حفظه نظراً وعن ظهر قلب ثم شرع في طلب العلم، فقرأ على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم والشيخ عبد الله الحسين (أبا الخيل) والشيخ عبد الله بن مفدي والشيخ عبد الله بن سليمان العريني وكان زاهداً يعتمد في معيشته على الله ثم على كسب يده حيث يشتغل بالزراعة وغرس النخل ويتورع عن الأخذ من بيت المال.
تولى قضاء مدينة البكيرية سنة 1347هـ فأمر الملك عبد العزيز بن عبد الله آل سعود وكيل مالية بريد آنذاك أن يصرف له ثمانمائة صاع بر وألفي وزنة تمر، وألف ريال سنوياً، فأبى عن قبول ذلك واستمر في قضاء مدينة البكيرية مدة طويلة من غير أن يأخذ عليه رزقاً من بيت المال تورعاً وزهداً.
وكان إلى جانب قيامه بالقضاء ينشر العلم تدريساً فتخرجه عليه علماء كثيرون نذكر منهم في هذه الترجمة المقتضبة من يأتي:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ليس الشيخ محمد بن مقبل المترجم له من آل مقبل أهل ضرماء ولا آل مقبل أبناء عمهم أهل بلدة المذنب فآل مقبل أهل ضرماء وأهل بلدة المذنب من نواصر تميم والمترجم له ليس منهم وإنما هو موافق لهم في اللقب دون الأصل والنسب.


ص -243-

تلامذته:
1- الشيخ عبد العزيز بن سبيِّل.
2- الشيخ عبد الرحمن المقوشي.
3- الشيخ عبد الله المحمد الخليفي.
4- الشيخ عبد الرحمن المحيميد.
5- الشيخ عبد الله الخضيري.
6- الشيخ إبراهيم الخضيري.
7- الشيخ صالح الشاوي.
8- الشيخ محمد الصالح الخزيم.
9- الشيخ سليمان الخزيم.
10- وأبناء المترجم صالح وعبد الرحمن ومقبل.
11- الشيخ صالح السلطان.
12- صالح المحمود.
13- عبد الرحمن السالم الكريديس.
14- صالح المحيميد.
15- علي بن محمد المحيميد.
16- الشيخ الفاضل محمد بن صالح بن سليم عضو هيئة التمييز بالرياض.
17- الشيخ إبراهيم الحديثي.
18- عبد الله الحديثي.
19- الشيخ عبد الله السديس.
20- الشيخ عبد الله المحمد الراجحي.
21- محمد العبد الله العقيل.
22- محمد بن عبد الرحمن الخزيم.
23- الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سليمان آل خزيم مدير التربية الإسلامية بوزارة المعارف.وغير هؤلاء خلق كثير


ص -244-

ولما أن توفي قاضي مدينة بريدة وتوابعها الشيخ عمر بن محمد بن سليم رغب إليه كبار مدينة بريدة وقراها أن يكون خلفاً عن الشيخ عمر بن محمد بن سليم في القضاء وساروا إليه من مدينة بريدة وقابلوه في مدينة البكيرية وطلبوا منه أن يجيبهم ويحقق رغبتهم بتولي القضاء عندهم فأبى -رحمه الله- أشد الإباء فرفعوا خطاباً إلى جلالة الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يطلبون فيه أن يأمره بأن يكون قاضياً عندهم بمدينة بريدة خلفاً للشيخ عمر بن سليم فجاء الأمر من جلالة الملك عبد العزيز بتعيينه قاضياً لمدينة بريدة فكتب إلى الملك عبد العزيز كتاباً بليغاً مؤثراً وأنشد فيه بيت عوف بن محلم الخزاعي المشهور:

إن الثمانين وبلغتها
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان



فسامحه الملك عبد العزيز وأعفاه من تولي قضاء مدينة بريدة واستمر على صفته المذكورة من الزهد والعبادة وتدريس العلم إلى أن توفي سنة 1368هـ ببلدة البكيرية مخلفاً أربعة أبناء صالحا وعبد الرحمن ومقبلا(1).
- رحم الله الشيخ محمد بن مقبل وغفر له فقد كان عالماً ورعاً متواضعاً يحب الخمول ويكره الشهرة والبروز وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ليس لي معرفة باسم الابن الرابع.


ص -245-

الشيخ عبد الله العنقري
هو الشيخ المحقق عبد الله بن عبد العزيز العنقري التميمي النجدي، ولد -رحمه الله- في بلدة ثرمداء من قرى إقليم الوشم بنجد سنة 1290هـ وتوفي والده وهو في الثالثة من عمره. وفي السابعة من عمره كف بصره فقرأ القرآن وحفظه عن ظهر قلب ثم شرع في تلقي مبادئ العلوم الدينية والعربية في بلدة ثرمداء، ثم سمت همته وتاقت نفسه إلى المزيد من العلوم والتضلع منها فقصد مدينة الرياض، وكانت ولا تزال والحمد لله حافلة بالعلماء الأعلام يقصدهم الطلاب من جميع نواحي نجد لانتهال العلم والمعرفة، فشرع المترجم -رحمه الله- في أخذ العلم عنهم وملازمة حلقات دروسهم وهم الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ الفقيه حسن ابن الشيخ حسين والشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد الطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ محمد بن إبراهيم بن محمود والشيخ حمد بن محمد بن فارس والشيخ إسحاق أخذ عنهم في التوحيد والحديث والفقه الحنبلي والنحو والفرائض.
وفي سنة 1336هـ عينه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود قاضياً لإقليم سدير فسكن بلدة المجمعة(1) قاعدة هذا الإقليم، وكان -رحمه الله- إلى جانب اشتغاله بالقضاء يقوم بالتدريس ونشر العلم، فتخرج على يديه زهاء ستة وثلاثين من طلبة العلم نذكر منهم فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الوهاب


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والخصوم يأتون إليه في بلدة المجتمعة من جميع قرى إقليم سدير فيفصل بينهم ويكتب لهم عقود المبايعات والتصديق على أوقافهم ووصاياهم.


ص -246-

ابن مزاحم والشيخ الورع الزاهد محمد الخيال والشيخ عبد العزيز بن صالح رئيس المحكمة الكبرى بالمدينة المنورة والشيخ حمد المزيد والشيخ حمود التويجري والشيخ سليمان بن حمدان والشيخ إبراهيم السويح(1) والشيخ محمد بن علي التويجري والشيخ ناصر بن جعوان والشيخ حمد الحقيل والشيخ عبد العزيز بن ربيعة وعثمان الركبان، وعبد الرحمن الدهش قاضي قبة، وعبد العزيز بن عبد الرحمن الثميري.
وفي سنة 1340هـ أثناء توليه قضاء سدير بعثه الملك عبد العزيز -رحمه الله- إلى هجرة الأرطاوية ليتولى تعليم الأخوان أمور دينهم وحل مشاكلهم القضائية ونهيهم عن التعصب المخالف لاصل الدين وسماحته بالإضافة إلى قضاء سدير فقام بهذا الواجب المهم متنقلاً بين المجمعة والأرطاوية في همة ونشاط، فكان موضع تقدير الملك عبد العزيز وعلماء نجد.
ظل -رحمه الله- قاضياً ستة وثلاثين عاماً وبعدها تقدمت به السن وأرهقته الشيخوخة واستقال من منصب القضاء، وتفرغ للتدريس ونشر العلم والتأليف.
مؤلفاته:
فألف -رحمه الله- حاشية وضعها على الروض المربع شرح زاد المستقنع في الفقه الحنبلي، وله تعليقات على نونية الإمام ابن القيم لا تزال مخطوطة لم تطبع.
توفي -رحمه الله- في الثاني من شهر صفر سنة 1373هـ عن عمر يناهز الثلاثة والثمانين عاماً قضاه في التحصيل والقضاء ونشر العلم، وقد خلف أبناء هم عبد الرحمن وسعد وصالح وخلف مكتبة حافلة بنفائس الكتب الخطية والمطبوعة ولا أدري أين آلت إليه -رحمه الله وعفا عنه وغفر له وسامحه- إنه سميع مجيب.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز السويح قاضي المقاطعة الشمالية في حياته ومؤلف "بيان الهدى من الضلال في الرد على صاحب الأغلال" ويقع في جزأين (ط) توفي السويح بمكة في شوال عام 1369 -رحمه الله-.


ص -247-

الشيخ سعود بن رشود
هو الشيخ الفاضل القاضي العادل سعود بن محمد بن عبد العزيز بن راشد بن رشود بن سعيد بن محمد بن النبطة من سبيع القبيلة المشهورة بنجد والحجاز، اشتهر هو وعشيرته بلقب آل رشود.
مولده:
ولد سنة 1322هـ في بلدة (ليلى) عاصمة إقليم الأفلاج ونشأ في كنف والده وعلمه القراءة والكتابة فحفظ القرآن نظراً وهو ابن عشر سنين ثم شرع في حفظه عن ظهر قلب عند الشيخ سعد بن سعود آل مفلح من علماء الأفلاج فحفظه وهو في الثانية عشرة من عمره ثم أخذ يساعد والده في الزراعة وفلاحة النخل إلى أن التقى به جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عند والده محمد بن رشود فتوسم فيه الخير والذكاء فأمر والده بتفريغه لطلب العلم فنفذ والده مشورة الملك عبد العزيز ووجهه إلى طلب العلم فأخذ في القراءة على الشيخ سعد بن سعود بن مفلح، وعلى الشيخ عبد العزيز بن حمد بن عتيق ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على الشيخ سعد بن حمد بن عتيق وعلى الشيخ حمد بن فارس وطالت مدة قراءته العلم حتى قرأ على سماحة الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف ولازمه ملازمة تامة وفي عام 1358هـ عينه الملك عبد العزيز بمشورة من شيخه الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم قاضياً بوادي الدواسر بنجد.


ص -248-

وفي سنة 1364 نقل من قضاء وادي الدواسر إلى قضاء مدينة المجمعة عاصمة إقليم سدير بنجد، ولم يلبث فيها إلا أشهراً ثم أمره الملك عبد العزيز بالتوجه إلى مدينة الرياض، وبعد وصوله مدينة الرياض أمره الملك بالذهاب مع جلالته -رحمه الله- إلى روضة خُرَيم لإنهاء القضايا والمشاكل الخاصة هناك، وبعدما أنهى القضايا الخاصة هناك أعجب الملك عبد العزيز بحسن حله للأحكام المعقدة وأمره بالبقاء في مدينة الرياض للقضاء بين البوادي في الدماء والأموال، ثم إن الملك عبد العزيز أمر بنقل الشيخ إبراهيم بن سليمان آل مبارك رئيس محكمة الرياض إلى قضاء وادي الدواسر وعين بدله رئيساً لمحكمة الرياض المترجم له الشيخ سعود بن محمد بن رشود وذلك سنة 1367هـ واستمر فيها طيلة حياته وكان -رحمه الله- يقرض الشعر.
طرح عليه شيخه الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم سؤالاً في جملة الطلاب وهو ما معنى العلو والاستواء، وهل هما قديمان أو حديثان؟ وهل دليلهما عقلي أو سمعي وهل هما مترادفان أو متغايران؟ فأجاب بعد إجابته نثراً بهذه الأبيات التالية:

إن العلو صفة الإله
ذاتية قديمة لله

وثابت دليله بالعقل
كذاك أيضاً ثابت بالنقل

دلائل شرعية قطعية
وفسروا معناه بالفوقية

فهو العلي بقدره وقهره
وذاتية كما أتى في ذكره

فلم يزل ولا يزال الخالق
له العلو والكمال المطلق

أما دليل الاستوا فقد ورد
من السماع لا إلى العقل استند

وليس في عقل صريح ضد ما
أتى من النقل الصحيح فافهما

وفسروه بعلا وارتفع
وصعد وباستقر فاتبع

وواجب إثابته للباري
فإنه فعل له اختياري

فلم يزل ولا يزال يفعل
لما يشا متى يشا كينزل


ص -249-

أما على العرش استوى فإنما
حدوثه بغير شك فاعلما

ثم الترادف فيه ما لا يعلم
فالفرق فيهما جلي يفهم

إذ العلو صفة ذاتية
أما استوى فصفة فعليه

والاستواء من أدلة العلو
فقد رواه العلماء الأول

بذين يفهم النبيه الفرق
ثم الصلاة والسلام حق

على النبي وآله وصحبه
ومن أقر بكلام ربه


حرر في 5-1-1358هـ(1)
وكان على جانب ما اتصف به من العلم والمعرفة شجاعاً غزا تحت لواء الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود غزوة الرغامة عام 1343هـ وهو ابن إحدى وعشرين سنة ثم غزا بعدها غزوة تهامة عام 1352هـ وفي هذه الغزوة تجلت شجاعته حيث أخذ الراية بيمينه بعد أن قتل حاملها ورفعها ترفرف عالية خفاقة وسار بالغزاة تجاه العدو بإرادة قوية وإيمان ثابت فائقة حتى انهزم العدو.
استمر رئيساً لمحكمة مدينة الرياض من عام 1367هـ كما أشرنا إليه أولاً إلى أن مرض عام 1373هـ ونقل إلى المستشفى اللبناني بمدينة جدة وتوفي سابع عشر شهر شوال من السنة المذكورة 1373هـ ونقل إلى مكة المكرمة وصلي عليه بالمسجد الحرام وقبر بمقابر العدل وخلف ابنين هما عبد الله جامعي ويشتغل كاتب عدل الأفلاج وعبد العزيز يشتغل مساعد كاتب عدل الأفلاج -رحم الله المترجم له الشيخ سعود بن محمد بن رشود فقد كان مشهوراً بالعلم والعدالة في الحكم وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تأريخ تحرير إجابة المترجم له على سؤال شيخه -رحم الله الجميع، وغفر لهم إنه لسميع مجيب.


ص -250-

الشيخ عبد الله بن زاحم
هو الشيخ الفاضل العالم الجليل عبد الله بن عبد الوهاب بن زاحم يمت بنسبه إلى قبيلة البقوم القبيلة المشهورة ببلدة تربة وحضن(1)، ولد بقرية القصب من أعمال الوشم بنجد سنة الف وثلاثمائة من الهجرة ونشأ بِها وقرأ القرآن نظراً وعن ظهر قلب ثم رحل إلى بلدة أشيقر وأخذ عن عالمها المؤرخ الشهير إبراهيم بن صالح بن عيسى، ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على علمائها آنذاك وعلى رأسهم العلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ثم قرأ على الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري في بلدة المجتمعة ثم عينه الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- قاضياً في هجرة (الداهنة) عند أميرها عمر بن ربيعان وحضر معه عدة غزوات من أشهرها حصار جدة وغزوة اليمن وبعد ذلك نقل إلى رئاسة محكمة مدينة الرياض ثم نقل منها إلى رئاسة محكمة المدينة المنورة وبقي بِهذا المنصب إلى أن توفي سنة 1374هـ بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع وكان متواضعاً حسن الأخلاق والسيرة. خلف أبناء معرفتي منهم: عبد الوهاب وإبراهيم -رحم الله الشيخ المترجم عبد الله بن زاحم وأسكنه فسيح جناته، إنه سميع مجيب.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال البكري ج2 ص993 حضن بفتح أوله وثانيه وبالنون جبل في ديار بني عامر يقال في المثل (أنجد من رآى حضناً) إلخ وقال صاحب بلاد العرب الحسن بن عبد الله الأصفهاني في ص 11 في كتابه بلاد العرب (ولهم من الجبال "حضن" لجشم خاصة) قال الأستاذ الشيخ حمد الجاسر في تعليقه على ذلك ص11 رقم (2) (من أذكر الجبال وأشهرها وفيه المثل من رآي حضناً فقد أنجد وهو في حرة مستطيلة من الجنوب إلى الشمال فشماليه مطل على سهل ركبة وجنوبيه متصل بأطراف الجبال المتصلة بسلسلة سراة الحجاز وفي جنوبيه يقع واد تربة وفي شرقيه واحة الخرمة) انتهى ما ذكره الأستاذ أحمد الجاسر قلت: حضن ذكره جرير بن الخطفي التميمي بقوله:

لو أن جمعهم غداة مخاشن
يرمي به حضن لكاد يزول



وذكر المتلمس بقوله:

إن العلاف ومن ياللوذ من حضن


ص -251-

الشيخ عبد الرحمن بن عودان
هو الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن علي بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن علي بن سليمان بن يحيى بن غيهب من قبيلة بني زيد القبيلة القضاعية المشهورة بشقراء وغيرها من بلدان الوشم.
مولده:
ولد سنة ألف وثلاثمائة وخمس عشرة من الهجرة بشقراء وأصيب في عينه بمرض الجدري وهو في الرابعة من عمره وذهب أكثر بصره ثم دخل مدرسة تحفيظ القرآن عند مقرئ يدعى (ابن حنطي) وفي أثناء ذلك توفي والده وهو في السابعة من عمره فكفلته والدته هو وأخوته الثلاثة وقامت على تربيتهم فاستمر في تعلم القرآن حتى حفظه وهو في التاسعة من عمره وعطف عليه عمه إبراهيم، وكان من سكان قرية القصب فأخذه عنده وأدخله في مدرسة، عند معلم يدعى (الحربي) وأعاد عليه قراءة القرآن حتى حفظه وأتقنه عن ظهر قلب. ثم رجع إلى مدينة شقراء وقرأ فيها مبادئ العلوم على الشيخ سعود ابن ناصر الملقب بشويمي والشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف الباهلي ولما بلغ السادسة عشرة من عمره رحل إلى مدينة الرياض فقرأ على علمائها آنذاك حيث قرأ على الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف في التوحيد والعقائد والحديث والتفسير وقرأ على الشيخ حمد بن فارس في النحو وقرأ على الشيخ سعد بن حمد بن عتيق في الفقه، ولما كان 1334هـ طلب الإمام عبد الرحمن ابن الإمام فيصل إماماً يصلي به في رمضان فأشار الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف


ص -252-

والشيخ حمد بن فارس بالمترجم له فصلى بالإمام عبد الرحمن شهر رمضان فأنعم عليه الإمام عبد الرحمن في عيد الفطر بكسوة ونقود فاشترى جملاً وحمله بالبر والتمر والكسوة وسافر إلى والدته وأخوته بمدينة شقراء، فلما وصل إليهم فرحوا به فرحاً شديداً وكانوا في ضنك وفاقه شديدة فيسر الله لهم هذا الرزق وباع الجمل بمكسب، وتحصل عنده نحو ثلاثين ريال فرنسي وهي أول رزق له فجلس عند والدته وأخوته جميع فصل الشتاء، ثم عاد إلى مدينة الرياض لمواصلة دراسته فاستمر في القراءة على مشائخه المذكورين. وأصيب أثناء ذلك بمرض شديد في عينه قضى على جميع بصره فلم يثن عزمه بل استمر في مواصلة الطلب وإكمال الدراسة حتى وفقه الله.
وظائفه:
في 1338 أرسله جلالة المغفور له الملك عبد العزيز إلى بلدة ساجر إماماً لسكانها ومفتياً لهم ثم نقل بعد سنة إلى هجرة عسيلة وصار قاضياً لهم وجميع منطقة السر حتى 1354هـ حيث صدر أمر الملك عبد العزيز بنقله من عسيلة إلى قضاء مدينة شقراء وذلك أثر وفاة قاضيها الشيخ إبراهيم بنقله من عسيلة إلى قضاء مدينة شقراء وذلك أثر وفاة قاضيها الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف الباهلي فاستقر في مدينة شقراء وصار قاضياً لجميع قرى الوشم والسر ومجموع قرى الوشم وقرى السر يربو على أربع وعشرين قرية فأرهقه العمل وأتعبه كثرة الخصوم فطلب الإعفاء من قضاء أحد الإقليمين فأعفي من قضاء الوشم.. وأعيد إلى السر وعين بدله في قضاء الوشم الشيخ محمد بن عثمان الشاوي ثم توفي الشيخ محمد بن عثمان الشاوي عام 1355هـ -رحمه الله- فأعيد المترجم له إلى قضاء الوشم والبقاء بمدينة شقراء مرة ثانية وفي عام 1360هـ صدر الأمر السامي من الملك عبد العزيز -رحمه الله- بنقله إلى مدينة عنيزة لتولي القضاء بين أهلها حتى عام 1369هـ حيث حصل بينه وبين بعد المدرسين بثانوية مدرسة عنيزة خلاف علمي فطلب على أثر هذا الخلاف من الملك عبد العزيز -رحمه الله- إعفاءه من


ص -253-

قضاء مدينة عنيزة فأمر الملك عبد العزيز بالاستمرار في القضاء ووعده النقل فلما فتح المعهد العلمي بمدينة الرياض في 15-10-1369هـ عينه الملك -رحمه الله- مدرساً في المعهد العلمي بمدينة الرياض وإماماً للفروض الخمسة بجامع الرياض الكبير وفي 1371هـ صدر الأمر السامي بإعادته إلى سلك القضاء فعين قاضياً في محكمة الرياض واستمر في القضاء بمدينة الرياض حتى اشتد به مرض مزمن كان يعاني منه من مدة طويلة فتوفي في 12-3-1374هـ بمدينة شقراء وخلف -رحمه الله- ستة أبناء هم على درس على والده وتخرج من كلية الشريعة في عام 1379هـ وهو الآن محقق شرعي بوزارة الداخلية ومحمد تخرج من كلية الزراعة في القاهرة عام 1385هـ وهو الآن مهندس زراعي في وزارة الزراعة وإبراهيم تخرج من كلية في أمريكا عام 1390هـ وهو الآن يشتغل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية وعبد الله هو الآن طالب في السنة الثالثة من كلية التجارة وناصر تخرج من الثانوية عام 1391هـ وسليمان الآن طالب في الثانوية وللمترجم الشيخ عبد الرحمن بن عودان تلاميذ أعرف منهم الشيخ محمد البصيري والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم الباهلي المدرس الآن بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وعبد الرحمن الزوم والشيخ محمد البواري وعبد الرحمن بن عبد العزيز الحصين -رحم الله المترجم له الشيخ عبد الرحمن بن عودان وغفر له ولجميع المسلمين إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -254-

الشيخ سليمان العمري
هو العالم الورع التقي الشيخ سليمان بن عبد الرحمن ابن الشيخ محمد بن عمر العمري ولد بالقصيم الإقليم المشهور بنجد عام ألف وثلاثمائة من الهجرة وقرأ القرآن حتى حفظه نظراً وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة العلم على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ ثم رجع إلى القصيم وقرأ على الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد ابن سليم.
وظائفه وأعماله:
عينه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود قاضياً للمدينة المنورة عام 1345هـ وكان إلى جانب قيامه بالقضاء يقوم بتعليم العلم وتدريس الطلاب في المسجد النبوي، كما ألف أثناء قيامه بالقضاء في المدينة المنورة رسالة جليلة رد فيها على بعض العلماء المجاورين بالمدينة المنورة آنذاك وقد طبعت هذه الرسالة المشار إليها ووزعت على أهل العلم ثم نقل الشيخ سليمان من قضاء المدينة عام 1360هـ إلى قضاء إقليم الإحساء وبقي فيه حتى أسن وأرهقته الشيخوخة فطلب الإعفاء من القضاء فأجيب طلبه وأعفي من القضاء واستمر بالإحساء حتى توفي بِها سنة 1375هـ وخلف أبناء لا أعرف أسماءهم - رحم الله الشيخ سليمان العمري وغفر له وعفا عنه فقد كان من بيت علم وقضاء عرفوا بطيب الذكر والمعتقد وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -255-

الشيخ عبد الرحمن بن سعدي
هو العلامة الورع الزاهد تذكرة السلف الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي الناصري التميمي الحنبلي.
مولده:
ولد في مدينة عنيزة بالقصيم سنة ألف وثلاثمائة وسبع من الهجرة وتوفيت أمه وله أربع سنين ثم توفي والده وهو في الثانية عشر من عمره فعطفت عليه زوجة والده وصارت تشفق عليه أشد من شفقتها على أولادها وكذلك أخوه محمد عطف عليه فنشأ الشيخ نشأة حسنة فدخل مدرسة تحفيظ القرآن فحظه وهو في الحادية عشرة من عمره وحفظه عن ظهر قلب وهو في الرابعة عشر من عمره.
مشائخه:
بعد حفظ القرآن نظراً وعن ظهر قلب اشتغل بطلب العلم، فقرأ على إبراهيم بن حمد بن جاسر في الحديث وقرأ على محمد بن عبد الكريم الشبل في الفقه والنحو وقرأ على الشيخ صالح بن عثمان قاضي عنيزة(1) في التوحيد والتفسير والفقه وأصوله والنحو وهو أكثر من قرأ عليه حيث لازمه ملازمة تامة حتى توفي. وقرأ على الشيخ عبد الله بن عائض وعلى الشيخ صعب بن عبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشيخ صالح العثمان القاضي من أسرة القضاة المعروفة وهم من وهبة تميم وتولى قضاء مدينة عنيزة إلى أن توفي وتقدمت ترجمته في هذا الكتاب.


ص -256-

الله التويجري وعلى الشيخ علي السناني والشيخ علي بن ناصر أبو وادي قرأ عليه في الحديث والأمهات الست وأجازه في ذلك وقرأ على الشيخ محمد الشنقيطي نزيل الحجاز قديماً ثم بلدة الزبير قرأ عليه في التفسير والحديث ومصطلح الحديث أثناء إقامة الشنقيطي بمدينة عنيزة.
جلوسه للتدريس:
ولما بلغ من العمر ثلاثة وعشرين سنة جلس للتدريس فكان يتعلم ويعلم ويقضي أوقاته في ذلك، وفي الأكباب على طالعة مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية ومؤلفات تلميذه ابن القيم بتمعن وتفهم فانتفع بهذه المؤلفات غاية الانتقاع.
وفي عام ألف وثلاثمائة وخمسين من الهجرة انتهت إليه المعرفة التامة ورئاسة العلم في القصيم على القراءة عليه وتلقي العلوم والمعارف عنه.
تلامذته:
أخذ عند العلم خلق كثير أعرف منهم هؤلاء المذكورين أدناه:
1- الشيخ سليمان بن إبراهيم البسام درس في المعهد العلمي وعين قاضياً فرفض.
2- الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع تولى القضاء في المجمعة ثم في عنيزة.
3- الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام عضو هيئة التمييز بالمنطقة الغربية.
4- محمد بن منصور الزامل درس بمعهد عنيزة العلمي.
5- علي بن محمد الزامل مدرس في معهد عنيزة وهو أنحى أهل نجد في زمنه.


ص -257-

6- محمد بن صالح آل عثيمين مدرس بالمعهد وخليفة شيخه على إمامة الجامع بعنيزة.
7- الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل عضو الإفتاء ورئيس الهيئة العلمية المستقلة بعد وفاة سماحة رئيس القضاة.
8- الشيخ عبد الله المحمد لعوهلي مدرس بالمعهد العلمي بمكة المكرمة.
9- عبد الله بن حسن آل بريكان مدرس بالمعهد العلمي بعنيزة.
ولد -رحمه الله- تلاميذ غير هؤلاء كثيرون، لم يتسن لي معرفتهم.
مؤلفاته:
ألف مؤلفات كثيرة نافعة نذكر منها:
1- تفسير القرآن الكريم المسمى (تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن)، ثمانية مجلدات(1) وقد فرغ من إكمال تأليفه عام 1344هـ طبع بالمطبعة السلفية بمصر.
2- حاشية على الفقه استدراكاً على جميع الكتب المتداولة والمؤلفة في المذهب الحنبلي (خ).
3- إرشاد أولي البصائر على طريقة السؤال والجواب (ط).
4- تنزيه الدين وحملته ورجاله مما افتراه القصيمي في أغلاله (ط).
5- الدرة المختصر في محاسن الإسلام (ط).
6- الخطب العصرية (ط).
7- القواعد الحسان لتفسير القرآن (ط).
8- الحق الواضح المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين، وهو توضيح لنونية الإمام ابن القيم -رحمه الله- (ط).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أكمله عام 1344 طبع عام 1365هـ بمطبعة الترقي في دمشق على نفقة المؤلف ووزع مجاناً.


ص -258-

1- توضيح الكافية الشافية (ط).
2- وجوب التعاون بين المسلمين وموضوع الجهاد الديني.
3- القول السديد في مقاصد التوحيد (ط).
4- منهج السالكين مختصر في أصول الفقه.
5- تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (ط).
6- الرياض الناضرة (ط).
7- بهجة قلوب الأبرار (ط).
8- الإرشاد إلى معرفة الأحكام (ط).
9- الفواكه الشهية في الخطب المنبرية (ط).
10- منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (ط).
11- طريق الوصول إلى علم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول (ط).
12- الدين الصحيح يحل جميع المشاكل (ط).
13- الفروق والتقاسيم البديعة النافعة (ط).
14- الأدلة القواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين (ط).
15- فوائد مستنبطة (ط).
16- الرسائل المفيدة سؤال وجواب في أهم المهمات (ط).
17- شرح تائية شيخ الإسلام ابن تيمية التي رد بِها على القدرية (ط).
18- الفتاوى السعدية مجلد ضخم (ط).
19- التوضيح والبيان لشجرة الإيمان.
20- فتح الرب الحميد في أصول العقائد والتوحيد.
ص -259-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 16:26

1- الدلالة القرآنية.
2- التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة (ط).
مرضه:
أصيب عام 1371هـ بمرض ضغط الدم وضيق الشرايين وكانت أعراضه تبدو بعض الساعات في الكلام فيقف ولو كان يقرأ القرآن، ثم يتكلم ويرجع كعادته فسافر إلى لبنان عام 1372هـ على نفقة الحكومة السعودية أيدها الله، وبقي في لبنان شهراً يعالج وشفاه الله وبعد أن رجع إلى مدينة عنيزة باشر أعماله التي كان يباشرها قبل مرضه من تدريس وإفتاء وتصنيف وخطابة جمعة وإمامة. فعاوده المرض فلما كان في شهر جمادى الآخرة سنة 1376هـ أحس بالذي فيه وكان معه مثل البرد والقشعريرة وفي ليلة الأربعاء 22 من الشهر المذكور عام 1376هـ بعد فراغه من الدرس المعتاد العمومي الذي يشبه محاضرة من المحاضرات والذي كان يقوم بإلقائه على الجماعة في المسجد بعد فراغ من هذا الدرس أحس بثقل وضعف حركة بعد الصلاة وفراغها فأشار إلى بعض تلامذته أن يمسك بيده ويذهب معه إلى داره ففعل فهرع معه أناس من الحاضرين فلم يصل إلى داره إلا وقد أغمي عليه وبعد ذلك أفاق -رحمه الله- وأثنى على الله وحمده وتكلم مع الحاضرين بكلام حسن طيب ثم عاوده الإغماء فلم يتكلم بعد ذلك. فلما أصبحوا صباح الأربعاء دعوا الطبيب فقرر أنه نزيف في المخ وإن لم يتدارك فوراً فإنه يموت فأبرقوا إلى جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود بذلك فأصدر أمره الكريم عاجلاً بكل ما يلزم فقامت الطائرة فوراً وفيها مهرة من الأطباء والعلاجات إلى مدينة عنيزة ولكن الجو كان ملبداً بالغيوم والرعد والبرق والعواصف الشديدة فلم تستطع الطائرة الهبوط على أرض المطار فتوفي -رحمه الله- قبل فجر يوم الخميس الموافق 22 جمادى الآخرة سنة 1376هـ فأصب الناس لموته فانهمرت الدموع ووجفت القلوب وصلى عليه الناس بعد صلاة ظهر يوم الخميس في حشد عظيم لم يشهد في عنيزة له


ص -260-

مثيل فامتلأ الجامع بالمصلين والمشيعين، وانهمرت العيون بالدموع وانطلقت الألسن بالترحم عليه والدعاء له بالمغفرة والرضوان، فلما صلى عليه، حملوه فوق الأعناق بزحام شديد إلى مقبرة الشهوانية المعروفة بمدينة عنيزة.
فبعد ذلك هتفت التعازي بالبرقيات من المعزين من جميع الجهات ورثى بمراث كثيرة يصعب عدها وخلف ثلاثة أبناء: هم عبد الله، ومحمد، وأحمد -غفر الله للشيخ المترجم عبد الرحمن بن سعدي ورحمه وعفا عنه فإنه كان من العلماء العاملين الورعين وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.


ص -261-

الشيخ عبد الله الخليفي
هو العالم الفقيه شيخنا الشيخ عبد الله الصالح الخليفي. ولد في بلدة البكيرية من بلدان القصيم بنجد سنة ألف وثلاثمائة من الهجرة وقرأ القرآن فيها على خاله وابن عمه محمد الخليفي ثم انتقل إلى مدينة حائل عاصمة الجبل فأخذ العلم عن الشيخ عبد العزيز المرشدي والشيخ عبد الله بن مسلم التميمي نزيل مدينة حائل ولازمه ملازمة تامة حتى تخرج عليه في الفقه وغيره من سائر العلوم ثم جلس لطلاب العلم بمدينة حائل فكانت له حلقة كبرى يعقدها بمسجده بالعليا بعد صلاة المغرب كل لليلة في علم الفرائض ثم تنقل في الوظائف الحكومية فعين قاضياً بالمدينة المنورة ثم نقل إلى قضاء الجوف ثم إلى قضاء الطائف عام 1357هـ وكان إلى جانب قيامه بالقضاء في الطائف يجلس لطلبة العلم في مسجد الهادي بعد صلاة العصر كل يوم ثم نقل من القضاء إلى تدريس الفقه بدار التوحيد بالطائف عام 1365هـ واستمر في هذه الوظيفة حتى نقل منها إلى التدريس بالمعاهد والكليات بمدينة الرياض ثم نقل منها عام 1378هـ وعين قاضياً لمدينة حائل عاصمة الجبل وقد أخذ عنه في مدينة حائل قبل تنقله في الوظائف الحكومية جماعة من العلماء منهم الشيخ سلميان بن عطية والشيخ عبد الكريم الخياط والشيخ علي بن محمد بن عبد العزيز الهندي والشيخ راشد بن منيصير والشيخ عبد العزيز العريفي والشيخ عبد الله الراشد المرجان والشيخ عبد الرحمن الشعلان والشيخ محمد الخلف العبد الله والشيخ عبد الله الشلاش والشيخ سليمان بن محمد الخليف وقرأت عليه بداره في الطائف بحي قروي في


ص -262-

الفقه عام 1366هـ كان -رحمه الله- يعرف العروض وينظم الشعر على طريقة العلماء رأيت له بيتاً في ذوي الأرحام من الرجز وهو قوله:

نزلهمو منزلة من أدلوا به
إرثاً وحجباً هكذا قالوا به



وكانت له معرفة بعلم الفلك رأيت له هذه الأبيات جمع فيها البروج الشمسية وما يخص كل برج من النجوم:

للحمل أخبية فرع المقدم مع
هاء المؤخر خذ هذا بلا ضجر

منه ثمانية الثور يتبعها
نوء الرشاد، وياء الشرط في الأثر

منه البقية للجوزاء نسبتها
نوء البطين ترى جيم من الدبر

والعشر للسرطان هقعة وأضف
حاء من الهنع معروف لدى البشر

يبقى به خمسة مع ذرع نثرتهم
لليث مشتهر يدريه ذو خبر

لبرج سنبلة طرف وجبهتهم
مع هاء زبرتهم باد لمعتبر

باقيه ينسب للميزان صرفتهم
مع طاء عاوية تأتي على أثر

وبرج عقربهم يحوي بقيته
نوء السماك وغفراً عند ذي بصر

القوس يحيو زبانا كله وكذا
جيماً من القلب فألق السمع واختبر

يبقى به إحدى عشر للجدي شولتهم
من النعائم هاء عد واعتبر

يبقى ثمانية للدلو بلدتهم
مع طاء ذابحهم سار على قدر

باقيه مع بلع للحوت مشتهر
سعد السعود فذي منازل القمر



توفي في شهر شعبان سنة ألف وثلاثمائة وواجد وثمانين من الهجرة وخلف أربعة أبناءهم محمد ومنصور وصالح وإبراهيم - رحمه الله وغفر له فإنه كان سهل الجانب متواضعاً لا يعرف الكبر إلى قلبه الطيب سبيلاً.


ص -263-

الشيخ محمد أبا الخليل
هو محمد بن عبد الله بن حسين بن صالح بن حسين (أبا الخيل) من قبيلة عنزة المشهورة، ولد في قرية المريديسية من قرى بريدة بالقصيم سنة 1308هـ وعاش في أحضان والديه ولما بلغ العاشرة من عمره بعثه والده إلى مؤدب حسن فأتقن القراءة والكتابة وبعض مبادئ العلوم وقد كان هناك حروب وفتن حالت دون استمراره في الدرس والتحصيل، ولما هدأت الأحوال كان والده قد توفي فانتقل في مدينة بريدة وجلس لطلب العلم فحفظ القرآن عن ظهر قلب وأخذ علم النحو واللغة عن الشيخ عيسى الملاحي ثم أخذ علم التوحيد والفقه عن الشيخين المشهورين الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم والشيخ عمر ابن محمد بن سليم حتى أجازاه وكانا يخلفانه في مكانهما إذا غابا عن بريدة.
أعماله:
تولى القضاء في (نظره)؟ وفي (الجعلة) إحدى قرى القصيم مدة طويلة وفي سنة 1363هـ تولى القضاء في مدينة عنيزة، وفي سنة 1364هـ تولى القضاء في مدينة بريدة، وقد قضى أغلب حياته إماماً لمسجد بجوار بيته.
حالته الاجتماعية:
كان عالماً ورعاً زاهداً فيما عند الناس فقد اعتزل الأعمال والاختلاط الكثير بالناس منذ أن ترك القضاء في بريدة، وكان يقضي كل وقته في المسجد يقرأ


ص -264-

القرآن ويكتب العلم ويتعبد وكان يحج كل عام حتى مرض في آخره عمره ومع ذلك فقد كان سمح الأخلاق واسع البال لا يعرف الغضب إليه طريقاً وكان لا يمل حديثه ولا مجالسته وكان يتفقد أقاربه وجيرانه ويتعهد الفقراء والمساكين لدى عارفيه والمتصلين به. ألف -رحمه الله- "زوائد الزاد" في فقه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل الشيباني يقع 942 صفحة من القطع الكبير طبع بالمطبعة السلفية بمصر على نفقته وجعله وقفاً لله على طلبة العلم. توفي -رحمه الله- في يوم الجمعة ثالث عشر شهر شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وألف في بريدة وصلى عليه في المسجد الجامع الكبير ودفن في مدينة بريدة -رحمه الله- وغفر له وأسكنه فسيح جناته وصلى الله على محمد.


ص -265-

الشيخ عبد العزيز ابن عكاس
هو الشيخ الفاضل عبد العزيز بن عمر بن عكاس ينتهي نسبه إلى قبيلة سبيع القبيلة العربية العدنانية المشهورة بنجد. كان أجداده يسكون بمدينة عنيزة إحدى عاصمتي القصيم بنجد ثم رحلوا سنة 956هـ إلى الإحساء فطابت لهم الإقامة فيها وكثر نسلهم. ولد الشيخ عبد العزيز بالإحساء سنة 1304هـ ونشأ بِها وقرأ القرآن ولما حفظه شرع في القراءة في العلم على عمه الشيخ العلامة عيسى بن عبد الله بن عكاس المتوفى سنة 1338هـ وأخذ عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن الملا فقيه الأحناف بالإحساء ولما قدم إلى الإحساء الشيخ عبد الله البشاوري وعين قاضياً فيها في العهد العثماني قرأ عليه المترجم الشيخ عبد العزيز وبعد ذلك قدم إلى مكة المكرمة فأخذ العلم عن الشيخ أسعد الدهان والشيخ عبد الرحمن الدهان ولما استولى الملك عبد العزيز وبعد ذلك قدم إلى مكة المكرمة فأخذ العلم عن الشيخ أسعد الدهان والشيخ عبد الرحمن الدهان، ولما استولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على الإحساء واستتب له الأمر فيها وفي ملحقاتها عين المترجم قاضياً في بلدة الجبيل سنة 1339هـ فمكث في القضاء ست سنوات ثم استعفى من القضاء وأعفي، فعكف على مطالعة الكتب ودراسة غامضها والاتجاه لعبادة الله، ثم في عام 1373هـ صدر الأمر الكريم بتعيينه رئيساً لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإحساء وملحقاتها وكان يدرس طلابه طيلة إقامته بالإحساء وكان -رحمه الله- يفد إلى مكة المكرمة في كل سنة من شهر رمضان المبارك للعمرة والصيام والعبادة ويعود إلى بلده الإحساء بعد العيد وكان حسن الخلق متواضعاً لا يعرف الكبر والحقد إلى قلبه سبيلاً. توفي بالإحساء سنة 1383هـ -رحمه الله وغفر له فإنه كان من العلماء المتواضعين الذين لا يعرف الكبر إلى قلوبهم العامرة بالإيمان سبيلاً.
وقد ألف أرجوزة في أصول القه بطلب من تلميذه الشيخ عبد الله الملا.


ص -266-

الشيخ محمد بن مانع هو العلامة الفقيه الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مانع الوهيبي التميمي النجدي. ولد في مدينة عنيزة إحدى مدن القصيم(1) سنة ألف وثلاثمائة من الهجرة، ولما بلغ السابعة من عمره أدخله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القصيم مقاطعة كبيرة يقع في الناحية الشمالية من نجد بين الوشم وبين جبل طي المعروف فيما بعد بجبل شمر والقصيم كثير القرى والمزارع والنخيل تبلغ قراه نحو مائتين قرية والقصيم غزير المياه خصب التربة وأكثر بلدانه مذكورة في أشعار العرب ومعاجم البلدان وقد ذكره زيد الخيل الطائي بقوله:
ونحو الجالبون سباء عبس
فكان رواحها للحي كعب

إلى الجبلين من أهل القصيم
وكان غدوها لنبي تميم



وذكر في كتاب (بلاد العرب) المنسوب للغدة الأصفهاني ص 339 (والقصيم موضع ذو غضا فيه مياه كثيرة وقرى "قلت" القصيم يشتمل على بلدان كثيرة أعرف منها ما يأتي: (مدينة بريدة - مدينة عنيزة - الرس - المذنب - البكيرية - العمار - البدائع - الهلالية - النبهانية - الرسيس - الزرقا - القويع - قيعان - القرعاء - الوطأة - الشماس - الشماسية - الربيعية - هدية - أبو يدسة - صبيح - قصر ابن عقيل - القرية - الخبرا - رياض الخبراء - الظليم - الشيحية - عيون لجواء - عيون ابن فهيد القصيعة - البصر - رهطان - الجعلة - قصيبا - الأسياح وهي المعروفة في معاجم البلدان بالنباج وهي تطلق على مجموعة هذه القرى الآتية: العين - البرقا - التنومة - خصيبة - حنيظل - وأبي الدود والشنانة - الديمسية - القيصومة - القصر - البرود - طريف - الجعلة - النبقية وبها انتهت قرى الأسياح.
ومن بلدان القصيم أيضاً: الفوارة - القوارة - وفي القصيم خبوب "جمع خب" وهي منخفضات من الأرض بين أكثبة من الرمال فيها مياه نخيل وقرى كثيرة جداً وجميع بلدان القصيم وقراه كغيرها من جميع بلدان قرى المملكة العربية السعودية آهلة بالسكان وفيها مدارس بنين وبنات ومستشفيات ومستوصفات وغير ذلك من جميع لوازم الحياة نسأل الله أن يطيل عمر إمام المسلمين. جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود.


ص -267-

والده المدرسة (الكتاتيب) ليتعلم بها القرآن، ولم يلبث والده أن توفي فاستمر المترجم في قراءة القرآن حتى ختمه ثم شرع في القراءة على علماء بلده في مبادئ العلوم فقرأ على عمه الشيخ عبد الله وعلى الشيخ صالح العثمان القاضي، ولما بلغ الثامنة عشرة من عمره سافر إلى بغداد واتصل بالعلامة السيد محمود شكري الألوسي(1) فقرأ عليه وعلى ابن عمه السيد علي بن السيد نعمان(2) أفندي الألوسي وقرأ على غيرهما من مشاهير العلماء ببغداد فقرأ في النحو والصرف والفقه والفرائض والحساب ثم توجه إلى مصر فأقام في الأزهر مدة قرأ فيها الروض المربع شرح زاد المستقنع وبعضاً من شرح دليل الطالب وقرأ النحو والعلوم السائدة في الأزهر على الشيخ محمد الذهبي أحد المدرسين برواق الحنابلة ثم سافر إلى دمشق الشام ولازم الشيخ جمال الدين القاسمي وسمع عليه صحيح البخاري وحضر دروس الشيخ بدر الدين محدث الشام التي كان يلقيها بالجامع الأموي وحضر دروس العلامة الشيخ عبد الرزاق البيطار ثم رجع إلى بغداد ولازم القراءة على العلامة محمود شكري الألوسي فقرأ عليه كثيراً من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وقرأ عليه في المعاني والبيان والبديع كثيراً من الرسائل المختصرة في هذه الفنون مثل الفريدة في الاستعارات وشرح التلخيص وقرأ عليه شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك وشرح السيوطي وقرأ شرح القطر للفاكهي وقرأ عليه في علم الوضع مع شرح العلامة علي القوشجي ورسالة أبي بكر الكردي في علم الوضع وقرأ شرح منظومة حسن العطار. وقرأ لوامع البيان للرازي مع مراجعة لوائح الأنوار(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو محمود شكري ابن السيد عبد الله ابن السيد محمود شهاب الدين الألوسي صاحب التفسير المسمى روح المعاني.
(2) هو السيد علي ابن السيد نعمان أفندي مؤلف جلاء العينين وفي محاكمة الأحمدين ابن السيد محمود شهاب الدين صاحب التفسير المسمى روح المعاني.
(3) لهو لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضية في عقد الفرقية المرضية منظومة والشرح والمنظومة كلاهما للشيخ محمد بن الحاج أحمد السفاريني وقد طبع هذا الشرح على نفقة علي بن عبد الله بن ثاني عام 1380هـ وطبع مختصره لابن سلوم عام 1386هـ.


ص -268-

للسفاريني وشرح العقائد الأصفهانية لشيخ الإسلام ابن تيمية وقرأ عليه بعضاً من تفسير البيضاوي وقرأ شرح السلم وشرح الدمنهوري وقرأ شرح الرسالة الأندلوسية لعبد الباقي الألوسي الأمثلة والبناء في التصريف وشرح السعد على العزي ومغني اللبيب لابن هشام وقرأ على الشيخ عبد الوهاب أفندي النائب أمين الفتوى في بغداد في بعض كتب آداب البحث والمناظرة وقرأ دليل الطالب في الفقه الحنبلي وشرح الأزهرية في النحو في المدرسة المرجانية على الشيخ عبد الرزاق الأعظمي وقرأ على السيد يحيى بن قاسم الوتري المدرس في المدرسة الأحمدية في بغداد في شرح العلوي على السلم وحاشية المرصفي على شرح المقولات العشر وشرح نظم الورقات في أصول الفقه.
وفي هذه المدة دعاه بعض الأكابر من أهل بغداد ليكون إماماً له ويقرأ عليه كتب الحديث فقرأ عليه بعضاً من صحيح البخاري وجميع صحيح مسلم والجزء الأول من زاد المعاد لابن القيم والجزء الأول من مسند الإمام أحمد بن حنبل والموطأ للإمام مالك وكثيراً من كتب التاريخ وقرأ نزهة النظر للحافظ ابن حجي ثم رجع إلى بلده مدينة عنيزة سنة 1329هـ وقرأ على قاضيها الروض المربع شرح زاد المستقنع وغير ذلك، ثم توجه إلى بلد الزبير من أعماق العراق سنة 1330هـ وقرأ على الفقيه الحنبلي المشهور في بلدة الزبير محمد العوجان في الفقه الحنبلي والفرائض والحساب ثم دعاه مقبل الذكير أحد تجار نجد وأعيانها المقيمين في البحرين للتجارة دعاه لمكافحة التبشير وفتح له لهذا الغرض مدرسة آخر سنة 1330هـ فأقام في بلدة البحرين أربع سنين وشرح في أثناء إقامته بالبحرين العقيدة السفارينية (المسماة بالدرة المضية) ثم دعاه حاكم قطر آنذك عبد الله بن قاسم بن محمد بن ثاني طيب الله ثراه فتوجه إليها في شهر شوال سنة 1334هـ فتولى القضاء والخطابة والتدريس ورحل إليه كثير من


ص -269-

الطلاب أخذوا عنه العلم في قطر وأقام في قطر أربعاً وعشرين سنة(1) وحج معه سنة 1342هـ وهو مقيم بقطر في أول رمضان واتصل بعمر حمدان المحرسي وقرأ عليه ألفية السيوطي في مصطلح الحديث والنزهة للحافظ ابن حجر وبعض بلوغ المرام حفظاً وقرأ عليه وعلى حبيب الله الشنقيطي الأربعين العجلونية وكتب كل واحد منهما أجازه له بها ثم رجع بعد الحج إلى قطر، وبقي في قطر على حالته المذكورة.
ولما كان في صفر أول سنة ألف وثلاثمائة وثمانية وخمسين قدم الإحساء وكث بها إلى شهر جمادى الآخرة من السنة المذكورة وفي هذا الأثناء قدم الإحساء عبد الله السليمان الحمدان فاتصل به وقابله وأشار عليه عبد الله السليمان فقبل ذلك وقدم على الملك عبد العزيز في مدينة الرياض فأكرمه الملك وعينه مدرساً في الحرم الملكي الشريف فأقام في مكة واجتمع عليه كثير من طلاب العلم يقرأون عليه في الفقه والحديث والنحو والفرائض أعرف منهم الشيخ عبد العزيز بن رشيد رئيس هيئة التمييز بنجد والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم بن علد اللطيف الباهلي والشيخ البصيلي والشيخ ناصر بن حمد الراشد الرئيس العام لمدارس البنات والشيخ عبد الله بن زيد بن محمود وقد أخذ عنه العلم قبل ذلك في البحرين وقطر خلق كثير نذكر منهم: عبد الله الأنصاري وعبد الله بن تركي والحاج قاسم درويش ومحمد حسن الجابر وابنه محمد حسن الجابر وأحمد بن يوسف الجابر ومبارك بن نصر وبعد قيامه بواجب التدريس بالمسجد الحرام عينه الملك عبد العزيز زيادة على ذلك رئيساً لثلاث هيئات: هيئة تمييز القضايا وهيئة الأمر بالمعروف وهيئة الوعظ والإرشاد. وقام بهذه الأعمال إلى جانب قيامه بالتدريس في المسجد الحرام بعد صلاة الفجر وبعد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تولى في خلال هذه الأربع والعشرين السنة التي قضاها في قطر القضاء والفتيا وتزوج في قطر وأنجب أبناءه الثلاثة الشيخ عبد العزيز -رحمه الله- وأحمد وعبد الرحمن وأنشأ في قطر أول مدرسة علمية سنة 1336هـ تقريباً واستمرت نحو سبعة عشر عاماً.


ص -270-

صلاة المغرب وفي عام 1364هـ عينه الملك مديراً للمعارف (1) وفي سنة 1366هـ أسند إليه رئاسة دار التوحيد إلى أن شكلت وزارة المعارف سنة 1373هـ وعين لها الملك عبد العزيز وزيراً ابنه صاحب السمو الملكي الأمير فهد (2) فحينئذ نقل الشيخ محمد بن مانع مستشاراً برتبة وكيل وزارة إلى عام 1377هـ حيث طلبه حاكم قطر في السنة المذكورة ولازم الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن قاسم بن ثاني إلى أن توفي سابع عشر شهر رجب عام 1385هـ بمدينة بيروت على أثر عملية جراحية أجريت له ونقل جثمانه إلى قطر ودفن بها وخلف ثلاثة أبناء عبد العزيز وأحمد وعبد الرحمن. وخلف مكتبة كبيرة حافلة بنوادر الكتب وخلف مؤلفات منها: إقامة الدليل والبرهان بتحريم الإجارة على قراءة القرآن، وتحديث النظر في أخبار الإمام المهدي المنتظر، وإرشاد الطلاب إلى فضيلة العلم والعمل والآداب (ط) والأجوبة الحميدة رسالة تتعلق بالتوحيد (ط) وحاشية على دليل الطالب (ط) وسبل الهدى شرح قطر الندى (خ).
وله الكواكب الدرية شرح الدرة المضيئة (3) طبع مرتين والقول السديد فيما يجب الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تعاقب على إدارة المعارف قبل ابن مانع هؤلاء الأشخاص الآتية أسماؤهم: صالح شطا، محمد كامل قصاب الشيخ ماجد كردي الشيخ حافظ وهبة، محمد أمين فودة، إبراهيم الشورى، طاهر الدباغ: المترجم له أعلاه محمد بن عبد العزيز بن مانع.
(2) وتعاقب على وزارة المعارف بعد صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز الشيخ عبد العزيز بن الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ من غرة رجب عام 1380هـ حتى نهاية شهر شوال عام 1381هـ ثم تولاها معالي الشيخ حسن بن الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ ولا يزال أسبغ الله على معاليه ثوب الصحة والعافية وأطال عمر إمام المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود. إنه سميع مجيب.
(3) الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية منظومة في العقيدة للشيخ محمد بن الحاج أحمد بن سالم السفاريني شرحها ناظمها بشرح سماه لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية يقع في جزأين من القطع المتوسط تبلغ صفحات الأول 453 والثاني 470 طبع على نفقة الشيخ علي بن عبد الله بن ثاني سنة 1380.


ص -271-

على العبيد (ط) نبذتان تتعلقان بمدينة عنيزة إحداهما عن أمرائها والأخرى(1) عن قضاتها طبعتا في آخر كتاب المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب لعبد الرحمن بن حمد المغيري وسمعت أن لدى ابنه أحمد دفتراً فيه قيود تاريخية لوالده والله أعلم -رحم الله الشيخ بن مانع وغفر له فقد كان حافظاً لكثير من فنون العلم وأقوال الفقهاء وقسط كبير من منظومة ابن عبد القوي في الفقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عنوان النبذتين (الأعلام فيمن ولي عنيزة من الأمراء والقضاة الأعلام).


ص -272-

الشيخ حمود الشغدلي
هو العالم الفاضل الشيخ حمود الحسين الشغدلي ولد بمدينة حائل عام 1295هـ ألف ومائتين وخمسة وتسعين من الهجرة ونشأ بها وقرأ القرآن نظراً على مقرئ يدعى مبارك بن عواد ثم حفظه عن ظهر قلب وشرع في قراءة العلم على أشياخ بلده من علماء حائل فأخذ الفقه والفرائض عن الشيخ صالح السالم البنيان وأخذ عن الشيخ عثمان بن عبد الكريم العبيد ورحل إلى مدينة الرياض عام 1326هـ فقرأ التوحيد وعلم العقائد والحديث على الشيخ العلامة عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف وقرأ علم النحو على الشيخ حمد بن فارس وجد واجتهد في تحصيل العلم حتى عد من أكابر علماء بلده وكان ناسكاً متعبداً محباً لطلبة العلم آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم جلس لطلاب العلم بمدينة حائل فأخذ عنه العلم جماعة من العلماء منهم الشيخ علي الصالح السالم البنيان والشيخ عبد الكريم الصالح السالم البنيان والشيخ عبد العزيز العريفي والشيخ محمد الخلف العبد والشيخ إبراهيم الحماد والشيخ عبد الله الشلاش والشيخ عبد الرحمن العبد الله الملق والشيخ محمد المشاري وغيرهم، قال عنه الشيخ علي بن محمد الهندي في كتابه "زهر الخمائل" أن غالب من يحسنون العربية والفرائض في تلك البلاد (أي حائل) هم من تلامذته كان المترجم له الشيخ حمود ينوب في قضاء منطقة الجبل عن الشيخ عبد الله السليمان البُليهد إلا سافر أو مرض ثم عين قاضياً لمنطقة الجبل عام 1362 هـ إلى عام 1378هـ حيث طلب الإعفاء من القضاء لتقدم سنه فأجيب إلى طلبه وأعفي من القضاء وبقي بمدينة حائل عاصمة جبل طيء إلى أن توفي في أول هذه السنة 1391هـ ألف وثمانين وإحدى وتسعين من الهجرة بمدينة حائل وخلف أبناء -رحمه الله- وغفر له وعفا عنه إنه سميع مجيب.


ص -273-

صديق بن حسن
هو السيد العلامة محيي السنة وقامع البدعة النواب السيد صديق بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني البخاري القنوجي ثم الهوبالي.
مولده:
ولد ضحى يوم الأحد التاسع عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف من الهجرة النبوية ببلدة (بريلي) موطن جدة القريب من جهة أمه ثم جاءت به والدته (من بريلي) إلى (بلدة قنوج) موطن آبائه، ولما بلغ السادسة من عمره توفي والده كفلته أمه ورباه أخوه الكبير السيد أحمد حسن عريش فقرأ القرآن وتعلم على أخيه المذكور اللغة الفارسية ومبادئ اللغة العربية ومبادئ العلوم الدينية وقرأ على غيره من أشياخ وطنه ثم ارتحل إلى دلهي عاصمة الهند سنة 1269هـ وقرأ على الشيخ صدر الدين خان مفتي بلدة دلهي في المنطق والفلسفة والهيئة والعوم الرياضية وقرأ على الشيخ التي الصالح محمد يعقوب المهاجر بمكة المشرفة قرأ عليه في دلهي ثم رجع إلى وطنه قنوج ولكنه بعد ذلك بمدة يسيرة اضطر إلى السفر لابتغاء الرزق فوصل بلدة بهبال سنة 1276هـ ونزل ضيفاً على مدار المهام للرياسة جمال الدين خان، وكان يعرف أسرته فأكرمه غاية الإكرام وزوجه بابنته التي هي أم أولاد المترجم وعينه في ديوان الإمارة فقام بوظيفته خير قيام، وفي أثناء إقامته في بهبال أخذ الحديث عن المحدث الكبير القاضي حسين بن محسن السبيعي الأنصاري اليمني الحديدي تلميذ الشريف محمد بن ناصر الحازمي تلميذ الإمام الشوكاني وأخذ عن أخيه
ص -274-

القاضي زين العابدين الأنصاري اليماني وأجازاه إجازة عامة كذلك أجازه الشيخ المعمر المولوي عبد الحق البارسي تلميذ الشاه إسماعيل الدهلوي والمجاز من الإمام الشوكاني شفاهياً في اليمن وأجازه مشائخ آخرون ذكرهم في ثبته الذين ألفه باللغة الفارسية وسماه "سلسلة العسجد في مشائخ السند" ثم استأذن ملكة بهبال في الحج فأذنت فحج سنة 1285هـ في المراكب الشراعية وقاسى عناء شديداً ومرت السفينة على موانئ اليمن فاشترى من اليمن الكتب الخطية النفيسةمن مؤلفات علماء السلف وعلماء اليمن وخصوصاً مؤلفات الإمام الشوكاني والأمير الصنعاني، وبعد الحج وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم رجع إلى بهبال واشتغل بوظيفته الرسمية وكانت ملكة بهبال شاه جهان (بيكم) امرأة عاقلة فاضلة، وكانت أيما مات زوجها فكانت تريد الزواج من رجل شريف من أهل الديانة والعلم، فاختارت المترجم له السيد صديق حسن ورغبت في الزواج به فقبل ذلك وتزوجها سنة 1288هـ ومن ذلك الوقت أصبح حاكماً للإمارة نيابة عنها ولقب (بالنواب) ومعناه الأمير فقام بالأمر خير قيام وتحسنت حال البلاد الدينية والأخلاقية والاجتماعية حيث طهر الإدارة الحكومية من الخائنين وظف بدلهم الأكفاء العاملين وجمع إليه أهل العلم وعين لهم مرتبات كبيرة ورغبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي نشر العلوم والمعارف خصوصاً في العقيدة السلفية وعلم الحديث ودعوة الناس إلى العمل بالكتاب والسنة فحصلت في البلاد نهضة دينية وعلمية ثم وُشِيَ به إلى الحكومة الإنكليزية فضغطت على الملكة زوجته وأمرتها بأن تعزله عن النيابة في الحكم فقاومت هذا الضغط في أول الأمر وأخيراً رضخت لرغبة الإنكليز خوفاً على نفسها وإمارتها فعزلته عن النيابة في الحكم سنة 1302هـ ولكنها مع ذلك بقيت في عصمته وبقي هو في قصرها معززاً مكرماً مشتغلاً بالتأليف والمطالعة والمذاكرة طيلة حياته.


ص -275-

مؤلفاته على حرف الهجاء:
1- إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين باللغة الفارسية.
2- الاحتواء في مسألة الاستواء.
3- الإدراك في تخريج أحاديث رد الإشراك.
4- الإذعان لما كان ويكون بين يدي الساعة.
5- أربعون حديثاً في فضائل الحج والعمرة.
6- إفادة الشيوخ معرفة الناسخ والمنسوخ باللغة الفارسية.
7- الإكسير في أصول التفسير.
8- إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة مطبوع بالهند.
9- الانتقاد الرجيح في شرح الاعتقاد الصحيح -شرح فيه كتاب الإمام ولي الله الدهلوي شرحاً مفيداً على طريقة السلف وانتقد علي الدهلوي استعماله لاصطلاحات المتكلمين في بيان التنزيه مثل نفي الجوهر والعرض - طبع قديماً بمصر على هامش كتاب جلاء العينين.
10- بغية الرائد في شرح العقائد فارسي.
11- البلغة في أصول اللغة.
12- بلوغ السول في أقضية الرسول.
13- تميمة الصبي في ترجمة الأربعين من أحاديث النبي.
14- التاج المكلل من جواهر مآثر جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - طبع على نفقة علي بن ثاني.
15- ثمار التنكيت في شرح أحاديث التثبيت.
16- الجنة في الأسوة الحسنة بالسنة.
17- حجج الكرامة في آثار القيامة الفارسي.
18- الحرز المكنون في لفظ المعصوم المكنون(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فاتنا أن نذكر هذا المؤلف فوضعناه في الحاشية وهو كتاب حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة، قربه ووقف على طبعه زكريا علي يوسف صاحب مطبعة الإمام: وكان=


ص -276-

1- حصول المأمول من علم الأصول - كتاب مفيد في أصول الفقه لخصه من (إرشاد الفحول) للشوكاني مع زيادات مفيدة مطبوع في استانبول ومصر.
2- الحطة في ذكر الصحاح الستة. ذكر فيه كل ما يتعلق بالكتب الستة ومؤلفيها من المعلومات والفوائد مطبوع بالهند.
3- حل المسألة المشكلة.
4- خبيئة الأكوان في افتراق الأمم على المذاهب والأديان.
5- دليل الطالب إلى أشرف المطالب (فارسي).
6- الدين الخالص مجلدين -طبع قديماً في الهند وأخيراً بمصر على نفقة آل ثاني.
7- رحلة الصديق إلى البيت العتيق - ذكر فيه رحلته للحج سنة 1285هـ، وبين فيه المناسك على طريقة المحدثين (مطبوع بالهند).
8- الروضة الندية شرح الدراري المضية للشوكاني (مطبوع بمصر).
9- رياض الجنة في تراجم أهل السنة.
10- السحاب المركوم في بيان أنواع الفنون وأسماء العلوم.
11- سلسلة العسجد في ذكر مشائخ السند (فارسي).
12- السراج الوهاج شرح مختصر مسلم بن الحجاج وهو شرح مختصر صحيح مسلم للمنذري.
13- شمع أنجمن في ذكر شعراء الزمن (فارسي).
14- الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم المنثور منها والمنظوم.
15- ضآلة الناشد الكئيب في شرح النظم المسمى بتأنيس القريب.
16- ظفر اللاظي بما يجب في القضاء على القاضي - كتاب مفيد في بيان أصول القضاء مطبوع بالهند.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=أصل الكتاب يشتمل على جميع الآيات والأحاديث التي تتعلق بالنساء في جميع أحوالهن منذ بدء الخليقة إلى ما بعد البعثة المحمدية يقر به زكريا علي يوسف وجعله خاصاً بما يتعلق بالنساء بعد البعثة المحمدية.
ص -277-

1- العلم الخفاق في علم الاشتقاق - كتاب مفيد في هذا الفن مطبوع بالهند.
2- العبرة بما جاء في الغزو والشهادة والهجرة.
3- عنوان الباري بحل أدلة البخاري - أربعة مجلدات.
4- عون الباري شرح تجريد البخاري (للزبيدي مطبوع نادر).
5- غصن بان المورق لمحسنان البيان.
6- غنية القاري، في ترجمة ثلاثيات البخاري.
7- فتح البيان في مقاصد القرآن - في ثمانية مجلدات طبع بمصر وبهامشه تفسير ابن كثير لخص فيه تفسير الشوكاني وزاد فوائد جمة.
8- فتح المغيث في فقه الحديث.
9- فتح العلام شرح بلوغ المرام مجلدان - وهو مختصر سبل السلام ببعض زيادات مفيدة - مطبوع بمصر.
10- الفرع النامي في الأصل السامي (فارسي).
11- قصد السبيل إلى ذم الكلام والتأويل.
12- قضاء الإرب في مسألة النسب.
13- فتح الثمر في عقائد أهل الأثر.
14- كشف الالتباس عما وسوس به الخناس في الرد على الشيعة باللسان الهندي.
15- لف القماط على تصحيح ما استعمله العامة من الأغلاط.
16- لقطة العجلان مما نمى إلى معرفة حاجة الإنسان.
17- مثير ساكن الغرام إلى روضات دار السلام.
18- مراتع الغزلان في تذكرة أدباء الزمان - طبع في الهند وفي استنابول بمطبعة الجوائب.
19- مسك الختام شرح بلوغ المرام -فارسي.
20- منهج الوصول إلى اصطلاح أحاديث الرسول - فارسي.
ص -278-

1- نشورة السكران من صهباء تذكار الغزلان.
2- نيل المرام في تفسير آيات الأحكام.
3- هداية السائل إلى أدلة المسائل.
4- يقظة أولي الاعتبار بما ورد في ذكر النار وأصحاب النار.
وله غير هذه المؤلفات.
وكان المترجم له السيد صديق حسن خان آية من آيات الله في العلم والعمل والأخلاق الفاضلة والتمسك بالكتاب والسنة صرف ما آتاه الله من المال والجاه في خدمة الإسلام والدين وفي نشر علم الحديث والدعوة إلى العقيدة السلفية والعمل بالكتاب والسنة وإعانة العلماء والأدباء وجمع مكتبة نفيسة مملوءة بالكتب القيمة النادرة في سائر العلوم وخصوصاً كتب التفسير والحديث ومؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم والإمام الشوكاني وغيره من علماء اليمن وطبع كتباً نفيسة مثل فتح الباري شرح صحيح البخاري وتفسير ابن كثير ونيل الأوطار طبعها على نفقته في مطابع الهند ومصر واستانبول ووزعها مجاناً على العلماء وطلبة العلم، ورتب إعانات مالية للعلماء، ورغبهم في ترجمة كتب الحديث إلى اللغة الهندية (اردو) فترجموها له وطبعها على نفقته ووزعها وكان مكباً على تأليف العلم ليلاً ونهاراً فبلغت مؤلفاته -رحمه الله- أكثر من مائتي كتاب في اللغة العربية والفارسية والهندية (اردو) كان يطبعها ويوزعها مجاناً ولم يزل موقفاً حياته ومكرساً جهده في نشر العلم وتأليف الكتب إلى أن توفي في شهر رجب في بهبال سنة 1307هـ ألف وثلاثمائة وسبع وخلف ابنين هما السيد نور الحسن خان والسيد علي حسن خان -رحمه الله السيد صديق بن حسن خان وعفا عنه وغفر له- إنه سميع مجيب، وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -279-

الشيخ بشير السهسواني
هو العلامة النحرير، الشيخ محمد بشير، المحدث الفاروقي ابن الحكيم محمد بدر الدين، كان تذكار السلف الصالحين في الفضائل والكمالات وأعظم مفخرة في العلم والحكمة، كان من المجددين للدين، وأحد المحققين المتأخرين، الذي بلغ درجة الاجتهاد المطلق في عصره. ولد في وسط القرن الثالث عشر الهجري، وتوفي أبوه وهو ابن تسع سنين، وكان له أخوان أكبر منه وثالث أصغر.
قضى زمن طفولته في لكنهؤ، وبدأ فيها تعلمه القراءة على الشيخ محمد واجد علي، وعلى بعض أفاضل (فرنجي محل) قرأ فنون المعقولات والمنقولات المتداولة، وبعد ذلك ذهب إلى دلهي لتكميل علوم التفسير والحديث والفقه والأصول فقرأ على السيد أمير حسن بعض الكتب الدينية، وأخذ عن مولانا سيد نذير حسين كتب الصحاح والسنن الستة وغيرها سماعاً وقراءة، واستجاز من الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليمني والشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي) نزيل مكة، والشيخ محمد السهارنبوري المهاجر بمكة.
وبعد فراغه من الطلب اشتغل أولاً بتدريس العلوم العقلية من المنطق والفلسفة ثم حصل لها انهماك كثير في الفقه والأصول والأدب، وكان يفتي في الفقه موافقاً لمذهب الحنفية، ثم صاحب السيد أمير حسن فغلب عليه ذوق التحقيق في الدينيات، وتقدم في تحقيق اتباع القرآن والحديث، ومن ذلك الحين رجع


ص -280-

في تحقيق جميع المسائل الجزئية والفرعية إلى الكتاب والسنة، وشرع في العمل بالحديث على طريقة المجتهدين، وصار يفتي بوجوب ترك الآراء والتقليد الشخصي، وكل مسالة وقع فيها اختلاف بين الأئمة الأربعة كان يرجح فيها مسلك المحدثين بأقوال السلف وآثار الصحابة، وكان يستدل لكل مطلب بالحجج القوية، ويستنبط شواهده من الكتاب والسنة.
وكان -رحمه الله- وحيد عصره في سعة المعلومات والاطلاع على مذاهب السلف، يصرف أكثر أوقاته في التدريس والتصنيف والوعظ والإرشاد، ثم صار مدرساً للغة الفارسية والعربية في كلية (سانت جونس) في أكره(1) وزيادة على هذا كان يدرس للطلبة الذين يجيئون إلى داره فنون المعقول والمنقول، فقرأ عليه الحكيم مبارك علي والحكيم معصوم علي (كتاب الأفق المبين) واشترك في هذا الدرس السيد أمير أحمد.
وقد خرج حاجاً من (أكره) ولما رجع من الحج (أي بلا زيارة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاعترضوا عليه) صنف كتاب (القول المحقق المحكم، في حكم زيارة قبر الحبيب الأكرم) فرد عليه الشيخ عبد الغني اللكنوي (المذهب المأثور) فكتب الشيخ جوابه وجمع فيه جميع الاعتراضات على هذه المسألة من قديم وحديث وأجاب عنها كلها والمعارضون له وإن كانوا قد كتبوا في جوابه لم يلتفت أهل التحقيق إلى جوابهم ومع ذلك فقد كتب الشيخ جواباً على ذلك لكنه لم يطبع. وكان ابتداء هذا البحث من السيد إمداد علي الذي كان من أكابر تلاميذ الشيخ بشير الدين القنوجي، لكن الشيخ إمداد علي لما أحس بضعفه عن مقابلة الشيخ بشير دعا الشيخ عبد الحي لهذا الميدان وفوض إليه الأمر وأعطاه جميع ما كتب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) آغره: المدينة الشهيرة تكتب بكاف فارسية معقوفة وينطق بها مفخمة كالجيم المصرية.


ص -281-

وإمداد على هذا كان نائب مدير المقاطعة، وكان الشيخ بشير المترجم مع ذلك كلما ذهب إلى لكهنؤ نزل ضيفاً على الشيخ عبد الحي فيستقبله بالاحترام والبشاشة ويمسكه في ضيافته أياماً كثيرة أزيد مما يريد الشيخ، ويجلس في درس وعظه مستمعاً مع الأدب والتوقير للشيخ. وفي أيام مقامه (بأكره) حصل للشيخ أمير أحمد السهواني مع الشيخ بشير اختلاف في بعض المسائل الفرعية وكان الشيخ أمير أمد يدافع فيها بلين والشيخ يخالفه بالشدة، ثم انتهى الأمر إلى الاعتراف بالحق والمصالحة بينهما.
كان الشيخ بشير على جانب عظيم من الورع والتقوى والعبادة وقيام الليل، وكان يغلب عليه في وعظه رقة القلب والخشية حتى تدمع عيناه. وفي 5 المحرم سنة 1295هـ استدعاء النواب صديق حسن خان بهادر من (أكره) إلى (بهوبال) وفوض إليه رياسة المدارس الدينية في إمرة بهوبال، فكان يتبرع بتدريس التفسير والحديث،وكان يجيب على المسائل ويكتب الفتاوى بطريق الاجتهاد، وفي كل جمعة يجلس لدرس الوعظ في جامع القاضي ويصرح برأيه ولو خالف الحكومة بلا مبالاة، ويقيم حجته على المخالفين تقريراً وتحريراً مع التواضع وحسن الخلق.
وكاد يخالط أحبابه بلا تكلف ولا احتشام وكان ديدنه إكرام الضيوف وإمداد الغرباء بلا رياء ولا عجب ولا سمعة، وكان نصب عينية اتباع آداب الكتاب والسنة حتى كان يثقل على طبه ترك المستحبان، وقد أقر له أهل الهند كافة بقوة الاجتهاد والفضيلة العلمية واعترفوا له بها.
تناظر أحمد دحلان مفتي مكة في زمانه (1) والشيخ بشير في مسألة التوحيد، فكتب الشيخ رداً عليه كتابه المسمى (2) "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعل المناظرة كانت لما حج واجتمع بدحلان بمكة فناظره شفوياً ثم لما رجع رد عليه بكتابه "صيانة الإنسان".
(2) كتبه رداً على رسالة دحلان المسماة الدرر السنية في الرد على الوهابية كما صرح بذلك المترجم في أول كتابه صيانة الإنسان.


ص -282-

دحلان" واشتهر الكتاب وطبعه علماء نجد ولم يرد عليه أحد من المخالفين.
ولما حصل النزاع بين النواب صديق حسن خان والشيخ عبد الحي اللكنوي وكتبت كتب من الطرفين وقع في نفس الشيخ عبد الحي أن بعض رسائل الرد من تصنيف الشيخ وصرح بذلك في كتابه (إبراز النفي) فسعى الشيخ لدفع هذا الوهم عن فكر الشيخ عبد الحي وتصالحا بعد هذا.
ولما توفي النواب -رحمه الله- في جمادى الأولى سنة 1307هـ أراد الشيخ مفارقة بهوبال ولكن بيكم (1) بهوبال تعلقت به وعطفت عليه واستبقته، فكان يذهب في كل يوم اثنين من الأسبوع إلى تاج محل (قصر الأميرة بكم) فيجلس للوعظ ويجتمع عليه النساء المتصلات ببيكم لسماع وعظه وطلب الدعوات الصالحة منه، وكان يتكلم في وعظه هذا بالترغيب والترهيب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا مداهنة ولا مبالاة، حتى توفيت بيكم -رحمها الله- في سنة 1319هـ ولما جلست بعدها على عرش ولايتها بنتها سلطان جهان بيكم وأخذت في نشر العلوم العصرية والفنون الأوروبية وتقليل شأن العلوم الدينية والقائمين بها ارتحل الشيخ عن بهوبان إلى دلهي بعدما أقام فيها خمسة وعشرين سنة.
وكان الشيخ قد دعي لمناظرة مرزا غلام أحمد القادياني في دلهي فجاءها بأمر حكومة بهوبال فأقبل عليه أهل العلم والدين والتجار وغيرهم ممن لهم تعلق بالشيخ نذير حسين كبير علمائها ورغبوا إليه أن يقيم بدلهي بسبب ضعف الشيخ نذير حسين وكبر سنه للقيام مقامه ولكن لما كانت حكومة بهوبال لا تزال تعظم الشيخ وتسند إليه رياسة الأمور الدينية لم يستطع إجابتهم إلى رغبتهم حينئذ، فلما تغيرت الأحوال في بهوبال استأنفوا الطلب فأجابهم إلى ذلك. وتحول إليهم ثم جلس في مقام شيخه يدرس ويفتي ويعظ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هي زوجة النواب صديق حسن خان أميرة بهوبال الشهيرة، وكاف بيكم مفخمة كالجيم المصرية وبعض كتاب العربية يكتبونها بيغم بالغين كأمثالها.


ص -283-

كان مرزاً غلام أحمد ادعى أنه المهدي المنتظر ثم ترقى عن دعوته المهدوية لنفسه إلى دعوى المسيحية وتحول عن اشتغاله بمناظرة المسحيين (وارياسماج) من الهندوس إلى مناظرة علماء المسلمين، وكان لا يناظر إلا بالقرآن معرضاً عن الأحاديث وأقوال الصحابة واشتهر أمره حتى صرح بطلب المبارزة، حينئذ أمرت بيكم بهوبال الشيخ محمد بشير أن يتوجه إلى دلهي لمناظرة المرزا، ولما لم يرض مرزا بالمناظرة الشفوية تناظرا كتابة وهما في دلهي وكل منهما في محله.
كان مرزا يصرح بموت المسيح مستدلاً بقوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} فعارضه الشيخ مثبتاً حياة المسيح بقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} ثم أخذ مرزاً على عادته يجادل بالتأويلات وينتقد القواعد النحوية والصرفية ليستدل على أن الآية لا تثبت حياة المسيح. فرد عليه الشيخ بأجوبة لم يستطع ردها، فانقطع عن المناظرة معتذراً بأن أحد أقاربه بقاديان مريض وأنه سيسافر لعيادته، وجميع المكاتبات التي دارت في هذه المناظرة حتى انقطع المرزا مدونة في كتاب (الحق الصريح، في إثبات حياة المسيح) وهو مطبوع وكانت تلك المناظرة في سنة 1312هـ.
وفي مدة إقامته في دلهي كتب رسالة سماها (القول المحمود في رد السود)(1) وكان أصل تلك المسألة من الشيخ نذير أحمد الدهلوي.
ومن مفردات الشيخ أنه كان يجيز الأضحية إلى آخر ذي الحجة، وخالفه أهل العلم في ذلك فجمع كتاباً استدل فيه على رأيه بأقوال أهل العلم فجاء كتاباً ضخما ولكنه لم يطبع - وصنف كتاباً مبسوطاً في مسألة القراءة خلف الإمام سماه (البرهان العجاب، في مسألة فرضية أم الكتاب) طبع بعد وفاته وله غير ذلك رسائل دينية منسوبة إلى بعض تلاميذه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي الربا والسود لغة أوردية.


ص -284-

وكانت عادة الشيخ مدة مقامه في دلهي أن يعقد مجالس للتدريس في جميع العلوم ومن ذلك ساعتان بعد صلاة الصبح لتفسير القرآن بالحديث(1) وكان الناس يحضرون من أماكن بعيدة لاستماع هذا الدرس بشوق عظيم.
توفي -رحمه الله- في دلهي سنة 1326هـ وكان عمره حينئذ أربعاً وسبعين سنة (إنا لله وإنا إليه راجعون) طيب الله ثراه، وجعل الجنة مثواه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعل الأصل بالمأثور لأن الأحاديث المرفوعة في التفسير قليلة وكذا الموقوفة.


ص -285-

محمود شكري الألوسي
هو العالم العلامة المؤلف اللغوي، الأديب المصلح أبو المعالي السيد محمود شكري ابن السيد عبد الله بن السيد محمود شهاب الدين(1) الألوسي. ولد سنة ألف ومائتين واثنتين وسبعين من الهجرة في أسرة عريقة في المجد والنسب ومعروفة بالعلم والدين وتلقي العلم عن أبيه وعمه أبي البركات نعمان خير(2) الدين الألوسي والشيخ إسماعيل بن مصطفى الموصلي والسيد محمد أمين الخراساني والفارسي وغيرهم. وتقدم في العلوم العقلية والنقلية ودرس وألف فذاع صيته وقصده الناس من بلدان متعددة فكان زعيماً من زعماء النهضة الدينية ورائداً من رواد العلم والأدب وداعياً من دعاة الإصلاح. حارب البدع والخرافات ودعا إلى نهج السلف الصالح، وهاجم التصوف وطرقه وكان مثالاً للعالم الجرئ أمام الدولة العثمانية وفترة الاحتلال الإنكليزية للعراق.
ألف مؤلفات كثيرة في الدين واللغة والتاريخ والأدب والعلم منها:
بلوغ الإرب في أحوال العرب (ط) -أخبار بغداد وما جاورها من البلدان- الدلائل العقلية على ختم الرسالة المحمدية -غاية الأماني في الرد(3) على النبهاني (ط) - الآية الكبرى على ضلال النبهاني في رائيته الصغرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمود شهاب الدين: هو صاحب التفسير المسمى روح المعاني.
(2) صاحب كتاب جلاء العينين في محاكمة الأحمدين.
(3) لم يذكر اسمه الواضح في غاية الأماني بل استعار له اسماً غير اسمه هو: أبو المعالي السلامي الشافعي فرقاً من الدولة العثمانية آنذاك.


ص -286-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 16:35

فتح المنان في الرد على صلح الأخوان(1) (ط) -سعادة الدارين في شرح حديث الثقلين - رد على الشيعة - فصل الخطاب في مسائل الجاهلية للإمام محمد بن عبد الوهاب (ط) - الضرائر فيما يسوغ الشاعر دون الناثر - بدائع الإنشاء - الأجوبة المرضية على الأسئلة المنطقية - ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان (ط) - السيوف المشرقة مختصر الصواعقة المحرقة - صيب العذاب على من سب الأصحاب - رد به على محمد الطباطبائي الشيعي - مختصر التحفة الاثني عشرية الأصل للشاه عبد العزيز حكيم الدهلوي باللغة الفارسية إلى العربية سنة 1337هـ الشيخ الحافظ غلام محمد بن محي الدين عمر الأسلمي واختصره وهذبه سنة 1301هـ السيد محمود الألوسي المترجم. طبع بالمطبعة السلفية.
حاشية على كتاب بلوغ الإرب من تحقيق استعارات العرب(2) توجد مخطوطة بدار الكتب الوطنية بمدينة الرياض.
كان السيد محمود شكري الألوسي -رحمه الله- يحسن اللغة الفارسية والتركية وله بعض الرسائل المترجمة إلى العربية من هاتين اللغتين.تتلمذ عليه خلائق لا يحصون من أهل العراق وغيرهم وأخذ عنه العلم من أهل نجد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع، والشيخ علي بن سليمان آل يوسف القصيمي، صاحب كتاب "اربح البضاعة في معتقد أهل السنة والجماعة" توفي المترجم السيد محمود شكري في بغداد سنة ألف و ثلاثمائة واثنتين وأربعين من الهجرة: وأوسع ما كتب عنه كتاب (محمود شكري الألوسي وآراؤه اللغوية) لتلميذه الأستاذ محمد بهجت الأثري -رحمه الله محمود شكري وغفر له- وصلى الله على محمد وآله وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فتح المنان رد به على صلح الأخوان، لداود بن سليمان بن جرجيس البغدادي وكان الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن رد على داود ومات قبل إكمال رده، فأكمل رده الشيخ عبد اللطيف السيد محمود شكري. وسمى التتمة فتح المنان.
(2) الأصل لعبد الملك بن عصام وجاء في آخر الحاشية ما نصه (تمت حاشية ابن عصام بقلم الحقير محمد بن حجاج رستم في سنة اثنتين وسبعين ومائتين بعد الألف).


ص -287-

السيد رشيد رضا
هو العلامة السلفي رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين منلا علي خليفة القلموني البغدادي الأصل الحسيني النسب.
مولده:
ولد يوم الأربعاء في السابع والعشرين من شهر جمادى الأولى عام ألف ومائتين واثنين وثمانين للهجرة، الموافق الثامن عشر من شهر تشرين الأول سنة ألف وثمانمائة وخمسة وستين ميلادية في قرية قلمون الواقعة على شاطئ البحر على بعد زهاء خمسة كيلومترات إلى الجنوب من طرابلس الشام، ولد بهذه القرية ونشأ بها وتعلم في مدرسة قلمون قواعد الحساب والخط والقراءة بما فيها قراءة القرآن الكريم. ثم دخل المدرسة الرشدية بطرابلس الشام وهي مدرسة ابتدائية تابعة للدولة العثمانية وكان التعليم فيها باللغة التركية فمكث بها سنة ثم تركها والتحق بالمدرسة الوطنية الإسلامية وهي مدرسة أنشأها الشيخ حسين الجسر الأزهري -رحمه الله- وكان التعليم في هذه المدرسة يجري باللغة العربية مضافاً إليها اللغتان التركية والفرنسية وفي هذه المدرسة توسع في دراسة العلوم العربية والشرعية ودرس المنطق والرياضة والفلسفة غير أن هذه المدرسة أغلقتها السلطات العثمانية، فانتقل إلى المدارس الدينية بطرابلس وبقي فيها حتى تحصل على الشهادة العالية ثم واصل تعليمه ودراسته الحرة على أستاذه


ص -288-

الشيخ حسن الجسر(1) الذي أجازه في التدريس وكان له أثر عظيم في تنشئته وتوجيهه الوجهة العلمية النافعة كما أخذ علم الحديث والفقه الشافعي عن الشيخ محمود نشابة إلى جانب استفادته أدبياً ودينياً من الشيخ عبد الغني الرافعي والشيخ محمد القاوقجي الكبير، وكان له أثناء الطلب مطالعة في كتاب الأغاني للأصفهاني وكتاب نهج البلاغة، وكتاب الأحياء لأبي حامد الغزالي وقد أثر فيه حيث جعله يميل إلى الزهد والتقشف، وكان له من ذكائه الفطري ونور البصيرة ما جعله يعرف الضار من كتاب الأحياء فيدع الأخذ به كعقيدة الجبرية والأشعرية والشطحات الصوفية وبعض التأويلات المبتدعة ومع ذلك بقي عنده شيء من الميول إلى العزلة والتقشف ولذا انتدب إماماً بمجد القرية الذي بناه جده فصار يؤم الناس فيه ويعظهم ثم بدا له ما غير وجهته حيث عثر بمكتبة والده الزاخرة بالكتب على بعض أعداد مجلة العروة الوثقى فقرأها وأعجب بها وكاد يحفظها وكاتب مؤسسها الأفغاني مبديا رغبته في لقائه فعاجلت المنية الأفغاني قبل أن يراه السيد رشيد رضا، فالتقى بالسيد محمد عبده مرتين في طرابلس في زيارتين قصيرتين فأعجب به ورغب في الاتصال به، وعزم على الرحيل إليه بمصر سنة 1314هـ الموافق سنة 1896م وهي السنة التي توفي فيها الأفغاني وكان قد نال شهادة التدريس العالمية من شيوخه بطرابلس وكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو العالم الشيخ حسين الجسر بكسر الجيم بن محمد بن مصطفى الجسر أديب وفقيه ولد بطرابلس الشام سنة 1261هـ (1845 ميلادية) وتلقى مبادئ العلوم على صهره عبد القادر الرافعي ورحل إلى مصر والتحق بالأزهر وعاد إلى طرابلس سنة 1284 هـ 1867 ميلادية واشتغل بالفقه والصحافة وأنشأ جريدة طرابلس وأسس مدرسة وتوفر على التأليف له: (نزهة الفكر) في ترجمة أبيه وله رياض طرابلس عشرة أجزاء مجموعة دراسات والرسالة المحمدية في حقيقة الديانة الإسلامية وإشارات الطاعة في حكم صلاة الجماعة. والكواكب الدرية في الفنون الأدبية (خ) وله نظم شعر كثير وله سيرة مهذب الدين توفي عام 1327هـ الموافق 1909ميلادية وخلف ابناً فقيها هو محمد الجسر توفي عام 1353هـ رحمه الله ووالده وجميع المسلمين وقد ترجم للشيخ حسين الجسر ترجمة مطولة الشيخ محمد رشيد رضا في مجلة المنار 1327هـ - رحم الله الجميع وغفر لهم.
ص -289-

والده يأبى عليه السفر، فلم يزل به حتى أراه وسمح له فسافر إلى مصر بطريق البحر من بيروت فوصل الإسكندرية مساء الجمعة الثالث من كانون الثاني سنة 1898م 1315هـ ووصل القاهرة يوم السبت في الثامن عشر من شهر كانون الثاني سنة 1898م الموافق 1315هـ وفي ضحوه اليوم التالي ذهب إلى دار الشيخ محمد عبده في الناصرية لزيارته فقابله وصارحه القول في الغرض من هجرته إلى مصر وأخذ يتردد على داره ويقابله الشيخ محمد عبده كل مرة مقابلة ود وإجلال فتوثقت أواصل الأخوة والصداقة بينهما فاستشاره في اختيار اسم المجلة التي يزمع إصدارها وقدم له عدة أسماء فوقع الشيخ محمد عبده على اسم "المنار".
سنة إنشاء مجلة المنار:
فأنشأ مجلة المنار في مدينة القاهرة سنة 1315هـ الموافق 1898م وصدر العدد الأول منها في الثاني والعشرين من شهر شوال عام 1315هـ وكانت أول سنتها غرة ذي القعدة ثم صارت في أول محرم وأصبحت السنة الهجرية هي سنة مجلة المنار الحسابية منذ السنة الخامسة 1320هـ فأخذ السيد رشيد رضا يقاوم على صفحات مجلة المنار البدع والخرافات التي أضرت بالمسلمين وألصقت بالدين، ويحارب العقائد الزائفة ويحث فيها على ضرورة التعليم وحسن التربية والتوجيه ويحث على كثرة إنشاء المدارس لأنها السبيل الوحيد لإزاحة الجهل وإصلاح أعمال الدنيا والدين. وكان ينشر في مجلة المنار لكثير من العلماء والمصلحين وينشر ما كان يقتبسه من دروس شيخه الشيخ محمد عبده ومجالسه بعبارة صحيحة فصيحة يعتز شيخه بعزوها إليه حتى استطاع أن ينشر فضل شيخه ويوجد له تلاميذاً ما كانوا يعرفون شيئاً عن الشيخ محمد عبده إلا من مجلة المنار ومطبوعاتها. وكان مسموع الكلية عند الشيخ محمد عبده، فكثيراً ما يشير عليه بأن يفيد في تحقيق رسالة الإصلاح فيأخذ بمشورته فهو الذي حمله بالإلحاح على قراءة التفسير الذي كان يكتبه بمجلة المنار في الجامع الأزهر


ص -290-

وأتاه بكتاب أسرار البلاغة من طرابلس وحمله على تصحيحه وتدريسه في الأزهر فجدد البلاغة العربية بعد أن جمدت وتلاشت في كتب المتأخرين المقتضبة والمقعدة، وكان الشيخ محمد عبده يعرف للسيد رشيد غزارة علمه وسعة باعه واطلاعه في العلوم، ويعرف له قدرته على الكفاح والنضال وشغفه بتأدية رسالة العلم والإصلاح فرشحه في مرض موته أن يكون خليفة له بهذه الأبيات التالية:
فيا رب إن قدرت رجعي قريبة
إلى عالم الأرواح وانفض خاتم
فبارك على الإسلام وارزقه مرشداً
(رشيدا) يضيء النهج والليل قائم
فتوفي الشيخ محمد عبده سنة 1323هـ الموافق 1905م فخلفه الشيخ رشيد رضا فصمد في ميدان الكفاح والقيام بأعباء الدعوة والإصلاح حتى آخر رمق من حياته -يرحمه الله-.
معهد الدعوة والإرشاد:
ورحل بعد وفاة شيخه الشيخ محمد عبده بأربع سنوات إلى الآستانة للسعي في إنشاء معهد إسلامي يخرج علماء مبرزين يرسلون إلى جميع الأقطار دعاة إلى الإسلام. وبعد مقابلات عديدة لأعضاء الحكومة العثمانية وأركان جمعية الاتحاد والترقي وشيخ الإسلام في الآستانة تكللت جهوده بالنجاح وصدرت الإرادة بالموافقة على اقتراحاته وصدر الأمر العالي بإنشاء جمعية العلم والإرشاد على أن يكون لها دائرة باسمها ويتربى ويتعلم في هذه المدرسة طائفة من الطلاب على نفقة المدرسة فهي تنفق عليهم لا يكلفون طعاماً ولا شراباً ولا لباساً.
تأسست دار الدعوة والإرشاد وفتحت أبوابها في الثاني عشر من ربيع الأول عام 1330هـ الموافق 1912م فعمل الشيخ محمد رشيد وكيلاً لجامعة الدعوة والإرشاد وناظراً للمدرسة فمضى على إنشاء دار الدعوة والإرشاد ثلاث سنوات إلا قليلاً ثم قامت الحرب العالمية الكبرى عام 1333هـ الموافق عام 1914 م وأوقفت المساعدات التي كانت تأتيها من الحكومة المصرية


ص -291-

فاضطرت أن تكتفي بمن فيها من الطلب ثم أغلقت أبوابها نهائياً عام 1916م واستمر -رحمه الله- في إصدار مجلة المنار وطبع الكتب التجارية بمطبعتها وتأليف الكتب النافعة، وقد بلغت مجلة المنار قبيل وفاته 34 مجلداً وكان -يرحمه الله- سلفياً باطناً وظاهراً لا تشوب سلفيته شائبة فلسفية أو أشعرية على طريقة علماء السلف الصالح كالإمام أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة مقتدياً بشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية نظر الله وجهه وبرد مضجعه وللسيد رشيد رضا اجتهاديات فرعية انفرد بها عن جمهرة العلماء من المفسرين والفقهاء منها أنه يرى أن الوصية المذكورة في قول الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ ... الْمُتَّقِينَ} يرى أن هذه الآية غير منسوخة بآية المواريث ولا بحديث: "لا وصية لوارث".
ويخالفهم في تفسير آية التيمم وهي قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ.. وَأَيْدِيكُمْ} فيرى أن المسافر يجوز له التيمم ولو كان الماء موجوداً بين يديه ولا عذر من استعماله ويجادل في مسألة (الوصية والتيمم) وينتصر لرأيه -رحمه الله- بحجج لا تقوى على معارضته حجج الجمهور وأدلتهم القوية التي لا ينهض لمخالفتها ما عداها من الأدلة الضعيفة.
مؤلفاته:
ألف مؤلفات كثيرة منها:
1- تفسير القرآن المشهور بتفسير المنار ثلاثة عشر مجلداً طبع وصل فيه إلى قوله تعالى: (ذلك ليعلم أني لم أخنه ... الخائنين)(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كان شيخنا علامة الشام الشيخ محمد بهجت البيطار الدمشقي بدأ في إكمال تفسير المنار من حيث وقف قلم السيد رشيد رضا وقد أطلعني فضيلته عام 1364هـ بمدينة الطائف على ملازم مخطوطة. من تفسيره لسورة يوسف ولا أدري بعد ذلك هل استمر فضيلته في مواصلة تفسير ما بدأ به من إكماله لتفسير المنار أم لا.


ص -292-

1- إنجيل برنابا.
2- المسلمون والقبط.
3- عقيدة الصلب والفداء.
4- تاريخ الأستاذ محمد عبده المصري ثلاث مجلدات (ط) سجل فيه زيادة على ذلك حياة مصر وتاريخها في ذلك العهد.
5- الوحي المحمدي (ط).
6- الإسلام وأصول التشريع العام (ط).
7- الخلافة (ط).
8- الوهابيون والحجاز (ط).
9- محاورات المصلح والمقلد (ط).
10- ذكرى المولد النبوي (ط).
11- شبهات النصارى وحجج الإسلام (ط).
12- نداء الجنس اللطيف يوم المولد النبوي (ط).
13- السنة والشيعة -كتيب صغير (ط).
14- منسك صغير في أحكام الحج وبيان أسراره (ط).
15- الربا والمعاملات في الإسلام كتب مقدمته وأتمه شيخنا أبو اليسار الشيخ محمد بهجت البيطار الدمشقي (ط).
16- فتاوى السيد رشيد ستة مجلدات، جمعها من أجزاء مجلة المنار. وحققها وقام بطبعها في مطبعة دار الكتاب عام 1390هـ صلاح الدين المنجد.
17- كتاب الحكمة الشرعية في محاكمة القادرية والرفاعية.
18- الوحدة الإسلامية.
19- يسر الإسلام وأصول التشريع العام.
20- مساواة الرجل بالمرأة.


ص -293-

1- رسالة أبي حامد الغزالي.
2- المقصورة الرشيدية (قصيدة).
وللسيد رشيد رضا غير هذه المؤلفات ساقها شكيب أرسلان في كتابه (محمد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة) وقال عنها بالحرف الواحد: (هذه مؤلفات هذا الرجل الذي لم يضع ساعة واحدة من حياته بلا عمل مفيد للإنسانية عموماً وللإسلام خصوصاً).
استمر السيد رشيد رضا في محاربة البدع والنضال عن عقيدة الإسلام إلى أن توفي فجأة عام 1354هـ ودفن في القاهرة وحزن عليه المسلمون ورثاه العلماء والأدباء في جميع الأقطار وخلف ابنين هما المعتصم وشفيع، ولما بلغ نعيه الحجاز رثاه الشيخ يوسف ياسين برثاء مطلعه: (دمعة تلميذ على أستاذه) نشر في جريدة أم القرى عدد 560 السنة الثانية عشر الموافق يوم الجمعة عاشر جمادى الثانية سنة 1354هـ ورثاه عبد الظاهر أبو السمح بهذه القصيدة(1) التالية:

أي خطب دها وأي مصاب
خبروني فقد نكرت صوابي

أحقيق قضى رشيد فأسمى
صامتاً لا يحير رد الجواب

أحقيق هوى منير الدياجي
من سماء العلا وحق اكتئابي

أحقيق غاض الخصم ودك الـ
ـطود في مصر يا له من مصاب

أي إمام الهدى أعرني لساناً
كان فيه الهدى وفصل الخطاب

وذكاءً يمده نور علم
ويراعا يجول في كل باب

وأعرني لآلئاً كنت تمليـ
ـها هدى من بليغ آي الكتاب

فلعلي أصوغ منها المرائي
باكيات ولا بكاء السحاب

ولعلي أفي ببعض حقوق
لفقيد الإسلام محيي الشباب



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نشرت لأبي السمح في جريدة أم القرى عدد 562 السنة الثانية عشر الموافق يوم الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة سنة 1354هـ.


ص -294-

من لنا اليوم بعد موتك يفتي
ويبين الصواب دون ارتياب

ويرد الضلال من غير عي
ويرد العدا على الأعتاب

من لتفسيرك المحكم من ذا
لمنار في الحق ليس يحابي

من يحل العويص من المشكلات
من يجلي مخدرات الكتاب

من يسد الفراغ بعد رشيد
من يبين السبيل للطلاب

كان ملء العيون علماً وفضلاً
حجة في العلوم والآداب

سلفياً محققاً مستقل الـ
فكر حر الضمير حلو الخطاب

المعيا مناظراً لا يجاري
وبليغاً من أبلغ الكتاب

وخطيبا ومصقعاً علوياً
باسق الأصل في ذرا الأنساب

محييا سنة للنبي بعلم
ومميتا لبدعة وكذاب

داعياً للإله في حين يدعو
علماء الضلال والأنصاب

حارب الشرك والفجور بعزم
دونه مرهف القنا والحراب

فتوالت عليه شتى خطوب
من أناس كثيرة كالذباب

وتعادت عليه مثل ذئاب
وهو كالبدر لم ينل باصطخاب

ومضى ناصحاً بغير التفات
لأذى ملحد وأهل كتاب

غير راج من الخلائق أجراً
لا ولا خائف ولا هياب

كم أهاب الرشيد بالشرق حتى
صادعاً بالحق المبين إذا ما

أشرقت شمسه بغير حجاب
شغلت غيره ذوات الخضاب

لا يبالي بمدحه الناس يوماً
وهو أهلي لها ولا بسباب

فاقرأ الوحي(1) إن أردت رشادا
ومناراً دليلة كالشهاب

كم تمنى لشرعة الحق نصرا
وعلواً على جميع الرقاب

كم أماط اللثام عنها وجلى
وسبانا بحسنها الخلاب



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إشارة إلى كتاب الوحي المحمدي تأليف العلامة الفقيد.


ص -295-

شعلة أطفأت وشمس توارت
وي كأن الحياة لمع سراب

ليت شعري أتائب حاسدوه
بعد هذا لربنا التواب

كل حي إلى الفناء سيمضي
ومسوق جميعنا للتراب

رب إن المصاب فيه عظيم
ضاق فينا ذرعاً أولو الألباب

رب أفرغ على القلوب اصطباراً
وامنحن الفقيد حسن الثواب



آخرها - رحم الله السيد رشيد رضا وعفا عنه وغفر له -. هذا ولا يفوتنا أن نذكر أن السيد رشيد رضا -رحمه الله قام برحلات عديدة إلى كثير من أقطار نحيل القارئ إلى ما كتب هو عنها في أعداد مجلة المنار حيث وضعنا لذلك ملحاً خاصاً خلف هذه الترجمة يحمل أرقام الصفحات والأجزاء مع الإشارة إلى ذكر السنوات .. وكذلك ذكرنا في هذا الملحق ما كتب عن السيد رشيد رضا -رحمه الله وغفر له- وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


ص -296-

ملخص خاص رحلات السيد رشيد رضا وذكر بعض من كتب عنه
1- (سياحته في سوريا "المنار ج11" سنة 1908 ميلادية ص706 - 716 وص 874 وص 936 - 953: وج 12 سنة 1909ملادية ص 150 - 159).
2- رحلته إلى القسطنطينية المنار ج12 سنة 1909 ميلادية ص 956 - 959: وج13 سنة 1910م ص145 - 150: وص 314 - 316: وص 748 - 752).
3- رحلته إلى الهند بعنوان لحلتنا الهندية العربية المنار ج16 سنة 1913م ص396 - 399.
4- رحلة الحجاز المنار ج19 سنة 1916م ص 307 - 310: وص 466 - 482: وص 563 - 574 وج20 سنة 1917م ص 108 126 وص 150 - 159 وص 192 - 199: وص 236 - 246: وص 276 - 288 وص 316 - 328: وص 352 363)(1).
5- رحلته السورية الثانية المنار ج21 سنة 1920م ص 377 - 382

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أيام فيصل بن الحسين وانتخب رئيساً للمؤتمر السوري فيها وغادرها في السنة نفسها وذلك على أثر دخول الفرنسيين: وحج عام 1344هـ الموافق 1926م وحضر المؤتمر الإسلامي الذي عقده جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود بمكة المكرمة -رحمه الله وغفر له. وكان السيد رشيد موضع الحفاوة والتبجيل والإكرام من إمام المسلمين في حياته الملك عبد العزيز آل سعود موضع الإكرام من إخوانه من علماء المملكة العربية السعودية.


ص -297-

وص 428 - 433 وص 498 - 504 وج22 سنة 1921م وص 155 - 160: وص 390 - 397: وص 617 - 623 وص 768 - 785 - وج 23 سنة 1922م ص 141 - 147 وص 235 - 240 وص 313 - 317 وص 390 - 396.
1- رحلته إلى أوربا المنار ج 23 سنة 1922م ص114 - 119: وص 306 - 313 وص 383 - 390 وص 441 - 448 وص 553 - 560 وص 635 - 640.
بعض من كتب عن السيد رشيد رضا
1- المغربي عبد القادر: كيف ارتاد الشيخ مصر (الرسالة ج3 سنة 1935م ص1452 - 1456).
2- أرسلان شكيب: السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة (ط) في دمشق بمطبعة ابن زيدون عام 1937م.
3- العقاد عباس محمود بعنوان: عالم فذ لا يعني بالمعارف العصرية نشر في المصور عدد 1276 حزيران سنة 1949م.
4- اليازجي إبراهيم: نحن والمنار نشر في مجلة الضياء ج5 سنة 1903م ص 5565.
5- مجلة الهلال: (مجلة المنار) نشر في مجلة الهلال ج6 عام 1898م ص 590 وج 7 عام 1899م ص 319: وج 10 عام 1902 ص 482 وج16 عام 1907م ص189.
6- مجلة المقتطف: الاحتفال بالمنار نشر في مجلة المقتطف ج33 عام 1908م ص 79 - 80.
7- الشيخ محمد بهجت البيطار: المصاب بوفاة السيد الإمام رشيد رضا منشيء المنار نشر في مجلة المجتمع العربي ج15 عام 1935م ص365 - 374 وص 4740480.
8- أمين عبد الله: السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار والأستاذ عباس


ص -298-

محمود العقاد في مجلة المقتطف ج115 سنة 1949م.
1- أبو رية محمود: السيد رشيد رضا بمناسبة الذكرى التاسعة لوفاته نشر في مجلة الرسالة ج18 عام 1950 ص 1079 - 1082.
2- عيسى عبد الجليل: (محمد رشيد رضا). نشر في الرسالة ام 1950م ص1079 - 1082 (؟).
3- مبارك زكي الدكاترة (الحديث ذو شجون) نشر في الرسالة ج11 عام 1943م ص604-605.
4- محيسن حامد: (محمد رشيد رضا) نشر في الرسالة ج18 عام 1950م ص1142 وص 1144.
وقد صدرت بعض الدراسات أو الترجمات عنه منها:
1- الصعيدي عبد المعتال: المجددون في الإسلام صدر في القاهرة مكتبة الآداب بدون تأريخ ص 539 - 544.
2- العدوي إبراهيم: رشيد رضا الإمام المجاهد - القاهرة الدار المصرية للتأليف والترجمة عام 1964.
3- أحمد الشرباصي: رشيد رضا صاحب المنار صدر عام 1391هـ 1971م.
وذكرته أيضاً معاجم الأعلام والمؤلفين نذكر منها:
1- سركيس يوسف إليان معجم المطبوعات العربية والمعربة القاهرة، عام 1928م عمود 935 - 936.
2- خير الدين الزركلي: الأعلام الطبعة الثانية، القاهرة عام 1954م ج6 ص 361 - 362.
3- كحالة عمر رضا: معجم المؤلفين دمشق عام 1957م ج9 ص 310 - 312 انتهى نقلاً عن المجلد الأولى من فتاوى الإمام محمد رشيد رضا جمع وتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد ويوسف خوري مع تصرف قليل بزيادة وحذف.


ص -299-

الشيخ أبو بكر خوقير
هو الشيخ التقي المحقق أبو بكر ابن الشيخ محمد عارف الإمام بالمسجد الحرام ابن العلامة الشيخ عبد القادر بن محمد علي خوقير الكتبي الحنبلي.
ولد -رحمه الله- سنة 1284هـ بمكة المكرمة وبعد أن قرأ القرآن اشتغل بطلب العلم من صغره وكان شغوفاً بكتب الحديث والعكوف على مطالعتها.
كان -رحمه الله- يسافر إلى الهند لجلب كتب السلف ونشرها بمكة وينتهز الفرصة فيتلقى العلم عن علماء الهند الأعلام. استمع إليه وهو يحدث تلميذه الشيخ عبد الستار الدهلوي فيقول -رحمه الله-: رويت عن مشائخ معروفين مشهورين بعلو الإسناد منهم الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني والقاضي أحمد بن إبراهيم بن عيسى(1) والشيخ محمد الأنصاري والشيخ محمد بن عبد العزيز الهاشمي الجعفري الهندي وأحمد دحلان والشيخ عبد الرحمن سراج مفتي مكة، وكنت أحضر درسه في التفسير وراء المقام الحنفي وكان له فيه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى من قبيلة بني زيد المعروفين بشقراء وغيرها من بلدان الوشم، جاور بمكة عدة سنوات ثم رجع إلى نجد وتولى قضاء المجمعة وتوفي بها سنة 1329 هـ وهو الذي اتصل بالشريف عون بن محمد بن عبد المعين بن عون وأقنعه بإزالة القباب المشادة على القبور فأمر الشريف بهدمها وفي هذا الكتاب ترجمة للشيخ أحمد بن عيسى المذكور.


ص -300-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saeeddz
مشرف عام
مشرف عام
saeeddz


عدد الرسائل : 304
ذكر نقاط : 505
تاريخ التسجيل : 16/10/2008

مشاهير علماء نجد وغيرهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاهير علماء نجد وغيرهم   مشاهير علماء نجد وغيرهم Emptyالسبت 3 أبريل 2010 - 16:43

سبب نزولها وفي ارتباطها بما قبلها بأنواع المناسبات ومعناها وما اشتملت عليه من أنواع البلاغة وفيما يؤخذ منها من الأحكام وبلغت فتاواه أربعة مجلدات واسمها (الضوء والسراج) وله مجمعة في الفقه.
رحل إلى القاهرة في آخر عمره وتوفي بها سنة 1314هـ ومنهم الشيخ ابن محسن الأنصاري الخزرجي السعدي لقيته في سياحتي بالهندي سنة 1313هـ وسمعت منه الأولية وقرأت عليه الكثير منا لأوائل السنبلية للعلامة محمد بن سعيد سنبل وأجازني بها كما يروي عن الشيخ محمد بن ناصر الحازمي اليماني الحسني عن شيخه محمد طاهر سنبل وكتب لي بخطه إجازة مطولة مخطوطة عندي وهي أجل غنم عندي.
عكف الشيخ أبو بكر خوقير على مؤلفات شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب فشغلت ذهنه مسألة التوحيد التي هي عماد الإسلام التي تبلورت في لا إله إلا الله والتي تميز الإسلام بها عما سواه فأدرك أن التوحيد أساس الاعتقاد بأن الله وحده هو خالق العالم المسيطر عليه والمشرع له وليس في الخلق من يشاركه في الخلق ولا في حكمه ولا من يعينه على تصريف أموره لأنه تعالى ليس في حاجة إلى عون أحد مهما كان من المقربين إليه الذي بيده الحكم وحده وهو الذي بيده النفع والضر وحده لا شريك له ليس في الوجود ذو سلطة حقيقية غير الله وليس في الوجود من يستحق العبادة والتعظيم غير الله.
شرح أبو بكر خوقير -رحمه الله- يدعو إلى توحيد الربوبية الذي أقر به الكفار وأنه تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت مدبر الأمور ومنزل الغيث، وشرع يبين توحيد الألوهية وبيان عبادة الله التي شرعها كالدعاء والذبح والنذر والاستغاثة وبيان أن هذا التوحيد الذي جحده الكفار وشرع في بيان توحيد الصفات وأنه الإيمان بكل ما ورد في القرآن والأحاديث بما وصف الله به نفسه من صفات على حقيقتها دون التعرض لها بشيء من التكييف


ص -301-

والتمثيل أو التشبيه والتأويل أو التحريف والتعطيل وكان -رحمه الله- شديد الإنكار والنقمة على الذين يشدون الرحال للأولياء ويقدمون النذور لهم ويتمسحون بالمقابر وتذللون لها ويطلبون منها جلب الخير لهم أو دفع الشر عنهم وكان -رحمه الله- يوصي بقراءة صحيح البخاري ويقول: إني قرأت البخاري وعرفت شرح الحديث بعضه ببعض كما استفدت من مسند إمامنا أحمد بن حنبل وروايته مع مراجعة الغريب وضبط اللفظ ويقول لطلابه أنه يكفي الطالب المبتدئ بلوغ المرام وعمدة الأحكام، وللطالب المنتهي المشكاة والمنتقى فإنهما جمعاً ما في الكتب الصحاح مع بيان الصحيح من السقيم.
بلغ ولاة الأمور قبل دخول الملك عبد العزيز -رحمه الله- مكة دعوة الشيخ أبي بكر ما نصه: لقدشاهدت الشيخ أبا بكر أثناء دخولي السجن في غرفته بملابس رثة وقد طال شعر رأسه ولحيته إذ لا يسمح لسجين باستعمال مقص أو موس فسلمت عليه فرد السلام وقال: (إن الله مع الصابرين) ولي أسوة بإمامنا أحمد بن حنبل وظل -رحمه الله- في السجن إلى أن أفرج عنه مع بقية المسجونين جلالة الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- وذلك بعد استيلاء جلالته على مكة سنة 1343هـ.
مؤلفاته:
ألف -رحمه الله- مؤلفات قليلة لأن ظروفه القاسية لم تسمح له بأكثر من هذه المؤلفات وهي:


ص -302-

1- كتاب فصل المقال وإرشاد الضال في توسل الجهال طبع بمطبعة المنار بمصر عام 1343هـ يقع في 72 صفحة.
2- مسامرة الضيف بمفاخرة الشتاء والصيف.
3- كتاب ما لابد منه في أمور الدين على طريقة السلف الصالح ومذهب الإمام أحمد بن حنبل في العقائد طبع في مطبعة التمدن في القاهرة بمصر سنة 1332هـ يقع في 118 صفحة.
4- مختصر في فقه الإمام أحمد بن حنبل طبع بالمطبيعة المنيرية بدمشق سنة 1349هـ يقع في 40 صفحة.
رحم الله الشيخ (أبو بكر خوقير) حيث جاهد في الله بقلمه ولسانه حق جهاده وأوذي في ذات الله فما ضعف وما استكان والله يحب الصابرين. وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -303-

السيد علوي مالكي
هو السيد علوي مالكي ابن السيد عباس بن عبد العزيز المالكي.
مولده:
ولد بمكة المكرمة سنة ألف وثلاثمائة وخمس وعشرين من الهجرة، ونشأ في أحضان والده نشأة علمية. حيث أدخله مدرسة تحفيظ القرآن عند عمه السيد حسن مالكي، فحفظ القرآن وجوده نظراً، وعن ظهر قلب، ثم التحق بمدرسة الفلاح بمكة، ولازم حلق علماء الحرم الشريف المسائية، يقرأ عليهم في العصر والمغرب والعشاء فأخذ عن عدة علماء منهم والده (1) السيد عباس مالكي. والسيد محمد مرزوق (أبو حسين) وأحمد ناضرين وغيرهم، ثم تخرج من القسم العالي بمدرسة الفلاح. وعين أستاذاً بها، وأجيز بالتدريس في المسجد الحرام. وذلك عام 1347هـ فكان يخرج ظهر كل يوم من مدرسة الفلاح لأداء صلاة الظهر في المسجد الحرام، ثم يعقد حلقة درس في الفقه المالكي، ويعود إلى منزله. وبعد صلاة العصر يجلس في منزله في (حي النقا) يدرس البلاغة ومصطلح الحديث. ثم ينزل إلى الحرم ويصلي فيه المغرب والعشاء، ويدرس بعد صلاة مغرب ليالي السبت والأحد والاثنين يدرس "صحيحي الإمامين البخاري ومسلم" وبعد عشاء ليالي الثلاثاء والأربعاء والخميس يدرس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ترجم لوالده عمر عبد الجبار في كتابه "سير وأعلام" ص163.


ص -304-

وبلوغ المرام" و"تفسير ابن كثير" وفي الحج يغير بعض دروسه، ويدرس مناسك الحج. وفي شهر رمضان يدرس العصر "إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات رمضان". وكان صوته وهو يشرح الأحاديث النبوية والمسائل العلمية ينطلق مدوياً في أرجاء الحرم وأروقته. يسمعه غالب من في المسجد الحرام.
استمر على ذلك طوال حياته وله محاضرات في الإذاعة العربية السعودية صباح كل جمعة وله حديث أسبوعي في إذاعة نداء الإسلام وفي ندوة رابطة العالم الإسلامي ومع ذلك وجد متسعاً للتأليف فألف هذه المؤلفات:
1- فيض الخير في أصول التفسير.
2- العقد المنظم في أقسام الوحي.
3- المنهل اللطيف في بيان أحكام الحديث الضعيف.
4- فتح القريب المجيب على تهذيب الترغيب.
5- المواعظ الدينية.
6- إبانة الأحكام شرح بلوغ المرام.
7- نيل المرام شرح عمدة الأحكام.
8- التعليق على رياض الصالحين.
9- نفحات الإسلام من محاضرات البلد الحرام.
10- من نفحات رمضان (وكل هذه المؤلفات مطبوعة).
11- ديوان شعر (مخطوط).
12- فتاوى مجلدان (مخطوطة).


ص -305-

وفاته:
توفي آخر عام 1390 بمكة المكرمة وقبر بمقابر المعلاة، وخلف ابنين هما محمد عباس. فأما محمد فجامعي متخرج من كلية الشريعة بمكة المكرمة وحاصل على (الماجستير) في صيف عام 1390هـ من الجامعة الأزهرية ويدرس الآن في كلية الشريعة بمكة المكرمة، وفي الحرم الشريف. وأما عباس فلا أعرف عنه شيئاً.
وصلى الله على محمد وآله وسلم.
آخر التراجم (1) -رحم الله أصحابها وغفر لهم وعفا عنهم-

مضوا وانقضت أيامهم حين أوردوا
ثناءً وذكراً طيبة قد تضوعا



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ويليها بيان يتضمن ذرية أبناء الشيخ محمد عبد الوهاب، وهم ذرية الشيخ حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: وذرية أخيه الشيخ علي ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: وذرية أخيهم الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحم الله الجميع وبارك في ذرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومن عليهم بما من على سلفهم من العلم النافع والعمل الصالح، إنه لسميع مجيب، وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -306-

تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم
هذا بيان نذكر فيه ذرية أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب الأربعة:
(الشيخ حسن) (والشيخ حسين) (والشيخ علي) (والشيخ عبد الله) أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وعدنا في أول هذا الكتاب بأنا سنذكر في آخره بيان ذرية أبناء الشيخ محمد ابن عبد الوهاب، فوفاء بذلك الوعد. نذكرهم في هذا الموضع من الكتاب على النحو الآتي، مراعين في ذلك الإيجاز والاختصار. وعدم زيادة التفصيل والإطناب.
ذرية الشيخ حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
أنجب الشيخ حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ابناً واحداً هو العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن وأنجب الشيخ عبد الرحمن بن حسن خمسة أبناء هم: محمد، والشيخ العلامة عبد اللطيف، والشيخ إسحاق، وعبد الله، وإسماعيل.
فأما محمد ابن الشيخ عبد الرحمن فقتل في حرب الدرعية سنة 1233هـ. وليس له ذرية.
وأما الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن. فأنجب ثمانية أبناء. هم: أحمد، والشيخ عبد الله، وعبد العزيز، والشيخ إبراهيم.
ص -307-

والشيخ محمد، والشيخ عمر، والشيخ عبد الرحمن، وصالح.
فأما أحمد (1) ابن الشيخ عبد اللطيف، فإنه ولد بمصر، وبقي بها حتى توفي ولا يعرف له ذرية بمصر، وأما الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف، فإنه أنجب أربعة أبناء. هم: عبد الملك وقتل غازياً مع الملك عبد العزيز آل سعود في معركة البُكيرية عام 1322هـ. وعبد اللطيف (2) توفي سنة 1374هـ محمد (3). وصالح وتوفي قبل وفاة والده.
وأما الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ عبد اللطيف. فأنجب ثلاثة أبناء هم: عبد الرحمن، وعبد اللطيف، ومحمد الملقب بالصحابي، وقد توفي الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ عبد اللطيف عام 1354هـ.
وأما الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف، فأنجب أربعة أبناء هم: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها، والشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ إبراهيم مدير المعاهد والكليات، والشيخ عبد الملك ابن الشيخ إبراهيم رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الغربية، وعبد الله ابن الشيخ إبراهيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ولد أحمد ابن الشيخ عبد اللطيف بمصر. لأن الشيخ عبد اللطيف نقله إبراهيم باشا مع والده عبد الرحمن بن حسن إلى مصر، وذلك بعد سقوط الدرعية سنة 1233هـ. وعمر الشيخ عبد اللطيف ذلك اليوم ثمان سنوات، فنشأ بمصر وتزوج فيها، وولد له بها أحمد المذكور، ثم خرج الشيخ عبد اللطيف من مصر إلى نجد سنة 1264هـ. ولم يخرج معه ابن أحمد، بل بقي بمصر حتى مات. ولم يعرف له أبناء ولا ذرية في مصر، ومن الجائز أن يكون له ذرية بمصر ضاعوا فيها.
(2) فأما عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الله، فأنجب ابنين هما: عبد الرحمن، مؤلف هذا الكتاب، وعبد الملك مات في الرياض، شاباً في السادسة عشرة من عمره عام 1361هـ. وكان شاباً صالحاً نجيباً ذكياً. عوضه الله الجنة.
(3) توفي محمد ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف عام 1376هـ وخلف ثلاثة أبناء هم عبد العزيز وعبد الله وعبد الرحمن.


ص -308-

وأما الشيخ محمد ابن الشيخ عبد اللطيف فأنجب ثلاثة أبناء هم: عبد الرحمن وعبد الله وإبراهيم.
وأما الشيخ عمر ابن الشيخ عبد اللطيف فأنجب أربعة أبناء: هم عبد الرحمن، وعبد الله وعبد اللطيف وعبد الملك.
وأما الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد اللطيف فأنجب أربعة أبناء هم: عبد الله، وعبد العزيز، ومحمد، وحسن.
وأما صالح ابن الشيخ عبد اللطيف فأنجب ابناً واحداً اسمه محمد، وكل واحد من أحفاد الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن له أبناء وذرية. وهؤلاء الأحفاد يعرفون بآل عبد اللطيف نسبة إلى جدهم الأدنى الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
وأما الشيخ إسحاق ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن أخو الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن فأنجب ابنين هما: محمد، والشيخ عبد الرحمن.
فأما محمد فليس له أبناء ولا أحفاد.
وأما الشيخ عبد الرحمن فله أبناء وأحفاد يعرفون بآل إسحاق.
وأما عبد الله بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن أخو الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن، فأنجب ابنين هما: عبد الرحمن ومحمد، وكلا الابنين لهما أبناء وذرية.
وأما إسماعيل ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن أخو الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن، فليس له عقب ولا ذرية.
انتهى بيان ذرية الشيخ حسن ابن الشيخ بن عبد الوهاب وذلك على سبيل الاختصار والإيجاز.


ص -309-

ذرية الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
أنجب الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب خمسة أبناء هم أبناءهم: الشيخ علي ابن الشيخ حسين، والشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين، والشيخ عبد الملك ابن الشيخ حسين، والشيخ حسن ابن الشيخ حسين وحسن ابن الشيخ حسين. ونحن ذاكرون ذرية كل واحد من هؤلاء الأبناء الخمسة على النحو الآتي:
ذرية الشيخ علي ابن الشيخ حسين
فأما الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فأنجب ابناً واحداً هو الشيخ حسين. والشيخ حسين أنجب ابناً واحداً هو الشيخ حسن والشيخ حسن ابن الشيخ حسين أنجب أربعة أبناء هم: الشيخ حسين المتوفى في بلدة عمان، وسماحة الشيخ عبد الله ابن الشيخ حسن رئيس قضاة المملكة العربية السعودية، في زمن الملك عبد العزيز، والشيخ عمر ابن الشيخ حسن رئيس هيئات الأمر بالمعروف في المنطقتين الوسطى والشرقية. والشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسن.
فأما الشيخ حسين ابن الشيخ حسن فليس له اليوم أبناء ولا أحفاد.
وأما سماحة الشيخ عبد الله ابن الشيخ حسن رئيس قضاة المملكة العربية السعودية في زمن الملك عبد العزيز، فخلف أبناء خمسة هم: الشيخ محمد مدير عام الشؤون الدينية بالمنطقة الغربية والشيخ عبد العزيز وزير المعارف سابقاً وخطيب الحرم المكي حاضراً، ومعالي الشيخ حسن وزير معارف المملكة العربية السعودية في هذا العهد الزاهر عهد النهضة والعدالة والعلم، عهد الفيصل العظيم، أيد الله ملكه، وأدام عزه. وإبراهيم وأحمد .. وقد أنجب كل من الشيخ محمد والشيخ عبد العزيز والشيخ حسن عدة أبناء.
فالشيخ محمد فأنجب ثمانية أبناءهم: إبراهيم، وحسين، وعبد العزيز، وخالد، وعبد الرحمن، وعبد الإله، وعصام، وعبد الله.


ص -310-

والشيخ عبد العزيز أنجب ستة أبناء هم: عبد الرحمن، ومحمد، وأحمد، وعمر، وعبد المحسن، وعبد الله.
والشيخ حسن أنجب خمسة أبناء هم: هشام، ومحمد، وعبد الرحمن، وعبد الله، وأسامة.
وأما الشيخ ابن الشيخ حسن رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الوسطى والشرقية، فأنجب ستة أبناء هم: الشيخ حسن، وحسين، وعبد الله، وعبد العزيز، ومحمد، وعبد المجيد. وأما الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسن فأنجب ابنين هما: حسن وعبد اللطيف. فهؤلاء هم ذرية الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهم يعرفون اليوم بآل حسن، نسبة إلى والدهم الشيخ حسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
انتهى ذرية الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
ذرية الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين
وأما الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين فأنجب ابناً واحداً هو عبد العزيز ابن الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين.وعبد العزيز أنجب ابنين هما الشيخ صالح بن عبد العزيز الذي تولى قضاء الرياض في عهد الملك عبد العزيز، وأخوه عبد الرحمن بن عبد العزيز. فأما الشيخ صالح فأنجب ستة أبناء هم: عبد الله، ومحمد، وحسين وإبراهيم، وأحمد، وعبد المحسن. وأما أخوه عبد الرحمن بن عبد العزيز فأنجب ابناً واحداً، هو عبد العزيز بن عبد الرحمن المشهور بأبي سعود، وكل من أبناء الشيخ صالح بن عبد العزيز له عدة أبناء. وكذلك عبد العزيز بن عبد الرحمن أبو سعود له عدة أبناء، وهؤلاء هم ذرية الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
انتهى بيان ذرية الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين.


ص -311-

ذرية الشيخ عبد الملك بن الشيخ حسين
وأما الشيخ عبد الملك بن الشيخ حسين، فخلف ابناً هو الشيخ إبراهيم بن عبد الملك، والشيخ إبراهيم بن عبد الملك خلف ثلاثة أبناء هم: حسن ابن الشيخ إبراهيم، ابن الشيخ عبد الملك، وعبد الملك ابن الشيخ إبراهيم بن عبد الملك، الذي تولى قضاء الحوطة سابقاً، ثم أعفي من القضاء وسكن الرياض، حتى توفي بها سنة 1385هـ، وعمر ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد الملك.
فأما حسن ابن الشيخ إبراهيم بن عبد الملك فخلف ولدين هما: عبد الله بن حسن ابن الشيخ إبراهيم بن عبد الملك قاضي بيئة سابقاً وساكنها حاضراً وأخوه عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ إبراهيم بن عبد الملك، هؤلاء هم ذرية الشيخ عبد الملك بن الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكانوا أولاً يسكنون حوطة بني تميم، لأن جدهم الشيخ عبد الملك ابن الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب جعله الإمام تركي بن عبد الله بن محمد ابن سعود قاضياً لبلدة الحوطة فتناسلت ذريته فيها، وفي هذه السنوات الأخيرة بدأوا ينزحون منها إلى الرياض، وإلى غيرها من مدن المملكة.
ذرية الشيخ حمد ابن الشيخ حسين
وأما الشيخ حمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب فخلف ابناً واحداً هو الشيخ حسين ابن الشيخ حمد، والشيخ حسين ابن الشيخ حمد أنجب ابنين هما: الشيخ حمد ابن الشيخ حسني، وأخوه عبد العزيز ابن الشيخ حسين.
فأما الشيخ حمد ابن الشيخ حسين فأنجب عدة أبناء هم: عبد العزيز (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد العزيز ابن الشيخ حمد بن حسين، هو والد عبد الرحمن بن عبد العزيز رئيس هيئة جدة في الوقت الحاضر. ووالد أخيه إسماعيل بن عبد العزيز ساكن بيشة.


ص -312-

وإبراهيم وعبد اللطيف وحسن وعبد الرحمن ومحمد، وكل واحد من أبناء الشيخ حمد ابن الشيخ حسين له عدة أبناء. وأما عبد العزيز ابن الشيخ حسين أخو الشيخ حمد ابن الشيخ حسين فأنجب عدة أبناء هم عبد الله (1) وحسين وصالح وحسن قاضي بلدة نعام في هذا الوقت.
فهؤلاء هم ذرية الشيخ حسين ابن الشيخ حمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، هم يسكنون بلدة الحريق، لأن جدهم الشيخ حسين ابن الشيخ حمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، جعله الإمام فيصل بن تركي قاضياً في بلدة الحريق، فتناسلت ذريته فيها. وقد بدأوا في السنوات الأخيرة ينزحون منها إلى الرياض، وإلى غيرها من مدن المملكة.
ذرية الشيخ حسن ابن الشيخ حسين
فأما حسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فأنجب ابناً هو عبد الله بن حسن، وعبد الله أنجب ابناً هو حسن بن عبد الله. ثم بعد ذلك انقرضوا ولم يبق اليوم لحسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقب ولا ذرية.
وجميع من تقدم من ذرية الشيخ علي ابن الشيخ حسين، والشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين، والشيخ عبد الملك ابن الشيخ حسين، والشيخ حمد ابن الشيخ حسين، والشيخ حسن ابن الشيخ حسين هذا: يعرفون جميعاً بآل حسين، نسبة إلى جدهم حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

ذرية الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
أنجب الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أبناء ماتوا صغاراً إلا واحداً، وهو محمد، وقد أنجب محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الله بن عبد العزيز هو والد عبد الرحمن الكاتب بمحكمة الطائف.


ص -313-

الوهاب ابنين. هما الشيخ عبد العزيز بن محمد وعبد الرحمن بن محمد. فأما الشيخ عبد العزيز بن محمد فأنجب ستة أبناء هم: عبد الله، وعلي، وإبراهيم، ومحمد، وعبد الرحم، رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالطائف في الوقت الحاضر، وصالح.
فأما عبد الله ابن الشيخ عبد العزيز بن محمد، فأنجب ابنين هما سليمان (1) ابن عبد الله، ومحمد بن عبد الله، وأما علي ابن الشيخ عبد العزيز بن محمد، فأنجب أربعة أبناء هم عبد الرحمن بن علي، وعبد الله بن علي، وسليمان بن علي، وصالح بن علي، وكل واحد هؤلاء الأبناء له أبناء أحفاد، إلا صالح بن علي. فليس له أبناء ولا أحفاد.
وأما إبراهيم ابن الشيخ عبد العزيز بن محمد فأنجب ثلاثة أبناء. هم عبد الله ومحمد، وعبد العزيز، وكل واحد من هؤلاء الأبناء الثلاثة له أبناء وأحفاد. وأما محمد ابن الشيخ عبد العزيز بن محمد فأنجب ابنه صالح بن محمد، ولصالح عدة أبناء وأحفاد، وأما عبد الرحمن ابن الشيخ عبد العزيز بن محمد، رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالطائف. فأنجب تسعة أبناء هم عبد العزيز، ومحمد، وصالح، وعبد الله، وحسن، وأحمد، وإبراهيم، وعلي، وأنس. وأما صالح ابن الشيخ عبد العزيز بن محمد، فليس له أبناء ولا ذرية. وأما أخو الشيخ عبد العزيز بن محمد. وهو عبد الرحمن بن محمد فأنجب ابنين هما عبد الله(2) بن عبد الرحمن، وعبد المحسن بن عبد الرحمن. فأما عبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سليمان بن عبد الله ابن الشيخ عبد العزيز بن محمد، هو والد عبد الرحمن بن سليمان، الذي سبق أن تولى وزارة الزراعة في عهد سعود بن عبد العزيز.
(2) عبد الله بن عبد الرحمن، هو الذي وقعت له القصة مع البدوي، الذي ادعى أنه أودعه أمانة وطلبها منه، وهو لم يودعه، فما كان من عبد الله بن عبد الرحمن إلا إعطاء البدوي ما ادعاه من الأمانة، ومقدارها ثلاثمائة ريال فرنسي وبعد مدة سنة مر البدوي من عند دكان إبراهيم البصري، فناداه إبراهيم قائلاً له: خذ أمانتك. فعرف البدوي أن ما أخذه من عبد الله بن عبد الرحمن بدعوى الأمانة خطأ فأخذ أمانته من إبراهيم البصري، وعاد إلى دكان عبد الله بن عبد الرحمن المذكور. وقبل رأسه وقال: أنا أخطأت وغلطت ما أمنت عندك شيئاً، وأمانتي كانت عند إبراهيم البصري وأعطاني إياها. فخذ نقودك التي أعطيتني إياها وسامحني، فأخذها وسامحه.


ص -314-

الله بن عبد الرحمن فأنجب أبناء أكبرهم عبد المحسن وصار له أحفاد، ثم مات أبناؤه وأحفاده وانقرضت ذريته وأما عبد المحسن بن عبد الرحمن أخو عبد الله بن عبد الرحمن فأنجب ابنين هما عبد اللطيف بن عبد المحسن ومحمد بن عبد المحسن.
فأما عبد اللطيف بن عبد المحسن فأنجب ابناً اسمه عبد العزيز، وأما محمد ابن عبد المحسن فأنجب أربعة أبناء هم: عبد الرحمن، وعبد المحسن، وعبد الله، وعبد العزيز، وكل هؤلاء الأبناء لهم أبناء إلا عبد المحسن.
وجميع هؤلاء الذين ذكرناهم ذرية الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ويعرفون بآل محمد نسبة إلى جدهم محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
انتهى بيان ذرية الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
ذرية الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
أنجب الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ثلاثة أبناء هم العلامة الشيخ سليمان، والشيخ علي والشيخ عبد الرحمن.
فأما الشيخ سليمان فقتله إبراهيم بن محمد علي باشاً آخر سنة 1233هـ وليس له ذرية.
وأما الشيخ علي فقتل بالقرب من الدرعية على يد الأغا حسين جوخدار سنة 1234هـ. وقد أنجب ابناً واحداً: هو عبد الرحمن بن علي، وعبد الرحمن بن علي أنجب ابناً واحداً، هو عبد الله بن عبد الرحمن بن علي وعبد الله أنجب خمسة أبناء. هم: محمد، وعبد الرحمن، وعبد المجيد، وعبد الوهاب، وعبد المحسن، فأما محمد وعبد الرحمن وعبد المجيد فليس لهم ذرية، وأما عبد الوهاب أنجب ابناً واحداً هو محمد بن عبد الوهاب ساكن بلدة أبها، وله عدة أبناء. وأما عبد المحسن فأنجب عبد الله. وأما الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، أخو الشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله، وأخو الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله، فنقل مع والده الشيخ


ص -315-

عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى مصر بعد سقوط الدرعية سنة 1233هـ. وتعلم العلم بمصر ودرس برواق الحنابلة بمصر. وتوفي بها سنة 1274هـ. وخلف بمصر أبناء ثلاثة هم أحمد الأزجي، أي الصيدلي، وعبد الله، ومحمد. فأما أحمد الأزجي ابن الشيخ عبد الرحمن فأنجب ابناً اسمه عبد الرحمن حقي، وابنة اسمها لطف وعبد الرحمن حقي أنجب ابناً اسمه محمد رئيس إسعاف العياط بمصر في زمن فاروق وزمن الجمهورية وتوفي بمصر في 23-1-1378هـ ورثته جريدة الأهرام المصرية في عددها 6171 تاريخ 23-1-1378هـ. وله أخت اسمها حنيفة ابنة عبد الرحمن حقي، وله ابن اسمه أحمد محمد حقي مهندس، وأما عبد الله ابن الشيخ عبد الرحمن فله بمصر أبناء يعرفهم والدي -رحمه الله-ز ومع الأسف فإنني لم أكتب عنه أسماءهم.
وأما محمد بن الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب أخو أحمد الأزجي، وأخو عبد الله، فخرج من مصر على الرياض بعد وفاة الإمام فيصل بن تركي، وذلك سنة 1288هـ. وتزوج بالرياض، وأنجب ابنين هما: عبد الحميد وعبد اللطيف، فأما عبد الحميد، فمات سنة 1337هـ وقد أنجب ابناً واحداً هو صالح بن عبد الحميد، وأما عبد اللطيف فتولى قضاء الأفلاج، ثم أعفي منه، وسكن الرياض، ولا يزال بها يصلي بالناس الفروض في مسجد جامع الرياض، نيابة عن ابن باز، وكل من عبد اللطيف بن محمد وابن أخيه صالح بن عبد الحميد بن محمد بن عبد الوهاب وذلك على سبيل الإيجاز والاختصار (1). وبتمامه تم بيان ذرية أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب الأربعة الشيخ حسن والشيخ حسين والشيخ علي والشيخ عبد الله -رحم الله الجميع وغفر لهم -إنه سميع مجيب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عمل الأستاذ الكبير محمد أمين التميمي شجرة لجميع ذرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب الماضيين والموجودين أحياءً وأمواتها وصممها وفرغ من تنسيقها وتشجيرها ولم يبق عليه إلا طبعها -أعانه الله-.


ص -316-

المؤلف في سطور
هو عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. ولد في مدينة الرياض سنة 1332هـ ونشأ بها وقرأ القرآن على يد مقرئ يدعى عبد الله بن مُفَيْرِيج، وبعدما ختم القرآن لازم(1) حلق الذكر التي كان يعقدها سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ بمسجد الشيخ بحي دُخْنَةَ، ثم قرأ على الشيخ محمد بن عبد العزيز بن عياف آل مُقرن مبادئ العلوم، ثم انتقل مع والده إلى مكة المكرمة سنة 1353هـ وقرأ على جملة من العلماء الذين كانوا يفدون إلى مكة المكرمة، وقرأ على الشيخ عبد الله بن سليمان المَسْعَرِيِّ رئيس ديوان المظالم حالياً في "الكافي في علمي العروض والقوافي" وقرأ على الشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رَشيد رئيس هيئة التمييز بنجد والمنطقة الشرقية الفقه، وقرأ على الشيخ محمد بهجت البيطار الدمشقي أثناء وجوده بالطائف في "تفسير ابن كثير". وقرأ على الشيخ عبد الله الصالح الخليفي أثناء إقامته في الطائف في القه والفرائض، وكان مع هذا كثير المطالعة، مغرماً بالكتب لاسيما كتب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية وتلميذه محمد بن قيم الجوزية، ورسائل أئمة الدعوة المعروفة بـ"الرسائل والمسائل النجدية" وله اطلاع على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لازم حلق الذكر المذكورة أعلاه، ولكنه مع الأسف الشديد لم يقرأ على سماحة الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم، وإنما كان يستع قراءة القراء الذي يقرأون على سماحته -رحمه الله وغفر له .


ص -320-

التاريخ، وإلمام واسع بالأدب القديم ويحفظ جيد الشعر، له تآليف منها:
1- دعوة الشيخ ومناصروها (ط).
2- علماء الدعوة (ط).
3- نسب آل سعود (ط).
4- مشاهير علماء نجد وغيرهم (وهو هذا).
وله تحقيقات لكتاب عنوان المجد وعقد الدرر والرحلة الملكية.
أكثر الله من أمثاله ورحمه الله أسلافه آل الشيخ حُماة الإسلام وأنصار التوحيد وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -321-

استدراكات وتصحيحات الشيخ حسن يماني
[محل هذه الترجمة بين صفحتي 306 و307 ولكنها وضعت هنا عن غير قصد، لوصولها بعد الطبع].
هو العالم الجليل الشيخ حسن ابن الشيخ سعيد(1) بن محمد.
مولده:
ولد بمكة المكرمة سنة 1312هـ ونشأ في أحضان والده فغذّاه بلبان العلم والمعرفة، فختم عليه القرآن الكريم نظراً، وعن ظهر قلب، وشرع في تلقي العلم فقرأ الفقه على والده وعلى الشيخ حسين بن محمد الحبشي مفتي الشافعية، وقرأ على الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الدهان وغيره من علماء الحرم الشريف، وكان يرحمه الله براً بوالده، يخدمه ويكتب له ما يحتاج إليه في درسه، خصوصاً درسه في "صحيح مسلم" كان يحضر لوالده هذا الدرس، ويعلق ما ينبغي تعليقه من الإيضاحات والفوائد، ويضعه على هامش النسخة، وهو إلى جانب ذلك مقري حلقة والده، ثابر في تحصيل العلم وملازمة علماء الحرم الشريف حتى صار حجة ومرجعاً، فأجيز للتدريس في آخر سنة 1330هـ فتصدى لذلك في حياة والده وعقد حلق دروسه بالمسجد الحرام، فكانت تغص بكثرة الطلاب والمستمعين، وفي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ترجم للشيخ سعيد يماني الأستاذ عمر عبد الجبار في ص 136 من مؤلفه"سير وتراجم بعض علمائنا في القرن الرابع عشر للهجرة" رحم الله الجميع وغفر لهم.


ص -322-

عام 1344هـ رحل إلى (إندنوسيا) صحبة والده وشقيقه صالح ومحمد علي فكانوا لا ينزلون ببلد إلى وتقام لهم حفلات تكريم وتقدير من طلاب والدهم الشيخ سعيد، وكانوا منتشرين في تلك الجهات، وبعد قيامه بنشر العلم مع والده في ربوع (إندنوسيا) عاد صحبة والده وأخويه إلى مكة المكرمة، واستمر في مواصلة تدريس العلم بالمسجد الحرام وفي عام 1345هـ عين من قبل جلالة الملك عبد العزيز آل سعود يرحمه الله نائباً لرئيس هيئة التمييز الشرعي، وقام بعد ذلك برحلات متعددة إلى (إندنوسيا) و(ماليزيا) لنشر العلم واستمرت رحلاته إلى سنة 1370هـ، حيث ألقى عصا الترحال، واستقر بمكة المكرمة، وأقبل على تدريس العلم في الحرم إلى سنة 1377هـ حيث أصابه المرض وأنهكه الداء فصبر واحتسب، وفتح داره لطلبة العلم، يأتون إليه ويدرسهم ويفيدهم، وكان يرحمه الله نادرة في الذكاء، وسرعة الخاطر، وقوة الحافظة ورعاً تقياً كريماً متواضعاً، لا يعرف الكبر إلى قلبه سبيلاً.
وفاته:
في الأيام الأخيرة اشتدت به وطأة المرض إلى المستشفى الوطني بمدينة جدة، فوافاه الأجل حيث توفي يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر الحجة عام 1391هـ ونقل إلى مكة المكرمة، وصلى عليه الناس بالمسجد الحرام، وشيعوه إلى مقبرة المعلاة، فحزن عليه أهل العلم والفضل، وبكوه بأدمعهم، ورثاه على صفحات الصحبة المحلية عدد غير قليل من العلماء والأدباء والكتاب، نذكر من بينهم الأستاذ الكبير أحمد عبد الغفور عطار، والشيخ محمد ابن الشيخ علوي مالكي، وقد خلف ابنين هما معالي الشيخ أحمد زكي يماني وزير البترول والثروة المعدنية، وأخوه محمد، رحم الله فقيد العلم والورع الشيخ حسن يماني وغفر له، ولجميع علماء المسلمين وعامته، إنه سميع مجيب، وصلى الله على محمد وآله وسلم.


ص -323-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مشاهير علماء نجد وغيرهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى فوج الرجاء الكشفي (العناصر - برج بوعريريج) :: ركن المنتديات العامة :: منتدى شخصيات إسلامية :: العلماء-
انتقل الى:  
الزيارات حسب الدول
مشاهير علماء نجد وغيرهم Pageviews=1